يحدث أحيانا أن تكون في جلسة مرحة مع أصدقائك تتبادلون فيها الحديث والضحكات، وفجأة تجد الجميع قد صمت، ومنهم من نهض فجأة ليغادر المجلس غاضبا، وآخرين ينظرون إليك بامتعاض واستنكار، لتكتشف في النهاية وبعد فوات الأوان أن لسانك قد زل بحديث يمتليء بالتهكم والسخرية والاستهزاء على أحد الجالسين أو شخص مقرب منه، دون أن تنتبه لما تقوله إلا بعد ما رأيت أثره السلبي في وجوه وتصرفات أصدقائك. لهذا يقولون إن الكلمة كالرصاصة، يمكنك أن تتحكم في سلاحك ولا تطلقها منذ البداية، لكن لو انطلقت فلا مجال أبدا لاستعادتها أو منعها من جرح الآخرين أو قتلهم. لذلك، فبما أن آلة الزمن لا توجد على أرض الواقع، ولا مجال لمنع ما حدث وإعادته للوراء كأن لم يكن، فالحل الوحيد هو محاولة السيطرة على الموقف وتقليل الخسائر قدر الإمكان، ويمكنك عمل ذلك باتباع الخطوات الآتية: الخطوة الأولى: الاعتذار عليك أن تكون سريع البديهة في مثل هذا الموقف، وبمجرد اكتشافك للخطأ الكبير الذي أوقعك فيه لسانك، عليك المبادرة فورا بالاعتذار للجميع، ولا تدع الشخص المعني بحديثك يغادر قبل أن يسمع اعتذارك. يمكنك أن تقول: "يا إلهي!! لا أدري كيف تفوهت بمثل هذه الكلمات... كم أنا أحمق!! أرجوكم اقبلوا اعتذاري... لم أكن أقصد فعليا ما قلته". الخطوة الثانية: اشرح موقفك اعتذارك عما حدث لا ينفي أنه قد وقع بالفعل، وأن الجميع ينتظرون منك أن تقدم شرحا وتفسيرا مقنعا للكلمات التي اندفعت من بين شفتيك والتي بدت صادقة وتلقائية. عليك في هذه الحالة أن تصمت لمدة دقائق قليلة بعد تقديم الاعتذار، حتى تفكر في تفسير مناسب يساعدك على الخروج من الأزمة. يمكنك مثلا أن تقول إن الأمر يوجد به سوء تفاهم، وأنك كنت تعنين بحديثك شخصا آخر لا يعرفه الموجودون، لكن زلة لسانك جعلت اسم أحد أصدقائك يخرج بالخطأ بدلا من اسم الشخص الحقيقي. يمكنك أيضا أن تدعي أن ما حدث كله لم يكن سوى مزحة ثقيلة أو مقلب ساخن أردت أن تقوم به على طريقة الكاميرا الخفية لتري ردود أفعال أصدقائك ثم تضحكون معا على ما حدث. الخطوة الثالثة: تحدث على انفراد مع الشخص المعني بعد أن قمت بالاعتذار للجميع وشرح الموقف لهم، بادر بالانفراد لدقائق بالشخص الذي تحدثت في حقه أو حق أقاربه، وكرر اعتذارك له بشكل شخصي، وأكد أنك لم تتعمد أبدا جرح مشاعره أو مضايقته، وأنك حريص جدا على الصداقة التي تجمعكما، وتتمنى لو يمر هذا الموقف دون أن يؤثر عليها سلبا أو يضعفها. في الغالب، سيكون الطرف الآخر ممتنا لك لحرصك على صداقته وبذلك لكل ما تملك من جهد لإصلاح الأمور معه، وعدم السماح لها بالتفاقم. كل ما عليك هو أن تبادر في أقرب فرصة بتقديم هدية بسيطة ورقيقة للطرف الآخر، وثق أنك ستحصل على السماح الذي تسعى لنيله، لينتهي هذا الموقف السخيف، ويصبح من الماضي. الخطوة الرابعة: الانتباه في المستقبل ربما ينتهي هذا الموقف بسلام، لكن ما الذي يضمن عدم تكراره في المستقبل القريب أو البعيد مع أشخاص آخرين. يجب أن تتعلم درسا مهما مما حدث، وتدرب نفسك على عدم قول أي شيء دون التفكير فيه واستيعابه أولا. يجب أيضا أن تبتعد تماما عن النميمة والغيبة والحديث بالسوء عن الآخرين في وجودهم أو غيابهم. فحتى لو تحدثت بشيء سمعته من آخرين، فهذا لا يعفيك من المسئولية، لأنك قد أسلمت أذنيك لنممامين، وأيضا نقلت كلامهم المسموم دون أن تتأكد منه أو تعقله. تحدث بكل ما هو خير... بكل ما لا يجرح مشاعر الآخرين أو يضرهم، وألا فلتصمت إن لم تجد شيئا مقبولا لقوله، حتى لا تندم حيث لا ينفع الندم.