«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(البديل الثالث بين الاستبداد والاستسلام): الفصل الثالث
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 09 - 2009


الإصلاح السياسى..وكيف يصبح بديلا للصراع المسلح؟
أن قضية الإصلاح السياسى يمكن أن تكون أساسا لإعادة بناء الأمة وحمايتها من المخاطرالتي تتعرض لها بلادنا فى زمن العولمة والنظام الدولى الجديد.
فلقد أصبحت قضية الإصلاح السياسى هى القاعدة المؤهلة للحفاظ على تماسك مجتمعاتنا ومن ثم القدرة على مقاومة التحديات، كما أصبح الإصلاح السياسى الذى يكفل وجود كل التيارات هو أساس يضمن إعادة بناء النظم والمجتمعات بما يجعلها أكثر استجابة لمتطلبات هذه المرحلة المهمة من تاريخ الأمة.
وعلى هذا فإن الجميع مدعو اليوم للتكاتف والتلاحم والارتفاع إلى مستوى المسئولية، لإنجاز مشروع الإصلاح السياسى الذى يمثل أهم أولويات المرحلة، والإصرار على إنجازه مهما كانت التضحيات، كما يجب التنبه إلى عدم إيكال ملف الإصلاح السياسى للقوى الدولية التى لا تريد من ورائه إلا تحقيق مصالحها وتطوير هيمنتها، كما يجب الحذر من القوى المحلية، التى لا تريد من ورائه إلا تكريس استبدادها واستمرار الفساد والنهب المنظم.
في المقابل فأن الإصلاح السياسى المفروض من الخارج ، إنما يعبر عن أحد أهم أدوات بسط نفوذ وسيطرة الامبراطورية الأمريكية، ولاسيما وقد أصبحت المنطقة الإسلامية من أهم مناطق العالم التى تحقق هذا الهدف.
كما أنها قد أصبحت من أكثر مناطق العالم انكشافا أمام الغزو الخارجى والاختراق الأجنبى، فضلا عن أن الإسلام قد أثبت أنه عنصر المقاومة الباقى لهيمنة الغرب، وأنه هو الدين الوحيد الذى جعل الغرب موضع شك مرتين على الأقل، كما يقول صاحب صدام الحضارات، وعلى هذا فإن الإصرار على الإصلاح الليبرالى إنما يهدف بالأساس إلى تكريس هيمنة الغرب الثقافية، وتثبيت العلمانية، وإقصاء الشريعة، وإذابة الأمة فى منظومة العولمة الغربية، تحت قيادة الامبراطورية الجديدة، ولا يمكن بحال تصور أن الإصلاح الليبرالى يسعى إلى تحرير شعوبنا، ونحن نرى التدمير الواسع وعمليات الإبادة المنظمة، التى تجرى فى أفغانستان والعراق، فشعوبنا يكفيها أن يكفوا عن دعم أنظمة الاستبداد والطغيان، ويتركوها تمارس حريتها السياسية من منطلق الإسلام، فهى بالفعل أوسع مدى وأعمق أثرا من تلك التى تكفلها النظم الليبرالية.
واجب الحركات الإسلامية تجاه الساحة السياسية
لذا يجب أن تكون الحقوق السياسية للتيار الإسلامى هى رأس حربة وجوده المعاصر، وذلك فى إطار المنافسة على قيادة المجتمع التى توجبها عقيدة التوحيد، ويفرضها العمل على تحكيم شريعة الإسلام.
كما أن هذه المنافسة تعبر عن امتلاك التيار الإسلامى لمشروع متكامل لتحرير الإنسان من العبودية لبنى جنسه، ومن الاسترقاق لغيره.. كما تعبر عن واجب إنقاذ البشرية من ويلات الصراع وتدمير الشعوب.
كما أنها واجب لإنقاذ البلاد من تفاقم المشكلات الاقتصادية والعمل على تحقيق العدل الاجتماعى، كما أنها ضرورة لبناء استراتيجيات تتعامل مع وضعية الأمة المتردية وطموحاتها المجمدة.. كما أنها تهدف إلى تكريس حالة وبناء وعى بضرورة كسر الاحتكار العلمانى للسلطة.
كما أن المشاركة السياسية فى إطار مشروع متكامل لمقاومة الانحراف وتصحيح المسار هى السبيل الوحيد لإيقاف وعرقلة حملات وعمليات تضليل الأمة وتزييف وعييها وإبعادها عن مسيرتها الحقيقية ودورها الفاعل.
كما أنها تعنى تجاوز مرحلة التخندق والدفاع، التى خلفتها حقبة طويلة من الاضطهاد والاستعباد، إلى مرحلة التفاعل والمبادرة من خلال رؤية سياسية وبرنامج قادر على التعامل مع مشكلات المجتمع، والتفاعل مع هموم الناس وقضاياهم.
كما يجب التنبيه على أن فتح الباب أمام ممارسة التيار الإسلامى للعمل السياسى، هو سبيل إيقاف دوامات العنف الدورية، وليس العكس كما يرى فلاسفة الاستبداد والطغيان.. فضلا عن أن الحريات السياسية بشكل عام، والمشاركة المجتمعية هى من أهم سبل إيقاف التدخل الأجنبى فى بلادنا، ولاسيما وقد أصبحت أهم ذرائع تدخله هى حماية الحريات وحقوق الإنسان.
كما أن المشاركة السياسية أخيرا تسقط واجب الإعذار إلى الله، والبراءة من الأوضاع والسياسات القائمة. التى هددت دين المجتمع وقيمه، واستنزفت ثروات البلاد، وأهدرت الطاقات والكفاءات وعطلتها.
ضرورات المشاركة السياسية للحركات الإسلامية
أن الفصائل الفاعلة على الساحة السياسية مدعوة اليوم إلى إعادة النظر فى اعتزال العمل السياسى والحزبى، وذلك فى إطار التأهل للتعامل مع مرحلة مهمة من مراحل العمل الإسلامى، حيث إننا مقبلون على أوضاع وخريطة سياسية جديدة، أهم ما يميزها الصراع السياسى، كما أن قبول النظم السياسية فى منطقتنا لمشاركة الإسلاميين السياسية سيصبح أمرا حتميا ،وخوض غمار الصراع السياسى قد أصبح ضرورة للآتى:
1 العمل على تحكيم الشريعة وإيقاف العمل بالقوانين التى تخالفها.
2 عرض المنهج الإسلامى للحكم فى صورة سياسات وبرامج تتعامل مع قضايا الناس ومشكلاتهم.
3 العمل على دفع السياسات الظالمة عن كاهل الفقراء، وإيجاد بيئة أفضل للعدل الاجتماعى.
4 تحويل قيم الدعوة الإسلامية إلى مؤسسات فاعلة، تستطيع أن تقاوم العمليات المنظمة لتضليل الشباب، وإهدار قيم الأمة.
5 إيجاد ساحة عمل ومنابر دعوة، يمكن من خلالها التواصل مع الجماهير وتبصيرهم بالواجبات الملقاة على عاتقهم.
6 التصدى لغلاة العلمانية ودعاة النهج الاستئصالى، والحيلولة دون انفرادهم بالقرار فى بلادنا.
7 التواصل مع جميع القوى السياسية فى سبيل إيجاد مناخ أنسب للحريات.
أهمية التحالفات السياسية
أن طبيعة الحركة على الساحة السياسية قد أصبحت تستلزم تأصيل شرعية وأهمية التحالفات السياسية، فلم يعد من المقبول فى هذه المرحلة المهمة، تضييق مساحات للعمل أجازها الإسلام، أو إسقاط آليات كفلتها الشريعة، بل واستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل مراحل الدعوة والدولة: ففى مرحلة الدعوة لم تمنعه العقيدة الصحيحة من الإشادة بحلف الفضول، الذى كان مبنيا على دفع الظلم، ولم تمنعه من التحالف مع أبى طالب من أجل تأمين حرية الدعوة، ولم تمنعه من التحالف مع المطعم بن عدى من أجل حماية الدعوة.. وفى مرحلة الدولة تبرز وثيقة المدينة بشكل واضح طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة، وموقفهم جميعا من أعداء الدولة، أما عن القواعد التى يبنى عليها التحالف السياسى، فيمكن إيجازها كالتالى:
أ إن التحالف والتعاون مع غير المسلمين جائز، طالما أن الهدف من ورائه هدف مشروع، وأنه لا يتضمن ظلما أو عدوانا على معصوم. فكيف بالمسلمين الذين هم داخل دائرة الاسلام الأوسع؟
ب إن الاستفادة من القوانين والأعراف والأوضاع الاجتماعية المستقرة جائز مادامت لم تتعارض بشكل مباشر مع أحكام الإسلام، ولا يبعد عن ذلك الاستفادة من القوانين والأعراف الدولية.
ج إن التحالف قد يصبح واجبا إذا كان هدفه هو تحقيق حرية الدعوة والبلاغ أو مجرد تحقيق سلامة الدعاة وحقهم فى الحياة.
د التحالف مع المخالفين والمشركين لا يتعارض مع العقيدة الصحيحة «عقيدة الولاء والبراء» لأنه لا يتضمن نقضها أو الإخلال بها، فضلا عن أن للتحالف قواعده التفضيلية التى ترتبط بالظروف والأوضاع المحيطة، التى قد تجيزه أو توجبه.
ه التحالف السياسى لا يتضمن بحال القبول بالعقائد الشركية أو تحسينها، فقد فعله الرسول «صلى الله عليه وسلم» عندما حالف المشركين وتعاون معهم.
و التحالف السياسى لا يتعارض مع وجوب مجاهدة المحاربين، لأنه من الجائز التعامل مع العدو وتغيير موقفه من محارب إلى مهادن أو حليف فى إطار المصالح العليا للإسلام والمسلمين، والدارس لسيرة الرسول «صلى الله عليه وسلم» يجده لم يفتح جبهتين فى وقت واحد، ولمّا حدث ما حدث يوم الأحزاب، أرسل نعيم بن مسعود آمرا إياه: خذل عنا ما استطعت.
ز كما أن الاستعانة بغير المسلم، فى غير القتال، لم يخالف فيه أحد من الفقهاء، فقد استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بعبدالله بن أريقط فى الهجرة، وهو على دين قريش، واستعار الدروع من صفوان بن أمية.
إفلاس غلاة العلمانية داخل المجتمعات الإسلامية
أن الإرهاب العلمانى الذى يديره غلاة العلمانية فى بلادنا فى مواجهة الزحف الإسلامى، إنما يدل على إفلاس وتخبط لا نظير له ،فالذين يزعمون أن الإسلاميين لا يمتلكون رؤية أو برنامجا سياسيا، أو أن الشعار الدينى لا يتضمن حلولا سياسية، يمارسون عملية تضليل متعمدة، ذلك أنهم يعلمون أن الشريعة والفقه الإسلامى يمتلكان أوسع وأغنى رصيد قادر على التعامل مع كل المشكلات والمستجدات، وأن قواعد التعامل مع هذا الرصيد الفقهى معروفة، وأن كيفية استنباط الأحكام فى ضوء المستجدات مستقرة، وعلى هؤلاء، إن لم يكونوا يعلمون ذلك، أن يتفرغوا ولو قليلا لقراءة الفقه وأصول الفقه الإسلامى، بدلا من بذل الجهد كله فى قراءة ماركس ودارون وفرويد!
والذين يدعون إلى ديمقراطية مشروطة بعدم وصول الإسلاميين للسلطة، أو يدعون إلى إقصاء الإسلاميين من العملية السياسية. لا يدعون إلا إلى استبداد جديد أبشع من سابقه، وهم يعلمون أيضا أن ذلك لن يحل إشكالية مجتمعاتنا، بل سيزيد حالة الاحتقان السياسى، التى نعيشها منذ أكثر من خمسين عاما.
جوالذين يدعون إلى إجهاض العملية السياسية برمتها إذا وصل الإسلاميون للسلطة، بزعم أنهم لن يسمحوا بتداولها. إنما يدعون إلى استبداد مؤكد وجرائم محققة، استنادا إلى تحرصات وظنون لم تتأكد بعد، فى أى مكان من العالم الإسلامى. بل إن كل التجارب تؤكد أن العلمانيين هم الذين يستأثرون بالسلطة ولا يسمحون بتداولها، ويستخدمون فى سبيل ذلك كل الوسائل غير المشروعة (قمعية أو سياسية أو عسكرية).
والذين يتململون من العملية الانتخابية أو يرفضون نتائجها، إذا حقق فيها الإسلاميون فوزا، ولو جزئيا، إنما ينحازون ضد إرادة الأمة ولا يحترمون اختيار الناخبين، وهم يحولون بذلك الديمقراطية كحل للمشكلات كما يقولون، إلى مشكلة تحتاج إلى حلول، وهو ما يكشف عن عدم امتلاك رؤية للخروج من الأزمة السياسية التى تعيشها مجتمعاتنا.
والذين يحرضون ضد التيار الإسلامى، على وقع العملية السياسية، ويسعون إلى تشويهه بغير حق، والتحريض عليه دون مبرر موضوعى. إنما يدللون على افتقادهم الحس الوطنى النظيف، والشعور الكامل بالمسئولية، تجاه هذا البلد، لأنهم يكرسون الفتنة، ويغرسون الشقاق والانشطار داخل المجتمع، وهو ما ينم عن كراهية وحقد خاليين من العقل والحكمة.
كما أن الذين يؤمنون بحتمية الحل الديمقراطى، ويسجدون كل يوم أمام صناديق الانتخاب، نجدهم يكفرون بذلك كله لمجرد أن جاءت بعض النتائج لصالح الإسلاميين، وهو ما يكشف عن زيف دعاوى الديمقراطيين العرب، وأن الديمقراطية عندهم ليست إلا وسيلة لاحتكار السلطة، وربما توريثها!
تقويم لمسيرة الإصلاح السياسى فى مصر
إن مسيرة الإصلاح السياسى فى بلادنا لا تبشر بخير، حتى الآن، ولا يمكنها وفق هذه المسيرة العرجاء أن تنجز أيا من طموحات الأمة ومتطلبات نهضتها، فمازال الالتفاف على نهج الإصلاح هو السائد، ومازال العمل على تكريس الاستبداد هو أسلوب الإصلاح المتبع! كما أن إرهاصات وملامح التغيير القائمة لاتزال مرتبطة بالضغوط الخارجية والمناخ الدولى الجديد الذى أنتجته تفجيرات سبتمبر، كما أن الحجج التى تساق لتعطيل مسيرة الإصلاح ليست إلا ذرائع لا تعبر حقيقة عن مواقف أصحابها، ابتداء من التذرع بالخصوصية الثقافية، ومرورا بأولوية الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى، وضرورة التدرج، انتهاء بضرورة تسوية كل نزاعات المنطقة وبالأخص الصراع العربى الإسرائيلى
فإذا كان الصراع مع إسرائيل قائما إلى قيام الساعة، فيجب ألا ننتظر الإصلاح السياسى، قبل يوم القيامة! كما أن أخطر أساليب الالتفاف على عملية الإصلاح قد بدأت تتبلور فى اتجاه واضح لإفساد الحياة السياسيية، بفتح الباب على مصراعيه أمام استعمال المال السياسى، بعد تجويع القطاع الأكبر من الشعب وإذلاله، واستعمال البلطجة والتصويت الجماعى والتلاعب فى كشوف الناخبين، فضلا عن منع الناخبين المعارضين من الإدلاء بأصواتهم، وتسخير موارد الدولة لصالح الحزب الحاكم، وتكريس تقاليد سياسية غير صحيحة، وأساليب ممارسة غير صحية.
كما قد جاءت التعديلات الدستورية الأخيرة لتؤكد هذا المسار، وهو ما يلاحظ بوضوح فى تعديلات المادة 76 التى أغلقت الباب بقوة فى وجه أى إصلاح سياسى. وفتحت بابا واسعا لتكريس الاستبداد واستمرار إنهاء عصر السياسة فى مصر ،وتعديلات المادة 88 فتحت الباب للتلاعب بنتائج أى انتخابات مصرية
وهو ما تم بالفعل فى انتخابات مجلس الشورى والمحليات، وتنتظره انتخابات مجلس الشعب 2010م والانتخابات الرئاسية 2011م.وتعديلات المادة 179 جعلت قضية مكافحة الإرهاب سيفا مسلطا على رقاب المجتمع وكل قواه الفاعلة، كما جعلت كل الحقوق والحريات الأساسية للأفراد تحت رحمة السلطة التنفيذية وإجراءاتها التعسفية.وتعديلات المادة 5 بند 3 التى لم تخف الخوف الشديد من منافسة التيار الإسلامى انتخابيا، فوضعت كل العراقيل أمام مشاركته السياسية واستخدمت القمع الدستورى فى مواجهته فى سابقة خطيرة تفتح الباب واسعا أمام كل الاحتمالات وتجعل مصير البلاد ومستقبله فى خطر شديد.
الاخوان والنضال السياسي
أن الإصرار على إغلاق الأبواب أمام تأسيس أحزاب إسلامية إنما يعكس: خوفا شديدا من شعبية التيار الإسلامى، وقوة خطابه الإيمانى والسياسى، وفاعلية حركته الاجتماعية. فإذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نتحدى الذين يوصدون كل الأبواب أن يفتحوها، فكل الحجج القانونية التى تحول دون ذلك هى حجج مصطنعة، ولا أساس لها، وكل القيود الإدارية المكبلة هى قيود استبدادية ساقطة، ومن هنا فالتحية لجماعة الإخوان المسلمين التى استطاعت أن تحفر بأظافرها قنوات للعمل السياسى، برغم كل عقبات الاستبداد الراسخة، وأرست تقاليد راقية للنضال السياسى، والعمل على تحريك الجماهير، والتضحية فى سبيل ذلك بالكثير.
من هنا فنتوجه بالتحية والتقدير لجماعة الإخوان المسلمين التى استطاعت أن تحفر بأظافرها قنوات للعمل السياسى الإسلامى، برغم عقبات الاستبداد الراسخة، وأرست تقاليد راقية للنضال السياسى، والعمل على تحريك الجماهير، والتضحية فى سبيل ذلك بالكثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.