ليس هنالك أفضل من الحلال وهو ما اتفقت عليه الرياض وتل أبيب، وذلك لوضع حد للشائعات السياسية وقطع ألسنة مؤيدي الربيع العربي، ولكن ذلك الزواج لن يتم دون وضع العروسة الصهيونية شروطها وكتابة قائمة العفش والمهر والذهب، وأول شرط موافقة السعودية على استيعاب عدة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حاليا في لبنان وسوريا والعراق، ما سيساهم في إجهاض عودتهم لبلادهم المحتلة إلى الأبد، وإيجاد تسوية على أنقاض القدسالمحتلة. وسبق التحضير لهذا الزواج أو السلام الحرام فترة غزل، خرج خلالها كتاب وإعلاميون قريبون من دوائر السلطة في الرياض، يعلنون الولاء والطاعة لتل أبيب، بل ويرحبون بها ويذمون المقاومة الفلسطينية، ويباركون التقارب والانفتاح على الصهاينة واستقبالهم ومراجعة القرارات والسياسيات التي اتخذت ضد الاحتلال منذ عام 1948، والتي وصفوها بالقرارات الخاطئة. وقال كاتب إسرائيلي إن :”السلام الإسرائيلي مع السعودية ممكن، لكن، لدينا شروط لا بد من توفرها، في ظل أن الأجواء القادمة من شبه الجزيرة العربية تبشر بالسلام، لكن الرابحين الكبار من السلام البارد، في حال حصل، هم السعوديون، ولذلك يجب وضع عدة شروط أمامهم كي يتحقق السلام الجاد معهم”. دلال إسرائيلي وأضاف إيتمار تسور، الكاتب الإسرائيلي في موقع القناة السابعة التابع للمغتصبين، أن “وسائل الإعلام تحدثت في الآونة الأخيرة عن توفر العديد من الأجواء الجديدة المشيرة إلى تغيير تشهده شبه الجزيرة العربية، بحيث أن واحدة من زعيمات الدول المعارضة لإسرائيل باتت معنية ومتطلعة لإقامة سلام وعلاقات دبلوماسية معها، من يعلم فلعله يكون هناك اتفاق تاريخي”. وأشار تسور، وهو باحث استقصائي في منتدى الاستشراف والإعلام، إلى أنه “يجب علينا الهدوء، لأنه حتى لو حصل اتفاق سلام سعودي إسرائيلي، فإنه لن يغير كثيرا من الصورة العامة للمنطقة، لأن هذا السلام في حال حصل وتحقق، سيكون سلاما باردا دون أجنحة، تماما كما هو الحال مع السلام الذي أبرمته إسرائيل مع مصر في العام 1979، ومع الأردن في العام 1994”. وأوضح أن “هذين الاتفاقين لم يحققا سوى مصالح زعماء تلك الدولتين العربيتين، مصر والأردن، من خلال تحقيق تقاربهما مع الغرب، وليس بالضرورة انطلاقا من حب الصهيونية، أو التسليم بقيام دولة الشعب اليهودي في إسرائيل”. وأكد أن “الإنجاز الإسرائيلي الوحيد الذي سيعود على إسرائيل من أي اتفاق سلام مع السعودية هو إبرام سلسلة عقود تجارية وصفقات اقتصادية مع شركات سعودية، من تحت الطاولة أو فوقها، وافتتاح خطوط الطيران من إسرائيل إلى شرق آسيا من فوق أجواء السعودية، هذا ليس كثيرا، لكنه ما سيتحقق بصورة أو بأخرى، في حين أن السعوديين سيحققون الكثير من الإنجازات والمكاسب من أي اتفاق سلام مع إسرائيل”. صفقة القرن وتوقع الحاخام مارك شناير من نيويورك أن 2019 سيشهد إقامة دولتين خليجيتين لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وأن البحرين ستكون الأولى، وفي خطوة جديدة تكرس أجواء التطبيع مع “إسرائيل” بالسعودية، زعم الكاتب والصحفي السعودي عبد الحميد الغبين، أن “إسرائيل لا تشكل خطراً وجودياً على السعودية، متوقعاً أن تقوم بلاده بالتطبيع معها في غضون عامين”. وقال الغبين، المعروف بهجومه على الفلسطينيين ودعمه التطبيع، في مقابلة له مع قناة “i24 NEWS” الإسرائيلية : إن “الاعتراف بالقدسالغربية عاصمة لإسرائيل سيؤدي إلى السلام في المنطقة”، وأضاف: “ليس مهماً من يدير الأماكن المقدسة في القدسالمحتلة، طالما كان بإمكان أي مسلم زيارتها”، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة”، على حد زعمه. وفي تواصل لما اعتبر هرولة من مسؤولين ونشطاء سعوديين نحو التطبيع مع إسرائيل، هنأ الباحث والإعلامي السعودي عبد الحميد الحكيم إسرائيل بمناسبة ما سماها “عيد الاستقلال”، وقال الحكيم في تغريدة عبر حسابه بموقع تويتر:”أهنئ المجتمع الإسرائيلي بعيد الاستقلال، ورسالتي لهم أن السياسات الإيرانية هي نفس السياسات النازية التي استهدفت إبادة شعبكم، فليس من الوفاء لمعاناة أجدادكم وحق دولتكم أن يكون موقفكم لا يتعدى المشاهدة في مواجهة محمد بن سلمان لعدونا الإيراني، بل يجب تحقيق السلام ونكون صفا واحدا لمواجهة هذا الشر”. وتأتي تصريحات الغبين والحكيم، في ظل مباركة مشايخ ودعاة البلاط السعودي وتصاعد موجات التطبيع بين الرياض والاحتلال الإسرائيلي، إذ كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن سعود القحطاني، الوزير السابق بالديوان الملكي والمقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، والعقل المدبر لقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، كان من بين المسئولين عن تطبيع العلاقات بين الطرفين. وأشارت الصحيفة الأمريكية حينها إلى أنه “كان قد أعطى توجيهات لوسائل الإعلام ومحركي الرأي العام السعودي، لتهيئة الأجواء بين المواطنين السعوديين لعملية التطبيع مع إسرائيل”، وكشفت أن اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات السعودية السابق، زار “إسرائيل”، عدة مرات وفي مناسبات مختلفة، قبل إقالته من منصبه عقب جريمة قتل خاشقجي. وتواترت في الأشهر الأخيرة تقارير عن دعم سعودي لما يسمى “صفقة القرن”، وهي خطة توشك واشنطن إعلانها، وتتضمن مقترحاً لتسويةٍ وفق الرؤية الإسرائيلية، ويشمل ذلك دولة فلسطينية على مساحة كبيرة من شبه جزيرة سيناء المصرية، حتى أن الكاتب السعودي “مشعل أبا الودع”، قدم اعتذارا إلى إسرائيل، عما أسماه “ظلم الإعلام لها طيلة 70 عاما”!