د. أحمد كريمة: المشاركة فى الاستفتاء واجب شرعى عبد الخالق الشريف: محاولات استقطاب المواطنين بهتان وإثم عظيم حنان أبو سكين: الناخب على قدر المسئولية ويحرص على تلبية نداء الوطن فى ظل ما تشهده البلاد من صراعات يقودها من أسموا أنفسهم النخبة، ويتحدثون باسم الشعب، ويجعلون أنفسهم وكلاء عنه، يأتى (يوم الاستفتاء) لتتوارى كل الأدوار ويبقى الناخب هو البطل الحقيقى للمشهد؛ فهو وحده من يملك كلمة الحسم دون إملاءات أو فرض وصاية من أحد. التجارب السابقة فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية جسدت وعى الناخب المصرى وحرصه على المشاركة الجادة والفعالة لا لهدف سوى العبور بالبلاد من هذا النفق الضيق المظلم. ومشاركة الناخبين هى الرهان الوحيد للوصول بالبلاد إلى الاستقرار المنشود. ومن جانبهم، يؤكد علماء الدين أن تلبية دعوة الرئيس للمشاركة فى الاستفتاء واجب شرعى، ويرى خبراء السياسة والقانون أن المشاركة الإيجابية واجب وطنى لا يجب التخاذل عنه. فى البداية، تؤكد د. حنان أبو سكين -مدرس العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- أن مشاركة المواطنين الإيجابية تتطلب أن تتوفر لها مقومات ودوافع أهمها الشعور بالمسئولية تجاه الوطن والرغبة فى التغيير الحقيقى وأن تكون هناك إرادة حقيقية داخل كل مواطن للمساهمة فى بناء مستقبل أفضل. وقالت إن الناخب أثبت خلال التجارب السابقة سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أنه على قدر المسئولية وأنه دائم التلبية لنداء الوطن ويشهد على ذلك طوابير الانتخابات التى ضمت جميع الأعمار والمستويات، موضحة أنه رغم مشقة الانتظار إلا أن الجميع حرص على المشاركة ليثبت الحقيقة التاريخية التى لا يستطيع أحد إنكارها وهى أن الشعب هو صاحب الأقوال الفاصلة والمواقف الحاسمة لأن الجميع يجتمعون حول هدف واحد هو العبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية. وأشارت د. حنان أبو سكين إلى أن المشاركة فى الاستفتاء لن تكون أقل من مثيلاتها من التجارب الأخرى، متوقعة أن تشهد إقبالا ملحوظا؛ حيث أسهم الجدل السياسى الذى صاحب الإعلان الدستورى الأول فى تحفيز المواطنين على المشاركة بعدما شهدت البلاد أحداثا كان من شأنها تهديد الاستقرار الداخلى. وأضافت: الكثيرون يحرصون على المشاركة للخروج بالبلاد من النفق المظلم، موضحة أنه من الخطورة أن يكون إقبال البعض مبنيا على محاولات استقطاب والتى زادت معدلاتها مؤخرا ومكمن الخطورة أن حالة التشويش وعدم وضوح الرؤية التى يعيشها أغلب المواطنين تجعلهم ينساقون وراء بعض الدعوات التى تستهدف مصالح خاصة. وأوضحت د. حنان أبو سكين أن هذا يلقى بالمسئولية على الجهات المعنية بالتوعية من خلال توعية المواطن بضرورة أن يبنى آراءه بمنأى عن أى صراع سياسى من خلال دراسة متأنية وقراءة واعية للدستور، مؤكدة أن الناخب يستطيع أن يختار بإرادة حرة دون استقطاب لآن ممارسة الاستقطاب ومحاولة تشويه الآخر لا يجب أن تمارس من أى قوى تدعى أنها تهدف إلى تحقيق مبادئ الديمقراطية لأن الديمقراطية تقتضى أن يقتصر دورها على التوعية وليس التوجيه وأن يعترفوا بحقيقة أن غير المنتمين لأحزاب أو ائتلافات ولا تحكمهم أيدلوجيات أضعاف من ينتمون للأحزاب ولهم أيديولوجيات وهؤلاء لا بد أن تترك لهم الفرصة ليعبروا عن آرائهم بحرية دون إملاءات سواء بالدعوة للمقاطعة أو الحشد بنعم أولا. مخالفة شرعية ويطالب الشيخ عبد الخالق شريف -عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين- المواطنين بالمشاركة الإيجابية، معتبرا أن التقاعس بالمقاطعة أو إبطال الصوت ينطوى على مخالفة شرعية؛ حيث إن ذلك يعد من باب كتمان الشهادة وهو ما نهى عنه سبحانه وتعالى بقوله (ولا تكتموا الشهادة). وقال إن هذا الأمر فيه من السلبية ما يتنافى مع قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يكن أحدكم إمعة"، مؤكدا أن هذا التوجيه النبوى الشريف يحتم على المشاركة الإيجابية الفعالة وعدم الركون إلى دعاوى السلبية ومنها المقاطعة أو الانسياق وراء الآخرين دون فهم واضح أو رؤية واعية. وأضاف الشيخ عبد الخالق أن المؤمن الحق يبحث عن الحقيقة ويبنى اختياره بناء على قناعات خاصة لا دخل لأحد بها ولا بد أن تستند هذه القناعات على النية الصادقة وتحقيق المصلحة وطالما تحقق هذا لا جناح عليه من أى اختيار يقوم به مادام كان ذلك يراه صالحا. وأكد أن محاولات التضليل التى يتبناها البعض بهدف تزييف الحقائق من أجل حشد الناخبين واستخدامهم كأدوات فى الصراع السياسى تعد من باب البهتان وهو إثم عظيم لأن فيه تحرٍ للكذب عن عمد، من ذلك على سبيل المثال الترويج لدستور مزور والتضليل بأكاذيب غير واردة فى الدستور الحقيقى بهدف أن يتبنى الناخبون وجهات نظر تتفق مع توجهاتهم وهذا التضليل يحاسب فاعله مرتين؛ الأولى بضلاله والثانية بمحاولة إضلاله غيره، ويرى أن مواجهة هذه الافتراءات تكمن فى توعية الناس وتبصيرهم بالحقيقة وهى مسئولية كل الجهات المعنية بذلك. مصلحة عامة وأكد الدكتور أحمد محمود كريمة -أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر- أن تلبية دعوة رئيس الجمهورية بالمشاركة فى الاستفتاء من الأمور الواجبة شرعا بغض النظر عن طبيعة هذه المشاركة ونوع الرأى الذى يبديه الفرد إيجابا كان أو سلبا لقوله تعالى ((أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأمْرِ مِنْكُمْ))، موضحا أن طاعة ولى الأمر واجبة ولا يجوز التقاعس عنها طالما لا عذر للتخلف. وقال إن إبداء الرأى مسئولية جسيمة يجب على كل مسلم أن يرعى حق الله والوطن فيها ولا يجب أن يبنى الاختيار على أساس المصالح الخاصة الضيقة وإنما تراعى المصلحة الأعم والأشمل وهى مصلحة الوطن واستقراره، مؤكدا أن التكاتف والتعاون لتحقيق هذا الهدف من أفضل صور التعاون فى الشريعة الإسلامية فهو تعاون على البر والتقوى. وأوضح د. أحمد كريمة أنه لا يجوز إكراه الناس على اختيارات معينة، مشيرا إلى أن هذا جور لا يقبله الإسلام وأن الأصل هو تبصير الناس بحقيقة الأمور وترك الحرية لهم فى الاختيار سلبا أو إيجابا. وأضاف فى المقابل لا يجوز الحشد لتحقيق مصالح خاصة أو الدعوة للامتناع السلبى عن المشاركة لأن هذا بجانب كونه مخالفة شرعية لما فيه من حث الناس على مخالفة ولى الأمر فإنه أيضا يمثل تخليا عن الواجب تجاه الوطن. الطرف الأقوى ويؤكد محمود فرحات -المستشار بهيئة قضايا الدولة- أن الجميع يراهن على وعى الشعب المصرى ورغبته فى الخروج بالبلاد من كبوتها التى طالت كثيرا، معتبرا أن الناخب هو وحده من يملك إضفاء الشرعية على كافة الكيانات والمؤسسات من خلال شرعية الصندوق والتى تمثل القول الفصل فى إنهاء أى خلاف سياسى. وقال إن هذه الشرعية من شأنها تفويت الفرص وقطع الطريق على كافة المحاولات والخطط التى تحاك ضد الوطن ليل نهار لاستمرار حالة الفوضى. وأوضح فرحات أن ما شهدته البلاد فى الأيام الماضية من عدم استقرار سياسى ومجتمعى ستكون عوامل محفزة لخروج المواطنين والإدلاء بأصواتهم لأنهم على يقين من أنهم الطرف الأقوى فى أى صراع وأنهم أصحاب الكلمة الناجزة فيه. وأضاف أن أهم ما يميز القطاع العريض من الناخبين أن انتماءهم وحسهم الوطنى هو المحرك الرئيسى لهم، مشيرا إلى أن موقف بعض القضاة بالعدول عن قرار مقاطعة الإشراف يمثل أحد العوامل المحفزة لجمهور الناخبين؛ حيث يتوحد الهدف وهو مصلحة الوطن واستقراره.