ما حدث من شباب 6 إبريل عند منزل وزير الداخلية، وما حدث قبل ذلك من قبله من تجاوزات لعدد من الناشطين عند المقطم، ليس هو أكبر الخطب، على الرغم من مخالفته الأعراف والأخلاق التى نشأ وتربى عليها شعب يملك حضارة تاريخية. فهناك تجاوزات تخطت كل حدود الأخلاق، وبلغت أدنى مستويات التراجع الأخلاقى، أصبحنا نلمسها فى الشارع السياسى وبين الناس فى تواصلهم اليومى ولقاءاتهم ومنتدياتهم. هناك تغير جديد طرأ على نسبة ليست قليلة وعدد ليس محدودا من أبناء الوطن، تراجعت لديهم قيم أصيلة ومبادئ كانت تمثل ثابتا لا يقبل التغيير، وأصلا لا يحتمل التنصل. ولا أتصور أنك فى حاجة إلى جهد كبير حتى تكتشف ما أقول، وأن تدرك ما أقصد، أو تتعرف على ما أريد، فأنت فى حلك وترحالك تجد مزيدا من الخطوط التى كانت إلى يوم قريب حمراء باتت قريبة المنال منتهكة بجدارة. المشكلة اليوم ليست فى إثبات الأمر، ولكن فى البحث العاجل عن الحل الناجز والسريع لهذه الأزمة الأخلاقية التى تظهر آثارها على المشهد السياسى والاجتماعى، وعلى معاملات الناس فى الأسواق والمنتديات ووسائل المواصلات. ما أراه أن جهد العلماء والدعاة يحتاج إلى مراجعة، وجهد المربين والمصلحين يحتاج إلى مزيد من المضاعفة؛ للتصدى لعمليات الانهيار الكامل والتدنى فى مجال الأخلاق. ما كنت أتصوره أنه بعدما قضت الثورة على رأس الفساد وخلعت حواجز القهر التى كانت تعيق العلماء وتعرقل الدعاة عن مقصدهم؛ سيظهر الأثر سريعا على المجتمع فتتحسن الأخلاق وينتشر الوعى بحفظ اللسان وطيب الكلام. إلا أن ما حدث جاء –على ما أحسب– على غير ما توقعت وعلى خلاف ما تصورت، إذ تراجعت كثير من القيم، وسادت فى التعاملات بين الناس بذاءات لم نكن نسمع عنها، ولم نكن نتخيل أن تتصدر المشهد. أتصور أن على الدعاة واجبا لا يعفيهم منه الانشغال بأى شاغل، وهو ترسيخ الأخلاق والابتكار فى وسائل التواصل مع الناس؛ لإعادة ما فقدناه واسترداد ما ضاع من القيم. نحن نريد خطابا للناس مشمولا بكل صور التذكير وكل وسائل التعبير بأصولنا الأخلاقية وثوابتنا القيمية، التى لا بديل عن التمسك بها، وبذل الجهد فى نشرها واستنهاض العزائم لعودتها إلى شارعنا من جديد.