ذكرت مدونة"Cable" التابعة للموقع الألكتروني الخاص بمجلة فورين بوليسي "Foreign Policy" على شبكة الانترنت في 31 أكتوبر الماضي ، أن قادة مختلف أطياف المعارضة السورية سيجتمعون الأسبوع الجاري في قطر (اليوم الأحد) من أجل تشكيل هيئة قيادية جديدة للمعارضة تحل محل "المجلس الوطني السوري"، الذين يرى الأمريكان أنه غير فعال بسبب الخلافات الداخلية في صفوف أعضائه ، ويجب السعى لتأسيس مجلس جديد للمعارضة تضمن أمريكا السيطرة عليه ، بحسب "فورين بوليسي" . وهو ما رفضه المجلس الوطني السوري المعارض، أول أمس الجمعة، مؤكدا أن تشكيل أي إطار جديد للمعارضة السورية يكون بديلاً عنه "مرفوض" ، مؤكدًا أن أي اجتماع في هذا الشأن «لن يكون بديلًا عن المجلس أو نقيضًا له» ، وأن «أي حديث عن تجاوز المجلس الوطني أو تكوين أطر أخرى بديلة "هو محاولة لإيذاء الثورة السورية وزرع بذور الفرقة والاختلاف، ومؤشر على عدم جدية قوى يفترض أن تكون داعمة للشعب السوري في مواجهة نظام القتل والإجرام، ونأي عن القيام بواجب حماية المدنيين الذين تقصفهم آلة الموت في كل لحظة». وتزامن كشف "فورين بوليسي" عن النوايا الأمريكيةالجديدة للتخلي عن المجلس الوطني السوري الحالي مع تأكيد مسئولين في الخارجية الأمريكية أن هناك مخاوف من تزايد النشاط الاسلامي الأصولي بين المقاتلين ضد نظام الأسد ، وشن وزيرة الخارجية هيلاري كيلنتون هجوما غير مبرر ومفاجئ علي المجلس الوطني السوري المعارض بعدما كانت هي التي أخذت بيده قبل عامين وقدمته للعالم علي أنه الممثل الشرعي للشعب السوري وبديل نظام الأسد .. فماذا حدث ؟ وما سر هذا الانقلاب الأمريكي ؟!. "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني" الموالي للوبي الصهيوني في أمريكا ، كشف جانبا من التحول الأمريكي عندما أشار – في دراسة كتبها ديفيد شنيكر أول نوفمبر الجاري 2012- الي أن أخطاء إدارة أوباما في التعامل مع الأزمة السورية والمجلس الوطني أدت الي "إضفاء طابع متطرّف وإسلامي وجهادي على النزاع " ، في إشارة للمعارضة والجيش السوري الحر الذي يتخوف الغرب من سيطرة تيارات اسلامية علي العديد من فصائله . وهو ما توسعت مجلة (فورين بوليسي) في توضيحه مؤكده أن وزارة الخارجية الأمريكية تلعب دورا نشطا في تشكيل المجلس الجديد المنتظر إطلاقه يوم 7 نوفمبر الجاري ، كجزء من جهودها للإطاحة بالنظام السوري ، وأن وزيرة الخارجية كلينتون استقبلت مجموعة من المعارضين السوريين لهذا الغرض ، وتنوي تحويل هذا المجلس الجديد (أسمته البرلمان الأول) إلى حكومة انتقالية قادرة على التفاوض مع المجتمع الدولي أو حتى مع النظام السوري الحالي. استنساخ تجربة العراق ! ويسعي الأمريكيون لتكرار واستنساخ تجربة العراق في سوريا عبر دعم والتعاون مع سوريين موالين للغرب ، إذ يطلق المسؤولون الأمريكيون وزعماء المعارضة السورية على هذه المبادرة اسم "خطة رياض سيف"، في إشارة إلى رجل الأعمال المعروف والعضو السابق في مجلس الشعب السوري، والذي سيكون شخصية محورية في هذا التنظيم الجديد ويرشحونه لقيادة الحكومة الانتقالية المقبلة باعتباره علمانيا . ف "سيف" سجن عام 2005 بعد أن وقع على إعلان دمشق الذي دعا لاحترام حقوق الإنسان. وعقب سماح السلطات له بمغادرة سورية في يونيو الماضي ، حاولت واشنطن – عبر سفيرها في دمشق (روبرت فورد) - فرضه علي المعارضة السورية سلميا ، ولكن عندما رفض المجلس الوطني السوري مبادرته لحل الازمة التي عرضها في اجتماع المجلس بالسويد ، بدأ التحرك الامريكي الشرس بفرضه علي المعارضة عبر سحب الثقة من المجلس الوطني الحالي ودعم المجلس الجديد الذي سيضم خمسين عضواً، عشرون منهم يمثلون معارضة الداخل، وخمسة عشر من المجلس الوطني المعارض وخمسة عشر من منظمات المعارضة السورية الأخرى . ووفقا لفورين بوليسي فان الخطة تقوم علي تشكيل هيئة تنفيذية تتكون مما يتراوح بين 8 و10 أعضاء ستكمن مهمتها في العمل مع الحكومات الأجنبية بشكل مباشر حول المسائل العملية مثل تقديم وتوزيع المساعدات الإنسانية ، وأن الحكومة التركية قلقة من المشروع الجديد لأنها قد ساهمت بأموال كثيرة في المجلس الوطني السوري . وقد شهدت العاصمة الأردنية عمّان اليومين الماضيين اجتماعات مكثفة جمعت قيادات سورية معارضة لمناقشة إطار بديل للمجلس الوطني السوري قبيل اجتماعات الدوحة التي تبدأ اليوم ، ولكن المشاركين في الاجتماعات حرصوا علي تجنب الحديث عن إنشاء "إطار تمثيلي جديد" يكون بديلا عن المجلس الوطني برغم مشاركة رئيسُ الوزراء المنشق رياض حجاب، والنائب السابق بمجلس الشعب السوري رياض سيف، وممثلين عن جماعة الإخوان المسلمين السورية بقيادة المراقب السابق علي صدر الدين البيانوني . ويبدو أن الإجتماعات التي ستبدأ اليوم في قطر ستكون فاصلة لجهة حسم المحاولات الأمريكية لسرقة الثورة السورية واستنساخ النموذج العراقي عبر محاولات السعي لجلب (جلبي) جديد لسوريا بديلا للمجلس الوطني والجيش الحر بعدما أزعجهم سيطرة التيارات الاسلامية عليه ومخاوفهم من أن ينتهي الربيع العربي في سوريا لمجئ حكومة اسلامية جديدة تحيط بالدولة الصهيونية التي باتت محاطة بالفعل بأزمة اسلامية في مصر وغزة وقريبا سوريا ومرعوبة من نجاح إخوان الاردن في الفوز بربيع الاردن الحالي لتكتمل منظومة الحصار الاسلامي حول الدولة الصهيونية !. إذ تشير المواقف الأمريكية الاخيرة الي أن هناك مراجعة جذرية للسياسة الامريكية، للتصدي لتصاعد التيارات الاسلامية خصوصا المتشددة ، ليس تجاه سورية فقط ، وانما في ليبيا ومالي والجزائر والصحراء الافريقية ، بسبب المخاوف من إنتشار أفكار تنظيم القاعدة الجهادية في المنطقة وتأثيرها الضار علي المصالح الأمريكية السياسية والاقتصادية في المنطقة .