ما إن وقعت تفجيرات مدينة بوسطن الأمريكية حتى خرجت صحف وفضائيات صهيونية وغربية لتسأل السؤال الخبيث: "هل فعلها المسلمون.. هل فعلتها القاعدة؟!، وتحرك البعض –مثل حركة طالبان وشخصيات إسلامية أخرى– بمنطق قاعدة (اللى على راسه بطحة) لينفى مسئوليته ويؤكد أنه يدين الإرهاب بكل صوره وأشكاله!. سمعت محللين أمريكيين لا يستبعدون أن تكون أحداث بوسطن محلية من فعل جماعات يمينية متطرفة تعادى السود والرئيس باراك أوباما، وسمعت بعضهم يقول إنها ربما يكون لها صلة بالكوريين الشماليين خصوصا أنهم لا يستبعدون هذا، حتى إن هوليوود أنتجت فيلما -لا يزال معروضا فى السينما حاليا- باسم (Olympus Has Fallen) يدور حول انتقام كوريا الشمالية من أمريكا بإرسال قوات خاصة هاجمت البيت الأبيض وأسرت الرئيس الأمريكى وسعت لتفجير صواريخ أمريكا النووية فوق أراضيها.. ومع هذا لا يزال البعض عندنا لديه عقدة من أحداث 11 سبتمبر!. مدينة بوسطن شهدت تفجيرين فقط، قتل فيهما ثلاثة فقط وأصيب 100.. وتزامن معها (فى العراق) انفجار 26 سيارة مفخخة و16 عبوة ناسفة ولاصقة دفعة واحدة، بخلاف أربع هجمات أخرى مختلفة، أدت إلى مقتل 50 عراقيا وجرح نحو 300 أغلبهم من المدنيين فى 8 محافظات، ومع هذا لم ير إعلام العالم الأعور إلا تفجيرات أمريكا، وظلت الفضائيات تنفخ فيها وتحاور خبراء الإرهاب طوال الليل دون أن تشير أصلا لتفجيرات العراق، مع أنه قتل فيها 50 نفسا!!. ذكرتنى هذه الدراما السوداء التى وقعت فيها الفضائيات العربية وهى تغطى تفجير بوسطن، والسعى لجلد الذات والتلميح لمسئولية العرب والمسلمين بفيلم "اسمى خان" الذى أبدعت بإنتاجه السينما الهندية باسم "My Name Is Khan, and I'm not a terrorist".. فهذا الفيلم كان صرخة ألم وغضب تجاه أمريكا والغرب تذكرهم بأن المسلمين ليسوا إرهابيين، وأنه إذا كان هناك مسلم أخطأ فهذا لا يعنى أن كل مسلم إرهابى أو أن الإسلام يجيز ما فعله، وأن هناك آلاف الإرهابيين أيضا من الأمريكان والأوروبيين ومن المسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين وغيرهم. فى هذا الفيلم الرائع المبكى الذى صور وجيعة المسلمين من عنصرية الغرب، لخصت زوجة هندوسية تزوجها الشباب المسلم (خان)- الذى يعانى من مرض التوحد (متلازمة الاسبرجر) الذى يجعله مبدعا ولكنه لا يجيد التواصل مع الناس– مشكلة المسلمين فى الغرب بعد تفجيرات 11 سبتمبر، عندما قالت لزوجها بعدما قتل أمريكيون متطرفون ابنها لأن أباه مسلم: "لقد قتلوا ابنى لأنى تزوجت من مسلم اسمه "خان"، وإذا أردت أن تعود لى فاذهب إلى سكان ولاية كاليفورنيا الذين يكرهونك.. لا، بل اذهب لأمريكا كلها .. اذهب لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية وقل له: "أنا اسمى خان، وأنا مسلم ولست إرهابيا، وابنى "سمير" الذى قتل ليس إرهابيا"!. وبالفعل رحل زوجها المسلم "رضوان خان" وسافر لكل المدن الأمريكية وتتبع زيارات الرئيس الأمريكى لكل الولايات كى يتمكن من أن يقول له هذه العبارة: (أنا اسمى خان، وأنا مسلم ولست إرهابيا)، وبينما هو يطوف الولايات ليقول هذا، نشر ببساطة المسلم الورع بين الأمريكان حقيقة الإسلام من خلال الممارسة والقدوة الحسنة.. لا الكلام!. فهو يبادر لإنقاذ أسر مسيحية من خطر الفيضان، ويشاركهم فى كنائسهم الصلاة على أبنائهم الذين فقدوا فى حروب العراق وأفغانستان قائلا: (إنا لله وإنا إليه راجعون).. ويصلح السيارات المتعطلة.. ويبنى المنازل التى هدمها الفيضان قبل أن يتحرك حكام الولايات والرئاسة الأمريكية لنجدتها، ويصلى فى الشارع عندما يحين موعد الصلاة غير عابئ بمسلمين آخرين يُخفون صلاتهم خوفا من البطش بهم!. وعندما تتاح له فرصة الوقوف بين الجمهور الأمريكى الذى ينتظر الرئيس السابق بوش كى يقول له ما طلبته منه زوجته، ويردد عبارة: (سيدى الرئيس.. أنا اسمى خان.. أنا مسلم ولست إرهابيا) لا تلتقط آذان حراس بوش سوى عبارة (إرهابى) فيهجمون عليه ويسوقونه للسجن ويعذبونه بقسوة وهو عارٍ.. ولا يرحمون مرضه النفسى، ويخشى فريق تلفزيونى صوّر الحقيقة نشْر ما صوره، كما يخشى مذيع آخر بقناة فضائية نشر الفيديو الذى يظهر الحقيقة، حتى يبهرهم أداء (رضوان خان) وسلوكه المتسامح رغم تعذيبه، عندما يشارك الأمريكيين بناء ما تهدم من منازلهم فى الفيضان أو وهو يبلغ الشرطة عن مسلم آخر متطرف يحرض على العنف وقتل الأمريكان.. حينئذ ينشرون الحقيقة وتعترف الصحف والفضائيات أنه مسلم صالح ونموذج يفتقر له العالم كله!. ومع هذا يظل (خان) ساعيا وراء ركب الرئيس الأمريكى الجديد (أوباما) ليقول له العبارة نفسها التى قالتها له زوجته، حتى يقابله أخيرا فى أحد اللقاءات الجماهيرية فيقول له بأعلى صوته: (سيدى الرئيس.. أنا اسمى خان.. أنا مسلم ولست إرهابيا).. ويرد عليه الرئيس الأمريكى أخيرا: "نعم.. أعرف"، فهل يعرف أوباما فعلا هذا بعد تفجيرات بوسطن؟ وهل تعرف الصحف والفضائيات الغربية هذا؟ وهل تعرف فضائياتنا العربية الفاشلة التى تبادر لاتهام المسلمين ظلما، بدعاوى أن (القاعدة) ربما فعلت هذا؟! "رضوان خان" الهندى المسلم نجح رغم مرضه النفسى فى المساهمة فى تغيير نظرة العالم إلى الإسلام والمسلمين بفيلم واحد.. وفضائياتنا الفاشلة (دينية أو علمانية) تنفق المليارات ولكنها لا تجلب لنا إلا الفشل وجلد الذات!