أتصور أنه قد آن الأوان للخروج من عنق الزجاجة السياسية التى حشرنا فيها جميعا بسبب تمسك كل ذى رأى برأيه، وأعتقد أن وقت "الهزل" قد مضى، وحان وقت العمل. مبادرة الرئيس التى طالبنا من هذه الزاوية بها فى مقال سابق قبل أسابيع، ها هى ترى النور اليوم ويجب أن يسلط عليها النور فى كل يوم، وأن يبتعد الإعلام عن "سفاسف" الأمور وينتبه لعظائمها إن كان فى الإعلام من يريد خيرا لهذا البلد. هذا وقت الحراك السياسى الحقيقى، فحين يدعو الرئيس النخب السياسية والمفكرين والمثقفين فليس هناك سوى أجندة واحدة اسمها "الوطن"، لذا فقد كنت أستغرب من هؤلاء الذين يرفضون أو يمتنعون أو يتمنّعون عن لقاء الرئيس بحجة أنه لا توجد أجندة، وهل هناك أجندة أفضل من كلمة "وطن" وأعظم من كلمة "دستور" لو خرجت هذه اللقاءات بشىء واحد فقط وهو التوحد حول بناء دستور يعبر عن المصريين جميعا! نعم لا نريد أحدا "فى نفسه حاجة".. نريد من الجميع أن يرى نفسه فى مكونات هذا الدستور، فليس من مصلحة الإخوان ولا الإسلاميين بشكل عام أن يستثنى أحد أو يستبعد من كتاب الوطن وهو " الدستور ". دستور مصر لكل المصريين، وليس لجزء منهم، ولا يجب أن يكون التوحد على حساب إرثنا التاريخى والحضارى وهويتنا التى نفخر بها، ولا يجب أن يزايد البعض على الكل، وألا يواجه الفرد المجموع، بل يتنازل من أجل الجميع مع احتفاظه برأيه ورغبته. الحراك السياسى الراهن يعتمد فى الأساس على "النفوس" وليس على "النصوص". صحيح أن المنافسة السياسية قد تفرض على البعض شيئا من التشدد، ولكن هذا لا يعنى أن نتشدد ضد أنفسنا، وألا يكون صندوق الانتخابات البرلمانية المقبلة هو الشبح الذى يطل برأسه علينا، أو الكابوس الذى يؤرقنا ويبعدنا كلما اقتربنا من لحظات الحسم المصيرى. الدستور الجديد هو عمود الخيمة المصرية الجديدة، وعلى الجميع أن يساهم فى تثبيت هذا العمود بكل ما أوتينا من قوة، وألا نجد من يقوم بخلخلته بينما يسعى الكل فى تثبيته. من الدستور ننطلق، ومنه نبدأ مرحلة جديدة، ألم أقل لكم تفاءلوا؟! ------------------------ د. حمزة زوبع [email protected]