مهرجان الموسيقي العربية يعود هذا العام بقوة .. بعد أن افتقدناه كما كان ينبغي خلال السنوات الأخيرة لسبب أو لآخر .. يبدأ المهرجان خلال الأيام القليلة القادمة... وكما سبق أن قلت عدة مرات خلال السنوات الأخيرة أن من حق كل المصريين أن يستمتعوا بهذا الفن الخالد الجميل عن طريق التليفزيون .. لن نستطيع أن "نحشر" أكثر من تسعين مليون مصري في دور الأوبرا بالقاهرة والاسكندرية ودمنهور .. ثم من حقنا أن "ننظف أذاننا" خلال كل الحفلات التي سيحييها مطربون ومطربات فكل منهم له مذاق خاص .. إنها فرصة نادرة لمصر في هذه الأيام التعيسة التي نمر بها .. الآن لكي ترفه الدولة عن هذا الشعب الطيب المسكين المغلوب علي أمره ... وسبق أن ناشدت التليفزيون لنقل الحفلات علي الهواء .. فهذا "البث الحي" له طعم خاص .. اذكر في بداية ارسال الراديو القديم كان له سهرة غنائية يومية من الاستوديو علي الهواء مباشرة لكبار المطربين والمطربات .. وكان الناس تهرول إلي منازلها لكي تلحق بهذا الحفل الغنائي الراقي .. ومن هنا جاءت فكرة حفلات أم كلثوم من مسرح الازبكية في الخميس الأول من كل شهر. كل ليلة .. بعد العاشرة والنصف مساء يغني من داخل استوديو الهواء من 4 شارع الشريفين "مبني الاذاعة القديم الذي لا أدري لماذا لم يبدأ تحويله إلي متحف كما سبق أن تقرر" أقول كل ليلة حفلة يحييها أحد كبار المطربين والمطربات .. وكانوا يتركون للمطرب أو المطربة ميكروفون الهواء ليخاطب الجماهير علي سجيته وطبيعته.. كان فريد الأطرش مثلاً يقول بصدق وعفوية .. وحب .. أنا يا جماعة كان موعدي السفر أمس إلي بيروت لاقامة حفل هناك .. اعتذرت وقررنا تأجيله لبعد الغد من أجل أن التقي بكم علي الهواء فأنا أشعر وأنا داخل الاستوديو المغلق البعيد عنكم آنكم معي .. وأحياناً تصفقون لي!!!!! كان في منتهي خفة الدم!!! كان عبدالمطلب يبدأ الليلة بالتحية للمستمعين وكأنهم أمامه .. ويتحدث عن قصة لحن يغنيه لأول مرة من تلحين محمد عبدالوهاب!!! وكان يختلس دقائق ليروي كيف كان يجلس أمام عبدالوهاب وهو مرعوب خائف .. وأحياناً سارح .. كان يسرح فعبدالوهاب يهزه بيده ثم يغسل يده بالكولونيا!!!! المطربة التي كان ينتظرها كل الشباب الصغير المرهق أمثالنا كان اسمها "فتحية أحمد" .. مغنية مشهورة جداً .. أغانيها خفيفة وسريعة .. ولكنها كانت لعوب صوتها يثير الشباب .. خاصة عندما ينتهي الحفل وتقترب من فوهة الميكروفون لتقول باستمرار نفس العبارة : تصبحوا علي خير!!! .. كنا جميعاً ننتظر هذه التحية اللعوب الشقية!!! أقول سبق أن ناشدت التليفزيون ببث حفلات الموسيقي العربية علي الهواء .. وأذكر أن صفوت الشريف وافق منذ سنوات .. ولكن لم يحدث اتفاق علي المقابل!!!! ولم تذع سوي حفلتا الافتتاح والنهاية وكتبت أيامها أن التليفزيون الذي يدفع هذه المبالغ الخرافية في مباريات كرة مملة لا قيمة لها .. لماذا لا يدفع نفس المبالغ للأوبرا التي تستضيف هذا المهرجان وتنظمه؟!!! وطالبت بتسجيل الحفلات واذاعتها بعد ذلك .. ولا أدري ماذا حدث!!! الدكتور ثروت عكاشة أقام مسرحاً اسمه مسرح سيد درويش في آخر الهرم بجوار أكاديمية الفن مباشرة .. وكان كل خميس تقام سهرة للموسيقي العربية .. وعلي اتساع المسرح كان من الصعب أن تجد تذكرة!!!! .. الناس تحب الموسيقي القديمة وكل شئ قديم حرام عليكم حرمانه .. كفاية ما هم فيه الآن!!!