«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا كسبت السياسة وماذا خسرت الدعوة بوصول الإسلاميين إلى الحگم
عام ونصف على الثورة.. ويبقى السؤال:دعوة أم سياسة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 09 - 2012

منذ النشأة الأولى للحركات الإسلامية المؤسسية صارت مسألة الخلط بين الجانبين الدعوى والسياسى، أعقد مشكلة تواجه الفكر الحركى الإسلامى، على اختلاف التوجهات والمسميات التى أطلقت على هذه الحركات. ومنذ النشأة الأولى حتى الآن رغم كل التطورات والتحولات التى دخلت على الحركات الإسلامية وتبدل الظروف السياسية، لم يختلف الأمر مهما تغيرت الظروف من قمع ومطاردات أمنية، قبل أن تفرض ثورات الربيع العربى واقعا جديدا بوصول الإسلاميين للحكم فيها فى المراحل الحاضرة.

فأين تلتقى الدعوة باعتبارها خطابا دينيا فى الأساس يصل إلى الناس جميعا، يستهدف تغيير القيم الثقافية والمجتمعية وتجويد علاقة الإنسان بخالقه، مع السياسة التنافسية باعتبارها خطابا تعبويا، لبرنامج معين، يستهدف الوصول إلى مراكز صنع القرار والتأثير فيها وعليها، مع رفض غيره من الخطابات السياسية الأخرى. «الشروق» تستعرض نتائج خلط المسارين الدعوى والسياسى، بعد مرور أكثر عام ونصف على ثورة 25 يناير، وسيطرة تيارات الإسلام السياسى، إخوانا وسلفيين، على الاستحقاقات الانتخابية التى جرت فى مصر بعد الثورة، وتحاول الإجابة عن السؤال الصعب، «بين السياسة والدعوة: من يقود التأثير فى الآخر وكيف؟».

هشام جعفر: الإسلاميون فشلوا فى تقديم نموذج أخلاقى للعمل السياسى التنافسى

• التيار الإسلامى بحاجة إلى تغيير قيمى وثقافى عميق وفق الهدف الرئيسى للدعوات

رصد هشام جعفر، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، ما أطلق عليه ملاحظات على الانخراط المتزايد للفصائل الإسلامية فى العمل السياسى التنافسى، الذى ألقى بظلاله على العمل الدعوى، بانشغال أعضاء التنظيم سواء فى جماعة الإخوان أو الدعوة السلفية بالعمل السياسى فى المقام الأول، عن العمل الدعوى، وهو ما أسهم فى تشويش آرائهم أمام الجمهور، خاصة أنهم مارسوا العمل السياسى التنافسى، بما فيه من تشويه أخلاقى، ليفشلوا فى تقديم نموذج تنافسى أخلاقى، يمكن القياس عليه.

ونظر جعفر، إلى نجاح التيارات الإسلامية المتتالية فى الاستحقاقات الانتخابية التى خاضتها مصر عقب الثورة، على أنه مجرد تغيير انتخابى، وليس تغييرا ثقافيا ورمزيا، مرتبطا بالأخلاق والمجتمع، خاصة وأن الهدف الرئيس للدعوات هو تغيير قيم وثقافات المجتمعات، وهو جوهر المشروع الإسلامى، الذى ينظر إلى العمل السياسى على أنه أداة من أدوات التغيير، مدللا بتحول كبير فى حجم ما يصرح به جموع كبيرة من الناس تجاه تيارات الإسلام السياسى، وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، ما يمثل تراجعا سلبيا فى القوة الرمزية للجماعة التى تمثل لها الدعوة مكونا أساسيا متعلقا بالبناء التنظيمى للجماعة، وأساليبها فى التربية، ملخصا المشهد برمته بأن الجماعة كسبت السلطة السياسية وخسرت قيمتها الرمزية.

واعتبر جعفر أن أبرز ما أظهرته الثورة هو حاجة التيار الإسلامى إلى تغيير قيمى وثقافى عميق، فى ظل الأزمة التى يتعرض لها الخطاب الدينى عموما، الإسلامى والمسيحى، وهو ما تحملت عبأه المؤسسات الدعوية، التى ترتب طوال الوقت على مناهج الصبر على الابتلاء وثقافة المحن والعذابات، قبل أن تتحرك فى سياق جديد ليس عليها فقط، بل وعلى الجميع بعد الثورة، وهو ما يحتاج إلى خطاب وممارسات دعوية وتربوية، جديدة، تناسب السياق الجديد.

ورأى الباحث فى الحركات الإسلامية، أن التوجهات الاستراتيجية داخل الحركات الإسلامية ينبغى أن تتحول ناحية استيعاب التطور الذى جرى، ومحاولة مسايرته ومجاراته، خاصة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهو التغيير «الأكثر راديكالية»، بنص تعبيره. وأثنى جعفر على تجربة الجماعة الإسلامية التى تنبهت مبكرا إلى ضرورة فصل مسارات عملها الدعوى والسياسى والاجتماعى، عن بعضها البعض، بإنشاء مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الدعوية والاجتماعية، إلى جانب حزب البناء والتنمية، وهى ملاحظة التقطتها الجماعة مبكرا وسريعا.

مسئول بالدعوة السلفية: المسار السياسى غلب الدعوى وسنفصل بينهما قريبًا
• عبدالخالق الشريف: السياسة أدت رسالة دعوية عالية جدا لأنها جزء من الدين
• ناشط إخوانى: انتهينا من مرحلة العلاقات العامة ودخلنا فى طور الدولة المسلمة
بينما اعترف أحد مسئولى الدعوة السلفية، بطغيان المسار السياسى على المسار الدعوى بعد الثورة، معتبرا أن النتائج المتحققة بعد انتهاء عصر المطاردات والملاحقات الأمنية لم تكن بحسب حجم الآمال والطموحات، ذهب مسئول لجنة نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين إلى أن المسار السياسى للجماعة أثرى بشكل إيجابى الجوانب الدعوية، معددا بعض الإيجابيات.

وأبدى الشيخ عبدالخالق الشريف، مسئول قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين، احترامه لكل وجهات النظر المطروحة، مستدركا غالبا أى إنسان عندما يتكلم، ربما يتكلم من وجهة نظر معينة، أو بزاوية هو رآها، أو من خلال مواقف معينة، لكنها لا تمثل الرؤية كاملة.

وقال الشريف، إن التربية الإسلامية تعتبر السياسة جزءا من الدين، وحينما يوفق الله ويحدث فى مصر ما حدث من ثورة وما تلاها وصولا إلى رئيس ينطق بملء الفم: «أنا خادم عند الأمة وأجير عندها»، وما سبقه وما صحبه من دعاية انتخابية أدت رسالة دعوية عالية جدا، إذا كان الشخص يسمع عشرة أفراد، نتاج التحرك الدعوى السياسى أصبح يسمع ملايين، هذا جزء كبير من أجزاء الدعوة، لا نستطيع أن نفصل الدعوة عن السياسية، وإلا لا نسير على المنهج الذى ارتضته جماعة الإخوان، بأن السياسة جزء من الدين.

والإيجابية الثانية بحسب الشريف أن الدعاية الانتخابية لم تكن دعاية انتخابية محضة، بل إنها دعاية انتخابية لمشروع النهضة، شملت ضمنت ما شملت مؤتمرات لإعداد الدعاة حضرها آلاف الشيوخ والدعاة والوعاظ.


السلفيون انخرطوا فى السياسة داخل حزب النور - تصوير : على هزاع
وأضاف الشريف، إن رؤية الأحداث من زاوية غلبة السياسة على الدعوة، لا تنقل الصورة كاملة، لأن كل ما يقوم به دعاة الإخوان من الوعاظ والدعاة على التليفزيون والفضائيات دعوة، وفى وسط كل الزخم الانتخابى والمؤتمرات والمسيرات الانتخابية، كان المرشد يدعو الإخوان إلى التزام المساجد والصلوات الخمس، وأن يختلطوا باهل المساجد، وهو ما وضح وتجلى فى صلاة العيد والاعتكاف فى رمضان وغيرها.

ووصف مسئول قسم نشر الدعوة بالجماعة، أن تفلت أفراد الدعوة الفردية من الجماعة بسبب الجدل السياسى، حدث ربما يكون شخصيا من بين آلاف الأفراد، خاصة وأن الجدل السياسى كان جدلا عاما اشترك فيه المجتمع بأكمله، كما أنه لا يجوز للداعية ألا يعيش حياة المجتمع لأن دعوة الإسلام ليست كهنوتية، فالنبى الكريم حينما حوصر فى شعب أبو طالب، راقب الحرب العالمية بين الفرس والروم، حتى نزل القرآن أن أهل الكتاب سينتصرون على عباد النار.

أما الدكتور هشام أبو النصر، أمين عام حزب النور السلفى بالجيزة سابقا، فذهب إلى أن الدعوة السلفية أو غيرها من الحركات الإسلامية دورهم الدعوى بعد الثورة «غير جيد» نتيجة تراجع الأعمال الدعوية، والاهتمام بتحصيل العلم، وإهمال دور المسجد، ما جعل الدعوة مقطعة الأوصال، عكس ما كان منتظرا ومتصورا بعد الثورة، من أن المساجد ستتحول لخلايا نحل للصائمين والقائمين والركع السجود، بعد التخلص من كابوس الملاحقات الأمنية، التى منعت بعض الشيوخ والدعاة، من الانتقال من محافظة إلى محافظة أخرى، وأحيانا من الصلاة فى مسجد بعينه.

وأضاف أبو النصر، إن التفكير فى إنشاء حزب بالنسبة للدعوة السلفية جاء، بعد دراسة فقه المرحلة، وفقه الوقت، تخوفا من انهيار الدعوة، أو عودة الضغوط الأمنية مرة أخرى بأى شكل من الأشكال مستقبلا فاستقر الأمر على إنشاء «ذراع سياسية» للدعوة تكون مظلة شرعية تستظل بها الدعوة، لتقديم مفاهيم السلفية الحقيقية، بعيدا عن تشويهات الأجهزة الأمنية، التى رسبت الخوف فى نفوس المواطنين من أنصار التيار السلفى، وهو الطرح الذى فكر فيه سلفيو الجيزة أولا.

واعترف المتحدث الرسمى باسم مجلس إدارة الدعوة السلفية فى الجيزة، بغلبة المسار السياسى على المسار الدعوى، مستدركا أن الفترة المقبلة ستشهد فصلا بين المسارين السياسى والدعوى، بعد أن اتفق الدعاة أن فصيلا من بين أبناء الدعوة السلفية، المنظمين وغير المنظمين، وعددهم كبير جدا، سيعمل فى السياسة، حتى لا تتحمل الدعوة أعباء التجاذبات والمشاحنات السياسية، مثل بعض التصرفات المسيئة لبعض نواب الحزب فى البرلمان.

وطالب أبو النصر باجتماع جميع المصريين، السلفيين والإخوانيين والليبراليين، والعلمانيين على قلب رجل واحد، وفريق واحد يعمل لمصلحة الأمة، انطلاقا من تجربة شخصية له بالاجتماع مع شباب يسمى نفسه بالعلمانى، لكن بعد الجلوس معه اتضح أنه مسلم «زى الفل» قبل أن يعود ليؤكد أن على الدعاة والشيوخ والعلماء العودة إلى ممارسة دورهم فى الدعوة إلى الله عز وجل، مناشدا وزير الأوقاف تهيئة الأجواء المناسبة لهم.

فيما أضاف الدكتور يوسف طلعت، أحد نشطاء جماعة الإخوان المسلمين إن العمل السياسى أثرى الدعوة بشكل كبير وساهم فى ازدهارها وليس العكس، معتبرا أن هيمنة المسارات السياسية على الدعوية أمر طبيعى فى الوقت الراهن، لكنها وفقا لمنظور جماعة الإخوان المسلمين فالمسارات كلها تتلاقى ولا تنفصل، لأن العمل السياسى جزء ومكون رئيسى من مكونات العمل الدعوى.

واعتبر طلعت، أن وجود رئيس إخوانى، على رأس الهرم السياسى لمصر، ووجود وزراء إخوان فى الحكومة الحالية أمر دعوى فى المقام الأول، وفقا لظروف ومعطيات الواقع السياسى لمصر بعد الثورة وما يسميه الإخوان «واجب الوقت الذى فرض زخم العمل السياسى على جوانب البر والتربية، قبل أن يعود ويؤكد أن أكبر المكاسب التى حققتها الدعوة، هو نضج التجارب السياسية للعمل الإسلامى.

ولفت الناشط الإخوانى إلى ما أسماه انتهاء الإخوان المسلمين من «مرحلة العلاقات العامة، إلى بداية طور جديد فى أطوار الدولة المسلمة» ستظهر فيه نتائج التربية التى مارسها الإخوان على مدار 80 سنة، هى تاريخ الجماعة منذ نشأتها، خاصة وأن الجماعة حققت فى مرحلة ما بعد الثورة، نجاحات تفوق ما حققته خلال تاريخها كله.

الدعوة الفردية

الدعوة الفردية، الرافد الأول لتغذية جماعة الإخوان المسلمين بالأفراد الجدد، وتعنى بها الجماعة كثيرا، لدرجة أنه يتم عقد دورات ولقاءات خاصة لتدريب الكوادر عليها وتجاوز العقبات التى تقف فى طريقهم.

يستهدف الفرد الإخوانى، ما لا يقل عن 12 دعوة فردية على مدى العام، كحد أدنى لنشاطه، وفق معايير موضوعية لاختيار العضو الجديد للجماعة، تعليميا وثقافيا واجتماعيا وماديا.

تستهدف الدعوة الفردية إيصال فرد آخر لمرحلة معينة، سواء كانت هذه المرحلة مرحلة فكرية «توصيل مفاهيم وأفكار» أو مرحلة تربوية «القيام بسلوكيات تربوية معينة».

وقسم المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين مصطفى مشهور، مراحل الدعوة الفردية إلى سبع مراحل، تبدأ بالاختيار والتعارف، وتنتهى بوجوب العمل الجماعى، واختيار الجماعة، مرورا بإيقاظ الإيمان المخدر، ومساعدة المدعو على طاعة الله، والتحلى بالأخلاق الإسلامية، ومفاهيم شمولية الإسلام لجميع مناحى الحياة وعدم قصره على العبادات، وشرح واقع المسلمين اليوم.

الربط العام

الربط العام، هو الرافد المبدئى والحيوى لمراحل الدعوة، قبل الدعوة الفردية وما يتلوها من مراحل بداخل الصف، وظيفته المساهمة فى تكوين الرأى العام المؤيد لمواقف الجماعة والالتفاف المجتمعى حوله.

يستهدف التغلغل بداخل المجتمع وفرز الشخصيات القوية والمؤثره فيه، والعمل معها والتأثير عليها وربطها بمواقف الإخوان والتفاعل معها، بالإضافة إلى أنه محضن التدريب التربوى الأولى لأفراد الصف، والذى يُفْرَزُ من خلاله رجال الدعوة التى تتحمل الأعباء التربوية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها من رموز هامة تنطلق بها الجماعة فى وسط الجماهير أو بداخل الصف نفسه.
النشرتى: السياسة «استهلكت» جهد قواعد الإخوان بعد الثورة
•الفقى: طلاب الإخوان خسروا 50% من الدعوة الفردية بسبب أزمة ترشيح «أبوالفتوح الشاطر»
• وهدان: انتهاء عصر المطاردات الأمنية و«ماراثون» الانتخابات أصابا الدعوة بضعف لحظى

اتفق ثلاثة من قواد العمل الطلابى لجماعة الإخوان المسلمين، وناشط سلفى على أن خلط المسارين الدعوى والسياسى، أربك على مدى ال20 شهرا، الخطط الدعوية للعمل الإخوانى والسلفى، محملين المسئولية فى المقام الأول لمكتب الإرشاد لاهتمامه الأكبر بالجانب السياسى، وقواعد الجماعة التى لم تستطع الفصل بين المسارين.

أحمد سمير النشرتى، المتحدث الإعلامى باسم طلاب الإخوان فى جامعة القاهرة، ذهب إلى أن قواعد الإخوان استهلكوا فى دوامة العمل السياسى بعد الثورة، وما شهدته المرحلة الفائتة من استحقاقات انتخابية، استنفر فيها القواعد الإخوانية فى المسارين السياسى والحزبى، على حساب المسار الدعوية.

وأشرك النشرتى، مكتب الإرشاد وقواعد الجماعة فى تحمل المسئولية، الأول بإعطائه العمل السياسى وزنا نسبيا أكبر، ليس فقط من العمل الدعوى وإنما من العمل الخيرى والاجتماعى، وأوجه البر، فيما تتحمل القواعد مسئولية عدم استطاعتها الفصل بين الأدوار جميعها، لتنجرف جميعا وفق توجه الإرشاد النسبى.

واعترف القيادى الطلابى باستنزاف العمل الحركى لمجهود الفرد الإخوانى كله، بحيث لم يعد الوقت يسمح بانتظام الأسر فى لقاءاتها، وهو ما حاولت بعض المناطق الإخوانية التغلب عليه بإسقاط الجانب التربوى على العمل الحركى فى التحركات الجماهيرية والعمل الجماهيرى فى الشارع، بغرس قيم إنكار الذات وقبول الآخر، بالإضافة إلى مفاهيم الإخلاص وتجديد النية، والمفاهيم التربوية الأخرى.

واعترف عبدالله صلاح الفقى، المسئول السابق للعمل العام فى المدينة الجامعية بالقاهرة، بأن الدعوة الفردية، وهى الرافد الأول فى دعوة الإخوان المسلمين، أهملت بشكل كبير لصالح العمل السياسى، وهو ما تسبب فى سقوط الدعوة الفردية فى الجامعة «الحاضنة الأولى» للعمل الإخوانى بشكل كبير، بسبب أن القرار السياسى للإخوان انعكس بالسلب على الجهود الدعوية، لتصبح الصورة النهائية للدعوة الفردية بمثابة استقطاب أفراد لصالح تنظيم سياسى، انحرافا عن مهمتها الأساسية بالعمل فى المساجد.

الرئيس مرسى - عبد المنعم ابو الفتوح
وضرب الفقى، المثل بترشيح الجماعة المهندس خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية قبل استبعاده بقرار من اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، بعد قرار مجلس شورى الجماعة ب«زوال عضوية» الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح منها لترشحه للرئاسة، وهو ما تسبب فى تفلت الأفراد المستقطبين للدعوة الفردية ومحيط «الربط العام» بنسبة قدرها الفقى لا تقل عن 50%، منهم من كان مقبلا جدا على الإخوان كدعوة، قبل أن يبتعد بسبب أزمة أبوالفتوح، بعد أن كانوا قريبين جدا من منهج الجماعة، بسبب القرارات التى أفقدت الجماعة مصداقيتها، قبل أن تزيد النسبة مرة أخرى وتتضاعف عقب قرار مرسى، بإحالة المشير حسين طنطاوى، والفريق سامى عنان، للتقاعد، مرجعا السبب إلى «عاطفية» الشعب المصرى المميزة له، مستدركا أن الصورة ليست بهذه القتامة خارج الأوساط الطلابية، لأن «الناس الكبيرة» لا تتعامل بحماس الطلاب.

حتى من انضموا للإخوان بعد الثورة لم تكن إضافتهم قوية للجماعة نتيجة دخولهم من باب السياسية، دون أن يحظوا بأى جرعة تربوية أو إيمانية أو روحية، وهؤلاء هم «سبب المشكلات» كما وصفهم الفقى، بعد أن تسببوا فى تشويه صورة الجماعة،

أمر سلبى آخر رصده الفقى، هو تكرار ذات الوجوه ونفس الأشخاص عند تأسيس الحزب، وفى مجلس الشعب، وفى مكتب الإرشاد، وفى قوائم المحافظين، وفى مؤسسة الرئاسة، وفى المؤتمرات الانتخابية، وفى اللقاءات الدعوية، بحسب تعبير الفقى «تلات أو أربع كوادر فى كل محافظة» يقومون بأداء كل الوظائف وجميع المهام.

ولخص أحمد محمد وهدان، المتحدث باسم طلاب الإخوان فى الجمهورية، الواقع فى نقطتين، الأولى متعلقة بانتقال الإخوان من مرحلة الصوب المغلقة، والمطاردات الأمنية إلى المحاضن الواسعة والأفق غير المحسوب والعمل فى المجتمعات المفتوحة، خصوصا أن أدبيات الإخوان التربوية والدعوية، مبنية على الدعوة المغلقة، وثقافة الابتلاء والصبر على المحن والأذى، وهى فترة أصعب على الجماعة من أيام «مبارك».

النقطة الثانية، ماراثون الاستحقاقات الانتخابية المتوالية، أثر بشكل طبيعى على البناء التربوى ومظاهر التربية داخل الجماعة التى أصابها «ضعف لحظى» فى الجانب التربوى، استدركته الجماعة لاحقا بعد انتهاء الاستحقاقات، باتجاهها ناحية الصف وتطوير وسائل التربية بشكل مواكب للعصر، بتطوير الأسر، والكتائب والمخيمات والمعسكرات وأساليب أخرى للتربية، تناسب المجتمع المفتوح.

واعترف وهدان، بارتباك داخل الصف، استدعى نزول أعضاء مكتب الإرشاد، ومجلس الشورى لطلاب الجامعات، والمناطق والشعب الإخوانية، فى لقاءات أطلق عليها «توضيح الرؤية» لعرض تبريرات الجماعة وشرح وجهة نظرها، بعد عدم تفهم كثير من قواعد الجماعة للاتهامات التى لاحقتها، بالتراجع فى القرارات والالتزام بأشياء قبل فعل نقيضها.

فيما قال عضو بلجنة نشر الدعوة، بمحافظة البحيرة، شدد على عدم ذكر اسمه، إن اللجان تحولت فى الفترة الأخيرة عن هدفها الأساسى الدعوى البحت، إلى ممارسات سياسية بحتة، صاحبها سقوط أخلاقى، تأسف عليه عضو اللجنة.

وأضاف المصدر، أن السياسة طغت على الدعوة بشكل وصل بالجماعة خلال الفترة الأخيرة إلى حد أن اللافتات التى يتم تعليقها والمعتمدة على طبيعة المرحلة، كالتهنئة بدخول رمضان، أو الأعياد، لم يكن مهما مضمون اللافتة وإنما كيفية إبراز اسم الجماعة وشعارها على اللافتة، تحسبا للانتخابات.

وأضاف، أنه بحسب المنهج من المفترض أن تكون هناك كتيبة «تجمع يبدأ منذ المغرب بإفطار لأفراد الجماعة الصائمين، وتنتهى مطلع الفجر، بعد قضاء الليل فى قراءة القرآن وصلاة التهجد، والخواطر الإيمانية»، إلا أن الكتائب تحولت مؤخرا إلى صيام وسياسة.

الأسرة وهى الحاضنة الأساسية لتربية الفرد الإخوانى، غير منتظمة من بعد الثورة، وحتى إن اكتملت فكل الاهتمام منصب على الفاعليات السياسية، مع عدم الاهتمام بالمتابعة ومن حضر ومن غاب، حتى بعد رفع الأمر للمسئولين فى الجماعة جاءهم الرد، بأن السياسة جزء من العمل الدعوى، وهو ما أثر على المستوى الإيمانى والأخلاقى لأعضاء الجماعة بشكل سلبى وملحوظ كما يراه المصدر.

أحد الناشطين السلفيين اعترف أن دخول الدعوة السلفية إلى العمل السياسى أثر بشكل كبير على الجهود والأنشطة الدعوية التى تمارسها الجماعة طوال الفترة الزمنية الممتدة من بعد الثورة، قبل أن تتنبه الدعوة لخطئها وتبدأ فى إعادة هيكلة ما سمّاه «الواقع السياسى فى الدعوة السلفية» بعودة المخيمات وأسابيع العلم، واللقاءات العلمية والدروس والخطب والندوات مرة أخرى، بعد شبه توقف خلال الفترة الماضية.

ورصد أحمد الفيل، مرور الدعوة السلفية بمراحل منذ اندلاع الشرارات الأولى للثورة، أولها «التوقف المفاجئ» فى العملية الدعوية بشكل كامل، والتخبط والتردد الواضح ما بين النزول ومشاركة الجماهير فى الميادين، من عدمه، سكنت خلاله الدعوة، حتى وضحت الرؤية وأفتى مشايخها بالنزول، من خارج مدرسة الدعوة السكندرية.

وأضاف الفيل، صاحب التعليم الأزهرى، أن المرحلة الثانية هى «الشلل الواقعى» فى الدعوة السلفية الذى حدث بعد التنحى، إلى أن تم الاتفاق بين سلفيات القاهرة والإسكندرية وكفرالشيخ والدقهلية، على الترتيب الفكرى والواقعى للأحداث، مشيرا إلى أن قرار دخول الدعوة فى العمل السياسى، انطلق من موقف دفاعى بالأساس، بعد ما وصفه ب«فتنة» هجوم الإعلام على السلفيين، بحوادث قطع الأذن وهدم الأضرحة، المختلقة فى رأيه، ناسبا الفضل إلى الدكتور محمد إسماعيل المقدم، فى إعادة «هيكلة الواقع السياسى» فى الدعوة السلفية.
طلاب الإخوان يطرحون مبادرة بتقنين لجان الجماعة وفصلها ماليًا وإداريًا

• ناشط سلفى: الدعوة انتبهت لخطئها وتسعى لتكييف «الواقع السياسى»

طرح النشطاء الإخوان والسلفيون الذين استطلعت «الشروق» آراءهم فى كيفية حل الخلط بين الدعوى والسياسى، بتحويل لجان الجماعة إلى مؤسسات قانونية تنشط فى المجتمع، تنتمى للفكرة، دون التنظيم، متوقعين عودة النشاط الدعوى بعد استقرار الأوضاع السياسية للبلاد.

وطرح أحمد النشرتى تصورا لمشكلة تأثر العمل الدعوى بالعمل السياسى، بتحويل لجان الجماعة، وأقسامها، إلى مؤسسات قانونية تنطلق إلى العمل المجتمعى، يكون ولاؤها للفكرة وليس للتنظيم، اعتمادا على استقطاب كوادر وأفراد جديدة للمؤسسات من البيئة الحاضنة للجماعة على أن تحافظ الجماعة على كوادرها الدعوية فى مهمتها، دون استنزافها.

واتفق معه أحمد وهدان فى ضرورة تخطيط المؤسسات المنبثقة من رحم الجماعة، وفصلها فصلا إداريا وماليا تاما، بعد فترة انتقالية، كما جرى فى التجارب المشابهة فى المغرب وفى فلسطين، حيث تضم حركة حماس كل التنظيم الإخوانى داخلها، بالإضافة إلى المقاومين من المؤمنين بفكرها الجهادى، دون أن يكونوا أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، مستدركا، أن هذا الفصل المنشود بدأ تطبيقه على مستوى الوحدات الحزبية والمناطق الإخوانية، وسيصل إلى المستويات العليا فى الحزب والجماعة.


المطالبة بتطبيق الشريعة تغلبت على العمل الدعوى بعد الثورة - تصوير : ايمان هلال


فيما توقع عبدالله الفقى، عودة المسار الدعوى لجماعة الإخوان المسلمين إلى طبيعته الأولى خلال شهرين على الأكثر بعد استقرار الأوضاع السياسية فى البلاد، مشددا على ضرورة أن تهتم الجماعة، بالأسر التربوية، ومضاعفة الجرعات المجتمعية، والصبر على المخالفين، وتقبل الآخر، وتربية الأفراد، وإيقاظ المجتمع، وتفعيل دور المسجد، كما هو موجود فى أدبيات الجماعة الأولى.

فيما ذهب الناشط السلفى، أحمد الفيل إلى أن الدعوة بدأت منذ أربع أشهر، بإعادة الهيكلة مرة أخرى، وترشيد العمل السياسى، الذى بدأ يقتصر على رموز معينة، واجتماعات يحضرها مختصون، وفى ذات الوقت إعادة المخيمات والدورات واللقاءات العلمية، وزيادة العمل الدعوى بجميع صوره مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.