” إحنا عايشين أزهى عصورنا في ظل حكم السيسي”، عبارة أثارت الجدل نطق بها الأنبا يوأنس خلال لقاء مع رعايا كنيسة مار جرجس والأنبا شنوده بجيرسي سيتي بنيو جيرسي ، تلك العبارة تتعارض مع واقع الحال والتفجيرات التي أوقعت قتلى وجرحى في عدد من الكنائس المصرية، بعد الانقلاب العسكري في 30 يونيو 2013، وعلى مدار خمس سنوات مضت وقعت حوادث قتل للقساوسة داخل كنائسهم، وإطلاق نار على الكنائس أثناء القداس، وهجوم على أتوبيسات تقل نساء وأطفال في طريقهم إلى الأديرة، بل ووصل الأمر إلي كاتدرائية العباسية. في فضيحة جديدة لجنرالات العسكر تداول ناشطون مقطع فيديو أظهر حشد الكنيسة للمسيحيين المقيمين في الولاياتالمتحدةالأمريكية للخروج واستقبال السفيه عبد الفتاح السيسي عند وصوله للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ال73 بنيويورك، المقرر أن تبدأ في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري، ويثور السؤال من يستغل الآخر السيسي أم الكنيسة؟ عشان خاطر ربنا ويظهر المقطع المتداول على نطاق واسع الأنبا يوأنس وهو يخاطب الحضور بالكنيسة ويناشدهم:”عشان خاطر ربنا عشان خاطر الكنيسة عشان خاطر أهاليكم هنطلع نستقبل السيسي"، وتابع:"الأتوبيسات ببلاش مجاني وهنوزع ساندوتشات وعصير، هنستقبل السيسي 3 مرات واهو تغيرو جو في نيويورك ونيوجيرسي”. وأضاف: “عاوزين نقول للعالم كله إن حال الأقباط في مصر اليوم اختلف، وأصبح أفضل… فخروجكم للترحيب بالسيسي له مردود عندنا إحنا في مصر… فنحن نعيش أزهى عصورنا، ولدينا 2 محافظين مسيحيين، و7 رؤساء مدن”، بحد قوله، متابعاً: “الكنيسة خصصت أتوبيسات مجانية من أمام الكنائس، وسوف تحملكم للذهاب للمطار، والأمم المتحدة، للترحيب بالسيسي”. القيادي في تيار أقباط 25 يناير الرافض للانقلاب، كمال صباغ، قال إن “المعارضة لم تعد لزيارة السيسي إلا ما تعده كل عام من وقفات احتجاجية، ولكن هذه المرة يأتي الرجل وقد سبقته تقارير منظمات حقوقية عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بالإضافة إلى أن تصريحات ترامب عنه وضعته في موقف محرج لدرجة أنه يستجدي لقاء ترامب من أجل إصلاح صورته أمام العالم”. وأضاف أنه “للمرة الأولى أصبح الأقباط لا يصغون لنداءات الكنيسة بالنزول لاستقبال السيسي لدرجة استجدائهم النزول بكل الوسائل، والجميع ينظر إلى هذا الأمر باعتباره صفقة بين العسكر والكنيسة، إلا أن المعارضة القبطية تعمل على إفشال مساعي الكنيسة من خلال مواجهة هذه الأساليب ورفضها، وبالتالي فإنه لأول مرة يظهر أسقفان وبابا ويفشلون في تحقيق ما جاءوا من أجله”. وكشف أن “الحافلات ظهرت شبه خاوية رغم كل التكتيكات التي استخدمتها الكنيسة لحشد الأقباط، ولم يذهب إلا العشرات، فقد بدأ الأمر بالتهديد ثم الاستجداء ثم تقديم الرشاوى من خلال تقديم ميزات وخدمات وأشياء أخرى، زادت من غضب الشارع القبطي، وأتوقع أن تكون الأيام المقبلة أصعب”. سقطت العباءة وما زال المصريون يذكرون المجرم وزير الدفاع عام 2013 عبد الفتاح السيسي عندما طالب الشعب بمنحه تفويضا لمحاربة “الإرهاب المحتمل”، وهو التفويض الذي اتخذه جسرا للانقلاب على سلطة رئيسه محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد، لكن النتيجة بعد ذلك كانت انتشار الإرهاب لا القضاء عليه. فقد تصاعدت الهجمات ضد الجيش والشرطة في شمال سيناء، وما زالت كنائس المسيحيين هدف “الإرهاب” المفضل، حيث كانت آخر محطاته كنيستين بالإسكندرية وطنطا، مما يطرح شكوكا تتفاوت بين التواطؤ والعجز الأمني، وعشية احتفالات رأس السنة 2011، شهدت كنيسة القديسين بالإسكندرية تفجيرا قتل فيه 24 شخصا وأصيب أكثر من مئة، وكاد أن يتسبب في فتنة طائفية عندما احتشد مئات المسيحيين أمام المسجد المقابل للكنيسة بهدف اقتحامه، وتلك كانت ورقة طالما استغلها مبارك. لكن رياح الثورة غير المتوقعة أسقطت نظام المخلوع حسني مبارك بأكمله بعد أسابيع، لتُنشر لاحقا وثائق وشهادات تتهم وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلي بتدبير ذاك التفجير ثم إلصاق مسؤوليته بجماعة “جيش الإسلام” الناشطة في قطاع غزة والمقربة من تنظيم القاعدة. واللافت أن كنائس مصر باتت هدفا أثيرا لدى الجماعات الموسومة بالإرهاب في ظل انقلاب السفيه السيسي الذي جاء إلى الحكم بما أسماه “تفويضا” لمقاومة الإرهاب، فمنذ مطالبته بالتفويض في يوليو 2013 وقعت أربع هجمات في كنائس وكاتدرائيات كبرى، وبات تنظيم داعش المخابراتي هو الوجهة المسئولة عنها، كما هو مسئول أيضا عن عشرات الهجمات والاشتباكات المتواصلة في سيناء، فهل وعي المسيحيون الدرس وهل آن الأوان لتحرير الكنيسة من بيادة العسكر؟