مؤتمر حاشد لدعم مرشحي القائمة الوطنية في انتخابات النواب بالقنطرة غرب الإسماعيلية (صور)    روبيو يعلن تحقيق تقدم بشأن مشروع قرار مجلس الأمن حول غزة    مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون إنهاء الإغلاق الحكومي ويحوّله للرئيس ترامب للتوقيع    محمد رمضان يشارك جمهوره بأقوال والده الراحل: ما تمسحش دمعة عينك غير إيدك    نرمين الفقي: أحرص على دعم المهرجانات المصرية.. وأتمنى المشاركة في الأعمال الاستعراضية والغنائية    الحمصاني: المواطن المصري محور التنمية.. واستثمارات كبيرة في الرعاية الصحية    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    مؤتمر المناخ COP30.. العالم يجتمع في قلب «الأمازون» لإنقاذ كوكب الأرض    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    «لو أنت ذكي ولمّاح».. اعثر على الشبح في 6 ثوانِ    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    بعد ظهور السلوكيات المرفوضة فى المتحف الكبير.. كيف تحمى دول العالم متاحفها؟    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    محمد صبحي يطالب أدمن صفحته بإحياء ذكرى زواجه ال52    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أ.د. عبد الرحمن البر يكتب: رسالة إلى الأحبة المشاركين فى حملة "معًا نبنى مصر"


وافعلوا الخير لعلكم تفلحون:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد.. فقد قال الله تعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ? فقرن سبحانه وتعالى بين الركوع والسجود والعبادة وفعل الخير فى قرن واحد؛ تأكيدا على شمولية معنى العبادة الحقيقية لله ومعنى الإيمان الحقيقى به، الذى لا يتأخر فيه فعل الخير عن درجة الركوع والسجود والعبادة، وهو ما دل عليه قول الله تعالى ?قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ?.
فرسالة الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم رسالة عامة شاملة، تهدف مع إصلاح العبد عَلاقتَه بربه، وإصلاحه لنفسه، إلى إصلاح كل أفراد وفئات المجتمع، والدفع بهم فى ميدان العمل الصالح، الذى يعود على النفس وعلى الغير بالنفع فى الدنيا وفى الآخرة؛ ليصبح المجتمع الإسلامى مجتمعا مثاليا، ينطبق عليه ما أراده الله لهذه الأمة من خيرية على سائر الأمم ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ?.
ومن ثَمَّ كانت توجيهات الإسلام للفرد وللأمة بالإيجابية والإسهام الجاد فى عمل الخير، وكان التحذير النبوى من الإمعية التى تهوى بالأمة نحو السقوط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا». ودعا الأمة إلى التعاون فى عمل الخير، فقال تعالى ?وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ?.
وإنما يتحقق هذا بتكوين مجموعات من العاملين المتعاونين، الذين يجعلون من أهم وسائل تَقَرُّبهم إلى الله زلفى: إسعادَ الناس، وتحقيقَ رغباتهم فى العيش الكريم، وقضاءَ حوائجهم، وتخفيفَ معاناتهم وآلامهم، وإعانتَهم على مواجهة مصاعب الحياة، وإعادةَ البسمة إلى وجوههم، وهى الأهداف التى تصدَّى لها الإخوةُ والأخوات المشاركون فى حملة (معا نبنى مصر)، ولهذا أود أن أذكر هؤلاء الإخوة والأخوات ببعض المعانى فى هذا الصدد:
أولها: أن يدرك المشاركون دائما أنهم فى عبادة، فيجتهدون فى إخلاص النية لله، فداخل مجموعة العمل يتربَّى المسلمُ على تطهيرِ نفسِه، وتصحيحِ نيَّتِه، والقربِ من ربه، واستشعارِ مراقبتِه فى سرِّهِ وعلانيتِه، فلا يؤثر فى مشاركتِه واجتهادِه مدحُ المادحين ولا ذمُّ القادحين، بل يُسْلِم وجهَه لله وهو محسنٌ، فيكون مستمسكا بالعروة الوثقى، مأجورا عند الله تعالى.
وثانيها: أن يتذكر دائما أنه صاحبُ دعوة ورسالة، عليه أن يتواصل مع الآخرين لتحقيقها، فيحرص على الاتصال بإخوانه المشاركين، وتقوية صفوفهم، ويشعر بقوته وهو بجانب إخوانه، كما يحرص على الاتصال بجماهير الناس الذين يقدم لهم خدمته، والشعور بآلامهم، والاهتمام بجميع شئونهم، وبهذا تتربى روحُ الأخوة والألفة والمحبة بين الجميع، فيعيشون عالمهم الإيمانى الخالى من التنافسات، والتطاحنات، وحروب الطبقات. ومن ثم يحس المشارك بالرسالة التى كُلف بأدائها، من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وفعل الخير، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وثالثها: إحياء قيمة الوطنية والانتماء فى نفوس المواطنين، سواء الذين يشاركون فى تقديم الخدمة أو المستفيدين منها؛ إذ حب الوطن واجب شرعى، وفطرة طبيعية جُبلت عليها النفوس، وعلامة واضحة على استقامة الطباع، ولله در عمر بن الخطاب إذ يقول: «عمَّر الله البلدان بحب الأوطان»، وسئل أعرابى عن سرِّ حُبِّه الشديد لبلده، فقال: «رملة حضنتنى أحشاؤها، وأرضعتنى أحساؤها (يعنى مياه أرضها)»، وقيل لأعرابى: أتشتاق إلى وطنك؟ فقال: كيف لا أشتاق إلى رملة كنت جنين ركامها، ورضيع غمامها؟ وكانت العرب إذا سافرت حملت معها من تربة أرضها ما تستنشق ريحه، وتستسفه، وتطرحه فى الماء إذا شربته، ويقولون: «لولا حبُّ الوطن لخرب بلد السوء».
كيف لا، وقد قرن الله جل ذكره الإخراج من الوطن بالقتل، فقال تبارك وتعالى: ?وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ?، وجعل القتال ثأرا للإخراج من الأوطان، فقال جل وتعالى: ?وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا?، وهؤلاء قوم شعيب يستغلون هذه العاطفة الطبيعية نحو الوطن فى نفس سيدنا شعيب، فيقولون له ?لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا? فخيَّروه بين الخروج من وطنه وبين الكفر، وهو ما يفعله الطغاة دائما حين يستغلون عاطفة حب الوطن ويهدِّدون أنبياءهم والصالحين من قومهم بإخراجهم من الأوطان إذا أصروا على مبادئهم ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا?، وعدَّ النبى صلى الله عليه وسلم الإخراج عن الوطن عقوبة، حين جعل النفى من الأرض عقوبة للزانى الذى انتهك الحرمات.
إن قضية حب الوطن من أهم القضايا التى ينبغى أن ننشغل فى حملتنا بتأكيدها وغرسها فى نفوس بنى وطننا وأمتنا.
ورابع هذه المعانى: أن يقدم الأخ المشارك فى الحملة رسالته إلى أصحاب الأموال ورجال الأعمال والشباب الناشط المشارك فى العمل، مذكرا إياهم بما لهم عند الله من أجر، متى أخلصوا النية وصدقوا الله، وأنهم بجهدهم هذا يكسبون رضا ربهم وتقدم أمتهم ومجتمعهم، ويلفت نظرهم إلى حالة السرور التى يدخلونها على المستفيدين من أعمالهم، والبسمة التى يرسمونها على وجوه المنتفعين بخدماتهم، والصورة الرائعة التى يقدمونها للعالم عن مجتمعهم، وهنا نذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ»، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ».
وما رُوى عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا اخْتَصَّهُمْ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ بِالنَّارِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَلَوْا مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، وَالنَّاسُ فِى الْحِسَابِ»، وما رُوى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُلُقَانِ يُحِبُّهُمَا اللهُ، وَخُلُقَانِ يَبْغَضُهُمَا اللهُ، فَأَمَّا اللَّذَانِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: فالسَّخَاءُ وَالسَّمَاحَةُ، وَأَمَّا اللَّذَانِ يَبْغَضُهُمَا اللهُ فَسُوءُ الْخُلُقِ وَالْبُخْلُ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ»، وسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَى الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ الْمُسْلِمِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِى عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا».
وقد ورد أن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ، كَمَا تَوَاضَعُونَ فَكَذَلِكَ تُرْفَعُونَ، وَكَمَا تَرْحَمُونَ كَذَلِكَ تُرْحَمُونَ، وَكَمَا تَقْضُونَ مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ فَكَذَلِكَ اللهُ تَعَالَى يَقْضِى مِنْ حَوَائِجِكُمْ».
وروى عن أَنَس بْن مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فِى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَةٌ، فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغًا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ فَقَالَ لَهَا: «هَلُمَّ تَكَلَّمِى بِحَاجَتِكِ»، فَقَامَتْ فِى مَقَامِهِ فَكَلَّمَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَاجَتِهَا ثُمَّ انْصَرَفَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا قَرَابَةٌ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَعَرَفْتَهَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَرَحِمْتَهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «رَحِمَكَ اللهُ كَمَا رَحِمْتَهَا».
وها هنا لا بد أن نُذكِّر أهل الصلاح وذوى القدرة واليسار بنعمة الله عليهم، وأن استبقاء النعمة وزيادتها يكون بشكرها وأداء حق الله فيها وقضاء حوائج العباد منها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَتَبَرَّمَ؛ فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ للزَّوَالِ»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعِمًا يُقِرُّهَا عِنْدَهُمْ مَا كَانُوا فِى حَوَائِجِ النَّاسِ، مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلَّوُهُمْ نَقَلَهَا مِنْ عِنْدَهِمْ إِلَى غَيْرِهِمْ»، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ، فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهِمْ فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ»، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ».
وكان الْفُضَيْل بْن عِيَاضٍ يَقُولُ: «أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ عَلَيْكُمْ؟ فَاحْذَرُوا أَنْ تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَصِيرَ نِقَمًا». وكان مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يقول: «أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ حَوَائِجَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ نِعَمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكُمْ، فَلَا تَمَلُّوهَا فَتُحَوَّلَ نِقَمًا، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَفْضَلَ الْمَالِ مَا أَفَادَ ذُخْرًا، وَأَوْرَثَ ذِكْرًا، وَأَوْجَبَ أَجْرًا، وَلَوْ رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ رَجُلًا لَرَأَيْتُمُوهُ حَسَنًا جَمِيلًا يَسُرُّ النَّاظِرِينَ، وَيَفُوقُ الْعَالَمِينَ».
ويُرْوَى عن على بن أبى طالب أنه قال لجابر بن عبد الله رضى الله عنهم جميعا: «يا جابر، من كثُرتْ نِعَم الله عزَّ وجلَّ عليه كثُرتْ حوائِجُ الناس إليه، فمن قام بما يجب عليه لله عزَّ وجلَّ فيها فقد عرَّضَها للدَّوام والبَقاء، ومن لم يَقُمْ بما يجب عليه لله فيها فقد عرَّضَها للزَّوَال والفَنَاء» ثم قال شعرا:
ما أحسَنَ الدُّنْيا وإِقْبالَها إذا أطاعَ اللهَ مَنْ نَالَهَا
وخامس المعانى التى ألفت النظر إليها: أن يدرك الإخوة والأخوات المشاركون أنهم بصنيعهم الطيب هذا يؤدون زكاة النعم الكثيرة التى أنعم الله بها عليهم، من صحة وعلم ودين، وقديما كَانَ يُقَالُ: «زَكَاةُ النِّعَمِ اتِّخَاذُ الصَّنَائِعِ وَالْمَعْرُوفُ»، ومن لطيف ما جاء عن السلف ما رُوى عَنِ الثَّوْرِى، قَالَ: كَانَ مَنْصُور بن عمار يَقُولُ لِلْعَجُوزِ مِنْ عَجَائِزِ حَيِّهِ: «لَكِ حَاجَةٌ فِى السُّوقِ؟ لَكِ شَىْءٌ؟ فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ آتِى السُّوقَ»، فهؤلاء الشباب حين يتواصلون مع ذوى الحاجات ويبذلون لهم الخدمات يعيدون إلى الحياة روحها بأخلاق هذا السلف الصالح.
وعلى الشباب المشارك فى هذه الأعمال الصالحة أن ينشروا معانى الكرامة والعزة فى نفوس المستفيدين من الخدمات الطبية أو الغذائية أو الإنسانية التى يقدمونها لهم، باعتبار أن الإسلام يجعل كل ذلك حقا للمرء على أخيه، وأن الأمة المسلمة فى مفهوم الإسلام العظيم أمة متكافلة يحمل قويُّها ضعيفَها ويكفل غنيُّها فقيرَها، من غير مَنٍّ ولا أذى، ويتساوى كلُّ أفرادها فى الكرامة والحق فى العيش الكريم، ورائدُها قول الله تعالى ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير?.
وفى الأخير، فالأخ المشارك فى هذه الحملة المباركة هو داعية إلى الإسلام بعمله وسلوكه، مثلما هو داعية بفكره ومقاله، والدعوة بالسلوك أقوى وأقوم من الدعوة النظرية، ولهذا كان تقديم القدوة من النفس أعظمَ أسباب النجاح لأصحاب الدعوات، وهذا سيد الدعاة الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول لنا عنه الحق جل وعلا ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا?. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.