مصر والسد الإثيوبي.. إستراتيجية مصرية لحماية النيل    صحيفة إلباييس الإسبانية: مدريد تمنع مرور أسلحة أمريكية إلى إسرائيل    بيراميدز يخوض أول تدريباته في كيجالي استعدادًا لمواجهة الجيش الرواندي    مصطفى شلبي يسجل أول أهدافه مع البنك الأهلي    الإسكندرية: رايات خضراء وصفراء على شواطئ المحافظة وسط إقبال المصطافين واستقرار الطقس    فتحي عبدالوهاب: الريادة الفنية ستظل لمصر.. ومن الصعب محو تاريخ أكثر من 130 عاما    عائشة لا تستطيع الطيران يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان فيا ديل سيني بكولومبيا    اليوم العالمي للقلب.. رؤية شاملة لحماية نبض الإنسانية    انقطاع جزئي للكهرباء بمستشفى قفط التخصصي بقنا.. وتحقيق عاجل في الواقعة    السفير الألماني: برلين تستهدف استيراد الهيدروجين الأخضر من مصر خلال عامين    ربيع ياسين: الزمالك يُعاني دفاعيا قبل مواجهة الأهلي.. وكوكا ليس الأنسب للظهير الأيسر    الزمالك يُمدد عقد خالد عبد الناصر لاعب السلة لمدة موسمين    الكهرباء تكشف أسباب ارتفاع أسعار الشرائح بالعدادات الكودية الحديثة    بسبب الظروف المادية.. استقالة رئيس مجلس إدارة نادي سرس الليان بالمنوفية    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    التعليم تواجه الدروس الخصوصية بمجموعات الدعم.. وخبراء يحددون شروط النجاح    التراث المصري فى آيادي أمينة.. الأمين الأعلى للآثار يشيد بأعمال الترميم والتوثيق فى البر الغربي بالأقصر    افتتاح فرع جديد لمكتبة مصر العامة بمنطقة الكرنك بالأقصر لتعزيز الدور الثقافي    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    "الصحة" تنظم فعالية بمناسبة اليوم العالمي لمرض السعار ضمن استراتيجية القضاء عليه 2030    قهوة الصباح أم شاي المساء.. مشروبات خريفية دافئة تحسن المزاج    الجيش الأمريكي يؤكد نشر مسيرات من طراز «إم كيو-9 ريبر» في كوريا الجنوبية    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    قبل الزواج من برج العذراء.. احذر هذه الصفات الضارة    تضامنًا مع أهل غزة ضد العدوان.. عايدة الأيوبي تطرح «غصن الزيتون»    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    هل سداد الدين أولى من إخراج الزكاة؟.. عضو مركز الأزهر توضح    بتهمة النصب على المواطنين.. «الداخلية» تضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بمدينة نصر    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    حصر الأسر الأكثر احتياجًا بقرى قطور في الغربية تمهيدًا لتوصيل الخدمات    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    أكرم القصاص: العلاقات المصرية الإماراتية مثالية وتؤكد وحدة الموقف العربى    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    مارجريت صاروفيم: التضامن تسعى لتمكين كل فئات المجتمع بكرامة    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    الطفلة مي.. وردة فلسطينية أنهك التجويع الإسرائيلي جسدها ودمر طفولتها    عاجل- قوات الاحتلال تقتحم قرية جنوب طولكرم وتداهم المنازل وتعتقل الفلسطينيين    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب وسط أتلتيكو مدريد في يناير    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط فى أسيوط ب160 ألف متر إنترلوك    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    «مدبولي»: نستهدف الاستعداد الجيد لتقديم أفضل الخدمات للحجاج المصريين خلال موسم الحج المقبل    هيئة الدواء تحتفل بتكريم شركائها بعد نجاح برنامج الامتياز لطلاب كليات الصيدلة 2024- 2025    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    الإفراط في الجلوس وقلة النوم والتوتر.. كيف يفتك الكوليسترول بالشباب؟    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(البديل الثالث بين الاستبداد والاستسلام): الفصل الثالث
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 09 - 2009


الإصلاح السياسى..وكيف يصبح بديلا للصراع المسلح؟
أن قضية الإصلاح السياسى يمكن أن تكون أساسا لإعادة بناء الأمة وحمايتها من المخاطرالتي تتعرض لها بلادنا فى زمن العولمة والنظام الدولى الجديد.
فلقد أصبحت قضية الإصلاح السياسى هى القاعدة المؤهلة للحفاظ على تماسك مجتمعاتنا ومن ثم القدرة على مقاومة التحديات، كما أصبح الإصلاح السياسى الذى يكفل وجود كل التيارات هو أساس يضمن إعادة بناء النظم والمجتمعات بما يجعلها أكثر استجابة لمتطلبات هذه المرحلة المهمة من تاريخ الأمة.
وعلى هذا فإن الجميع مدعو اليوم للتكاتف والتلاحم والارتفاع إلى مستوى المسئولية، لإنجاز مشروع الإصلاح السياسى الذى يمثل أهم أولويات المرحلة، والإصرار على إنجازه مهما كانت التضحيات، كما يجب التنبه إلى عدم إيكال ملف الإصلاح السياسى للقوى الدولية التى لا تريد من ورائه إلا تحقيق مصالحها وتطوير هيمنتها، كما يجب الحذر من القوى المحلية، التى لا تريد من ورائه إلا تكريس استبدادها واستمرار الفساد والنهب المنظم.
في المقابل فأن الإصلاح السياسى المفروض من الخارج ، إنما يعبر عن أحد أهم أدوات بسط نفوذ وسيطرة الامبراطورية الأمريكية، ولاسيما وقد أصبحت المنطقة الإسلامية من أهم مناطق العالم التى تحقق هذا الهدف.
كما أنها قد أصبحت من أكثر مناطق العالم انكشافا أمام الغزو الخارجى والاختراق الأجنبى، فضلا عن أن الإسلام قد أثبت أنه عنصر المقاومة الباقى لهيمنة الغرب، وأنه هو الدين الوحيد الذى جعل الغرب موضع شك مرتين على الأقل، كما يقول صاحب صدام الحضارات، وعلى هذا فإن الإصرار على الإصلاح الليبرالى إنما يهدف بالأساس إلى تكريس هيمنة الغرب الثقافية، وتثبيت العلمانية، وإقصاء الشريعة، وإذابة الأمة فى منظومة العولمة الغربية، تحت قيادة الامبراطورية الجديدة، ولا يمكن بحال تصور أن الإصلاح الليبرالى يسعى إلى تحرير شعوبنا، ونحن نرى التدمير الواسع وعمليات الإبادة المنظمة، التى تجرى فى أفغانستان والعراق، فشعوبنا يكفيها أن يكفوا عن دعم أنظمة الاستبداد والطغيان، ويتركوها تمارس حريتها السياسية من منطلق الإسلام، فهى بالفعل أوسع مدى وأعمق أثرا من تلك التى تكفلها النظم الليبرالية.
واجب الحركات الإسلامية تجاه الساحة السياسية
لذا يجب أن تكون الحقوق السياسية للتيار الإسلامى هى رأس حربة وجوده المعاصر، وذلك فى إطار المنافسة على قيادة المجتمع التى توجبها عقيدة التوحيد، ويفرضها العمل على تحكيم شريعة الإسلام.
كما أن هذه المنافسة تعبر عن امتلاك التيار الإسلامى لمشروع متكامل لتحرير الإنسان من العبودية لبنى جنسه، ومن الاسترقاق لغيره.. كما تعبر عن واجب إنقاذ البشرية من ويلات الصراع وتدمير الشعوب.
كما أنها واجب لإنقاذ البلاد من تفاقم المشكلات الاقتصادية والعمل على تحقيق العدل الاجتماعى، كما أنها ضرورة لبناء استراتيجيات تتعامل مع وضعية الأمة المتردية وطموحاتها المجمدة.. كما أنها تهدف إلى تكريس حالة وبناء وعى بضرورة كسر الاحتكار العلمانى للسلطة.
كما أن المشاركة السياسية فى إطار مشروع متكامل لمقاومة الانحراف وتصحيح المسار هى السبيل الوحيد لإيقاف وعرقلة حملات وعمليات تضليل الأمة وتزييف وعييها وإبعادها عن مسيرتها الحقيقية ودورها الفاعل.
كما أنها تعنى تجاوز مرحلة التخندق والدفاع، التى خلفتها حقبة طويلة من الاضطهاد والاستعباد، إلى مرحلة التفاعل والمبادرة من خلال رؤية سياسية وبرنامج قادر على التعامل مع مشكلات المجتمع، والتفاعل مع هموم الناس وقضاياهم.
كما يجب التنبيه على أن فتح الباب أمام ممارسة التيار الإسلامى للعمل السياسى، هو سبيل إيقاف دوامات العنف الدورية، وليس العكس كما يرى فلاسفة الاستبداد والطغيان.. فضلا عن أن الحريات السياسية بشكل عام، والمشاركة المجتمعية هى من أهم سبل إيقاف التدخل الأجنبى فى بلادنا، ولاسيما وقد أصبحت أهم ذرائع تدخله هى حماية الحريات وحقوق الإنسان.
كما أن المشاركة السياسية أخيرا تسقط واجب الإعذار إلى الله، والبراءة من الأوضاع والسياسات القائمة. التى هددت دين المجتمع وقيمه، واستنزفت ثروات البلاد، وأهدرت الطاقات والكفاءات وعطلتها.
ضرورات المشاركة السياسية للحركات الإسلامية
أن الفصائل الفاعلة على الساحة السياسية مدعوة اليوم إلى إعادة النظر فى اعتزال العمل السياسى والحزبى، وذلك فى إطار التأهل للتعامل مع مرحلة مهمة من مراحل العمل الإسلامى، حيث إننا مقبلون على أوضاع وخريطة سياسية جديدة، أهم ما يميزها الصراع السياسى، كما أن قبول النظم السياسية فى منطقتنا لمشاركة الإسلاميين السياسية سيصبح أمرا حتميا ،وخوض غمار الصراع السياسى قد أصبح ضرورة للآتى:
1 العمل على تحكيم الشريعة وإيقاف العمل بالقوانين التى تخالفها.
2 عرض المنهج الإسلامى للحكم فى صورة سياسات وبرامج تتعامل مع قضايا الناس ومشكلاتهم.
3 العمل على دفع السياسات الظالمة عن كاهل الفقراء، وإيجاد بيئة أفضل للعدل الاجتماعى.
4 تحويل قيم الدعوة الإسلامية إلى مؤسسات فاعلة، تستطيع أن تقاوم العمليات المنظمة لتضليل الشباب، وإهدار قيم الأمة.
5 إيجاد ساحة عمل ومنابر دعوة، يمكن من خلالها التواصل مع الجماهير وتبصيرهم بالواجبات الملقاة على عاتقهم.
6 التصدى لغلاة العلمانية ودعاة النهج الاستئصالى، والحيلولة دون انفرادهم بالقرار فى بلادنا.
7 التواصل مع جميع القوى السياسية فى سبيل إيجاد مناخ أنسب للحريات.
أهمية التحالفات السياسية
أن طبيعة الحركة على الساحة السياسية قد أصبحت تستلزم تأصيل شرعية وأهمية التحالفات السياسية، فلم يعد من المقبول فى هذه المرحلة المهمة، تضييق مساحات للعمل أجازها الإسلام، أو إسقاط آليات كفلتها الشريعة، بل واستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل مراحل الدعوة والدولة: ففى مرحلة الدعوة لم تمنعه العقيدة الصحيحة من الإشادة بحلف الفضول، الذى كان مبنيا على دفع الظلم، ولم تمنعه من التحالف مع أبى طالب من أجل تأمين حرية الدعوة، ولم تمنعه من التحالف مع المطعم بن عدى من أجل حماية الدعوة.. وفى مرحلة الدولة تبرز وثيقة المدينة بشكل واضح طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة، وموقفهم جميعا من أعداء الدولة، أما عن القواعد التى يبنى عليها التحالف السياسى، فيمكن إيجازها كالتالى:
أ إن التحالف والتعاون مع غير المسلمين جائز، طالما أن الهدف من ورائه هدف مشروع، وأنه لا يتضمن ظلما أو عدوانا على معصوم. فكيف بالمسلمين الذين هم داخل دائرة الاسلام الأوسع؟
ب إن الاستفادة من القوانين والأعراف والأوضاع الاجتماعية المستقرة جائز مادامت لم تتعارض بشكل مباشر مع أحكام الإسلام، ولا يبعد عن ذلك الاستفادة من القوانين والأعراف الدولية.
ج إن التحالف قد يصبح واجبا إذا كان هدفه هو تحقيق حرية الدعوة والبلاغ أو مجرد تحقيق سلامة الدعاة وحقهم فى الحياة.
د التحالف مع المخالفين والمشركين لا يتعارض مع العقيدة الصحيحة «عقيدة الولاء والبراء» لأنه لا يتضمن نقضها أو الإخلال بها، فضلا عن أن للتحالف قواعده التفضيلية التى ترتبط بالظروف والأوضاع المحيطة، التى قد تجيزه أو توجبه.
ه التحالف السياسى لا يتضمن بحال القبول بالعقائد الشركية أو تحسينها، فقد فعله الرسول «صلى الله عليه وسلم» عندما حالف المشركين وتعاون معهم.
و التحالف السياسى لا يتعارض مع وجوب مجاهدة المحاربين، لأنه من الجائز التعامل مع العدو وتغيير موقفه من محارب إلى مهادن أو حليف فى إطار المصالح العليا للإسلام والمسلمين، والدارس لسيرة الرسول «صلى الله عليه وسلم» يجده لم يفتح جبهتين فى وقت واحد، ولمّا حدث ما حدث يوم الأحزاب، أرسل نعيم بن مسعود آمرا إياه: خذل عنا ما استطعت.
ز كما أن الاستعانة بغير المسلم، فى غير القتال، لم يخالف فيه أحد من الفقهاء، فقد استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بعبدالله بن أريقط فى الهجرة، وهو على دين قريش، واستعار الدروع من صفوان بن أمية.
إفلاس غلاة العلمانية داخل المجتمعات الإسلامية
أن الإرهاب العلمانى الذى يديره غلاة العلمانية فى بلادنا فى مواجهة الزحف الإسلامى، إنما يدل على إفلاس وتخبط لا نظير له ،فالذين يزعمون أن الإسلاميين لا يمتلكون رؤية أو برنامجا سياسيا، أو أن الشعار الدينى لا يتضمن حلولا سياسية، يمارسون عملية تضليل متعمدة، ذلك أنهم يعلمون أن الشريعة والفقه الإسلامى يمتلكان أوسع وأغنى رصيد قادر على التعامل مع كل المشكلات والمستجدات، وأن قواعد التعامل مع هذا الرصيد الفقهى معروفة، وأن كيفية استنباط الأحكام فى ضوء المستجدات مستقرة، وعلى هؤلاء، إن لم يكونوا يعلمون ذلك، أن يتفرغوا ولو قليلا لقراءة الفقه وأصول الفقه الإسلامى، بدلا من بذل الجهد كله فى قراءة ماركس ودارون وفرويد!
والذين يدعون إلى ديمقراطية مشروطة بعدم وصول الإسلاميين للسلطة، أو يدعون إلى إقصاء الإسلاميين من العملية السياسية. لا يدعون إلا إلى استبداد جديد أبشع من سابقه، وهم يعلمون أيضا أن ذلك لن يحل إشكالية مجتمعاتنا، بل سيزيد حالة الاحتقان السياسى، التى نعيشها منذ أكثر من خمسين عاما.
جوالذين يدعون إلى إجهاض العملية السياسية برمتها إذا وصل الإسلاميون للسلطة، بزعم أنهم لن يسمحوا بتداولها. إنما يدعون إلى استبداد مؤكد وجرائم محققة، استنادا إلى تحرصات وظنون لم تتأكد بعد، فى أى مكان من العالم الإسلامى. بل إن كل التجارب تؤكد أن العلمانيين هم الذين يستأثرون بالسلطة ولا يسمحون بتداولها، ويستخدمون فى سبيل ذلك كل الوسائل غير المشروعة (قمعية أو سياسية أو عسكرية).
والذين يتململون من العملية الانتخابية أو يرفضون نتائجها، إذا حقق فيها الإسلاميون فوزا، ولو جزئيا، إنما ينحازون ضد إرادة الأمة ولا يحترمون اختيار الناخبين، وهم يحولون بذلك الديمقراطية كحل للمشكلات كما يقولون، إلى مشكلة تحتاج إلى حلول، وهو ما يكشف عن عدم امتلاك رؤية للخروج من الأزمة السياسية التى تعيشها مجتمعاتنا.
والذين يحرضون ضد التيار الإسلامى، على وقع العملية السياسية، ويسعون إلى تشويهه بغير حق، والتحريض عليه دون مبرر موضوعى. إنما يدللون على افتقادهم الحس الوطنى النظيف، والشعور الكامل بالمسئولية، تجاه هذا البلد، لأنهم يكرسون الفتنة، ويغرسون الشقاق والانشطار داخل المجتمع، وهو ما ينم عن كراهية وحقد خاليين من العقل والحكمة.
كما أن الذين يؤمنون بحتمية الحل الديمقراطى، ويسجدون كل يوم أمام صناديق الانتخاب، نجدهم يكفرون بذلك كله لمجرد أن جاءت بعض النتائج لصالح الإسلاميين، وهو ما يكشف عن زيف دعاوى الديمقراطيين العرب، وأن الديمقراطية عندهم ليست إلا وسيلة لاحتكار السلطة، وربما توريثها!
تقويم لمسيرة الإصلاح السياسى فى مصر
إن مسيرة الإصلاح السياسى فى بلادنا لا تبشر بخير، حتى الآن، ولا يمكنها وفق هذه المسيرة العرجاء أن تنجز أيا من طموحات الأمة ومتطلبات نهضتها، فمازال الالتفاف على نهج الإصلاح هو السائد، ومازال العمل على تكريس الاستبداد هو أسلوب الإصلاح المتبع! كما أن إرهاصات وملامح التغيير القائمة لاتزال مرتبطة بالضغوط الخارجية والمناخ الدولى الجديد الذى أنتجته تفجيرات سبتمبر، كما أن الحجج التى تساق لتعطيل مسيرة الإصلاح ليست إلا ذرائع لا تعبر حقيقة عن مواقف أصحابها، ابتداء من التذرع بالخصوصية الثقافية، ومرورا بأولوية الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى، وضرورة التدرج، انتهاء بضرورة تسوية كل نزاعات المنطقة وبالأخص الصراع العربى الإسرائيلى
فإذا كان الصراع مع إسرائيل قائما إلى قيام الساعة، فيجب ألا ننتظر الإصلاح السياسى، قبل يوم القيامة! كما أن أخطر أساليب الالتفاف على عملية الإصلاح قد بدأت تتبلور فى اتجاه واضح لإفساد الحياة السياسيية، بفتح الباب على مصراعيه أمام استعمال المال السياسى، بعد تجويع القطاع الأكبر من الشعب وإذلاله، واستعمال البلطجة والتصويت الجماعى والتلاعب فى كشوف الناخبين، فضلا عن منع الناخبين المعارضين من الإدلاء بأصواتهم، وتسخير موارد الدولة لصالح الحزب الحاكم، وتكريس تقاليد سياسية غير صحيحة، وأساليب ممارسة غير صحية.
كما قد جاءت التعديلات الدستورية الأخيرة لتؤكد هذا المسار، وهو ما يلاحظ بوضوح فى تعديلات المادة 76 التى أغلقت الباب بقوة فى وجه أى إصلاح سياسى. وفتحت بابا واسعا لتكريس الاستبداد واستمرار إنهاء عصر السياسة فى مصر ،وتعديلات المادة 88 فتحت الباب للتلاعب بنتائج أى انتخابات مصرية
وهو ما تم بالفعل فى انتخابات مجلس الشورى والمحليات، وتنتظره انتخابات مجلس الشعب 2010م والانتخابات الرئاسية 2011م.وتعديلات المادة 179 جعلت قضية مكافحة الإرهاب سيفا مسلطا على رقاب المجتمع وكل قواه الفاعلة، كما جعلت كل الحقوق والحريات الأساسية للأفراد تحت رحمة السلطة التنفيذية وإجراءاتها التعسفية.وتعديلات المادة 5 بند 3 التى لم تخف الخوف الشديد من منافسة التيار الإسلامى انتخابيا، فوضعت كل العراقيل أمام مشاركته السياسية واستخدمت القمع الدستورى فى مواجهته فى سابقة خطيرة تفتح الباب واسعا أمام كل الاحتمالات وتجعل مصير البلاد ومستقبله فى خطر شديد.
الاخوان والنضال السياسي
أن الإصرار على إغلاق الأبواب أمام تأسيس أحزاب إسلامية إنما يعكس: خوفا شديدا من شعبية التيار الإسلامى، وقوة خطابه الإيمانى والسياسى، وفاعلية حركته الاجتماعية. فإذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نتحدى الذين يوصدون كل الأبواب أن يفتحوها، فكل الحجج القانونية التى تحول دون ذلك هى حجج مصطنعة، ولا أساس لها، وكل القيود الإدارية المكبلة هى قيود استبدادية ساقطة، ومن هنا فالتحية لجماعة الإخوان المسلمين التى استطاعت أن تحفر بأظافرها قنوات للعمل السياسى، برغم كل عقبات الاستبداد الراسخة، وأرست تقاليد راقية للنضال السياسى، والعمل على تحريك الجماهير، والتضحية فى سبيل ذلك بالكثير.
من هنا فنتوجه بالتحية والتقدير لجماعة الإخوان المسلمين التى استطاعت أن تحفر بأظافرها قنوات للعمل السياسى الإسلامى، برغم عقبات الاستبداد الراسخة، وأرست تقاليد راقية للنضال السياسى، والعمل على تحريك الجماهير، والتضحية فى سبيل ذلك بالكثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.