تعرف على سعر الذهب اليوم الأحد    الجيش الأمريكي يعلن تدمير طائرة مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر    عشرات آلاف الإسرائيليين يتظاهرون من أجل التوصل لإتفاق لإطلاق سراح المحتجزين    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تشن غارةً جويةً جنوب لبنان    بعد فوز ريال مدريد.. كم بطولة يحتاجها الأهلى ليصبح الأكثر تتويجا بالبطولات؟    شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. توقعات الطقس اليوم    مواعيد القطارات اليوم الأحد على خطوط السكك الحديد    نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 الترم الثاني محافظة الفيوم برقم الجلوس أو الاسم عبر بوابة الفجر وموقع وزارة التربية والتعليم    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    وزير التموين: طالبت بزيادة السكر التمويني من 12.6 إلى 18 جنيها    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    المصيلحي يكشف سبب حذف 20 مليون بطاقة تموينية وعدم إضافة المواليد    أول تعليق من كريس إيفانز عن صورة توقيعه على صاروخ إسرائيلي متجه ل غزة (صور)    11 تصريحا من وزير التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ماذا قال؟    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    زوجته الأولى ماتت بأزمة قلبية.. مفاجأة جديدة بشأن سفاح التجمع    الرابعة من نوعها.. نتنياهو يقبل دعوة لإلقاء كلمة أمام «الكونجرس» الأمريكي    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا كسبت السياسة وماذا خسرت الدعوة بوصول الإسلاميين إلى الحگم
عام ونصف على الثورة.. ويبقى السؤال:دعوة أم سياسة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 09 - 2012

منذ النشأة الأولى للحركات الإسلامية المؤسسية صارت مسألة الخلط بين الجانبين الدعوى والسياسى، أعقد مشكلة تواجه الفكر الحركى الإسلامى، على اختلاف التوجهات والمسميات التى أطلقت على هذه الحركات. ومنذ النشأة الأولى حتى الآن رغم كل التطورات والتحولات التى دخلت على الحركات الإسلامية وتبدل الظروف السياسية، لم يختلف الأمر مهما تغيرت الظروف من قمع ومطاردات أمنية، قبل أن تفرض ثورات الربيع العربى واقعا جديدا بوصول الإسلاميين للحكم فيها فى المراحل الحاضرة.

فأين تلتقى الدعوة باعتبارها خطابا دينيا فى الأساس يصل إلى الناس جميعا، يستهدف تغيير القيم الثقافية والمجتمعية وتجويد علاقة الإنسان بخالقه، مع السياسة التنافسية باعتبارها خطابا تعبويا، لبرنامج معين، يستهدف الوصول إلى مراكز صنع القرار والتأثير فيها وعليها، مع رفض غيره من الخطابات السياسية الأخرى. «الشروق» تستعرض نتائج خلط المسارين الدعوى والسياسى، بعد مرور أكثر عام ونصف على ثورة 25 يناير، وسيطرة تيارات الإسلام السياسى، إخوانا وسلفيين، على الاستحقاقات الانتخابية التى جرت فى مصر بعد الثورة، وتحاول الإجابة عن السؤال الصعب، «بين السياسة والدعوة: من يقود التأثير فى الآخر وكيف؟».

هشام جعفر: الإسلاميون فشلوا فى تقديم نموذج أخلاقى للعمل السياسى التنافسى

• التيار الإسلامى بحاجة إلى تغيير قيمى وثقافى عميق وفق الهدف الرئيسى للدعوات

رصد هشام جعفر، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، ما أطلق عليه ملاحظات على الانخراط المتزايد للفصائل الإسلامية فى العمل السياسى التنافسى، الذى ألقى بظلاله على العمل الدعوى، بانشغال أعضاء التنظيم سواء فى جماعة الإخوان أو الدعوة السلفية بالعمل السياسى فى المقام الأول، عن العمل الدعوى، وهو ما أسهم فى تشويش آرائهم أمام الجمهور، خاصة أنهم مارسوا العمل السياسى التنافسى، بما فيه من تشويه أخلاقى، ليفشلوا فى تقديم نموذج تنافسى أخلاقى، يمكن القياس عليه.

ونظر جعفر، إلى نجاح التيارات الإسلامية المتتالية فى الاستحقاقات الانتخابية التى خاضتها مصر عقب الثورة، على أنه مجرد تغيير انتخابى، وليس تغييرا ثقافيا ورمزيا، مرتبطا بالأخلاق والمجتمع، خاصة وأن الهدف الرئيس للدعوات هو تغيير قيم وثقافات المجتمعات، وهو جوهر المشروع الإسلامى، الذى ينظر إلى العمل السياسى على أنه أداة من أدوات التغيير، مدللا بتحول كبير فى حجم ما يصرح به جموع كبيرة من الناس تجاه تيارات الإسلام السياسى، وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، ما يمثل تراجعا سلبيا فى القوة الرمزية للجماعة التى تمثل لها الدعوة مكونا أساسيا متعلقا بالبناء التنظيمى للجماعة، وأساليبها فى التربية، ملخصا المشهد برمته بأن الجماعة كسبت السلطة السياسية وخسرت قيمتها الرمزية.

واعتبر جعفر أن أبرز ما أظهرته الثورة هو حاجة التيار الإسلامى إلى تغيير قيمى وثقافى عميق، فى ظل الأزمة التى يتعرض لها الخطاب الدينى عموما، الإسلامى والمسيحى، وهو ما تحملت عبأه المؤسسات الدعوية، التى ترتب طوال الوقت على مناهج الصبر على الابتلاء وثقافة المحن والعذابات، قبل أن تتحرك فى سياق جديد ليس عليها فقط، بل وعلى الجميع بعد الثورة، وهو ما يحتاج إلى خطاب وممارسات دعوية وتربوية، جديدة، تناسب السياق الجديد.

ورأى الباحث فى الحركات الإسلامية، أن التوجهات الاستراتيجية داخل الحركات الإسلامية ينبغى أن تتحول ناحية استيعاب التطور الذى جرى، ومحاولة مسايرته ومجاراته، خاصة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وهو التغيير «الأكثر راديكالية»، بنص تعبيره. وأثنى جعفر على تجربة الجماعة الإسلامية التى تنبهت مبكرا إلى ضرورة فصل مسارات عملها الدعوى والسياسى والاجتماعى، عن بعضها البعض، بإنشاء مجموعة من الجمعيات والمؤسسات الدعوية والاجتماعية، إلى جانب حزب البناء والتنمية، وهى ملاحظة التقطتها الجماعة مبكرا وسريعا.

مسئول بالدعوة السلفية: المسار السياسى غلب الدعوى وسنفصل بينهما قريبًا
• عبدالخالق الشريف: السياسة أدت رسالة دعوية عالية جدا لأنها جزء من الدين
• ناشط إخوانى: انتهينا من مرحلة العلاقات العامة ودخلنا فى طور الدولة المسلمة
بينما اعترف أحد مسئولى الدعوة السلفية، بطغيان المسار السياسى على المسار الدعوى بعد الثورة، معتبرا أن النتائج المتحققة بعد انتهاء عصر المطاردات والملاحقات الأمنية لم تكن بحسب حجم الآمال والطموحات، ذهب مسئول لجنة نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين إلى أن المسار السياسى للجماعة أثرى بشكل إيجابى الجوانب الدعوية، معددا بعض الإيجابيات.

وأبدى الشيخ عبدالخالق الشريف، مسئول قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين، احترامه لكل وجهات النظر المطروحة، مستدركا غالبا أى إنسان عندما يتكلم، ربما يتكلم من وجهة نظر معينة، أو بزاوية هو رآها، أو من خلال مواقف معينة، لكنها لا تمثل الرؤية كاملة.

وقال الشريف، إن التربية الإسلامية تعتبر السياسة جزءا من الدين، وحينما يوفق الله ويحدث فى مصر ما حدث من ثورة وما تلاها وصولا إلى رئيس ينطق بملء الفم: «أنا خادم عند الأمة وأجير عندها»، وما سبقه وما صحبه من دعاية انتخابية أدت رسالة دعوية عالية جدا، إذا كان الشخص يسمع عشرة أفراد، نتاج التحرك الدعوى السياسى أصبح يسمع ملايين، هذا جزء كبير من أجزاء الدعوة، لا نستطيع أن نفصل الدعوة عن السياسية، وإلا لا نسير على المنهج الذى ارتضته جماعة الإخوان، بأن السياسة جزء من الدين.

والإيجابية الثانية بحسب الشريف أن الدعاية الانتخابية لم تكن دعاية انتخابية محضة، بل إنها دعاية انتخابية لمشروع النهضة، شملت ضمنت ما شملت مؤتمرات لإعداد الدعاة حضرها آلاف الشيوخ والدعاة والوعاظ.


السلفيون انخرطوا فى السياسة داخل حزب النور - تصوير : على هزاع
وأضاف الشريف، إن رؤية الأحداث من زاوية غلبة السياسة على الدعوة، لا تنقل الصورة كاملة، لأن كل ما يقوم به دعاة الإخوان من الوعاظ والدعاة على التليفزيون والفضائيات دعوة، وفى وسط كل الزخم الانتخابى والمؤتمرات والمسيرات الانتخابية، كان المرشد يدعو الإخوان إلى التزام المساجد والصلوات الخمس، وأن يختلطوا باهل المساجد، وهو ما وضح وتجلى فى صلاة العيد والاعتكاف فى رمضان وغيرها.

ووصف مسئول قسم نشر الدعوة بالجماعة، أن تفلت أفراد الدعوة الفردية من الجماعة بسبب الجدل السياسى، حدث ربما يكون شخصيا من بين آلاف الأفراد، خاصة وأن الجدل السياسى كان جدلا عاما اشترك فيه المجتمع بأكمله، كما أنه لا يجوز للداعية ألا يعيش حياة المجتمع لأن دعوة الإسلام ليست كهنوتية، فالنبى الكريم حينما حوصر فى شعب أبو طالب، راقب الحرب العالمية بين الفرس والروم، حتى نزل القرآن أن أهل الكتاب سينتصرون على عباد النار.

أما الدكتور هشام أبو النصر، أمين عام حزب النور السلفى بالجيزة سابقا، فذهب إلى أن الدعوة السلفية أو غيرها من الحركات الإسلامية دورهم الدعوى بعد الثورة «غير جيد» نتيجة تراجع الأعمال الدعوية، والاهتمام بتحصيل العلم، وإهمال دور المسجد، ما جعل الدعوة مقطعة الأوصال، عكس ما كان منتظرا ومتصورا بعد الثورة، من أن المساجد ستتحول لخلايا نحل للصائمين والقائمين والركع السجود، بعد التخلص من كابوس الملاحقات الأمنية، التى منعت بعض الشيوخ والدعاة، من الانتقال من محافظة إلى محافظة أخرى، وأحيانا من الصلاة فى مسجد بعينه.

وأضاف أبو النصر، إن التفكير فى إنشاء حزب بالنسبة للدعوة السلفية جاء، بعد دراسة فقه المرحلة، وفقه الوقت، تخوفا من انهيار الدعوة، أو عودة الضغوط الأمنية مرة أخرى بأى شكل من الأشكال مستقبلا فاستقر الأمر على إنشاء «ذراع سياسية» للدعوة تكون مظلة شرعية تستظل بها الدعوة، لتقديم مفاهيم السلفية الحقيقية، بعيدا عن تشويهات الأجهزة الأمنية، التى رسبت الخوف فى نفوس المواطنين من أنصار التيار السلفى، وهو الطرح الذى فكر فيه سلفيو الجيزة أولا.

واعترف المتحدث الرسمى باسم مجلس إدارة الدعوة السلفية فى الجيزة، بغلبة المسار السياسى على المسار الدعوى، مستدركا أن الفترة المقبلة ستشهد فصلا بين المسارين السياسى والدعوى، بعد أن اتفق الدعاة أن فصيلا من بين أبناء الدعوة السلفية، المنظمين وغير المنظمين، وعددهم كبير جدا، سيعمل فى السياسة، حتى لا تتحمل الدعوة أعباء التجاذبات والمشاحنات السياسية، مثل بعض التصرفات المسيئة لبعض نواب الحزب فى البرلمان.

وطالب أبو النصر باجتماع جميع المصريين، السلفيين والإخوانيين والليبراليين، والعلمانيين على قلب رجل واحد، وفريق واحد يعمل لمصلحة الأمة، انطلاقا من تجربة شخصية له بالاجتماع مع شباب يسمى نفسه بالعلمانى، لكن بعد الجلوس معه اتضح أنه مسلم «زى الفل» قبل أن يعود ليؤكد أن على الدعاة والشيوخ والعلماء العودة إلى ممارسة دورهم فى الدعوة إلى الله عز وجل، مناشدا وزير الأوقاف تهيئة الأجواء المناسبة لهم.

فيما أضاف الدكتور يوسف طلعت، أحد نشطاء جماعة الإخوان المسلمين إن العمل السياسى أثرى الدعوة بشكل كبير وساهم فى ازدهارها وليس العكس، معتبرا أن هيمنة المسارات السياسية على الدعوية أمر طبيعى فى الوقت الراهن، لكنها وفقا لمنظور جماعة الإخوان المسلمين فالمسارات كلها تتلاقى ولا تنفصل، لأن العمل السياسى جزء ومكون رئيسى من مكونات العمل الدعوى.

واعتبر طلعت، أن وجود رئيس إخوانى، على رأس الهرم السياسى لمصر، ووجود وزراء إخوان فى الحكومة الحالية أمر دعوى فى المقام الأول، وفقا لظروف ومعطيات الواقع السياسى لمصر بعد الثورة وما يسميه الإخوان «واجب الوقت الذى فرض زخم العمل السياسى على جوانب البر والتربية، قبل أن يعود ويؤكد أن أكبر المكاسب التى حققتها الدعوة، هو نضج التجارب السياسية للعمل الإسلامى.

ولفت الناشط الإخوانى إلى ما أسماه انتهاء الإخوان المسلمين من «مرحلة العلاقات العامة، إلى بداية طور جديد فى أطوار الدولة المسلمة» ستظهر فيه نتائج التربية التى مارسها الإخوان على مدار 80 سنة، هى تاريخ الجماعة منذ نشأتها، خاصة وأن الجماعة حققت فى مرحلة ما بعد الثورة، نجاحات تفوق ما حققته خلال تاريخها كله.

الدعوة الفردية

الدعوة الفردية، الرافد الأول لتغذية جماعة الإخوان المسلمين بالأفراد الجدد، وتعنى بها الجماعة كثيرا، لدرجة أنه يتم عقد دورات ولقاءات خاصة لتدريب الكوادر عليها وتجاوز العقبات التى تقف فى طريقهم.

يستهدف الفرد الإخوانى، ما لا يقل عن 12 دعوة فردية على مدى العام، كحد أدنى لنشاطه، وفق معايير موضوعية لاختيار العضو الجديد للجماعة، تعليميا وثقافيا واجتماعيا وماديا.

تستهدف الدعوة الفردية إيصال فرد آخر لمرحلة معينة، سواء كانت هذه المرحلة مرحلة فكرية «توصيل مفاهيم وأفكار» أو مرحلة تربوية «القيام بسلوكيات تربوية معينة».

وقسم المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين مصطفى مشهور، مراحل الدعوة الفردية إلى سبع مراحل، تبدأ بالاختيار والتعارف، وتنتهى بوجوب العمل الجماعى، واختيار الجماعة، مرورا بإيقاظ الإيمان المخدر، ومساعدة المدعو على طاعة الله، والتحلى بالأخلاق الإسلامية، ومفاهيم شمولية الإسلام لجميع مناحى الحياة وعدم قصره على العبادات، وشرح واقع المسلمين اليوم.

الربط العام

الربط العام، هو الرافد المبدئى والحيوى لمراحل الدعوة، قبل الدعوة الفردية وما يتلوها من مراحل بداخل الصف، وظيفته المساهمة فى تكوين الرأى العام المؤيد لمواقف الجماعة والالتفاف المجتمعى حوله.

يستهدف التغلغل بداخل المجتمع وفرز الشخصيات القوية والمؤثره فيه، والعمل معها والتأثير عليها وربطها بمواقف الإخوان والتفاعل معها، بالإضافة إلى أنه محضن التدريب التربوى الأولى لأفراد الصف، والذى يُفْرَزُ من خلاله رجال الدعوة التى تتحمل الأعباء التربوية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها من رموز هامة تنطلق بها الجماعة فى وسط الجماهير أو بداخل الصف نفسه.
النشرتى: السياسة «استهلكت» جهد قواعد الإخوان بعد الثورة
•الفقى: طلاب الإخوان خسروا 50% من الدعوة الفردية بسبب أزمة ترشيح «أبوالفتوح الشاطر»
• وهدان: انتهاء عصر المطاردات الأمنية و«ماراثون» الانتخابات أصابا الدعوة بضعف لحظى

اتفق ثلاثة من قواد العمل الطلابى لجماعة الإخوان المسلمين، وناشط سلفى على أن خلط المسارين الدعوى والسياسى، أربك على مدى ال20 شهرا، الخطط الدعوية للعمل الإخوانى والسلفى، محملين المسئولية فى المقام الأول لمكتب الإرشاد لاهتمامه الأكبر بالجانب السياسى، وقواعد الجماعة التى لم تستطع الفصل بين المسارين.

أحمد سمير النشرتى، المتحدث الإعلامى باسم طلاب الإخوان فى جامعة القاهرة، ذهب إلى أن قواعد الإخوان استهلكوا فى دوامة العمل السياسى بعد الثورة، وما شهدته المرحلة الفائتة من استحقاقات انتخابية، استنفر فيها القواعد الإخوانية فى المسارين السياسى والحزبى، على حساب المسار الدعوية.

وأشرك النشرتى، مكتب الإرشاد وقواعد الجماعة فى تحمل المسئولية، الأول بإعطائه العمل السياسى وزنا نسبيا أكبر، ليس فقط من العمل الدعوى وإنما من العمل الخيرى والاجتماعى، وأوجه البر، فيما تتحمل القواعد مسئولية عدم استطاعتها الفصل بين الأدوار جميعها، لتنجرف جميعا وفق توجه الإرشاد النسبى.

واعترف القيادى الطلابى باستنزاف العمل الحركى لمجهود الفرد الإخوانى كله، بحيث لم يعد الوقت يسمح بانتظام الأسر فى لقاءاتها، وهو ما حاولت بعض المناطق الإخوانية التغلب عليه بإسقاط الجانب التربوى على العمل الحركى فى التحركات الجماهيرية والعمل الجماهيرى فى الشارع، بغرس قيم إنكار الذات وقبول الآخر، بالإضافة إلى مفاهيم الإخلاص وتجديد النية، والمفاهيم التربوية الأخرى.

واعترف عبدالله صلاح الفقى، المسئول السابق للعمل العام فى المدينة الجامعية بالقاهرة، بأن الدعوة الفردية، وهى الرافد الأول فى دعوة الإخوان المسلمين، أهملت بشكل كبير لصالح العمل السياسى، وهو ما تسبب فى سقوط الدعوة الفردية فى الجامعة «الحاضنة الأولى» للعمل الإخوانى بشكل كبير، بسبب أن القرار السياسى للإخوان انعكس بالسلب على الجهود الدعوية، لتصبح الصورة النهائية للدعوة الفردية بمثابة استقطاب أفراد لصالح تنظيم سياسى، انحرافا عن مهمتها الأساسية بالعمل فى المساجد.

الرئيس مرسى - عبد المنعم ابو الفتوح
وضرب الفقى، المثل بترشيح الجماعة المهندس خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية قبل استبعاده بقرار من اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، بعد قرار مجلس شورى الجماعة ب«زوال عضوية» الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح منها لترشحه للرئاسة، وهو ما تسبب فى تفلت الأفراد المستقطبين للدعوة الفردية ومحيط «الربط العام» بنسبة قدرها الفقى لا تقل عن 50%، منهم من كان مقبلا جدا على الإخوان كدعوة، قبل أن يبتعد بسبب أزمة أبوالفتوح، بعد أن كانوا قريبين جدا من منهج الجماعة، بسبب القرارات التى أفقدت الجماعة مصداقيتها، قبل أن تزيد النسبة مرة أخرى وتتضاعف عقب قرار مرسى، بإحالة المشير حسين طنطاوى، والفريق سامى عنان، للتقاعد، مرجعا السبب إلى «عاطفية» الشعب المصرى المميزة له، مستدركا أن الصورة ليست بهذه القتامة خارج الأوساط الطلابية، لأن «الناس الكبيرة» لا تتعامل بحماس الطلاب.

حتى من انضموا للإخوان بعد الثورة لم تكن إضافتهم قوية للجماعة نتيجة دخولهم من باب السياسية، دون أن يحظوا بأى جرعة تربوية أو إيمانية أو روحية، وهؤلاء هم «سبب المشكلات» كما وصفهم الفقى، بعد أن تسببوا فى تشويه صورة الجماعة،

أمر سلبى آخر رصده الفقى، هو تكرار ذات الوجوه ونفس الأشخاص عند تأسيس الحزب، وفى مجلس الشعب، وفى مكتب الإرشاد، وفى قوائم المحافظين، وفى مؤسسة الرئاسة، وفى المؤتمرات الانتخابية، وفى اللقاءات الدعوية، بحسب تعبير الفقى «تلات أو أربع كوادر فى كل محافظة» يقومون بأداء كل الوظائف وجميع المهام.

ولخص أحمد محمد وهدان، المتحدث باسم طلاب الإخوان فى الجمهورية، الواقع فى نقطتين، الأولى متعلقة بانتقال الإخوان من مرحلة الصوب المغلقة، والمطاردات الأمنية إلى المحاضن الواسعة والأفق غير المحسوب والعمل فى المجتمعات المفتوحة، خصوصا أن أدبيات الإخوان التربوية والدعوية، مبنية على الدعوة المغلقة، وثقافة الابتلاء والصبر على المحن والأذى، وهى فترة أصعب على الجماعة من أيام «مبارك».

النقطة الثانية، ماراثون الاستحقاقات الانتخابية المتوالية، أثر بشكل طبيعى على البناء التربوى ومظاهر التربية داخل الجماعة التى أصابها «ضعف لحظى» فى الجانب التربوى، استدركته الجماعة لاحقا بعد انتهاء الاستحقاقات، باتجاهها ناحية الصف وتطوير وسائل التربية بشكل مواكب للعصر، بتطوير الأسر، والكتائب والمخيمات والمعسكرات وأساليب أخرى للتربية، تناسب المجتمع المفتوح.

واعترف وهدان، بارتباك داخل الصف، استدعى نزول أعضاء مكتب الإرشاد، ومجلس الشورى لطلاب الجامعات، والمناطق والشعب الإخوانية، فى لقاءات أطلق عليها «توضيح الرؤية» لعرض تبريرات الجماعة وشرح وجهة نظرها، بعد عدم تفهم كثير من قواعد الجماعة للاتهامات التى لاحقتها، بالتراجع فى القرارات والالتزام بأشياء قبل فعل نقيضها.

فيما قال عضو بلجنة نشر الدعوة، بمحافظة البحيرة، شدد على عدم ذكر اسمه، إن اللجان تحولت فى الفترة الأخيرة عن هدفها الأساسى الدعوى البحت، إلى ممارسات سياسية بحتة، صاحبها سقوط أخلاقى، تأسف عليه عضو اللجنة.

وأضاف المصدر، أن السياسة طغت على الدعوة بشكل وصل بالجماعة خلال الفترة الأخيرة إلى حد أن اللافتات التى يتم تعليقها والمعتمدة على طبيعة المرحلة، كالتهنئة بدخول رمضان، أو الأعياد، لم يكن مهما مضمون اللافتة وإنما كيفية إبراز اسم الجماعة وشعارها على اللافتة، تحسبا للانتخابات.

وأضاف، أنه بحسب المنهج من المفترض أن تكون هناك كتيبة «تجمع يبدأ منذ المغرب بإفطار لأفراد الجماعة الصائمين، وتنتهى مطلع الفجر، بعد قضاء الليل فى قراءة القرآن وصلاة التهجد، والخواطر الإيمانية»، إلا أن الكتائب تحولت مؤخرا إلى صيام وسياسة.

الأسرة وهى الحاضنة الأساسية لتربية الفرد الإخوانى، غير منتظمة من بعد الثورة، وحتى إن اكتملت فكل الاهتمام منصب على الفاعليات السياسية، مع عدم الاهتمام بالمتابعة ومن حضر ومن غاب، حتى بعد رفع الأمر للمسئولين فى الجماعة جاءهم الرد، بأن السياسة جزء من العمل الدعوى، وهو ما أثر على المستوى الإيمانى والأخلاقى لأعضاء الجماعة بشكل سلبى وملحوظ كما يراه المصدر.

أحد الناشطين السلفيين اعترف أن دخول الدعوة السلفية إلى العمل السياسى أثر بشكل كبير على الجهود والأنشطة الدعوية التى تمارسها الجماعة طوال الفترة الزمنية الممتدة من بعد الثورة، قبل أن تتنبه الدعوة لخطئها وتبدأ فى إعادة هيكلة ما سمّاه «الواقع السياسى فى الدعوة السلفية» بعودة المخيمات وأسابيع العلم، واللقاءات العلمية والدروس والخطب والندوات مرة أخرى، بعد شبه توقف خلال الفترة الماضية.

ورصد أحمد الفيل، مرور الدعوة السلفية بمراحل منذ اندلاع الشرارات الأولى للثورة، أولها «التوقف المفاجئ» فى العملية الدعوية بشكل كامل، والتخبط والتردد الواضح ما بين النزول ومشاركة الجماهير فى الميادين، من عدمه، سكنت خلاله الدعوة، حتى وضحت الرؤية وأفتى مشايخها بالنزول، من خارج مدرسة الدعوة السكندرية.

وأضاف الفيل، صاحب التعليم الأزهرى، أن المرحلة الثانية هى «الشلل الواقعى» فى الدعوة السلفية الذى حدث بعد التنحى، إلى أن تم الاتفاق بين سلفيات القاهرة والإسكندرية وكفرالشيخ والدقهلية، على الترتيب الفكرى والواقعى للأحداث، مشيرا إلى أن قرار دخول الدعوة فى العمل السياسى، انطلق من موقف دفاعى بالأساس، بعد ما وصفه ب«فتنة» هجوم الإعلام على السلفيين، بحوادث قطع الأذن وهدم الأضرحة، المختلقة فى رأيه، ناسبا الفضل إلى الدكتور محمد إسماعيل المقدم، فى إعادة «هيكلة الواقع السياسى» فى الدعوة السلفية.
طلاب الإخوان يطرحون مبادرة بتقنين لجان الجماعة وفصلها ماليًا وإداريًا

• ناشط سلفى: الدعوة انتبهت لخطئها وتسعى لتكييف «الواقع السياسى»

طرح النشطاء الإخوان والسلفيون الذين استطلعت «الشروق» آراءهم فى كيفية حل الخلط بين الدعوى والسياسى، بتحويل لجان الجماعة إلى مؤسسات قانونية تنشط فى المجتمع، تنتمى للفكرة، دون التنظيم، متوقعين عودة النشاط الدعوى بعد استقرار الأوضاع السياسية للبلاد.

وطرح أحمد النشرتى تصورا لمشكلة تأثر العمل الدعوى بالعمل السياسى، بتحويل لجان الجماعة، وأقسامها، إلى مؤسسات قانونية تنطلق إلى العمل المجتمعى، يكون ولاؤها للفكرة وليس للتنظيم، اعتمادا على استقطاب كوادر وأفراد جديدة للمؤسسات من البيئة الحاضنة للجماعة على أن تحافظ الجماعة على كوادرها الدعوية فى مهمتها، دون استنزافها.

واتفق معه أحمد وهدان فى ضرورة تخطيط المؤسسات المنبثقة من رحم الجماعة، وفصلها فصلا إداريا وماليا تاما، بعد فترة انتقالية، كما جرى فى التجارب المشابهة فى المغرب وفى فلسطين، حيث تضم حركة حماس كل التنظيم الإخوانى داخلها، بالإضافة إلى المقاومين من المؤمنين بفكرها الجهادى، دون أن يكونوا أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، مستدركا، أن هذا الفصل المنشود بدأ تطبيقه على مستوى الوحدات الحزبية والمناطق الإخوانية، وسيصل إلى المستويات العليا فى الحزب والجماعة.


المطالبة بتطبيق الشريعة تغلبت على العمل الدعوى بعد الثورة - تصوير : ايمان هلال


فيما توقع عبدالله الفقى، عودة المسار الدعوى لجماعة الإخوان المسلمين إلى طبيعته الأولى خلال شهرين على الأكثر بعد استقرار الأوضاع السياسية فى البلاد، مشددا على ضرورة أن تهتم الجماعة، بالأسر التربوية، ومضاعفة الجرعات المجتمعية، والصبر على المخالفين، وتقبل الآخر، وتربية الأفراد، وإيقاظ المجتمع، وتفعيل دور المسجد، كما هو موجود فى أدبيات الجماعة الأولى.

فيما ذهب الناشط السلفى، أحمد الفيل إلى أن الدعوة بدأت منذ أربع أشهر، بإعادة الهيكلة مرة أخرى، وترشيد العمل السياسى، الذى بدأ يقتصر على رموز معينة، واجتماعات يحضرها مختصون، وفى ذات الوقت إعادة المخيمات والدورات واللقاءات العلمية، وزيادة العمل الدعوى بجميع صوره مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.