تم الاتفاق على إضافة عبارة فى الدستور تسمح لإخواننا من أهل الشرائع السماوية بالتحاكم إلى شرائعهم، وكان هذا مطلبا عادلا ومشروعا، وتحقيقه أمر إيجابى يشكر عليه الجميع. ولكن حين جاء الكلام عن الشريعة الإسلامية خرجت أصوات من هنا وهناك، تريد أن يتحول نص المادة الثانية إلى نص أرشيفى غير فاعل ولا يمكن تفعيله وذلك من خلال نصوص أخرى يمكنهم من خلالها تجاوز موضوع الشريعة مثل الزواج والمرأة وغيرهما. لا أفهم والله سر هذه الحساسية المفرطة من كلمة الشريعة، ولا أعرف لماذا تردد الأزهر عن حمل أمانة تفسير وتوضيح وتطبيق نصوص الشريعة المطلوب تطبيقها. البعض يعتقد أن ذكر الشريعة والتأكيد على عبارة (بما لا يخالف نصوص الشريعة) فى المواضيع التى تحمل شبهة تجاوزها، يعنى أن المشانق ستعلق، وأن النساء سوف يصلبن على أعمدة المشانق، وأن سن الزواج ستصبح خمس سنوات، وأن الرق والعبودية سيعودان وستنصب سوق المماليك من جديد. إذا كان إخواننا الليبراليون والعلمانيون قد رضوا وبسعة صدر أن يتحاكم غير المسلمين إلى شرائعهم دون قيد أو شرط، أليس من التطرف أن يجادلوا شعبا بأكمله فى شريعته التى ارتضاها منذ فجر التاريخ دينا ومنهاجا. أعرف وأقدر خوف هؤلاء من إساءة تطبيق الشريعة، ومن الغلو فى تطبيقها، وهذا أمر كما أشرت مشروع، فالتطرف والغلو والتشدد أمر هدام للدين وللدنيا معا، ولكن أليس هناك من طريقة نضمن بها عدم الغلو والشطط واختلاف الآراء وتحكيم الأهواء!. أعتقد أن العبرة ليست فى النصوص بل هى فى النفوس التى ترفض الحوار، وتقاطع الدعوات التى تنطلق من الرئاسة تارة، ومن حزب الحرية والعدالة تارة أخرى. ليس أمامنا من سبيل سوى التوافق، ولن يكون ذلك إلا بالجلوس والمواجهة، وليس الخوف ولا الذعر ولا اللجوء إلى الفضائيات فلن تغنى ولن تسمن من جوع. العلمانيون والليبراليون مطالبون أكثر من أى وقت مضى بالتحرر من الخوف، والتخلص من ضغط الأيديولوجية إلى سعة الشارع الذى يطالب بالشريعة ويريد أن يغلق ملف الدستور لينشغل بملفات التنمية. أعرف أن الدستور هو ركيزة بناء الدولة الحديثة، ولكن الشريعة لم تكن يوما ما عائقا فى طريق التنمية والنهضة، بل كانت أهم مقوماتها، واسألوا التاريخ. --------------- د. حمزة زوبع [email protected]