وسط استمرار حكومة نورى المالكى فى نهج الإقصاء السياسى لمكونات المشهد السياسى العراقى المختلفة، أعلنت محافظة الأنبار- ذات الأغلبية السنية- دخولها فى عصيان مدنى منذ السبت الماضى، ردا على إصرار المالكى على تهميش المكون السنى وتأجيل الانتخابات المحلية فى نينوى والأنبار، بدعوى عدم استقرار أوضاعها الأمنية، واعتقال قوة حماية وزير المالية العيساوى، رغم الاتفاق على التهدئة بين المالكى والعيساوى. وكانت وزارة الداخلية العراقية قد اعتقلت نحو 150 من عناصر حماية وزير المالية السابق رافع العيساوى، مساء الخميس الماضى، ليصب الزيت على نار الخلافات المتصاعدة، الأمر الذى اعتبرته "القائمة العراقية" وشخصيات دينية وعشائرية "استهدافا للمكون السنى". وردت "القائمة العراقية" بزعامة إياد علاوى خلال مؤتمر صحفى أنها "ستفتح ملف قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمى، وقضايا المعتقلين فى السجون وجرائم الاغتصاب، ولن تكتفى بحل قضية حماية وزير المالية رافع العيساوى". وأعلن رئيس كتلتها فى البرلمان سلمان الجميلى خلال مؤتمر صحفى السبت الماضى أن "العراقية" لن تكتفى بحل قضية وزير المالية رافع العيساوى، بل ستضيف قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمى وكل الظلم الذى وقع عليه من خلال قرارات قضائية جائرة، مرورا بالمعتقلات العراقيات وجرائم الاغتصاب». وصدرت ضد الهاشمى الموجود حاليا فى تركيا 5 أحكام بالإعدام غيابيا. وأكد الجميلى أن كتلته "ستواصل كل فعالياتها السياسية التى كفلها الدستور لحين تحقيق مطالبها"، مبينا أن العراقية، قيادة ونوابا، فى اجتماع مستمر لتدارس الأوضاع بغرض احتواء الأزمة الحالية"، واصفا اعتقال قوة حماية العيساوى بالنهج الخاطئ والانفرادى الذى ينتهجه رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية المرتبطة به والذى أصبح يشكل تهديدًا حقيقيا للدولة" ، مشددا على "ضرورة التصدى لمنهج التفرد بالسلطة وخرق الاتفاقات السياسية والدستور". وبدأت فعاليات العصيان المدنى فى الأنبار بقطع مئات السكان للطريق الرئيسى الذى يربط العراق بالأردن وسوريا. وتجمع نحو ألفى شخص من شيوخ العشائر والعلماء وأعضاء فى مجلس الأنبار ومواطنين على الطريق الرئيسى فى الرمادى وقطعوه فى الاتجاهين بعدما أقاموا صلاة جماعية عليه، قبل أن يحولوه إلى منبر للخطابات، بينما تولت قوات من الشرطة مراقبة المتظاهرين من بعيد. ورفع بعض المحتجين العلم العراقى السابق. وشل العصيان المدنى معظم المؤسسات الحكومية فى مدينة الرمادى، مركز محافظة الأنبار، والمدن الأخرى التابعة للمحافظة. وفى مدينة الفلوجة تظاهر المئات من الأهالى مطالبين بإطلاق سراح عناصر حماية العيساوى وجميع المعتقلين الذين لم تتم إدانتهم. على صعيد آخر، تتواصل أعمال العنف والتفجيرات فى العديد من المحافظات العراقية، إثر سياسات المالكى الاقصائية ضد السنة، وتلاعب عناصر أمنية أجنبية وإقليمية فى مجريات الشارع العراقى، حيث تحاول بعض الأطراف إبقاءه فى حالة فوضى سياسية لتأمين مخططات الدعم اللوجستى لنظام بشار الساقط، لا محالة... فيما تسعى أطراف المعادلة السياسية فى العراق من سنة وأكراد لإنهاء المد الطائفى المتصاعد فى العراق عبر وقف جهود المالكى لتصفية خصومه سياسيا وتصعيد عمليات الاستهداف العنيف فى الشارع العراقى، مراهنا على الطائفية كمخرج وستار آنى للفساد السياسى الذى يستشرى فى العراق التى باتت تعانى أشد المعاناة من أزمات المياه والكهرباء والغذاء، كما وصفها للحرية والعدالة د.عبد الله الحافظ الأكاديمى والناشط السياسى العراقى.... الأمر الذى يضع العراق على المحك ويهدد بثورة طائفية تهدد عموم المنطقة العربية، ما لم يتم تدارك الموقف