يقول المثل العربي إن المفلس إذا ضاقت به الدنيا وزاد إفلاسه، قلب في دفاتره القديمة، هذا ما يمارسه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي دوما في التعامل مع أراضي الدولة، كلما أراد المال، حتى أنه كلف عددًا من المسئولين، بحصر الأراضى والأصول غير المستغلة التابعة للأجهزة، والتى تصلح لإقامة مناطق لوجيستية ، وذلك بالتنسيق مع هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز تخطيط استخدامات أراضى الدولة، وذلك فى مناطق محورية بالمحافظات. وبدأ السيسي في كشف أوراقه تجاه هذه الأراضي مبكرا، حينما أمر بضم الأراضي والجزر النيلية، من المواطنين إلى حوزة الدولة، بزعم محارة التعديات على النيل. وقال السيسي نصا: "لن نسمح بالتعدي على نهر النيل أو مصرف أو ترعة". وأضاف في مؤتمر الموقف بشأن إزالة التعديات على أراضي الدولة: "جزر النيل مخالفة للقانون، ويجب التعامل معاها، لأنها بتصرف في نهر النيل". بل إنه صرح بشكل علني على الأأراضي والجزر التي وضع عينه عليها، وقال، إن هناك جزيرة فى وسط النيل مساحتها أكثر من 1200 فدان (الوراق) رافضا ذكر اسمها، مليئة بالعشوائيات، متسائلا: الصرف الصحى هايصرف فين؟.. مجيبا: هايصرف فى نهر النيل، متابعا : وبعد كده تقولى محطات معالجة ومحطات صرف، ونبقى بنئذى نفسنا، ويجب على المواطنين الانتباه إلى هذا الأمر، قبل الدولة، مطالبًا المسئولين بأن تكون الأولوية فى التعامل مع هذه الجزر. وأعطى السيسي للحكومة مهلة شهر واحد للتعامل مع كل الجزر النيلية والتعديات، وحصرها تمهيدا لإزالتها، الأمر الذي أثار حالة من الفوضى، خاصة بعد أزمة ااهالي الوراق. البيع بالقطاعي ومع حصر السيسي لأراضي الدولة غير المستغلة كما يطلق عليها، كشف الخبير الاقتصادي، أحمد أدم، في تصريحات صحفية، إن إجراء الحكومة بحصر هذه الأراضي وجمع بيانات خاصة بها ينذر بإمكانية منحها للمستثمرين وضمها تحت لواء الجيش، مؤكدا علي أن الأرضي التي تم إزالة التعديات مؤخرا ذهبت لنفس الأغراض، أوإعادتها لملكية الدولة. وأكد أنه سيتم التعامل مع تلك الأراضي إما بطرحها للاستثمار او استغلالها في مشروعات مستقلة بالقوات المسلحة دون مقابل، كما توقع أن يتم مبادلة المؤسسات التي تمتلك أصول غير مستغله بمناطق مميزة بأصول أخري لتحقيق الاستفادة القصوي من تلك الأراضي. وأشار أدم إلى أن مصير الأراضي التي تم استرداها خلال الفترة الماضية بالإضافة إلي الأراضي غير المستغلة ينطوي علي خطة الدولة والتي تتضمن بيع الأراضي للمستثمرين، مستدلا علي ذلك بمثال جزيرة الوراق وما تم بها من قيام الحكومة بإزالة بعض التعديات، ومن ثم ظهرت الحقيقة نحو رغبة الحكومة في وضع يدها علي الجزيرة وبيعها لبعض مستثمري الخليج وتحويلها لمنطقة استثمارية وطرد الأهالي منها. أحياء وسط البلد ولعل إجراءات السيسي لإخلاء بعض المناطق في العاصمة يؤكد نية السيسي لبيع هذه الأراضي لمستثمرين أجانب، خاصة مع ازمة ماسبيرو التي شهدت سجال قبل أزمة الوراق، واستمرت لسنوات مع محاولات إقناع الأهالي بالخروج من مثلث ماسبيرو، ورفض الأاهالي منذ عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، حتى جاء السيسي وبقوة الدبابة اجبر الأهالي على الخروج، مقابل تسكينهم في شقق ووحدات سكنية بحي الأسمرات، أو تسكين الرافضين منهم بماتسبيرو على مساحة عشرة فدادين من المثلث يتم تطويرها لصالح الأهالي، في حين يستولي السيسي على باقي المثلث الذي يبلغ مساحته 84 فدانا، ليبدأ السيسي في حصاد الجائزة الكبرى (ماسبيرو)، ويستولي على الأرض، التي عجز عنها مبارك بسلطويته. وتكرر الأمر مع جزيرة الوراق التي تحدث عنها السيسي بالاسم، وأمر بإخلائها، تمهيدا لبيعها لمستثمرين أجانب، إلا أن الأهالي رفضت الخروج واشتبكت مع الشرطة، التي قتل أحد المواطنين بالاشتباكات، لتستمر محاولات إقناع الأهالي بالخروج كما حدث مع مثلث ماسبيرو. وفي بعض الأاحياء الشعبية تكررت نفس المأساة، حينما ذهب السيسي بقواته وقام بإخلاء حي المواردي بالسيدة زينب، بزعم التطوير، في الوقت الذي كشفت المحافظة أنه سيتم تسكين الأاسر بالأسمرات أيضا، ليصبح الحي ضمن الأراضي التي تسعى الحكومة لبيعها، الأمر الذي يتكرر الآن في حي الحطابة بالقلعة، بعدما أخطرت المحافظة الأهالي بتطوير المنطقة وأخطرتهم بالخروج، بزعم إنشاء منطقة سياحية في الظهير الغربي لقلعة صلاح الدين تطل على شارع صلاح سالم بموازاة حديقة الأزهر. أراضي القوات المسلحة وبالرغم من امتلاك لجيش لأكثر من ثلثي مساحة البلاد، حيث يعتبر القانون في مصر أن كل الأراضى الصحراوية ملكًا للقوات المسلحة، ولكن الفترة الماضية والتي شهدت بداية استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة لازمها قرارت عديدة بتخصيص أراض للقوات المسلحة. وأطلق السيسي قرارا عام 2015 يختص بالإبقاء على الأراضي المملوكة للجيش حتى بعد إخلائها، ويمكن القوات المسلحة من استغلالها في أي مشاريع خاصة بها بالشراكة مع أجانب، وأتاح القرار لجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة لأول مرة حرية إنشاء شركات تجارية هادفة للربح. فضلال عن أن العاصمة الإدارية ملكا للقوات المسلحة بالكامل، بقرار رئاسي، حيث أصدر عبدالفتاح السيسي القرار رقم 57 لسنة 2016، الذي بموجبه تم تخصيص 16 ألفًا و645 فدانًا من الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرةالسويس للجيش، وهي أراضي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع زايد العمراني، وذلك بعد انسحاب المستثمر الاماراتي محمد العبار.