فى إطار سلسلة دراسات نشرها مؤخرا مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى تتناول التحديات الأمنية التى ستواجهها إسرائيل خلال عام 2013. رصد المحلل الإسرائيلى ورئيس مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى عاموس يدلين ثمانية تهديدات تحدق بإسرائيل وقد تعصف بها: 1. امتلاك إيران للسلاح النووى، أو اتخاذ قرار إسرائيلى-أمريكى بمهاجمة إيران: على الرغم من أن الحديث عن شن هجوم ضد إيران قد تراجع من على جدول الاهتمام الشعبى والإعلام نتيجة للانتخابات الإسرائيلية والأمريكية، إلا أنه مما لا شك فيه أن سير طهران فى طريق امتلاك قدرات نووية عسكرية يُعد هو التحدى المحورى والرئيسى الذى سيواجه إسرائيل فى عام 2013م. ويتوقع يدلين أن الإيرانيين سوف يجتاحون الخط الأحمر خلال الفترة ما بين ربيع وصيف 2013، إذا ما استمروا بنفس معدل التخصيب الحالى المقدر بنحو 20%. 2. موجهات عسكرية مع إيران وحلفائها: يذكر يدلين أن تقديرات الوضع تشير إلى أن مواجهات كهذه لن تكون بالضرورة واسعة النطاق وشديدة وشاملة، على عكس ما يميل البعض إلى وصفه. وتزعم الدراسة أنه فى حال شن هجوم إسرائيلى على المواقع النووية الإيرانية فيجب على تل أبيب الاستعداد لاحتمالية حدوث رد فعل على أكثر من جبهة. 3. انهيار اتفاقيات السلام: تشير الدراسة إلى أنه لا صحة حاليا للمخاوف التى تتحدث عن تضرر اتفاقيات السلام الموقعة مع كل من مصر وإسرائيل نتيجة للتطورات التى تحدث فى العالم العربى. فعلى الرغم من طرح موضوع الملحق العسكرى لاتفاقية السلام للنقاش فى مصر والمطالبة بإدخال تعديلات عليها لكى تتمكن مصر من فرض سيطرتها على سيناء، إلا أن هذا الأمر لن يضر باتفاقية السلام نفسها. ولكن ما يزعج إسرائيل -بحسب الدراسة- هو ألا تتحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر مما قد يسبب إحباطا لدى الشعب المصرى، وحينها من الممكن أن توجه الجماهير المصرية غضبها تجاه إسرائيل والعلاقات معها. وبالنسبة لاتفاقية السلام الموقعة مع الأردن، فيؤكد يدلين أنها تعانى هى الأخرى من فتور العلاقات ومن عدم رضا الملك عبد الله الثانى عن السياسات الإسرائيلية تجاه مسيرة السلام، وفى حال وصل مد الثورات العربية إلى الأردن وأثر على استقرارها فإن هذا سيكون تهديدا أخطر على طول الحدود الشرقية وسيستلزم إحداث تغيير ملحوظ فى توزيع القوات فى نظريات الأمن والعمل التى ينتهجها الجيش الإسرائيلى على طول الحدود الأردنية. 4. العزلة السياسية لإسرائيل: تشير الدراسة إلى أن السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، بالإضافة إلى الشعور بأن إسرائيل تعتزم مهاجمة إيران، يضر بشدة الوضع السياسى لإسرائيل على الساحة الدولية؛ حيث زادت التوقعات بأن الحكومة الإسرائيلية تحاول نسف فرص تحقيق "حل الدولتين" وأنها غير مستعدة للمساهمة فى استقرار الشرق الأوسط ومنع حدوث تطورات تضر مصالح العالم الغربى فى المنطقة؛ حيث يتزايد القلق من أن يؤدى أى هجوم إسرائيلى على إيران إلى زيادة حالة عدم الاستقرار الإقليمى، وتداعيات ذلك دوليا. ومن دلائل عزلة إسرائيل سياسيا، قرار الأممالمتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كمراقب غير عضو بالمنظمة، وهو القرار الذى أيدته معظم الدول التى تعد صديقة لإسرائيل، علاوة على الانطباع الذى أخذ من قبل عن أن الاتحاد الأوروبى قد يفرض عقوبات على إسرائيل ردا على إعلانها التوسع فى بناء المستوطنات بالمنطقة E1 بالضفة الغربية. أضف إلى ذلك توتر العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة أوباما والضغوط الممارسة فى أوروبا لمقاطعة منتجات المستوطنات وتمييزها بألوان خاصة، الأمر الذى يضر بالاقتصاد الإسرائيلى ويشكل خطورة على وضع إسرائيل الدولى. 5. تنامى التهديدات الحدودية لإسرائيل: نتيجة الأحداث والتطورات التى تمر بها مصر وكذا سوريا خاصة فى هضبة الجولان، وفى حال زعزعة وضع النظام الأردنى، فإنها ستمتد أيضا إلى غور الأردن والبحر الميت والعرابة، بالإضافة إلى أن مخزون الأسلحة غير التقليدية والصواريخ طويلة المدى السورية تشكل مصدر قلق لإسرائيل. 6. انهيار السلطة الفلسطينية وتنامى قوة حماس: تؤكد الدراسة أن الجيش الإسرائيلى ينتشر فى الضفة الغربية ويسيطر عليها حتى لا يتكرر سيناريو غزة مرة أخرى بها وتتمكن حركة حماس من السيطرة على الضفة، ولكن تخشى إسرائيل من انتشار الإحباط والغضب فى الضفة فى حال انهيار السلطة الفلسطينية نتيجة فقدانها الشرعية، ونتيجة الوضع الاقتصادى الصعب الذى تعانيه. مما قد ينذر بتفجر العنف مرة أخرى هناك. 7. القيود على حرية التحرك الإسرائيلى نتيجة للربيع العربى: بعد نشوب الربيع العربى أصبحت الأنظمة العربية أكثر حساسية إزاء رد فعل الشارع العربى، الأمر الذى أحدث قيودا شديدة على حرية تنفيذ إسرائيل لعمليات عسكرية. لذلك أصبح لزاما على إسرائيل التفكير فى تداعيات أى عملية لها على علاقاتها بمصر، خاصة إذا كانت هذه العملية تتضمن مواجهات على حدود سيناء أو فى قطاع غزة. وتؤكد الدراسة أنه فى أثناء عملية "عامود السحاب" كان من الواضح أن الرأى العام فى الدول العربية -خاصة فى مصر- شكل ضغوطا وقيودا فعلية حال دون تمكن إسرائيل من اتخاذ قرار بشن هجوم برى على غزة. 8. القيود على حرية التحرك خشية فقدان إسرائيل وسياساتها المزيد من الشرعية: تؤكد الدراسة أن الجمود على المسار الفلسطينى، إلى جانب الانتقادات الدولية الشديدة ضد إسرائيل فى أعقاب العدوان على غزة المعروف ب"الرصاص المسكوب" -خاصة تقرير جولدستون- جميعها أمور أضافت قيودا على حرية العمل العسكرى الإسرائيلى. وبرزت تلك القيود والضغوط خلال عملية "عامود السحاب"؛ حيث اضطرت إسرائيل إلى إلغاء مهاجمة العديد من الأهداف خشية رد الفعل الدولى.