انتفض علماء وكتاب وأدباء وصحفيون سعوديون ضد التطبيع السعودي مع الدولة الصهيونية، رافضين صمت الحكومة السعودية على زيارة الجنرال المتقاعد أنور عشقي لإسرائيل ولقائه مسؤولين بالخارجية والكنيست اليهودي، مطالبين بمحاسبته ومحاكمة كل من يقوم بالتطبيع، مشددين على أن إسرائيل ستظل هي العدو، وأنهم لن يقبلوا أو ينتظروا اليوم الذي ترتفع فيه أعلام اليهود فوق السعودية، بلاد الحرمين الشريفين. وشددوا- عبر هاشتاج "سعوديون_ضد_التطبيع" الذي لاقي تفاعلا واسعا جدا على مستوى المملكة والعالم العربي- على أن "عشقي خالف نظام الدولة ولا بد من محاسبته؛ حتى لا نفتح بابا لغيره، فإذا لم نحاسبه فسوف نشاهد "عشقي" آخر وآخر". واحتل الهاشتاج "#سعوديون_ضد_التطبيع" قائمة الترتيب على مستوى المملكة، بمئات التغريدات التي تهاجم عشقي وتدعو المسؤولين السعوديين لمحاسبته على الزيارة التي قام بها لإسرائيل، واعتبره مراقبون أول تحرك شعبي مؤثر وضاغط على السلطات السعودية لوقف التطبيع، الذي يعتقد أن الأمير محمد بن سلمان يقف وراءه. أبرز ما كشفه الهاشتاج هو تمسك الشعب السعودي برفض كل محاولات التطبيع، سواء من كتاب أو أدباء أو دعاة أو نشطاء، هاجموا جميعهم التطبيع والمطبعين من السعوديين، ما أظهر أنه برغم سنوات تغييب الوعي عن القضية الفلسطينية، لا يزال السعوديون يعتبرون–مثل كل العرب– أن إسرائيل هي العدو، وأن عمليات الإجرام الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني لا يجب أن تنسى، وأن الاحتلال إلى زوال، ولا يجب مكافأته بالتطبيع بل محاربته. كما كشفت تعليقات المشاركين عن اعتبارهم أن محاولات بعض الشخصيات السعودية للتطبيع مع العدو هي "طعنة غادرة في ظهر حركة المقاطعة العالمية للكيان الإسرائيلي"، والتي أثمرت إنجازات واسعة حول العالم، وتنتشر في أوروبا ذاتها، واستدعوا مواقف حكام المملكة المتعاقبين الرافضة للتطبيع، وأعلنوا عن رفضهم مجرد تخيل أن يرفرف العلم الصهيوني في المملكة. مقاطعة إسرائيل في الخليج وجاء الهاشتاج متفاعلا مع حركة مقاطعة إسرائيل في الخليج (BDS Gulf)، التي استنكرت قيام وفد سعودي يضم أكاديميين ورجال أعمال بزيارة الكيان الصهيوني والاجتماع بقيادات في حكومة نتنياهو المتطرفة، وعلى رأسهم المدير العام للخارجية الصهيونية. وقالت "إذا كان أنور عشقي لا يمثل الموقف الرسمي كما صرحت السعودية سابقا، فليتم اتخاذ إجراءات بحقه بسرعة، والتحقيق معه ومع كل من شارك في الوفد"، مستنكرة القيام بهذه "الزيارة المشينة في ذكرى مجزرة غزة قبل عامين فقط، والتي سقط فيها أكثر من ألفي شهيد". ودعت "كل قوى المجتمع المدني السعودي والخليجي والعربي" إلى أن تتخذ خطوات حازمة في مكافحة جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر مختلف المسارات، بما فيها القانوني والسياسي، وكذلك مقاطعة شركات رجال الأعمال المشاركين بالوفد والمطبعين، وسحب الاستثمارات من الشركات الاجنبية المتواطئة في جرائم الاحتلال، مثل ألستوم (Alstom) وجي فور إس (G4S) وإتش بي (HP) التي تعمل في دولنا. وبحسب ما ورد على تويتر، فإن الهدف من تدشين الهاشتاج هو إطلاق حملة توصل أصوات المغردين إلى "أكبر عدد ممكن، ولتسجيل موقف ضد المجموعة التي زارت إسرائيل مؤخرا"، وطالب الكثير منهم حكومة السعودية "باتخاذ إجراءات بحق أفراد الوفد الذي لا يمثلون الحكومة أو الشعب السعودي". خطر يهدد قيمنا وشاركت أبرز النخب السعودية في التعليق على هاشتاج "سعوديون ضد التطبيع"، معبرين عن غضبهم الشديد تجاه الزيارة التطبيعية، معتبرين أن "عدم وضع حد لأعضاء الوفد التطبيعي ومن يساندهم هو خطر يهدد قيمنا". واعتبر الصحفي جمال خاشقجي أن مغردي الهاشتاج هم "تيار قطع الطريق على شر أعظم"، معتبرا أن "أسوأ أنواع التطبيع ذلك المجاني الذي يتبرع به "مواطن"، فأقوى الحصون قد تنهار من داخلها". وشدد مغردون- منهم إمام المسجد الحرام السابق، المقرئ المعروف عادل الكلباني- على ضرورة اعتبار إسرائيل عدوا، قائلا: "حين كنا صغارا كانوا يسمونه (العدو الصهيوني)، خلال 60 عاما لم يتغير العدو، نحن تغيرنا"!. وحذر الشيخ «علي بادحدح»، من أن "التطبيع ليس مجرد علاقات دبلوماسية، بل يعد اختراقا وتخريبا ثقافيا واقتصاديا وأمنيا". وأشار «سلطان الجميري» إلى أنه "يجب أن يظل التطبيع ومد اليد للكيان الصهيوني عارا وخطيئة تلاحق صاحبها حتى موته؛ لأنها خيانة للتاريخ والأرض والشهداء". ورصد آخرون شهداء الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948، للتدليل على أنه لا سلام ولا تطبيع قبل الثأر من العدو، وأنه "يجب توارث حب فلسطين وكراهية إسرائيل". كما أشاروا إلى حرمة التطبيع مع العدو الصهيوني، ونشر الشيخ «علي القرة داغي» حكم التطبيع مع العدو الصهيوني، وأوضح حرمانيته، كما رد على شبهة من يدّعي دعم المقدسيين بزيارتهم في الأراضي المحتلة. وقال الشيخ سلمان العودة: "أحب تركيا ومصر وقطر والإمارات والعرب والمسلمين.. وأبغض الصهاينة والمطبعين". وأشار «سعد الدوسري» إلى أن «التطبيع ليس وجهة نظر»، وقال: «التطبيع خيانة، لذلك وجبت محاسبة كل من يسعى للتطبيع أفرادًا كانوا أم حكومات". وحذر «فهد الشمري» من أن «التطبيع يعني الاعتراف ب(إسرائيل)، وهذا يقود إلى مرحلة أخرى، هي التخلي عن الأقصى والاعتراف بأحقية اليهود بأرض فلسطين". وزار وفد سعودي بقيادة «عشقي»، (إسرائيل)، والتقى مدير عام وزارة الخارجية «دوري غولد»، ومسؤول التنسيق الأمني في الضفة الغربية المحتلّة «يوآف مردخاي»، في فندق «الملك داود» في مدينة القدس المحتلّة. وبحسب صحيفة «هآرتس»، قدم «عشقي» إلى (إسرائيل) مصحوبا ببعثة أكاديميين ورجال أعمال سعوديين، الذين التقوا بمجموعة من أعضاء الكنيست، بهدف «تشجيع الخطاب في (إسرائيل)، حول مبادرة السلام العربية".