لابد أن أقابل الرئيس الأمريكي حتي أقول له " اسمي خان ولست إرهابيا "جاءت هذه العبارة علي لسان الممثل الهندي العملاق شاروخان بطل الفيلم العالمي"MY NAME IS KHAN" الفيلم يناقش قضايا الإرهاب والإسلام والإعاقة والتفرقة العنصرية .. فيلم أمريكي بنكهة هندية امتزجت جدية الفكرة ورصانتها بمنظومة سينمائية متكاملة استطاعت أن تصنع فيلما يمكن أن نصفه بأنه فيلم "كبير". رزفان خان شاب هندي مسلم يعاني من مرض التوحد لكنه يتسم بالذكاء الشديد ، طفولته كمعظم الهنود بسيطة ومثيرة حيث شهد العديد من المصادمات العنيفة والدامية بين الهندوس والمسلمين ، كانت الهتافات والشعارات التي يرفعها كل طرف ضد الطرف الآخر قد حفرت في ذهن الطفل الصغير الذي كان يردد بعضها دون أن يفهم معناها ، سمعته أمه وهو يقول " الموت للهندوس .. تبا لهم .. عليهم اللعنة " انزعجت كثيرا وقالت لصغيرها " يا حبيبي الناس نوعان .. أخيار يعملون الخير وأشرار يعملون الشر ولا فرق بين جميع الأخيار بصرف النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم وكذلك الأشرار ، قامت الأم برسم أربعة أشخاص لا فرق بينهم علي الإطلاق لكن واحدا يساعد والثاني يضرب .. أحدهما يصنع الخير فهو خير والثاني يصنع الشر فهو شرير ، لا فرق إلا بالعمل ولا يجب أن نحكم علي الناس من خلال دينهم أو عرقهم أو لونهم فقط نستطيع ذلك من خلال أعمالهم وأفعالهم لا أقوالهم ونواياهم ، هاجر " خان " الي أمريكا وتعرف علي مانديرا الهندوسية المطلقة التي تعيش مع طفلها الوحيد سام أو سمير وأحبها ثم تزوجها بعد سلسلة من المواقف الرومانسية التي يغلب عليها القالب الكوميدي الهادف عاش خان ومانديرا وسام حياة جميلة هادئة واندمجوا داخل المجتمع الأمريكي وكان الحب والاحترام هو السمة الغالبة بين الجميع ، " خان " مسلم يعتز بإسلامه ويواظب علي إقامة الصلوات في أوقاتها ويمارس كل العبادات الإسلامية دون أدني مضايقات ، مانديرا تمارس عباداتها الهندوسية بحرية ودون تدخل من زوجها المسلم ، غيرت اسمها الي مانديرا خان وكذلك ابنها الي سمير خان واستمرت علي ديانتها الهندوسية ، وقعت أحداث 11 سبتمبر وانقلبت الدنيا رأسا علي عقب ، بدا المجتمع الأمريكي ينظر الي المسلمين علي أنهم مجموعة من الإرهابيين القتلة مصاصي الدماء ، كانت أسرة خان قد بدأت تشعر بالاختناق من تلك المعاملة الامريكية العنصرية لكل ما هو مسلم ، وكانت نقطة التحول التراجيدية في الفيلم مقتل سمير ابن مانديرا علي أيدي مجموعة من أقرانه الأمريكيين البيض وكانت جريمته أنه يحمل اسم " سمير خان " قتلوه في ملعب لكرة القدم قتلوه ركلا بالأقدام قتلوه دون ذنب أو جريرة ، كانت مأساة حقيقية هزت وجدان الجميع وكان رد فعل الأم المكلومة شيئًا لا تسعفنا الكلمات في وصفه ، اختزلت الأم المكلومة أحزانها في توجيه الاتهام لزوجها المسلم " خان " في أنه السبب ! قالت له " لو لم نتزوج ما كان سمير قد قتل " إنه قتل بسببك لأنك مسلم كانت تطالبه بمغادرة المنزل والرحيل بعيدا عنها وهي تبكي وتنتحب في هذه اللحظة يسألها بكل براءة وبلاهة (متي يمكنني أن أعود ؟) لتفاجأ هي بالسؤال وتهزأ به وتتهكم صارخة في وجهه تعود! تعود! يمكنك أن تعود عندما تخبر الجميع بأنك مسلم واسمك خان ولست إرهابيا ، اذهب الي الجميع فردا فردا واخبرهم بأنك لست إرهابيا ، اذهب الي رئيس أمريكا وقل له أنا اسمي خان ولست إرهابيا ، أخذ " خان " الموضوع موضع الجد وبدأ رحلة مقابلة الرئيس الأمريكي عبر سلسلة من المواقف الصعبة والعنصرية التي تعرض لها الرجل ، لكنه استطاع - وهذه هي رسالة الفيلم - رغم اعاقته أن يصنع المستحيل لا لشيء إلا لفهمه العميق والصحيح لمعاني الإسلام الذي لا يعرف إلا التسامح الحقيقي ، لا يعرف العنف ولا القتل ، استطاع الرجل مقابلة الرئيس باراك أوباما ليقول له "اسمي خان ولست إرهابيا" . يقول بطل الفيلم شاروخان في إحدي المقابلات الصحفية هناك رسالتان للفيلم .. وهما انك ليس من الضروي ان تكون استثنائيا لتقدم أشياء استثنائية ، وبعبارة اخري: يمكن ان تكون اقل من العادي لتقوم بأشياء مفيدة لمن يحيطون بك ، هذا ما يقدمه الفيلم، وايضا ليس من الضروري ان تقدم أشياء عظيمة وتتوقع انك عظيم ، فقط ابقي كما أنت، وكن صادقا مع نفسك ومن هم من حولك وتأكد بعدها ان كل شيء عظيم.. القضية الثانية هي فكرة الاسلام في الاماكن التي يوجد بها تخوف من الاسلام .. فوبيا الاسلام.. ونحن في الفيلم لا نعرض لإسلام جيد او سيئ صحيح أو خطأ انما لأن الكثير من المسلمين لم يوضحوا بالشكل الواضح ماهية او جوهر الاسلام الحقيقي. وأنا احاول من خلال الفيلم ان أوضح بأن الاسلام ليس زمرة من الذين ينتمون لإسلام يمكنهم ان يعبروا عنه ، انما الإسلام ومن خلال القرآن يؤكد ان هناك أناسًا سيئين وآخرين دون ذلك ، ان قرأت القرآن انت بالتأكيد ستعرف أن الاسلام يعترف بالأديان الاخري ، وهناك الكثير من الكلمات والمصطلحات ترجمت عن طريق الخطأ ولا تعبر عن الاسلام الحق . الفيلم ليس لبناء أي تصور عن الانسان المسلم ، لكن هو رسالة لقول أن الإسلام دين الرحمة، وكل ذاك بشعار أن الحب يفتح كل الأبواب الموصدة ، وإن كنت تري الفيلم من جوهره ستراه فيلمًا رومانسيا مليئًا بالكثير من العقبات ، ان تركت الجوهر ستجد عناوين (الإسلام -التوحد -التمييز التهميش ... ) الفيلم يحتوي علي الكثير من السمات الاسلامية ، وأنا ادعو المسلمين إلي مشاهدته .