بعد أن قامت “داعش”، فرع المخابرات الحربية، بالهجوم على أتوبيس يُقل زوارًا لدير الأنبا صموئيل في محافظة المنيا، وقتلت منهم 7 مسيحيين بأوامر مباشرة من السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قتلت الداخلية 19 شابًا، في رسالة ثأر مفادها “ثأرنا لكم”، إلا أن الشارع المصري بكنائسه ومساجده بات يعلم جيدا أنه لا ذنب للضحايا ال26 من الطرفين. ولا يثق رجل الشارع في سلطة الانقلاب التي لا يقل إجرامها عما حدث في القنصلية السعودية بإسطنبول، وتخفي مخزونًا لا بأس به من الشباب المختفين قسريًا في سلخانات الأمن، تخرجهم عند الحاجة وتذبحهم كالدجاج لتبييض وجهها. وفي جنازة جثامين ضحايا حادث دير الأنبا صموئيل، كان المشهد ملفتا جدًا، حيث وقف الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا، ممسكا بورقة يقرأ منها ويشكر دور المحافظ والقيادات الأمنية، وخلال ذلك كان الحضور وأهالي الضحايا معترضين ويصرخون “لأ”، وأصواتهم وإشاراتهم كانت واضحة وتدل على أن السفيه السيسي ارتكب خطأ المعلم بيومي، وكما ترك الأخير حبات السبحة التي انقطعت في غرفة الخرساء القتيلة، ترك السفيه فوارغ الرصاص الذي لا يستخدمه إلا قوات الشرطة والجيش. سبحة السيسي وكما استطاع الفنان زكى رستم أن يجسد شخصية المعلم بيومي بحرفية واقتدار، في فيلم رصيف نمرة 5، وتقمصه دور المتدين الحريص على مصلحة غيره، استطاع السفيه السيسي في حادثة دير الأنبا صموئيل تجسيد نفس الدور، ما يؤكد أن ما فعله زكى رستم أو “المعلم بيومي” هو عينه ما يفعله السفيه الذي يدعى أنه قام بانقلابه الدموي من أجل الشعب، الذي لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وأنه لم يخن الرئيس محمد مرسى، أول رئيس مدني منتخب للبلاد. جسّد السفيه السيسي الوحدة الوطنية في القتل فقط، في عهده يقتل المسيحي والمسلم، ويعتقل الإسلامي والعلماني والليبرالي والشيوعي، وطال القتل والقمع الكل بإرهاب محتمل وإرهاب عصابة عسكرية واضح المعالم. يقول المصور الصحفي حسام محمود:” المسيحيون يفهمون جيدا أن السيسي وراء ما يحدث، وأن هذه العمليات الإجرامية ليست من إخوانهم المسلمين”. يقول الناشط محمود عابد: “لعبة العسكر خلاص اتهرشت ومابقتش تاكل مع مسلم أو مسيحي إلا السيساوية من الجانبين”. ويرد الناشط إيهاب أبو جيبين: “هي خطة لفتنة طائفية يشغلها أحمد موسى وعمرو أديب وكلاب السلطة.. كل الدم المصري حرام”. ويقول مصطفى جواد: “اللهم عليك بالسيسي ومن والاه ومن أيده بشطر كلمة، وأرنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزونك، إنك علي كل شيء قدير”. ويقول الناشط أيمن عياد: “إن العسكر إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.. فعلا والله.. المثقفون والعلماء وأساتذة الجامعات كلهم خائفون أذلاء، حتى اللي يعرف الحقيقة أو لديه انتقاد أو فكرة إصلاحية لا يستطيع أن يتحدث.. مع فساد اقتصادي وسياسي وفوضى أمنية.. هذا اللي قال عليه ترامب قاتل لعين”. اللعبة وتعليقًا على صورة أحد الضحايا ال19 الذين تمت تصفيتهم بأوامر السفيه السيسي، قالت الناشطة سلمى عامر: “آثار مخرج الفيلم بجانب الضحية.. أعتقد مكان إنتاج الفيلم هو اللي تغير بس”، في الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع المصري في ذلك الوقت الفريق عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مصري مدني منتخب في تاريخ مصر، محمد مرسي، وأعلن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الذين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم. ما زال المصريون يذكرون وزير الدفاع عام 2013 السفيه السيسي، عندما طالب الشعب بمنحه تفويضا لمحاربة “الإرهاب المحتمل”، وهو التفويض الذي اتخذه جسرا للانقلاب على سلطة رئيسه المنتخب محمد مرسي، لكن النتيجة بعد ذلك كانت انتشار الإرهاب لا القضاء عليه. فقد تصاعدت الهجمات ضد الجيش والشرطة في شمال سيناء، وما زالت كنائس المسيحيين هدف “الإرهاب” المفضل، حيث كانت آخر محطاته تعرض أتوبيس كان متوجهًا لدير الأنبا صموئيل بالمنيا، عصر الجمعة الماضية، لإطلاق نار أسفر عن سقوط 7 قتلى و13 مصابًا، مما يطرح شكوكا تتفاوت بين التواطؤ والعجز الأمني. وعشية احتفالات رأس السنة 2011، شهدت كنيسة القديسين بالإسكندرية تفجيرا، قُتل فيه 24 شخصًا وأصيب أكثر من مئة، وكاد أن يتسبب في فتنة طائفية عندما احتشد مئات المسيحيين أمام المسجد المقابل للكنيسة بهدف اقتحامه، لكن رياح الثورة غير المتوقعة أسقطت مبارك بأكمله بعد أسابيع، لتُنشر لاحقا وثائق وشهادات تتهم وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلي بتدبير ذاك التفجير، ثم إلصاق مسئوليته بجماعة تسمى “جيش الإسلام” ناشطة في قطاع غزة ومقربة من أجهزة المخابرات الغربية. واللافت أن كنائس مصر باتت هدفا مفضلًا للإرهاب في ظل حكم السفيه السيسي، الذي جاء إلى الحكم بما أسماه “تفويضا” لمقاومة الإرهاب، فمنذ مطالبته بالتفويض في يوليو 2013 وقعت أربع هجمات في كنائس وكاتدرائيات كبرى، وبات تنظيم داعش هو الوجهة المسئولة عنها، كما هو مسئول أيضا عن عشرات الهجمات والاشتباكات المتواصلة في سيناء.