كنت أود ألا أكتب فى هذا الموضوع مرة أخرى لولا سيل التعليقات القيمة التى وردت إلى الجريدة وإلى بريدى الخاص من السادة القراء المحترمين المؤيدين لموقفى والمباركين له والمتمنيين علىّ أيضا الإستمرار على نهجه لأنهم وجدوا صوتهم فى كلماتى "على حد تعبير أحدهم"،وأيضا لإستمرار صحف وقنوات رجال الأعمال ،إعلام الفتنة والتضليل ، على نفس نهجه التحريضى الرخيص وحملاته المشبوهة على تيار الإسلام السياسى والذى بدى وكأنه هجوم وتطاول على الإسلام فى ذاته وإن إتخذ من التيارات الإسلامية سبيلاً لتنفيس حقدهم الدفين على الإسلام والمسلمين هؤلاء عندهم أرتكاريا من الإسلام كنظرائهم فى الغرب وإلا فما الذنب الذى إرتكبه هذا التيار الإسلامى المسالم ليواجه بهذا الهجوم الشرس والغير شريف أكثر من أنهم يعبرون عن غالبية الشعب المصرى الذى إلتف حولهم خوفاً من تلك التيارات الوافدة والعابرة للقارات التى تريد إختراق مجتمعنا بثقافات شاذة تغلفها بإغطية مزركشة براقة ومُحلى بألوان زاهية تزغلل الأبصار وتخطف العقول المذبذبة فإذا مافتحتها وجدتها بضاعة مزجاة تنطح منها رائحة العفن والفساد !! تلك التيارات تتخذ من المنظمات الغير حكومية غطاءً لتمرير مشروعها التدميرى لمصر ، وهاهى سفيرة أمريكا فى مصر تقول فى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى أن الولاياتالمتحدة أنفقت منذ ثورة 25 يناير40 مليون دولار وأن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أمريكية !! ومن حقنا أن نعرف أسماء تلك المنظمات التى ُأُمطرت على مصر بشكل مخيف وتكاثرت فى الجحور والأزقة لتخرج إلى الفنادق الكبرى ذات القاعات المكيفة لتقيم المؤتمرات والمنتديات وتدعو كل وسائل الإعلام لتلميع أنفسهم وترويج بضاعتهم المختومة بشعار الدستور أولاً ،شغل أمريكا الشاغل وشغل تلك الوسائل الإعلامية المشبوهة! وإذا ماربطنا تصريح السفيرة الأمريكية بتصريح آخر فى نفس اليوم لمعهد "كارينجي " الصهيونى الذى يستسقى منه الC.I.A معلوماته والذى ذكر فيه أن الدستور سيتم صياغته أولاً وان الإنتخابات ستؤجل ! ولاندرى من أين أتى بهذه الثقة المفرطة والتى تجعله يحسم صراعاً مفتعلاً أوقد شرارته الأولى أصابع خبيثة وأجج نيرانه وزاد من سعيره ولهيبه عدد كبير ممن يحتسبون للأسف الشديد على المثقفين بعضهم بحسن نية ومن دافع وطنى والكثير منهم دون ذلك ! وكان نتيجة هذا الصراع المفتعل الخبيث أن أنقسم الشعب إلى فسطاطين أحدهم رفع شعار الدستور أولاً والآخر رفع الإنتخابات أولاً كما جاء فى الإستفتاء وإحتراماً لإرادة الشعب وسرعان ماتحول هذا الصراع إلى مايشبه الحرب الأهلية بين الفريقين وبدى وكأنها حرب بين الإسلاميين والعلمانيين مما ينذر بالخطر ولعل بعض المثقفين أحس بذلك فتراجع عن مواقفه وطلب من الآخرين النزول لإرادة الجماهير خوفاً من الإنقسام فى المجتمع حتى أن أحدهم شبه الحالة التى نحن عليها الآن بما حدث فى روسيا أبان الثورة البلشفية عام 1917 و ماأعقبها من حرب أهلية دامت سنوات ، كثير من المثقفين أستشعروا خطورة الموقف خاصة بعدما أخذ هذا الخلاف العقيم ذلك المنحى الخطير والمدمر لأى بلد لكن الكثير منهم أيضا لايزالون ماضون فى لغيهم هذا إلى منتهاه بعضهم عن عند وإستكبار والبعض الآخر لمصالح ذاتية بحتة تعبر عن نظرة ضيقة لصاحبها ولاتضع فى حسبانها مصلحة الوطن ككل للأسف الشديد ! ولاندرى هل هم على وعى بما يحدث فى البلدان التى حولنا أم إنهم فى سَكرتهم يعمهون ! نحن لانريد أن نطلم أحد ولكننا على يقين أن أمريكا لاتغدق هذه الملايين حباً فى الديمقراطية كما تدعى فهى متحالفة مع أشد الأنظمة الديكتاتورية فى المنطقة المهم عندها هو خدمة مصالحها الإستراتيجية فقط فهى ليست مؤسسة خيرية تغدق أموالها لوجه الله وإنما لها أهدافها السياسية التى ليس من بينها الديمقراطية الحقيقية فى مصر، ولقد فوجئت بسقوط أهم حليف لها فى المنطقة ذلك الكنز الإستراتيجى لها ولإسرائيل "حسنى مبارك " ولهذا سارعت لتأييد الثورة لعلها تستطيع أن تحتويها وتشتريها بعد ذلك وقد سمعنا من الرئيس أوباما عن ملياري دولار لمساعدة الثورة فى مصر وتونس وكذلك قروض ميسرة فى مؤتمر الثمانى الكبار فى العالم كل ذلك ليس من أجل سواد عيون الثورة ولكن من أجل شراء العقول المذبذبة والمؤلفة قلوبها وحسنناً فعلت وزيرة التعاون الدولى فايزة أبو النجا برفضها أحد القروض التى تقوض السيادة الوطنية كما نحييها أيضا لإحتجاجها لدى السفارة الأمريكية على أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية لإنتهاجها السيادة المصرية ولكننا لانعرف الدور الذى تقوم به الحكومة فى مراقبة مسار ومقاصد تلك الأموال التى تدفقت على مصر بعد الثورة ولكن مانعرفه إن المال الأمريكى له إسهامه فى تمويل بعض الحملات التى سبقت الإستفتاء لدفع الناس لمعارضة التعديلات الدستورية ومنها على سبيل المثال ذلك المؤتمرالكبير الذى عقد فى فندق "جراند حياه" وحينما جاءت نتيجة الإستفتاء على غير هواها لجأت لحيلة الدستور أولاً وجعلت من المنظمات التى تمولها مطية لرفع شعارها هذا لإرباك الساحة السياسية وإدخال البلاد فى دوامة لا تنتهى وياحبذا لو حدثت فوضى فى البلاد وحدث صدام بين الشعب والجيش إلى أن تعد العدة وترتب أوراقها فى المنطقة ولالوم عليها فهى تريد مصالحها ولكن اللوم الحقيقى على مَن وقع فى الفخ الأمريكى بوعى أوبدون وعى وساعد على إحداث هذا الإنقسام فى البلاد وشق الصف الوطنى الذى كان فى أسمى آياته وأبهى صوره طوال أيام الثورة المجيدة ،أمريكا تريد مزيداً من الوقت لتتعرف على هذه الثورات التى تعج بها المنطقة ولذلك سارعت لعسكرة بعضها كما حدث فى ليبيا وسوريا واليمن وأخرجتها من ثوبها السلمى لعلها تحيى مشروعها القديم الشرق الأوسط الجديد لتعيد رسم خريطة المنطقة وتقسيمها إلى دويلات دينية وعرقية وأثنية تكون فيها لإسرائيل اليد العليا فى المنطقة من خلال الفوضى الخلاقة ولقد نبهنا المجلس العسكرى لهذا المخطط الشيطانى الذى يستهدف تقسيم مصر إلى أربع دويلات لكن للأسف لم يعطه أحد الإهتمام اللازم فالإعلام منشغل فى معركة الدستور أولاً وألهى الناس معه فى مجادلات بيزانطية لاطائل من ورائها اللهم إلا الضغط على المجلس العسكرى ومحاولة إحراجه مع الشعب ولكن نحمد الله أن المجلس أدرك مبكراً أبعاد تلك الحملة الخبيثة والمؤامرات التى تحاك فى الخارج وبقى أن يدرك الشعب أيضا ويتحمل مسئوليته وتفيق ماتسمى( النخبة) وتعود إلى رشدها وتجعل أمن وسلامة الوطن ومصلحته فوق كل الإعتبارات فالكل إلى زوال والوطن باقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .اللهم إنى بلغت اللهم فإشهد [email protected]