اليوم.. يمكننا أن نقول إن مصر دخلت مرحلة جديدة من تاريخها، ليس فقط من ناحية انتهاء الدستور، وبدء تنفيذه من الغد -بإذن الله- ولكن من نواحٍ أخرى. اليوم.. انكشفت النخبة التى طالما "صدعتنا" بأنها تعبر عن ضمير الأمة، فاكتشفنا بأنها لا تعمل إلا لتحقيق مصالحها الخاصة. اليوم.. تأكد المصريون أن وسائل الإعلام تروج للفتنة، وتسعى إلى إشعال الوطن، ترنو إلى حيث يرنو أصحاب الأموال، وتسعى إلى ترضيتهم سياسيا عن طريق ترويج الشائعات واتهام الأبرياء ونشر الحيرة بين أبناء الوطن. اليوم.. سقط عدد من الرموز التى طالما خُدعنا فيها، وظننا أنهم فعلا "مننا"، فاكتشفنا أنهم ليسوا منا، ولا نعرفهم.. لا تحركهم همومنا ولا يعرفون ثقافتنا.. يهينون الشعب ليل نهار، ويتهمونه بالجهل والانسياق، يتهمونه بأن قوى سياسية تشتريهم بالزيت والسكر. اليوم.. سقطت ورقة التوت التى وضعتها قوى سياسية على سوءاتها ؛ بعد أن كاد الناس يصدقون أنهم يسعون إلى التوافق، ويدركون أن الوطن لن يقوم إلا بجهود الجميع، فلما حانت لحظة العمل "مع الجميع" رفضوا لأنهم لن يكونوا الرموز، ولن تكون السيطرة لقادتهم، معلنين عدم العمل تحت الراية؛ لأن من حملها ينتمى إلى الإخوان. اليوم.. تيقنا من عدم اتزان المشوش فكريا وسياسيا الذى دعا الناس قبل ذلك إلى رفض التعديلات الدستورية حتى لا يعود دستور 71، وأمس دعا إلى رفض الدستور تمهيدا للعودة إلى دستور 71، وهو تناقض إذا علمت بديع. وهو نفس الشخص الذى سبق أن استنجد بالغرباء حتى يتدخلوا ضد أشقائه وأبناء وطنه، كما برر الانسحاب من "التأسيسية"؛ لأن فيها من لا يعترفون بالهولوكست ومن لا يحبون سماع الموسيقى. اليوم.. شطب كل منا من قائمة أصدقائه العديد من الذين لا يعرفون الخلاف فى الرأى، ولا يقبلون أن يظلوا أصدقاء لمن يتبنى أفكارا غير أفكارهم. واليوم أيضا.. عرف الناس من يحرصون على مصالحهم، ومن تنازلوا منذ بداية الثورة وحتى الآن حتى يشارك "الآخر" فى الحياة السياسية، فهم من أدخلوا حزب "الكرامة" مجلس الشعب، وسحبوا العديد من أعضائهم من "التأسيسية"، وتحملوا قتل 8 من شبابهم وإصابة نحو أكثر من 1500 من أبنائهم فى محيط الاتحادية خلال دفاعهم عن الشرعية. واليوم.. أدرك المصريون من يحرض على العنف، ويعتدى على مسجد القائد إبراهيم لأسبوعين على التوالى، وهم أنفسهم من حرقوا 28 مقرا للإخوان والحرية والعدالة، فى مقابل من رفض استخدام الأساليب نفسها وظل حريصا إلى اللحظة الأخيرة على السلمية وعدم الانجرار وراء دعاوى العنف والتخريب. واليوم.. يعلن المصريون أنهم لن يظلوا أسرى الإعلام الهدام، والإعلام "القابض" ليس على الجمر؛ بل على "الفلوس"، كما يجددون رفض الانسياق وراء دعاوى "اللادولة" و"العصيان" التى أصر بعض القوى السياسية على الترويج لهما خلال الأيام الماضية. باختصار.. نعيش اليوم "عرس الديمقراطية"، على الرغم من أن هذه الكلمة تسبب توترا لدى البعض، و"أرتكاريا" لدى البعض الآخر. ولكن.. ماذا نفعل إذا كانت طوابير المصريين قررت ذلك، وضمائرهم اختارت مصلحة الوطن على مصالح "النخبة" التى أعيد "اليوم" تشكيلها من جديد.