اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025فى المنيا    رفع 30 طنا من القمامة والمخلفات بشوارع حى غرب سوهاج    التنمية المحلية: بدء أعمال إزالة 35 عقارا بدون ترخيص رصدتها المتغيرات المكانية في الشرقية    عاجل - "الفرصة الأخيرة" أمام حماس قبل فتح أبواب الجحيم.. آخر تحذيرات ترامب بشأن غزة    مبابى لاعب سبتمبر فى ريال مدريد متفوقا على فينيسيوس جونيور    سموحة يفوز على الإسماعيلى بثنائية نظيفة فى الدورى.. فيديو    وزير الخارجية يلتقي مندوبة الجابون الدائمة لدى اليونسكو    تابع الموسم السابع من مسلسل "المؤسس عثمان" 2025.. إليك قنوات العرض وبجودة عالية    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    خاص| ننشر صور تطهير مخرات السيول بالقاهرة استعدادًا لفيضانات النيل    ترامب: إذا لم توافق الفصائل الفلسطينية على الصفقة سيفتح أبواب الجحيم كما لم يره أحد    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بختام اليوم    ترشح الخطيب.. غياب منسي.. تراجع صلاح.. مرض زيدان.. وكرة المونديال| نشرة الرياضة ½ اليوم    مسار يتفوق على الأهلي في قمة الدوري الممتاز للكرة النسائية    وزير الرياضة يهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم في بطولة العالم للأندية لكرة اليد    الأهلي يتحرك لتجديد عقد أحمد عبد القادر.. ويوسف: اللاعب أبدى مرونة كبيرة    السيطرة على حريق بشقة سكنية في بنها    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير نفق الشهيد مصطفى إبراهيم الصيفي    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    يحيى الفخراني: الفنان يجب أن يختار أعمالًا تحمل قيم تعيش مع الجمهور    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يواصل التقدم البري والقصف العنيف فى غزة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    اسعار التوابل اليوم الجمعة 3-10-9-2025 في محافظة الدقهلية    صحة سيناء تعلن القضاء على قوائم الانتظار في المستشفيات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بمحافظة الغربية ويُشيد بأداء الأطقم الطبية    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    الداخلية تكشف حقيقة فيديو شرطي يقود سيارة بلا لوحات في البحيرة    الكاريكاتير يسخر من الهزيمة ويحتفي بالنصر في معرض أكتوبر بدار الكتب    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    هل يجب قراءة سورة الكهف كاملة يوم الجمعة    عاجل- تعرف على سنن يوم الجمعة وفضل الدعاء وقراءة سورة الكهف    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    الحاخام هنري حمرة.. أول مرشح يهودي سوري منذ 1967 يعلن الترشح لمجلس الشعب السوري    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    ترامب يعلق 2.14 مليار دولار من مخصصات البنية التحتية في شيكاغو للضغط على الديمقراطيين    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    لقاء تعريفي حافل بكلية الألسن بجامعة قناة السويس للعام الأكاديمي 2025-2026    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة عائلية بسبب الميراث بالمنيا    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة جديدة لأشهر رسالة دكتوراه عن «بنى إسرائيل» (الحلقة الأولى) شيخ الأزهر الراحل يرصد جذور القتل والعدوان فى التاريخ اليهودى

للوهلة الأولى، بدا كما لو أن العالم مصدوم من الجريمة الإسرائيلية الأخيرة، التى ارتكبتها بحق أسطول الحرية، ومبعث الصدمة هنا أن الغرب نفسه هو الذى ظل طوال ما يزيد على 60 سنة يروج لديمقراطية الدولة اليهودية، ويدفع ثمن صورتها كدولة مظلومة مضطهدة من جانب جيرانها العرب. تلك الصورة المغلوطة، فندها الدكتور سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الإمام الأكبر الراحل، إذ خصص رسالته للدكتوراة، فى عام 1969، لكشف ما يمكن تسميته جذور العنف فى التاريخ اليهودى، منذ دخولهم مصر، وخروجهم منها وتأسيس دولتهم، بعد أن أبادوا شعوباً بكاملها فى سبيل ذلك.
«المصرى اليوم» تعيد قراءة تلك الرسالة البحثية شديدة الأهمية، بعد أن فرضت الظروف الأخيرة، ضرورة البحث والتقصى عن ثقافة العدوان فى التاريخ اليهودى.
وتنقسم الدراسة إلى سبعة فصول، الأول عن تاريخ بنى إسرائيل وأحوالهم منذ هجرتهم إلى مصر، ثم ينتقل فى فصله الثانى إلى منهاج القرآن فى دعوة أهل الكتاب، وفى الثالث يصف «الإمام الراحل» مسالك اليهود لكيد المسلمين ووسائلهم «الخبيثة» التى اتبعوها فى ذلك.
وفى الفصل الرابع يبحث «طنطاوى» فيما حدث فى الغزوات بين المسلمين واليهود، ثم ينتقل ليبحث، فى فصله الخامس، نعم الله على بنى إسرائيل، قبل أن يبحث رذائل اليهود فى الفصل السادس للدراسة، والتى يختتمها بتفنيد «دعاواهم الباطلة» كما حكاها القرآن عنهم .
«المصرى اليوم» تقدم قراءة جديدة فى علم الراحل، احتفاء به من ناحية، ولضرورة كتبها هو نفسه فى مقدمة دراسته، حينما قال «كان مقصدى الأول أن أكشف للشباب المسلم بصفة خاصة وللعقلاء والمنصفين بصفة عامة عن أحوال بنى إسرائيل وتاريخهم وأخلاقهم وأكاذيبهم وقبائحهم معتمدا فى بيان ذلك على ما جاء فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية المطهرة وفى التاريخ الصحيح.
يبدأ الإمام الراحل دراسته بدراسة تاريخ بنى إسرائيل وأحوالهم فى جزيرة العرب، بنظرة مجملة فى تاريخهم منذ نزوحهم إلى مصر بقيادة يعقوب، عليه السلام، إلى خراب «أورشليم» الثانى على يد «تيطس» الرومانى، وهجرتهم إلى جزيرة العرب، وبيان أحوالهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية.
يستهل «طنطاوى» الدراسة ببحث فى أشهر أسماء بنى إسرائيل، وهى أسماء «العبريون»، و«إسرائيل»، و«اليهود»، فيعود باسم «عبريون» إلى لقب «إبراهيم العبرانى» الذى منحه «سفر التكوين» للنبى إبراهيم، عليه السلام، بعد عبوره نهر الفرات، مستندا إلى رأى الأب «إسحاق ساكا» الذى نشره فى دراسته «معنى التسميات للشعوب السامية الثلاثة الكبرى» ويقول فيه «رجح العلماء الثقات، ومنهم السريانيان ابن الصليبى وابن العبرى، أن التسمية ناتجة عن عبور إبراهيم، عليه السلام، نهر الفرات وأيد ابن العبرى قوله بالترجمة اليونانية لكلمة «عبرى»، «أكوبلا»، والتى تعنى «المجتاز» أو «العابر»، وما يؤكد الرأى ما جاء فى سفر يشوع «هكذا قال الرب إله إسرائيل فى عبر النهر سكن آباؤكم منذ الدهر، تارح أبو إبراهيم وأبوناحور، وعبدوا آلهة أخرى، فأخذت أباكم إبراهيم عبر النهر، وسيرته فى جميع أرض كنعان». وهو الرأى الذى فضله طنطاوى على الآراء الأخرى التى تقول إنهم سموا العبريين نسبة إلى «عبِر» وهو الجد الخامس لإبراهيم عليه السلام، أو لأنهم كانوا أهل بدو وترحال وكثيرا ما رحلوا من مكان لآخر.
ويعود الإمام بكلمة يهود إلى الأصل «هادا» ويقول: قيل إنهم سموا بذلك الاسم حين تابوا عن عبادة العجل، وقالوا «إنا هدنا إليك»، أى تبنا ورجعنا، أما كلمة «بنى إسرائيل» فتعود بها الدراسة إلى أبيهم إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام.
وبعد بيان أصل الأسماء، تبحث الدراسة فى قسمها الثانى «تاريخ بنى إسرائيل» فتقسمه إلى 5 أجزاء، الأول يبدأ بهجرة يعقوب عليه السلام، بأهله، من فلسطين إلى مصر حوالى القرن التاسع عشر قبل الميلاد «على إثر ما حاق بفلسطين من مجاعة وما أصاب مراعيها من جدب وقحط وجفاف، وعندها كان أبناء يعقوب يترددون على مصر للتجارة وطلب القوت، فتعرفوا إلى أخيهم يوسف، عليه السلام، الذى كان فى ذلك الوقت أمينا على خزائن مصر، فأكرمهم وطلب أن يحضروا جميعا، ومعهم أبوهم يعقوب، إلى أرض مصر، ليعيشوا فيها ويهجروا فلسطين.. واستجاب يعقوب لطلب يوسف، عليه السلام، فحضروا إلى مصر وكان عددهم 66 نفسا سوى نسوة أولاده، حسب سفر التكوين الإصحاح السادس والأربعين، وقد أكرم يوسف، عليه السلام، مثوى أبيه وإخوته، ورقق عليهم قلب ملك مصر فى ذلك الوقت، وطلب بنو إسرائيل من ملك مصر أن يسكنهم فى أرض جاسان - يقال إن مكانها الآن صفط الحنة بمحافظة الشرقية - فاستجاب لهم وقال ليوسف كما جاء فى سفر التكوين «أبوك وإخوتك جاءوا إليك أرض مصر، ففى أفضل أرضها أسكن أباك وأخوتك ليكونوا فى أرض جاسان».
ولكن من الذى كان يحكم مصر عندما وصل يعقوب إليها وبنوه؟ تتساءل الدراسة، قبل أن تجيب «يقول المؤرخون أن الذى كان يحكم مصر عندما هاجر إليها يعقوب وذريته، هم الهكسوس، وقد نعم بنو إسرائيل بحياة آمنة رخية طوال حكم الهكسوس الغرباء عن أرض مصر، فلما تمكن أحمس من الانتصار، وطردهم من مصر، وأسس الأسرة الثامنة عشرة، بدأت المخاوف تراود بنى إسرائيل من نظام الحكم الجديد، ولما قامت الأسرة التاسعة عشرة التى من ملوكها رمسيس الثانى، جاهر المصريون بعداوتهم لبنى إسرائيل، وهو ما يقول فيه محمد عزة، صاحب كتاب «تاريخ بنى إسرائيل من أسفارهم»: الراجح أن حالة إسرائيل تبدلت بعد تقويض حكم الهكسوس، ويستدل من أوراق البردى المذكورة، أن تسخيرهم بلغ الذروة فى عهد رمسيس الثانى.
ويصف الدكتور أحمد بدوى علاقة المصريين ببنى إسرائيل فى تلك الفترة فيقول: «من الثابت فى تاريخ مصر بناء على ما جاء فى كتب السماء من ناحية، وما شهدت به آثار الفراعنة من ناحية أخرى، أن العبرانيين، عرفوا مصر منذ أيام الدولة الوسطى على الأقل، يجيئونها أول الأمر لاجئين، يطلبون الرزق فى أرضها، ويلتمسون فيها وسائل العيش الناعم والحياة السهلة الرضية بين أهلها الكرام.
ثم يجيئونها أسارى فى ركاب فرعون كلما عاد من حروبه فى أقاليم الشرق ظافرا منصورا، فينزلهم من حول دور العبادة، يخدمون فى أعمال البناء، ويعبدون أربابهم أحرارا، لم يكرههم أحد على قبول مذهب أو اعتناق دين، وتطيب لهم الإقامة فى مصر، وتستقيم لهم فيها أمور الحياة ثم تنزل بالمصريين بعض الشدائد وتحل بديارهم بعض المحن والنوائب، فيتنكر لهم بنو إسرائيل ويتربصون بهم الدوائر، ويعملون على إفقارهم، وإضعاف الروح المعنوية بين طبقات الشعب، ابتغاء السيطرة على وسائل العيش فى هذا القطر، ليفرضوا عليه سلطانهم، تارة عن طريق الضغط الاقتصادى، وأخرى عن طريق الدين والعقيدة».
وخلال تلك البلايا والمصائب التى كانت تنزل ببنى إسرائيل من فرعون وجنده، أراد الله أن يمن عليهم وأن ينقذهم مما هم فيه من بلاء، فأرسل لإنقاذهم وهدايتهم رسوله، موسى عليه السلام. وحكى لنا القرآن الكريم فى آيات كثيرة أن موسى، عليه السلام، طلب من فرعون أن يقلع عن إيذاء بنى إسرائيل، وأن يترك الكفر والغرور ويعبد الله وحده لا شريك له، ثم حكى القرآن الكريم بعد ذلك أن أشراف قوم فرعون طلبوا منه أن يزيد فى إيذاء بنى إسرائيل، وأن يحملهم على عبادة آلهته.
وتنقل الدراسة عن بعض المؤرخين أن بنى إسرائيل خرجوا من مصر بقيادة موسى، عليه السلام، فى عهد منفتاح بن رمسيس الثانى، بعد أن طالبه موسى، عليه السلام، أكثر من مرة بأن يرسل معه بنى إسرائيل، ليخرجوا إلى أرض الشام، وفى سفر الإصحاح الأول «أن موسى أحصى بنى إسرائيل عند الخروج من مصر فوجد حملة السلاح منهم، أى: الذكور ابتداء من سن العشرين، يبلغون حوالى 600 ألف نسمة «ومعنى هذا أن تعدادهم العام يزيد على المليون.
ويعلق محمد عزة فى كتاب «تاريخ بنى إسرائيل» على قصة استلاب بنى إسرائيل حلى المصريين عند خروجهم من مصر، ويلفت النظر خاصة إلى ما جاء فى التوراة من سلب رجال ونساء بنى إسرائيل أمتعة جيرانهم الذهبية والفضية بحيلة الاستعارة ونسبة ذلك إلى الله تعالى ومهما كان فإن تسجيل هذا الخبر بهذا الأسلوب، يدل على ما كان وظل يتحكم فى نفوس بنى إسرائيل من فكرة استحلال أموال الغير وسلبها بأى وسيلة، ولو لم تكن حالة حرب أو دفاع عن النفس. كما أنه كان ذا أثر شديد فى رسوخ هذا الخلق العجيب فى ذراريهم ثم من دخل فى دينهم من غير جنسهم». وتتابع الدراسة قصة خروج بنى إسرائيل المعروفة وعبورهم البحر ومطاردة فرعون لهم حتى غرقه.
ينتقل «الإمام الراحل» إلى دراسة المرحلة الثانية من قصة بنى إسرائيل ويبحث فيها الفترة من وقت خروجهم من مصر إلى تأسيس مملكتهم، فيروى قصة خروجهم وخلافاتهم ومماطلتهم موسى، عليه السلام، التى ذكرها القرآن الكريم، ثم عبادتهم العجل عندما رحل ليلقى وعد ربه، وأخيرا محاولته إقناعهم بمحاربة الكنعانيين، وهروبهم بقوله «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون» وجزاء الله لهم نتيجة جبنهم وعصيانهم بالتيه 40 عاما، وهى الفترة التى توفى فيها موسى وهارون، وتولى بعدهما «يوشع بن نون» رئاسة بنى إسرائيل، وتحكى التوراة أن «يوشع عبر ببنى إسرائيل نهر الأردن إلى الأرض المقدسة وأن أول مدينة استطاع «يوشع» ومن معه أن يدخلوها هى أريحا، ثم زحف على مدينة «العى» - بين نابلس والقدس الشرقية - وبعد أن دخلوا هاتين المدينتين قتلوا معظم سكانهما ثم صلبوا ملك «العى» على باب المدينة،
وتحكى التوراة بعد ذلك قصة انتصار «يوشع» ومن معه من بنى إسرائيل على الكنعانيين، الذين كانوا يسكنون فلسطين وقتها، وكيف كانوا يقتلون رجال ونساء وأطفال المدينة التى تقع فى أيديهم بأمر الرب كما ينص الإصحاح العاشر من سفر التكوين «أن يوشع ضرب جميع أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وجميع ملوكها وأسبل (أهلك) كل نسمة كما أمر الرب، ولم يبق باقية منهم فضربهم من قادش إلى غزة وانتصر عليهم لأن الرب كان يحارب مع إسرائيل»، ويصف كتاب «قصة الحضارة» ما فعله بنو إسرائيل بالكنعانيين فيقول: كانت هزيمة العبرانيين للكنعانيين مثلا واضحا لانقضاض جموع جياع على جماعة مستقرين آمنين، وقد قتل العبرانيين من الكنعانيين أكثر من استطاعوا قتلهم منهم».
وبعد النصر قسم يوشع الأرض التى استولى عليها بين الأسباط واحتوت الإصحاحات من الثالث إلى التاسع عشر من سفر يوشع أسماء وحدود الأراضى التى كانت من نصيب كل سبط. ويصف على عبد الواحد وافى فى كتابه «الأسفار المقدسة» كيف دخل بنو إسرائيل فلسطين بقيادة يوشع وكيف عاشوا فيها، قائلاً: «حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، أغار بنو إسرائيل بقيادة «يوشع» على بلاد كنعان، وما إليها، وهى الأرض المقدسة التى وعدهم الله بها، واحتلوها واستولوا على ما فيها من خيرات وثروات، بعد أن أبادوا معظم أهلها، فانتهت لديهم بذلك حياة الخشونة والبداوة والتنقل، وافتتحوا عهد الدعة والحضارة والاستقرار حيث أعقب موت يوشع عهد عرف بعهد «القضاة» لأن الزعماء والقواد الذين تزعموا، أو قادوا بنى إسرائيل بعد ذلك سموا القضاة،
وعهدهم امتد إلى أن قامت مملكة بنى إسرائيل على يد طالوت المعروف فى التوراة باسم «شاول»، وسطر «سفر القضاة» سيرتهم وأحوالهم، يستخلص منه «الإمام طنطاوى» أن عهد القضاة «أسوأ عهود بنى إسرائيل ففيه انتشرت شتى الرذائل والمنكرات، إذ عبدوا الأصنام وقتلوا المصلحين وفشا فيهم الزنى، وترتب على ذلك أن تعرضوا خلال عهد حكم القضاة لنكبات وغارات عليهم من غيرهم من دول الجوار.. وكان آخر قضاة بنى إسرائيل فى هذه الفترة هو صموئيل الذى كثرت فى عهده الفوضى والمفاسد، فقام بنو إسرائيل بثورة ضده وضد أبنائه، انتهت بزوال عهد القضاة وحلول عهد الملوك.
تنتقل الدراسة إلى المرحلة الثالثة من رحلة بنى إسرائيل، وهى المرحلة التى تبدأ بتأسيس المملكة وحتى أنقسامها، وتبدأ بطالوت وداود وسليمان عليهم السلام، وهى السيرة التى يذكر «طنطاوى» أنها مذكورة فى سفر الملوك، وفيها أن أول ملوك المملكة اليهودية كان «طالوت» الذى حكم بنى إسرائيل بشجاعة، وقادهم إلى كثير من المعارك التى دارت بينهم والأمم الأخرى، فقد زحف بهم على الهمونيين الذين كانوا يسكنون فى شرق الأردن وانتصر عليهم، ومن أشهر المعارك التى دارت بين بنى إسرائيل بقيادته وبين الفلسطينيين بقيادة جليات «الذى يسميه القرآن جالوت»، وهى المعركة التى اشترك فيها داوود عليه السلام، وتولى بنفسه قتل جالوت.
تذكر الدراسة أن داوود، عليه السلام، بعد أن قتل جالوت ملأ أعين الناس وأذهانهم وقلوبهم، وأخذوا يتقربون منه، وأن طالوت زوجه ابنته وجعله قائدا لرجال الحرب، حتى تولى ملك بنى إسرائيل بعد موت طالوت ودام ملكاً عليها حوالى 40 عاما، وفى عهد داوود قامت حروب كثيرة مع اليبوسيين الذين كانوا يسكنون مدينة القدس، وطردهم منها داوود وجعلها عاصمة لملكه.وتولى سليمان عليه السلام الملك بعده ودام زهاء 40 عاما وكان عهده يمتاز بالرخاء والاستقرار.
رغم أن بعض أسفار التوراة، تلصق بسليمان، عليه السلام، كثيرا من الأعمال التى ننزهه عنها، حسب «طنطاوى»، مثل «أن سليمان افتتح حكمه بقتل أخيه بحجة طلبه الزواج من سرية أبيه، ثم قتل رئيس جيش أبيه، وعزل الكاهن الأكبر لتحزبهما». وبعد موت سليمان فى 586 قبل الميلاد يأتى الدور على «رحبعام» ابن سليمان والذى امتنع عن مبايعته 10 أسباط، واختاروا آخر، وهكذا انقسمت مملكة بنى إسرائيل إلى قسمين: مملكة يهوذا بالجنوب وعاصمتها أورشليم والتى انتهت على يد بختنصر البابلى، ومملكة الشمال وعاصمتها «شكيم» والتى انتهت على يد سرجون ملك آشور.
وبشكل دقيق يناقش «طنطاوى» العلاقة بين البلدين الوليدين، فيقول ساءت العلاقة بين الدولتين منذ انقسامهما ويذكر سفر الملوك «أن الحروب كانت مستمرة بينهما، وقد وصلت القطيعة بين الدولتين إلى حد أن يربعام ملك دولة إسرائيل صنع عجلين من ذهب وقال لشعبه، هذه آلهتكم التى أصعدتكم من مصر فاذبحوها، وأقيموا أعيادكم عندها ولا تصعدوا أورشليم».
واستمرت الحروب والمنازعات بين المملكتين حتى وصل الحال إلى أن كل واحدة تستعين بدولة أو بدول أخرى. ويرجع «الكتاب» هجرة اليهود إلى جزيرة العرب بعد غزو الرومان لها: أما ما ورد فى روايات أهل الأخبار عن هجرة اليهود إلى أطراف يثرب وأعالى الحجاز على إثر دخول الروم بلاد الشام وفتكهما بالعبرانيين وتنكيلهم ما اضطر بعضهم إلى الفرار إلى تلك الأنحاء البعيدة عن مجالات الروم، ويستند إلى أساس تاريخى صحيح، فلا يستبعد أن يكون يهود الحجاز من نسل أولئك المهاجرين، ومن هؤلاء مهاجرو بنى قريظة، وبنى النضير، وبنى بهدلو وهم الذين ساروا إلى الجنوب،
فلما بلغوا موضع الغابة وجدوه رديئا فكرهوا الإقامة فيه «وهو ما يؤكد أن معظم يهود جزيرة العرب حلوا فيها بعد أن دمر تيطس الرومانى أورشليم ويرى بعض الكاتبين أن يهود الحجاز من قبائل عربية تهودت وليسوا من بنى إسرائيل وهو ما يرد عليه «طنطاوى» قائلا: القرآن الكريم وجه خطاباً إلى اليهود فى كثير من آياته بعبارة يابنى إسرائيل وذكرهم فى عبارات عدة وهو ما يجلعنا نجزم بأن اليهود الذى كانوا يسكنون المدينة وضواحيها هم بنو إسرائيل.
وفى فلسطين كان الأمر مختلفاً، حيث خلت تقريبا من اليهود بعد سقوط أورشليم «586» قبل الميلاد، فى يد «بختنصر» وعاشوا أسارى فى بابل زهاء 50 سنة، قلدوا فيها عادات البابليين وأخذوا عنهم الكثير من شعائرهم وآدابهم واشتركوا فى وظائف وأعمال الدولة تحت رقابة البابليين. وخلال تلك الفترة،
كما تروى الدراسة، نقلا عن الأسفار، ظهر فى بنى إسرائيل بعض الأنبياء وكثير من الوعاظ والمرشدين، وفى سنة 538 قبل الميلاد، استولى قورش، ملك الفرس، على بلاد بابل، فعامل اليهود معاملة حسنة، وأصدر نداء سمح فيه لليهود بأن يعودوا إلى أورشليم، وأن يعيدوا بناء هيكلهم، وساعدهم على ذلك بالأموال والرجال، ولكن أكثر اليهود كانوا قد ألفوا الحياة فى بابل وامتدت بها أعراقهم وذاقوا خصب العيش والأرض والتجارة المربحة، ومن ثم ترددوا كثيرا فى العودة إلى أورشليم ومعظم الذين عادوا، كانوا من سبطى: يهوذا وبنيامين.
غدا
فى الحلقة الثانية «مكائد اليهود للمسلمين فى الجزيرة العربية»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.