مغامرة صحفية قام بها أثنان من محرري الجمهورية عن أسرار امبراطورية "التسول" تحتاج الكثير والكثير من دراسة السلوك الاجتماعي والظواهر تحولت لحرفة مثل التسول الذي انتشر في كل شوارع المدن ووصل في بعض الاحيان إلي قري الوجه البحري.. اكتشفنا ان إيجار سلالم مترو العتبة ب30 جنيهاً في اليوم وان الخال هو ملك رمسيس الخفي الذي يدير مخالفات اكبر ميادين مصر من "تسول.. مخدرات.. نشل". تقمص الزميل يحيي مدبولي دور الزوج بدر والزميلة امال أحمد دور الزوجة "سعاد" التي تتسول علي زوجها بسبب اصاباته البالغة تجولاً في شوارع وسط البلد مرتدين ملابس ارتدي الزميل قميصاً ممزقاً و "شبشب" وعلق ذراعه الايمن بشاش طبي واخفي عينه اليسري تحت ضمادة طبية قديمة وارتدت الزميلة "عباية بالية" وبدأ الزميلان في ترديد عبارات التسول ولإقناع المارة بصعوبة حالتهم وحاجتهم الشديدة لوحت المحررة بصورة تقارير طبية ادعت انها لزوجها المصاب. اليوم ب30 جنيهاً اتجه الزميلان إلي محطة مترو العتبة جلست سعاد وبدر بجوار سيدة عجوز تتسول بصوت منخفض يدل علي المرض وتقدم السن.. إلا انها تشاجرت معهم وارتفع صوتها وقالت بنبرات حادة ونظرات مملؤة بالشر.. "أمشو من هنا ده مكاني انا بدفع 30 جنيهاً و.. "انتو جتولي من أي دهية" حاولا مناقشتها لمعرفة لمن تدفع هذا المبلغ فجاء شخص يدعي "أشرف" طلبنا منهما 30 جنيهاً "المعلوم" حتي يتركهما يتسولان. حاولا مفاوضته لتخفيض المبلغ بان يحصل علي النصف وبعد نهاية اليوم يدفعا له الباقي رفض وامرنا بالانصراف قائلا "مش عايز وجع دمااااغ" وبدأ يشير بسلاح أبيض لارهابهما. "الخال" اتجها بعد ذلك لمحطة رمسيس لتجربة نوع جديد من العملاء القادمين من محافظات مصر ومن مختلف المستويات واثناء تسولهم تعرفوا علي "نادية" التي تبلغ حوالي 22 سنة وساقها الايسر مربوطة بشاش يغطي مرهم كثيف وطلبت منهم الجلوس عرفتهم باسمها وسألت عن علاقتهما ببعضنا فسرد لها قصة وهمية بأنهما زوج وزوجة وان اخوة زوجها هم الذين اعتدوا عليه للاستيلاء علي شقة والدهم التي كان يقطن فيها بعد وفاة والد زوجي الشهر الماضي. اطمأنت اليهما وحكت قصتها قالت انها من الشرقية وأم لثلاثة اطفال وزوجها توفي منذ سنوات واحبت شاباً من ابناء قرية مجاورة لبلدتها واتفقت معه علي الهروب إلي القاهرة للزواج منها بعد ان أوهمها برفض والدته زواجه من سيدة لديها ابناء ومن شدة حبها له تركت أبناءها الصغار وهربت معه في القطار المتجه إلي القاهرة. تقول نادية: بعد هروبي معه تزوجته عرفي وأقمنا في بنسيون صغير برمسيس لعدة شهور حتي حملت منه فطالبته بالزواج الرسمي فهرب ولم أراه حتي الان وتراكمت اجرة البنسيون واصبحت بين لحظة واخري في الشارع بلا مأوي. من هنا بدأت معرفتي بأرباب السوابق الذين قاموا بمضايقتي أثناء تسولي ليلا لأول مرة. وهددوني اما ان اذهب معهم إلي شققهم والفنادق التي يسكنون بها لممارسة الرذيلة أو تشويه وجهي بماء النار ورفضت فمنعوني من التسول حتي يضيق بي الحال للرضوخ لرغبتهم. اثناء تلك المضايقات تعرفت علي شخص يدعي "عادل" من الباعة الجائلين بميدان رمسيس قام بالتشاجر من اجلي لحمايتي من المضايقات في البداية ثم تبين لي انه نشال محترف وبدأ يدربني علي طرق وحيل نشل السيدات والرجال وسط زحمة ميدان رمسيس ومحطة مصر. استقطاب الاطفال الذين ليس لهم مأوي ليضمهم إلي مجموعته حيث يوفر لهم مكان النوم نظير تنفيذ طلباته وأوامره من نشل وتسول وبيع المخدرات حتي تحول الامر بعد فترة إلي تشكيل عصابي كبير واطلق النشال علي نفسه "الخال" وذاع صيته بين المتسولين بمحطة مصر لقيامه ببيع المخدر الحشيش والترامدول للباعة الذين يفترشون ميدان رمسيس. عاهة مستديمة أثناء حديثنا مع نادية جاءت "أم شيماء" بعد تعارفنا عرضت علينا العمل تحت حماية "الخال" مقابل جزء من حصيلة التسول وحذرتنا من مجرد التفكير في مخالفة أوامره إذا قبلنا العمل معه حيث انه يقوم بمعاقبة كل من يخالفها بالاعتداء عليه وترك عاهة مستديمة في جسده مؤكدة ان هذا ما حدث لنادية التي حاولت ان تخفي جزءاً من حصيلة عملها عنه لكنه علم وعاقبها بكسر ساقيها ولم يتركها امامنا جميعاً "تقصد باقي افراد العصابة". إلا بعد ان تأكد من اصابتها اصابة بالغة وحولها بعدها ذلك إلي اعمال التسول وخصص لها باب مترو الانفاق بمحطة مصر بعد ان كانت تعمل "ملقاط بريمو" أي نشالة- بالمنطقة. حاول محررا الجمهورية الانسحاب بهدوء تركنا نادية بحجة الذهاب للمستشفي لعمل اشعة مؤكدين عودتهما لها مرة أخري ليتعرف "بالخال" لتنتهي المغامرة الصحفية بعد ساعة ونصف تسول بجمع 95 جنيها.