بعض المدن تعيش في ذاكرة التاريخ . منذ أن بدأ الانسان البدائي . في التجوال علي سطح المعمورة . باحثا عن مكان طيب يستقر فيه . ليرتاح من عناء جمع الثمار . والجري وراء الفريسة . أوالهروب من المفترسين .. وفي مقدمتها بحسب شهادات المؤرخين ¢ غزة ¢ كإحدي أهم المدن . التي حرصت كل القوي القديمة والحديثة . علي السيطرة عليها . للاحتماء بحصونها المنيعة . والاستفادة من موقعها الاستراتيجي الذي يسيطر علي الطريق التاريخي القديم بين أفريقيا وآسيا ..وبسبب هذا الموقع الاستراتيجي . ارتبطت غزة بمصر طوال عصور التاريخ . فقد كان لزاما علي الجيوش التي تأتي لغزو المحروسة . أن تمر بها .. وكانت أيضا معبرا للجيوش المصرية . المتجهة لغزو الشام .. لذلك اهتم الفراعنة بالسيطرة عليها . لتأمين حدودنا ضد الطامعين بل واتخذها فراعنة الأسرتين ال 18 و19 . المقر الرئيسي للجيش المصري المحتل لفلسطين .. وكانت محطة مهمة لسلاطين المماليك . يمرون منها في كل غزواتهم ضد الصليبيين أو المغول. وكانت غزة أيضا تمثل غاية إحدي رحلتي قريش الشهيرتين . اللتين وردتا في القرآن الكريم: رحلة الشتاء إلي اليمن. ورحلة الصيف إلي غزة ومشارف الشام . والتي توفي في إحداها هاشم بن عبد مناف جد الرسول الكريم ¢ عليه الصلاة والسلام ¢ . ودفن هناك .. ولذلك أطلق عليها العرب ¢ غزة هاشم ¢ . وارتبط اسم غزة قديما ب ¢ الكنز ¢. الذي يقال إن الامبراطور الفارسي ¢ قمبيز¢ ابن قورش الأكبر . دفنه فيها أثناء الحملة التي قادها لغزو مصر .. كما استوطنها ¢ الهكسوس ¢ . واتخذوها قاعة انطلقوا منها لغزو أرض الكنانة .. وعاني ¢ الغزاويون ¢ طويلا . من المعارك التي دارت علي أرضهم . بين الآشوريين بقيادة ملكهم ¢ تبغلات بلازر الأول ¢ . وبين جيوش مصر . والتي انتهت بنجاح الفرعون نيخو الثاني . في إعادة غزة لحظيرة المملكة المصرية بقوة السلاح. لكن شعب المدينة لم يهنأ طويلا بالسلام . تحت الحكم الفرعوني . فقد غزاها البابليون بقيادة الملك الشهير سرجون الأكادي. ثم عاود ابنه الملك كارام سين غزوها .. ومع أنهم تراجعوا عن المدينة أكثر من مرة . تحت ضغط الجيش المصري . إلا أنهم كانوا يعاودون محاولات السيطرة عليها . طمعا في الاستحواذ علي موقعها الهام ..وإلي جانب الغزوات القادمة من الشرق . تعرضت غزة لغزوات الجيوش القادمة من أوربا .. غزاها الإسكندر الأكبر المقدوني . ثم خضعت لحكم الرومان .. ثم غزتها الجيوش الفرنسية . في طريقها من مصر لاحتلال بلاد الشام ..وعلاقة غزة باليهود ضاربة أيضا في عمق التاريخ . فقد كانوا ومازالوا يهابون بأس شعبها . ويتجنبون ملاقاته في الحروب . فقد جاء في الإصحاح الثاني من سفر ¢ صفنيا ¢ من التوراة : ¢ لأن غزة تكون متروكة. وأشكلون عسقلان للخراب ¢ .. وذكر القرآن خشية اليهود من بطش الفلسطينيين . فعندما خرج نبي الله موسي بهم من مصر . فرارا من بطش الفرعون . جبنوا عن مواجهة الفلسطينيين .. ¢ قَالُوا يَا مُوسَي إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّي يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ¢ .. والواضح أن ¢ الملاعين ¢ اعتقدوا ان الفرصة سانحة للانتقام .. لكنهم لايقاتلونهم فعليا . ويكتفون باطلاق الصواريخ من الطائرات والبوارج والمدافع .. . ولو اضطروا للدخول في حرب ولو ضد ميليشيات . للاذوا بالفرار كما هربوا من مواجهة حزب الله .. وتاريخهم مع غزة يشهد بذلك .. فقد ابتعدوا عن غزوها كما جاء في التوراة .. وانسحبوا منها من جانب واحد منذ سنوات .. ولن يكون لهم سلطان ابدا علي ¢ الكنز ¢ إن شاء الله .