الترحيل القسرى والاعتقالات العشوائية سلاح الانقلابيين ضد اللاجئين السوريين فى مصر منظمة العفو الدولية: مصر فشلت فى احترام واجباتها الدولية ولم تستثنِ الأطفال من اعتقالاتها المتحدث باسم حملة دعم السوريين فى مصر: الانقلابيون يلاحقون كل من يحاول مد يد العون للسوريين فى مصر يعيش اللاجئون السوريين فى مصر بعد الانقلاب، أوضاعا يصفها الكثير منهم بأنها أكثر سوءا وقسوة مما كانوا عليه فى بلادهم، فقد نالهم ما نال المصريين من ممارسات الانقلاب القمعية، فاعتقل منهم المئات دون أى تهم واضحة وطُرد الكثير منهم من مساكنهم، واعتُدى على محلاتهم التجارية، كما قامت سلطة الانقلاب بالتهجير القسرى للمئات منهم. لم يجد السوريون فى مصر مبررا لما يمارَس ضدهم سوى مواقف أغلبهم الداعمة للشرعية والرافضة للانقلاب على الرئيس الذى أعلن دعمه لقضيتهم منذ اليوم الأول، وقدم لهم كافة التسهيلات والخدمات، متساويين فى ذلك مع أشقائهم المصريين دون أى تمييز. "الحرية والعدالة" التقت عددا من اللاجئين السوريين فى مصر لترصد عن قرب حجم معاناتهم. كانت البداية مع أمير أبو محمد والذى وصف أوضاع السوريين فى مصر بعد الانقلاب بأنها سيئة وقاسية للغاية، معتبرا أن التحريض الإعلامى المستمر على السوريين بعد الانقلاب دفع بعض أصحاب الشقق إلى طرد عدد كبير من السوريين من مساكنهم، تحت دعوة أنهم ساعدوا الإخوان على قتل أفراد من الجيش فى رابعة العدوية، كما طرد بعض أصحاب الشركات موظفيهم السوريين من شركاتهم ومصانعهم للأسباب نفسها، مؤكدا أن فقدان المأوى والوظيفة فى الوقت نفسه ضاعف من معاناة السوريين فى مصر خاصة فى ظل انعدام الأمن وغلاء المعيشة، وهو ما دفع عددا كبيرا من السوريين إلى مغادرة مصر والعودة إلى سوريا، ومنهم من ذهب إلى تركيا، بالإضافة إلى أن هناك أعدادا كبيرة تم تهجيرها قسرا من قبل السلطات فى مصر بعد توقيفهم وحبسهم دون أى تهم واضحة. هذا ويروى أبو بسام البالغ من العمر 60 عاما مأساته التى يعيشها بعدما قامت سلطات الانقلاب بترحيل ابنه قسرا بعد توقيفه فى أحد الأكمنة وهو عائد من عمله مع اقتراب موعد حظر التجوال وقامت باحتجازه لمدة عشرة أيام عانى خلالها فى بحث عنه، ثم تمكن بواسطة المحامى من معرفة أنه تم ترحيله دون تحديد واضح للبلد الذى تم ترحيله إليه، وهو ما أصابه بصدمة كبيرة لم يكن يتوقعها، خاصة أن ابنه العائل الوحيد له هنا فى مصر، ويتساءل الأب: ما الجُرم الذى ارتكبه ابنى ليتم حبسه وترحيله بهذا الشكل المهين؟ وتابع أنه جاء لمصر هروبا من الظلم ولكن فوجئ بظلم أبشع فى ظل الانقلاب العسكرى. أما فادى أبو نواس فيقول إن السلطات فى مصر بعد الانقلاب قامت بتوقيفه وحجزه هو وزوجته وطفليه الصغيرين لمدة 6 أيام، وطلبت منه إما أن يقدم طلب طواعية للخروج من مصر والذهاب إما لتركيا أو لبنان، وإما أن يتم إلغاء إقامته وتحويله هو وعائلته إلى السجن المركزى وترحيله بالقوة، مؤكدا أنه لم يجد أمامه خيارا فى ظل هذا التهديدات إلا تقديم طلب بالترحيل لحماية أبنائه وزوجته. وبحديث يملؤه الشعور بالمرارة، قال معتز أبو يحيى، شاب سورى، إن السوريين فى مصر بعد انقلاب 30 يونيو يعيشون فى حصار مشدد، فكثير منهم أصبح يخاف من مجرد مغادرة المنازل والذهاب لعملهم، حتى لا تلتقطهم سلطات الأمن وتقوم بحبسهم وترحيلهم بشكل عشوائى دون أن تضع فى اعتبارها أن من تقوم بترحيله غالبا ما يكون وراءه عائلة كاملة أطفال ونساء معرضون للتشرد من بعده، مؤكدا أن الشائعات التى يروجها بعض الحاقدين ضد السوريين قد أسهمت فى إحداث حالة من الكراهية ارتُكب على آثارها الكثير من الجرائم الإنسانية ضد السوريين منها طردهم من المنازل، وتحطيم بعض المحلات التى يتكسبون منها، والتعسف معهم فى أى إجراءات يقومون بها، بعدما كانت تقدم لهم العديد من التسهيلات فى عهد الدكتور مرسى. إهدار حقوق اللاجئين فى إطار رصدها لمعاناة اللاجئين السوريين فى مصر أعدت منظمة العفو الدولية تقريرا مؤخرا أدانت خلاله ممارسات السلطات المصرية مع اللاجئين السوريين حيث قالت فى بيانها: (إن مصر تحتجز بطريقة غير مشروعة مئات اللاجئين السوريين من بينهم أطفال، كما تقوم بترحيل المئات منهم إلى دول أخرى بما يتسبب بفصل عدد كبير من العائلات بعضها عن بعض. معتبرة أن مصر فشلت فشلا ذريعا فى احترام واجباتها الدولية فى حماية اللاجئين". وأوضحت المنظمة أنها "زارت مركز شرطة فى الإسكندرية حيث اعتقل منذ 17 سبتمبر توأم بعمر سنة قدما من سوريا، فى حين اعتقلت طفلة فى التاسعة من العمر قادمة من حلب، ومنعت من رؤية والدتها لمدة أربعة أيام". ونقلت المنظمة عن محامين قولهم إنهم "منعوا من تمثيل طالبى اللجوء، فى حين لم تتمكن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من الوصول إليهم". وذكرت المنظمة نقلا عن الأممالمتحدة، أن "البحرية المصرية اعترضت 13 سفينة تحمل على متنها عددا كبيرا من السوريين واعتقلت 946 شخصا، بينهم 724 من النساء والأطفال. ومن جانبها، حاولت وزارة خارجية الانقلاب فى مصر نفى ما أورده تقرير منظمة العفو الدولية وأصدرت بيانا أوردت فيه أنالتقرير غير دقيق ولا يعكس حقيقة أوضاع السوريين فى مصر، زاعمة أنه يتم معاملتهم بشكل كريم كأشقاء عرب، وأن هناك بعض الحالات الفردية لسوريين شاركوا فيها فى مظاهرات مسلحة أو أعمال عنف، وهذه حالات يتم التعامل معها بالقانون. وهو ما نفته المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بعد يوم واحد من صدور بيان خارجية الانقلاب؛ حيث أكدت أن أكثر من ثمانمائة سورى بينهم أطفال أوقفوا فى مصر منذ أغسطس الماضى. وقالت المتحدثة باسم المفوضية -مليسا فليمينغ- بمؤتمر صحفى إنه جرى إبعاد 144 سوريا منهم 44 طفلا إلى بلدان أخرى بالمنطقة، منذ ذات التاريخ، مشيرة إلى أن 589 من الموقوفين بمصر وبينهم نساء و84 طفلا ما زالوا فى التوقيف الإدارى حتى الآن، دون أن توجه إليهم أى تهمة. مشيرةً إلى أنه منذ 30 يونيو لم يحاول أى لاجئ سورى الذهاب إلى مصر. إجراءات تعسفية من جانبه أكد حسين الدمشقى -عضو مؤسس فى تنسيقية الثورة السورية بالقاهرة- أن أكثر ما يواجهه السوريون فى مصر بعد 30 يونيو هو الترحيل القسرى لعدد كبير منهم، حيث يتم إبعاد السوريين المقيمين فى مصر رغما عنهم ودون أى تهمة حتى ولو كان أهلهم وذووهم يسكنون هنا، وحتى لو كانوا يعملون ومستقرون فى أعمالهم، أو افتتحوا مشروعات، حيث تم ترحيل مئات السوريين، مشيرً إلى أنه لا يملك أرقاما دقيقة عن أعداد السوريين الذين تم ترحيلهم إلى سوريا، وذلك لأن السلطات المصرية تحرص على أن تتم عمليات الترحيل بسرية تامة، وذلك لمخالفته للقوانين والأعراف الدولية، حيث إنه من المفترض أنه يمنع على الحكومة المصرية ترحيل أى مواطن سورى إلى بلده سوريا خشية على حياته، ولكن هناك حالات ترحيل تمت بالفعل إلى سوريا ومصيرهم مجهول منذ وصولهم إلى سوريا. وأضاف الدمشقى أن أبرز المشاكل التى يعانى منها السوريون الآن هى الاعتقالات العشوائية ومن ثم الترحيل وكذلك الإقامة وتجديدها؛ حيث يتعرض السوريون لإجراءات تعسفية كبيرة فى هذه الأمر، وكذلك الأمور المتعلقة بتسجيل الأطفال بالمدارس، حيث إن العديد من السوريين لم يستطيعوا تسجيل أولادهم فى المدارس بسبب تعسف القوانين والإجراءات والروتين القاتل وسوء معاملة الموظفين للسوريين خاصة بعد 30 يونيو. وحول أوضاع السوريين المعتقلين قال: لدينا اتصال مع المعتقلين وخصوصا فى الإسكندرية وأكثر ما يعانونه هو وجود نسائهم وأطفالهم فى هذا المكان السيئ، الذى يفتقد لأدنى مقومات الآدمية، فضلا عن سوء معاملة الشرطة. مؤكدا أنه لا توجد تهم صريحة وتنحصر التهم فى مناصرة الإخوان والخروج فى مظاهرات التأييد للرئيس مرسى، على الرغم من أننا أصدرنا عدة بيانات بهذا الشأن أكدنا خلالها التزامنا بالحياد وعدم انحيازنا لطرف دون آخر، ووزعت على قنوات الإعلام والصحافة ولكن دون جدوى. معاناة تتضاعف فيما أكد أحمد الصغير -المتحدث باسم حملة دعم السوريين فى مصر- أن الحملة استطاعت قبل 30 يونيو أن تقدم العديد من المساعدات لأبناء الشعب السورى الذين جاءوا إلى مصر هربا من جحيم بشار الأسد، وتم توفير لهم بعض المساكن والوظائف، مؤكدا أن الأوضاع تغيرت بعد 30 يونيو بشكل كامل، حيث تضاعفت مشاكل السوريين ولم تعد تقتصر فقط عند حدود المسكن والوظيفة، وإنما أصبح العديد منهم يتعرض للترحيل تاركا أبناءه وزوجته رغما عنه، فضلا عن أن حملات التشويه ضدهم التى يروجها البعض قد أفقدت الكثير من الناس التعاطف معهم بلا مبرر مقبول، وعلت النزعة الأنانية لدى البعض. مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من أعضاء الحملة تم اعتقالهم وهم الآن داخل السجون، وذلك بسبب مشاركتهم فى المظاهرات المؤيدة للشرعية. ومن ثم يرى أن التضييق الذى يُمارس لم يقتصر على السوريين فحسب؛ بل على من يحاول أن يمد يد العون لهم، على الرغم من سوء أوضاعهم التى تستوجب الوقوف بجوارهم وليس محارباتهم بهذا الشكل من قبل الدولة.