رئيس قطاع التحكم فى الطاقة: م. سيد نجيدة: رضوان عبد اللاه: لا يخلو بيت أو قرية أو مدينة أو محافظة من شمال إلى جنوب ومن شرق إلى غرب الجمهورية إلا ويشكو من أزمة كبيرة بسبب الانقطاع المتكرر والمستمر فى التيار الكهربائى ولساعات طويلة، سواء بالنهار أو بالليل، وما زاد من غضب وسخط المواطنين على وزارة الكهرباء أن الأزمة هذا العام بدأت مبكرة جدًّا؛ حيث إن المعتاد أن تكون فى شهور يونيو ويوليو وأغسطس. عدد من الخبراء أرجع الأزمة الخانقة فى الكهرباء إلى أزمة الوقود والبعض الآخر يرى أنها بسبب خروج بعض محطات التوليد من الخدمة.. "الحرية والعدالة" حاولت من خلال التحقيق التالى أن تضع أمام المواطنين تفاصيل المشكلة وأبعادها والحلول المطروحة لمواجهتها، حتى لا تتكرر فى القريب العاجل، كما أننا حاولنا أن نتعرف على أأأأى أساس يتم فصل التيار الكهربائى وتخفيف الأحمال، ومَن المسئول عن ذلك؟ فى البداية، انتقلنا إلى المركز القومى للتحكم فى الطاقة على أطراف قرية سقيل فى طريق القناطر الخيرية، وحصلنا على بيانات لها دلالة، وعلى مقارنة توضح استهلاك الكهرباء بين عامى (2010-2011) و(2011-2012)؛ حيث ارتفعت نسبة استهلاك المنازل من 41.1% عام 2011 إلى 42.3% فى 2012، فى حين تراجع استهلاك قطاع الصناعة للطاقة من 32.5% عام 2011 إلى 31.4% فى 2012. وبالنسبة إلى الزراعة بلغت نسبة استهلاكها للطاقة عام 2011 نحو 3.9%، وتزايدت عام 2012 لتصل 4.1%، وفيما يتعلق بالمرافق فكانت النسبة 4.6% فى 2011 لتبلغ 4.5% فى 2012، بينما كانت نسبة الإنارة للطرق العامة ثابتة على مدار العامين؛ حيث بلغت 4.9%، كذلك الحال بالنسبة للجهات الحكومية التى بلغت نسبة استهلاكها للطاقة على مدار العامين 4.8%، أما المحلات فبلغت النسبة عام 2011 نحو 8.2%، وتراجعت عام 2012 لتصل 8.0% من إجمالى استهلاك الطاقة. من داخل المركز القومى للتحكم فى الطاقة، كشف طلعت أبو زيد -رئيس قطاع التحكم فى الطاقة- أن انخفاض كميات الوقود التى تولد الطاقة السبب الرئيسى وراء الانقطاع المتكرر للكهرباء، موضحا أننا نحتاج فعليا إلى 106 ملايين متر مكعب غاز يوميا، فى حين أن المتاح لا يتعدى 94 مليون متر مكعب يوميا، وهو ما يعنى وجود عجز فى الوقود يُقدر بنحو 12 مليون متر مكعب فى اليوم، وعليه فإن حوالى 5 آلاف من وحدات توليد كهرباء تُعانى العجز فى الوقود، ولا تعمل بكامل طاقتها، فمنها ما يعمل ب50% من كفاءتها وأخرى ب10% فقط، لافتا إلى أنه فى الوقت الذى من المفترض أن تعمل المحطة ب250 وحدة فإنها تعمل ب150 فقط. وأوضح أن المواطن لا يعلم أن فصل التيار الكهربائى عنه يكون ضرورة؛ حيث إنه إن لم يتخذ هذا الإجراء مع زيادة الأحمال، فإنها ستنقطع تلقائيا على مستوى الجمهورية، مشيرا إلى وجود خريطة لديهم لساعات قطع الكهرباء وأماكنه، التى تُحدد يوميا بناء على الأحمال، ولكن الإفصاح عنها يعنى توجيه المجرمين إلى تلك الأماكن التى سينقطع عنها الكهرباء؛ لذا لا نفصح عنها مُراعاة للبُعد الأمنى. وأضيف أبو زيد: "طالبنا وزارة البترول بكميات الوقود التى نحتاج إليها وفقا للخطة السنوية الموضوعة، ولكنها لم ترسلها كاملة نتيجة الخروج الاضطرارى لعدد من حقول الوقود من الخدمة فى الآونة الأخيرة، ففى مايو الجارى طالبنا من البترول إمدادنا ب105 ملايين متر مكعب وقود يوميا، لكن لم يصلنا سوى 94 مليون متر مكعب فقط"، مشيرا إلى أن هذه هى المرة الأولى التى يحدث عجز فى توليد الكهرباء بهذا الشكل قبل الدخول فى فصل الصيف، وذلك نتيجة للنقص الكبير فى الغاز. وأشار رئيس قطاع التحكم فى الطاقة إلى أن الحكومة رصدت مبلغ يُقدر بنحو 200 مليون دولار لتوفير الوقود المستخدم فى توليد الطاقة من الغاز والمازوت، لافتا إلى أنه كان من المفترض أن تدخل وحدات جديدة فى أول مايو الجارى ولكنها تعطلت بسبب رفض المواطنين إنشاء أبراج رغم حصولهم على تعويضات؛ وهو ما تسبب فى توقف 3 مشروعات فى بنها وشمال الجيزة والعين السخنة كانت ستوفر 1800 ميجاوات، ولكن تجمهر المواطنين أمام المحطات أحال دون إنشاء الأبراج، وخطوط الغاز، من بينها مشروعات بدأت بالفعل منذ أربع سنوات ولكنها توقفت. وعن عمرات وصيانة المحطات، يقول أبو زيد إنها غالبا ما تكون كل سنة، وتتحدد وفقا لساعات التشغيل مع نهاية فصل الصيف، مضيفا أن 80% من المحطات بالشبكة هى التى تعمل بنسبة تصل إلى 84% من طاقتها، ومع أزمة نقص الوقود جعلها تعمل ب74% من طاقتها، أما بالنسبة الباقية فتخرج من الخدمة لأن بها مشاكل فنية. وأوضح أن العمر الافتراضى يتحدد حسب كل مصنع عمره 40 سنة، وأخرى 20، مشيرا إلى أن معظم المحطات تجاوزت العمر الافتراضى، فمنها ما يعمل منذ عام 57 و58، ولكنها ما زالت تعمل حتى الآن بفضل الصيانة الدورية، مضيفا أن عدد شركات النقل والتوزيع للكهرباء كافية جدا لتوزيع الكهرباء على مستوى الجمهورية. حلول متاحة وعن الحلول المتاحة لأزمة انقطاع الكهرباء، أوضح رئيس قطاع التحكم فى الطاقة أن المواطنين عليهم دور كبير فى عملية ترشيد الطاقة، مؤكدا أن بإمكانهم ترشيد نحو 4 آلاف ميجاوات يوميا؛ حيث إن كل مواطن إذا وفر لمبة واحدة فقط فى أوقات الذروة، من السادسة والنصف مساء إلى 12 منتصف الليل، ل28 مليون مشترك، فإن هذا يعنى توفير 1600 ميجاوات، أما من لديه أكثر من تكييف، فعليه أن يوفر واحدا منها فقط وهذا أيضا سيوفر كمية كبيرة، لافتا إلى أن أى دولة تكون نسبة استهلاك المصانع للكهرباء أعلى من الإسكان، أما لدينا فى مصر فالعكس يحدث. وأضاف أن اللمبات الموفرة للطاقة توفر نسبة كبيرة أيضا، فإذا كانت نسبة استهلاك المواطنين للطاقة تبلغ 34%، منها نحو 20% إنارة مصابيح، وإذا تم استبدال اللمبات الموفرة للطاقة ذات ال25 وات بتلك الأنواع ال100 وات؛ من شأنها أن توفر نحو 75%، أى 3 آلاف ميجاوات من استهلاك المواطنين للطاقة، وحاليا هناك سعى لتعميمها على مستوى الوزارات والمساجد، مع العمل على ترشيد استخدام التكييفات. وأشار أبو زيد إلى أن الحكومة تسعى إلى ترشيد استهلاك أعمدة الإنارة فى الشوارع، حيث إنه توجد خطة الآن تتمثل فى فتح الإنارة بعمود وإطفائها بآخر، فضلا عن أن كثيرا من الخلايا الضوئية بعواميد الإنارة بالشوارع بحاجة إلى صيانة حتى تنطفئ من تلقاء نفسها مع أول ضوء للشمس. السرقات وعن سرقة الكهرباء، يقول أبو زيد إنها زادت بشدة عقب الثورة، فأصبحت على مرأى ومسمع من الجميع، فكانت نسبة السرقات فى البداية تُقدر ب3% إلى 5%، أما الآن فوصلت السرقات إلى أكثر من 20% وأثرت على الأحمال، خاصة أنها غير مُسجلة. آلية فصل الكهرباء وعن آلية قطع التيار يوضح أبو زيد: إنه يتم مراعاة أن يتم قطع الكهرباء ساعة واحدة لكل منطقة بالتساوى، وفى اليوم الذى يكون به عجز شديد فإن الشخص نفسه من الممكن أن تنقطع عنه الكهرباء مرتين فى اليوم، كذلك يقسم على أيام؛ بحيث إذا انقطعت الكهرباء مرتين فى اليوم عن شخص لا تنقطع فى اليوم التالى عنه. ممنوع الاقتراب وأوضح رئيس قطاع التحكم فى الطاقة أن هناك أماكن معينة ممنوع فصل التيار الكهربائى عنها، وعلى رأسها المستشفيات، محطات المياه، أما بالنسبة إلى المستشفى التى انقطع عنها الكهرباء وبها حضانات، فقال إن السبب اصطدام الإسعاف بكبسولة الكهرباء وليس للكهرباء دخل بها. رسائل الSMS أما بالنسبة إلى رسائل تنبيه المواطنين "SMS" بقطع الكهرباء، فأشار أبو زيد إلى أنها على وشك التطبيق عقب الانتهاء مباشرة من الدراسة الموضوعة، فضلا عن التحضير لحوار مجتمعى يضم كل أطياف المجتمع والمعارضة لشرح أبعاد المشكلة، لافتا إلى أن متابعة الأحمال تكون لحظة بلحظة؛ حيث توجد غرفة عمليات مركزية، على مدار ال24 ساعة. الطاقة البديلة وفيما يتعلق بأنواع الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء، قال أبو زيد إنها تتمثل فى المياه والمازوت والغاز، فالمائى متمثل فى السد العالى، وخزانى أسوان وإسنا، وتبلغ نسبته 9.1% من حمل الشبكة -الذى يُقدر ب30 ألف ميجاوات-، والبخارى 2.2%، أما باقى النسبة فتتعلق بالغاز والمازوت والسولار. أما بالنسبة للطاقات البديلة، فأوضح أن هناك خطة لاستغلال الرياح والشمس، مشيرا إلى دخول 420 ميجاوات عام 2017 باستخدام الرياح، أما بالنسبة إلى استغلال الطاقة الشمسية، فهناك بالفعل محطة فى الكريمات وسيتم إنشاء واحدة أخرى ب"كوم أمبو"، التى ستحل الأزمة بشكل كبير، أما الرياح من المفترض أن تعطينا 547 ميجاوات ولكن بعد تطبيقها. ترشيد الاستهلاك من جانبه، يقول المهندس سيد نجيدة -رئيس قطاع كهرباء الإسماعيلية-: إنه يوجد 3 عوامل رئيسية تسببت فى حدوث أزمة الكهرباء، وهى: نقص الوقود، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب حدوث عطل مفاجئ فى خطوط الضغط العالى الأحد الماضى الذى تم تداركه مؤخرا. ويضيف: "من المفترض أن تدبر وزارة البترول كمية الوقود اللازمة لتشغيل تلك المحطات، وعلى وزارة الأوقاف أن تدعو إلى ترشيد الطاقة فى دور العبادة، وينبغى ترشيد الإنارة فى الأماكن العامة، ويجب على المواطنين تقليل الاستهلاك الزائد"، موضحا أن العجز فى الكهرباء يُقدر بنحو3 آلاف ميجاوات، وهناك 26 مليون مشترك فى العدادات، لو قام كل مشترك بإطفاء لمبة واحدة 100 وات لتوافرت 2600 ميجاوات يمكنها أن تحل ثُلثى الأزمة. تخفيف الأحمال ويوضح نجيدة أن التحكم الإقليمى أو المركزى هو المسئول عن تخفيف الأحمال وقطع التيار الكهربائى؛ حيث توجد لديه خطة للتخفيف، بحيث يتم تخفيف من 400-500 ميجا بالنسبة لكل شركة، ووفقا لتقسيم المناطق، مشيرا إلى أنه يتم تخفيف الأحمال وفقا للمناطق، بمعنى أن هناك أحمالا لا يمكن فصلها، وهى التى تضم الأماكن الحيوية التى يتسبب الفصل بها فى حدوث أزمة كبيرة كالمستشفيات ومحطات المياه والسجون. وتابع: "هناك مناطق الاستهلاك بها يكون عاديا مثل المنازل يتم تخفيف الأحمال فيها من خلال التوزيع على مستوى الجمهورية، وأيضا يوجد أحمال صناعية كثيفة الاستهلاك يتم التنبيه عليها بعدم استخدام الأفران كمصانع الحديد والأسمنت والألمونيوم فى أوقات الذروة". ويشير إلى أنه فى حالة زيادة درجات الحرارة درجة واحدة مئوية نحتاج زيادة فى الطاقة الكهرباء قدرها 100 ميجاوات، لافتا إلى أن تخفيف الأحمال يتم توزيعه بالتساوى على المناطق؛ بشرط ألا تزيد مدته عن ساعة واحدة، مؤكدا أنه إذا زادت درجات الحرارة وما زال هناك عجز فإنه يعاد فصل التيار الكهربى مرة ثانية على هذه المناطق. وطالب نجيدة وزارة الكهرباء بالشفافية، وأن توضح للمواطنين وتخبرهم أن هناك أزمة ستستمر لمدة معينة 3 أو 4 أيام مثلا حتى يتفهموا الوضع، وكذلك لا بد أن تقوم وزارة البترول بتدبير كميات الوقود اللازمة لتشغيل هذه المحطات باستيرادها من الخارج، مشددا على أنه لن تنتهى أزمة الكهرباء إلا بالتنسيق بين وزارات البترول والكهرباء والمالية، لافتا إلى ضرورة الإسراع فى الانتهاء من المحطات تحت الإنشاء وهى بنهاوالجيزة وأبو قير التى من شأنها أن تسهم فى حل الأزمة. العجز بدوره يقول المهندس رضوان عبد اللاه -رئيس لجنة الطاقة بحزب الحرية والعدالة-: إن أزمة الكهرباء تكمن فى العجز فى إمدادات الوقود والغاز الطبيعى من وزارة البترول، مرجعا السبب إلى خروج بعض حقول الغاز من الخدمة، فضلا عن أن احتياطى المازوت لا يغطى ما حدث من عجز. ويشير إلى أن قرار الحكومة بضخ 200 مليون دولار لشراء مازوت وتخفيف ضخ الغاز للصناعات الكثيفة وتحويله إلى شركات الكهرباء سيعمل على توفير 5000 ميجا ويسهم فى حل المشكلة بشكل كبير. وأوضح عبد اللاه أن الحزب لديه رؤية لحل مشكلة الكهرباء فى مصر جاهزة منذ 9 أشهر، تتمثل فى إنشاء محطات جديدة وفك اختناقات الشبكات، مضيفا: "يجب تبنى ثقافة الترشيد؛ إذ إنها ستحل جزءا كبيرا من الأزمة"، مشيرا إلى أنه إذا كان هناك 30 مليون مستهلك للكهرباء وقام كل مواطن بإطفاء لمبة سيتم توفير 3000 ميجا على الأقل، وبالتالى سيحل جزء كبير من المشكلة. صيانة المحطات من جهته، يرى المهندس سعد راجح -عضو ائتلاف مهندسى محطات إنتاج الكهرباء- أن محطات الكهرباء المنشأة فى السنوات العشر الأخيرة تعانى من عيوب كثيرة، إضافة إلى أنه لم يتم عمل صيانة لها منذ 4 سنوات، وهذا أدى إلى تكثيف عملية الصيانة فى الفترة الحالية، وهذا من شأنه يتسبب فى انقطاع الكهرباء، مضيفا أن معظم مولدات الطاقة التى تسهم فى حل الأزمة لا تعمل وبها عيوب صناعة كالمولدات الموجودة بمحطة قليوب لمعالجة الصرف الصحى ومحطة مياه شرق المنصورة. وأشار إلى أن بعض محطات التوليد يتم تشغيلها رغم عدم الحاجة إليها، وهو ما يؤدى إلى زيادة الأحمال؛ ما من شأنه حدوث أزمة الانقطاع المتكرر، مستشهدا بالمحطة البخارية بطلخا التى احترقت قبل ثورة يناير ب3 أشهر، واحترقت ثانية منذ 10 أشهر نتيجة الأحمال الزائدة وعدم تشغيل أجهزة الوقاية. ويطالب راجح بالاستعانة باستشاريين كفء لفحص جميع محطات الكهرباء وإعداد التقارير اللازمة ووضع خطط لإصلاح العيوب، إلى جانب مراقبة الأجهزة المستهلكة للطاقة والمُركبة على الشبكة القومية، مناشدا وزارة الكهرباء ضرورة وضع خطة لترشيد استهلاك الكهرباء، تتمثل فى منع استخدام المكيفات فى المصالح الحكومية وإطفاء الإنارة بعد مواعيد العمل الرسمية وإغلاق جميع الأسواق التجارية التجارية والأندية الاجتماعية بعد السابعة مساء.