حتى كتابة هذه السطور ما يزال الوضع بين المجلس العسكري كما هو قبل 3 أسابيع يتقاذفون كرة المسئولية في “تجمع المهنيين السودانيين” يطالب الجيش بحماية البلاد وترك السياسة للمدنيين، فيما يصر المجلس العسكري الانتقالي في السودان على قوله: ما نزال في انتظار قوى الحرية والتغيير لتسمية وفدها لاستكمال الحوار. في وقت يحاول فيه الطرف الأخير الظهور باستحقاقه الصلاحيات السيادية في السودان فيؤكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي في تصريحات صحفية فراغ اللجنة السياسية من دراسة الرؤى المقدمة من القوى والكيانات السياسية والحركات ومنظمات المجتمع المدني والشرائح الفئوية بما فيها الشباب والمرأة والأفراد. ومن ذلك اجتماعه اليوم مع ما يسمى ب”الإدارة الأهلية” لعموم قبائل رفاعة التي رشح عنها توافق بين رؤيتيهما في الانحياز للشباب في قيادة الحراك الشعبي الذي قاد للتغيير. إلا أن الدعم الخارجي للمجلس العسكري يكشف أنه الطرف المعطل للحوار وليس من حقه إلقاء اللائمة على الآخرين بحجة عدم توافقهم على خريطة الطريق، فالدعم الخارجي تحول من سري إلى علني. وبحسب “فايننشال تايمز” البريطانية فإن “السيسي أسهم في محاولة لتمديد موعد نهائي من الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية السودان به من 15 يومًا إلى 3 أشهر”. غير أن التدخل كان واضحًا في حوار أعلن عنه التجمع اليوم مع “العسكري الانتقالي” من جانبين: الأول حضور قضية فض الاعتصام بالقوة على مائدة الحوار؛ حيث أعلن تجمع المهنيين وقوى التغيير والإصلاح أن المجلس وعدهم بألا يفض اعتصام القيادة العامة بقوة. وقال المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، أمجد فريد، الجمعة، بحسب “سكاي نيوز”: إن المجلس العسكري الانتقالي، أكد أنه لن يفض الاعتصام المستمر أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم بالقوة. رفض السيسي وتجمع عدد كبير من المحتجين السودانيين خارج سفارة السيسي في الخرطوم، منددين بتدخلات السيسي في شئون السودان، وذلك ضمن احتجاج حاشد تشهده البلاد أطلق عليه المتظاهرون اسم “مليونية السلطة المدنية”، فشكلت الجانب الثاني الأبرز فيه تكرار الثوار في السودان الاحتجاج لليوم الثاني على التوالي أمام مقر السفارة المصرية. وكان الهتاف “قول للسيسي ده السودان.. انت حدودك بس اسوان” و”تحيا مصر.. يسقط بلحة”، و”لا لمعسكر الثورات المضادة في السودان” كما كان الأبرز كما في الفيديو اللاحق هتافهم على السيسي باسمه المتعارف عليه في مصر “بلحة بلحة بلحة”. الشريعة الإسلامية ورغم أن خطبة جمعة الاعتصام للشيخ آدم إبراهيم، محسوب على جناح منشق عن الإخوان المسلمين، ركزت على رسائل ثورية مثل “اعتقال رموز النظام السابق على الجرائم التي ارتكبوها من قتل واعتقال وضرب للمحتجين طوال الأشهر الماضية” و”الوحدة والتمسك بسلمية الاحتجاج” وأن “مهمة الجيش حماية البلاد وحدودها وثغورها” و”تسليم السلطة لحكومة مدنية، وأن يترك أمر السياسية لأهلها”، قائلا: “لا نريد عاما أو عامين للجيش في السلطة، فقد اكتفينا من 30 عاما من حكم العسكر”. إلا أن جمعة أخرى في الخرطوم أدانت عدم ذكر الشريعة الإسلامية على لسان المعتصمين، فالشيخ عبدالحي يوسف، داعية سوداني مستقل له برامج فتاوى مسجلة مع علماء آخرين على الفضائيات الدينية، أعلن بمسجد خاتم المرسلين بضاحية جبرة عن تسيير مسيرة جماهيرية لنصرة الشريعة الإسلامية العاشرة صباح الإثنين المقبل بحديقة الشهداء أمام القصر الجمهوري، مكان آخر يختلف عن القيادة العامة للقوات المسلحة حيث الاعتصام الأبرز، داعيا جميع السودانيين للمشاركة فيها. واستعرض عبد الحي في خطبة الجمعة دستورا قال إن قلة من جموع الشعب السوداني تريد أن تفرضه على الأغلبية المسلمة، قائلا إن إزالة الشريعة الإسلامية باطل ولا يحق لأحد تبديل دين الله. وحذر عبدالحي من المساس بهذه القوانين التي وضعت منذ العام 1983 لم تستطع جميع الحكومات التي حكمت بعدها إلغاءها، وشدد على الدفاع عن شرع الله ولو قتلنا في الشوارع وجاهزون للزود عنه، نافيا إصدار فتوى للبشير بجواز قتل ثلث الشعب، مؤكدا أن ذلك محض افتراء وكذب. واستحضر علمانيون ومواقع سعودية وإماراتية ردا على الدعوة مليونية شارك فيها أنصار الشريعة في مصر في يوليو عام 2011 بعنوان “مليونية دعم الشريعة الإسلامية” والتي كانت في الأساس؛ اعتراضا على وثيقة الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء وقتها، وهي المليونية التي أطلق عليها نشطاء يساريون وليبراليون “مليونية قندهار”. مليونية المدنية لكن حشدًا بالآلاف من السودانيين استجابوا اليوم لدعوة منظمي اعتصام القيادة العامة من قوى التغيير والإصلاح، أكدوا فيه استمرار الاعتصام لحين تحقيق كل المطالب، وسط انتظار لإعلان قوى الحرية والتغيير أسماء مرشحيها للسلطة المدنية الانتقالية. وردًّا على شائعات – ربما أطلقها المجلس العسكري – سارع الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي لينفي إطلاق سراح رموز النظام من السجن والإقامة الجبرية. وأكد وجود عثمان محمد يوسف كبر وحسبو محمد عبدالرحمن في السجن والزبير أحمد الحسن، على حد تعبيره، والذين تناولت صحف سودانية بالأمس إطلاق سراحهم! وقال: إن السلطات المختصة تباشر تجاههم مهامها في التحريات والإجراءات القانونية، على حد قوله. غير أن صحفيين وناشطين أكدوا إطلاق العسكر في السودان سراح رجل الأعمال السوداني جمال الوالي، قريب الصلة من الرئيس السابق عمر البشير.