تسود حالة من الغضب الواسع بين أهالي محافظة مطروح على خلفية إصرار النظام العسكري على طرد أهالي منطقة “رأس الحكمة” في المنطقة الممتدة من فوكه إلى سيدي حنيش بطول 40 كيلومترًا وبعمق 17 كيلومترًا، من الساحل، حتى الطريق الدولي الرابط بين مدينة مرسى مطروح ومحافظة الإسكندرية؛ لبيعها لمستثمرين أجانب؛ الأمر الذي دفع المواطنين إلى تنظيم وقفة احتجاجية رفضا لقرار تهجيرهم قسريا من منازلهم شرق مطروح. ويبدو أن نظام العسكر يمضي على قاعدة “البزنيس أهم من البشر والصفقات فوق القانون”، لا يبالي بآلام وأوجاع الشعب ولا يكترث لأنات ضحاياه، فبعد التهجير القسري بحق أهالي مدينة رفح بشمال سيناء والشيخ زويد وعدد من مناطق العريش، وأهالي جزيرة الوراق ومثلث ماسبيرو؛ يصر النظام العسكري على تهجير أهالي منطقة “رأس الحكمة” وطردهم من أراضيهم بدعوى إقامة مشروع استثماري سياحي تشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. ووفقا للمخطط الموضوع، ستقوم سلطان النظام العسكري بتهجير 45 ألف من أبناء القبائل العربية في مطروح بهدف الاستيلاء على أراضي في موقع ساحلي مميز،وبدوره بدأ محافظ مرسى مطروح الجديد تنفيذ قرار الإخلاء من المنطقة الممتدة من فوكه الى سيدي حنيش مرورا براس الحكمة بطول 25 كم؛ الأمر الذي دفع الأهالي إلى تنظيم احتجاجات واسعة مطالبين بوقف عمليات الطرد مصرين على البقاء في بيوتهم وأراضيهم. في السياق ذاته، نظم الأهالي حملة شعبية غاضبة لبناء الجيش منشأت خرسانية على كورنيش الإسكندرية في منطقة مصطفي كامل وحجبه البحر عن المصريين اسموها “السور العازل”، في الوقت الذي برر فيه اللواء أحمد حجازي، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، ذلك بدعوي أنه يجري تنفيذ مشروع سياحي (فندق كبير مكان مسرح السلام)، واستخدام الشاطئ المقابل له والذي كان مخصصًا لنادي ضباط القوات المسلحة، في إنشاء 20 محلًا تجاريا، ويزعم أن الصورة المتداولة هي لمبنى ضمن هذا المشروع لا يتعدى طوله 20 مترًا بعرض البحر. وبحسب مراقبين فإن الجيش يستغل سيطرته على الحكم ويقوم ببناء مشاريع وفنادق ضمن بيزنس السياحة علي البحر في الإسكندرية والعلمين ومدن ساحلية أخري تحجب الرؤية. بينما تنزع أملاك المواطنين قسرا وقهرا أمام سلطة غاشمة جاءت بقوة السلاح لا بإرادة الشعب الذي تسحقه وتغتصب حقوقه دون احترام لدستور أوقانون يحرم هذه الممارسات المنحرفة. ويبدو النظام متسقا مع ذاته القمعية، فقبل أيام أصدر النظام قرارا بمصادرة أملاك 1589 من قيادات الإخوان والتيار الإسلامي عموما بخلاف 118 شركة متنوعة النشاط، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعا إلكترونيا وقناة فضائية. فقمع النظام يطول الجميع دون استثناء سواء كانوا سياسيين ينتمون لأكبر حزب سياسي في البلاد أو مواطنين غير مسيسين فبزنيس كبار الجنرالات الذين اختطفوا المؤسسة العسكرية أهم من كل الشعب المصري بكل فصائله وأحزابه وتنوعاته. وبدأت الخميس الماضي ما تسمى بلجان حصر الأراضي بمحافظة مطروح، أعمال الرفع المساحي المبدئي لمساحة تتجاوز 2000 فدان، بمنطقة رأس الحكمة شرق مدينة مرسي مطروح، تمهيدًا لإخلائها لإقامة مشروع سياحي سكني تابع لهيئة التنمية السياحية بوزارة السياحة تحت إشراف الهيئة الهندسية للجيش. وذكر مفتاح أبو بكر محمد الصنقري، أحد أهالي المنطقة، أن مساحة المنطقة التي يتم رفع بياناتها، بطول 40 كيلو مترًا وبعمق 17 كيلومترًا، من الساحل، حتى الطريق الدولي الرابط بين مدينة مرسى مطروح ومحافظة الإسكندرية. وأضاف، أن الأهالي أُبلغوا من قبل المسئولين، بتحديد مبلغ 150 ألف جنيه تعويضًا لكل فدان غير مسجل تسجيلاً نهائيًا. من جانبه، تقدم النائب سليمان العميري، عضو مجلس النواب، عن محافظة مطروح، بسؤال موجه لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، من خلال مذكرة تقدم بها لرئيس البرلمان حول مهمة لجنة تم تشكيلها من عدة جهات تشرع في عملية رفع مساحي لمنطقة رأس الحكمة بمحافظة مطروح، معلنا تضامنه مع أهالي هذه المنطقة في رفض أي عملية إخلاء لهم من منازلهم وزراعاتهم في حالة حدوث ذلك. وأوضح العميري، أن هذه المنطقة عبارة عن خمس وحدات محلية هي قرى رأس الحكمة – القواسم – الدخلة – كشوك عميرة – أطنوح، وأن الأهالي فؤجئوا بلجنة مشكلة من عدة جهات تشرع في عملية رفع مساحي لها مما تسبب في حالة من التذمر لدى الأهالي خشية الخطوة التالية وهى تهجيرهم من المنطقة، في ظل صدور قرار عام 1975 بتخصيص جزء منها للتنمية السياحية، ثم استكمل باقي التخصيص بقرار في عهد المؤقت عدلي منصور. وتابع العميري، في المذكرة التي تقدم بها لمجلس النواب، أن المسافة من حدود قرية فوكة غربا إلى حدود قرية حنين شرقا بمساحه تقدر ب46 ألف فدان بها خمس وحدات محلية يسكنها أكثر من 100 ألف نسمة بمدارسها ومعاهدها الأزهرية ومراكز شباب ومساجد ووحدات صحية ومستشفى للطوارئ ونقاط إسعاف، وأكثر من 25 ألف فدان زراعي مختصة بزراعة التين والزيتون وتعتبر أكبر منطقة لإنتاج هذه المحاصيل. ولفت إلى أن هناك أيضًا آبارًا وخزانات لتجميع مياه الأمطار تتجاوز الألف بئر، وسدودًا لتجميع المياه من أجل الزراعة في أكثر من 100 تجمع سكني كلفت الدولة خطط طرق وإنارة لربطها ببعضها. وأكد أن أهالي هذه المنطقة يضربون أعلى معاني الوطنية في خدمة وطنهم وأنهم ليسوا ضد التنمية لأنهم يعلمون أنها ستشملهم وتتيح فرص حياة أفضل لهم ولأبنائهم في المستقبل، ولكن يجب أن يوضع في الاعتبار ما ذكر سلفا من تواجد على أرض الواقع منه ما هو قبل قرار 1975 الخاص بالتنمية السياحية وجميعه قبل قرار زيادة المساحة. وكانت قوات حرس الحدود قد قتلت الشهر الماضي، الشاب زايد أبو زقيم الصنقري برأس الحكمة بسبب قيادته سيارة بدون ترخيص ما أدى إلى حالة من الغضب الواسع خلال تشيع جنازته، واليوم يستكمل النظام جرائمه بطرح الأهالي من بيوتهم وأراضيهم حتى تمتلئ جيوب كبار الجنرالات بالمليارات ويبقى الشعب يعاني من الفقر والجوع والبؤس الشديد.