تنفيذ برنامج المائة يوم الذى وعد به الرئيس محمد مرسى فى أثناء حملته الانتخابية من أكبر التحديات التى واجهته منذ توليه منصبه فى الأول من يوليو الماضى، ورغم اختلاف المحللين حول بداية المائة يوم بين من يرى احتسابها منذ نجاح الدكتور مرسى وتوليه المنصب، وبين رأى آخر يرى أن من الإنصاف احتساب المائة يوم من بداية عمل الوزارة التى شكلها الرئيس برئاسة الدكتور هشام قنديل، إلا أن التقدم الذى حدث فى بعض ملفات برنامج المائة يوم وشهد به الجميع، بينما التأخر فى تنفيذ جوانب منها فى بعض الأماكن يرجع إلى تحديات ومعوقات يتطلب حلها بعض الوقت. وبنظرة شاملة فى المحاور الخمسة التى شملها برنامج المائة يوم من النظافة، وتحسين البيئة، وتوفير وتحسين الخبز، وتوفير المواد البترولية، وحل الأزمة المرورية، وإعادة الأمن، فهناك تقدم ملموس فى جميع الملفات خصوصا فى ملفى الأمن وتوفير المواد البترولية وملف النظافة فى المحافظات باستثناء بعض مناطق القاهرة الكبرى والإسكندرية. عودة الأمن وتحسن المرور عاد الأمن مرة أخرى إلى الشارع بعد طول غياب بشكل واضح خلال الفترة الماضية، وبالفعل أولى الرئيس اهتماما بالغا بهذا الملف الذى وضعه على أولوياته، وقام بدعم وزارة الداخلية بعد تعيين اللواء أحمد جمال الدين وزيرا لقيادتها، حيث تم تزويدها بسيارات مجهزة وطائرات مروحية لتنظيم المرور وإعادة الأمن والانضباط للشارع. قامت وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية بأكبر عدد من الحملات الأمنية فى تاريخ مصر، فقد نجحت فى ضبط العشرات من أخطر المجرمين والبلطجية والمئات من أفراد العصابات، وتم الإعلان عن القبض على عدد كبير من أخطر المجرمين خلال الحملات الأمنية المكبرة التى قامت بها الداخلية. وفى خطوة اعتبرها البعض بداية انهيار دولة البلطجة ألقت أجهزة الأمن القبض على "البلطجى، صبرى حلمى الشهير بنخنوخ، وهو أحد أخطر البلطجية، الذى اعتقل داخل فيلته المحصنة بمنطقة كينج مريوط بالإسكندرية وعثر رجال الشرطة على مخدرات وأسلحة نارية بالإضافة إلى 5أسود. وفى عملية من أكبر العمليات الأمنية التى قامت بها الداخلية فى تاريخها تم شن حملة أمنية مكبرة على بحيرة المنزلة، وقام الطيران الحربى بالمشاركة فى المسح الشامل، وقام حرس الحدود بتأمين ممرات القناة، وأسفرت الحملة عن القبض على عدد كبير من الهاربين من السجون والتشكيلات الإجرامية وضبط مسروقات عينية وإزالة تعديات على الأراضى فاقت 250فدانا. وتشهد عمليات المداهمات تمركزا ملحوظا للقوات بعد انتهاء كل مهمة لفرض السيطرة الأمنية على المناطق التى تتم بها عمليات التطهير وضبط الجناة وترقب عودة الهاربين. وفى علامة على نجاح خطة وزارة الداخلية للقضاء على البلطجة والانفلات الأمنى، خلال عملية البحيرة، تم القبض على أخطر العناصر الإجرامية "جربوع"والشهير ب"غزال" 33سنة، والمحكوم عليه فى 4قضايا منها السجن المؤبد فى قضية قتل أحد الضباط. وفى تحرك شامل للقضاء على البلطجة والقبض على العناصر الإجرامية أعدت وزارة الداخلية حملات أمنية قامت بها مديريات الأمن فى المحافظات، وبالفعل توالت الأخبار من المحافظات خاصة "الشرقية"و"أسيوط"و"القليوبية"و"الإسماعيلية"عن إلقاء القبض على أخطر العناصر الإجرامية والتشكيلات العصابية بجميع أشكالها، سواء فى سرقة السيارات أو السطو المسلح أو البلطجة وغيرها. وتوالت أخبار سقوط عصابات الشرقية، والقبض على أخطر عصابة لسرقة السيارات بالإكراه فى أسيوط، والقبض على أخطر مسجل خطر بشبرا الخيمة الشهير ب"ريشة"، الذى روع المواطنين، والقبض على أخطر بلطجى بالمنوفية هارب من سجن النطرون، والقبض على أخطر تشكيل سرقات بالقاهرة والجيزة، ومصرع "جابر شفاعة"أخطر مسجل "خطر"بشمال الصعيد، والقبض على أكبر تجار المخدرات بالفيوم، والقبض على أخطر عصابة تخصصت فى النصب على السيدات بالغربية. وكانت شوارع مصر والميادين العامة من أسوان إلى الإسكندرية خلية نحل لحملات أمنية مكبرة لإزالة الإشغالات من الأجهزة الشرطية المختلفة، وبالفعل تغير شكل الميادين والشوارع، وهو ما أدى إلى حدوث سيولة مرورية بعد أن كانت الشوارع محتلة من الباعة الجائلين. وتواكب مع تلك الحملات نزول رجال المرور إلى الشارع بعد فترة من الخوف والترقب بسبب التداعيات التى واكبت الثورة، وحالة الانهيار التى حدثت فى الجهاز الأمنى، وبالفعل عادت الثقة لرجال الشرطة بعد أن لمسوا تعاونا كبيرا من رجل الشارع. وفى خطوة مهمة من أجل الحفاظ على صحة المرضى والعاملين بالمستشفيات قام اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، بإنشاء إدارة خاصة لتأمين المستشفيات بالوزارة ومديريات الأمن بالمحافظات تتولى عمليات التأمين والتنسيق مع تلك الجهات، كما قامت أجهزة التدريب بقطاع الحراسات والتأمين بوزارة الداخلية بعقد دورات تدريبية مُكثفة للعاملين المسئولين عن الأمن الداخلى بالمستشفيات، لتدريبهم وتأهيلهم للقيام بمهام أعمالهم. الوقود.. الأزمة مستمرة ونظرا للتأثير السلبى لنقص المواد البترولية من بنزين وسولار وأسطوانات البوتاجاز على المواطن البسيط، مع ارتفاع أسعارها، حرصت الدولة على توفير الاحتياجات اليومية فى إطار هذا الملف، وبالفعل بعد تولى الرئيس حدث نوع من الاستقرار فى توفر المواد البترولية، ولم تشهد المحافظات أزمات كبيرة مثل تلك التى شهدتها البلاد منذ أول يونيو الماضى، التى أرجعها المسئولون إلى نقص فى السيولة النقدية من العملة الأجنبية دفعت الشركات الموردة لتلك المواد إلى إيقاف السفن فى البحر وعدم التوريد حتى تسديد المبالغ المطلوبة. ولمواجهة الأزمة ومنع تكرارها أصدر الرئيس محمد مرسى تعليماته بتوفير السيولة النقدية من أى بند، وعمل مخزون نقدى أجنبى دائم لهذا الملف، وبالفعل تم توفير 400مليون دولار لسد عجز الوقود. واقعيا ما زالت الأزمة قائمة على الأرض فى عدد من المحافظات، فى الوقت الذى تشهد فيه انفراجة فى أماكن أخرى، بينما يتواصل فيه التحرك الرئاسى عبر عدد من الآليات لحل جذرى للمشكلة التى تزداد حدتها بين فترة وأخرى بفعل مافيا السوق السوداء تارة والمهربين تارة أخرى، وهو ما جعل الرئيس يعقد اجتماعا مع رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل ووزير البترول أسامة كمال من أجل وضع حل للأزمة ومنع تكرارها. النظافة .. جهود كبيرة وتحسن بسيط شهد ملف النظافة تقدما نسبيا بعدد من المحافظات، ولمزيد من فاعليته تم إعطاء المحافظين الحرية فى اتخاذ الإجراءات التى تتناسب مع كل محافظة فى إطار مبدأ اللامركزية، على أن يتم تقييم كل محافظة بنسب مئوية توضح نسب الإنجاز والإخفاق، واعتماد نظام رقابة دورية لتوضيح سبب الإخفاق ومحاسبة المقصرين أم أن هناك قصورا فى النواحى المالية والإدارية واللوجستية ومن ثم توفيرها فى الحال. كما تم البحث عن تعديل تشريعى للخروج من أزمة عقود النظافة التى أبرمت فى عهد النظام السابق، حيث لا يتم تحمل أى تعويضات حال اللجوء للتحكيم الدولى. وتم تقسيم القاهرة الكبرى والإسكندرية إلى مربعات صغيرة، وتم الاتفاق مع المحافظات والمحليات على إزالة القمامة والمخلفات كبديل مؤقت لشركات النظافة. وأطلق الرئيس حملة قومية شعارها "وطن نظيف"، وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها، حيث يشرف الرئيس عليها بنفسه، وتتعاون فيها الأجهزة التنفيذية فى مختلف المحافظات وعدد من الجمعيات الأهلية والمئات من شباب الأحياء المتطوعين، ووفرت وزارة البيئة لهم أدوات النظافة العامة ووحدة للتوعية المتنقلة. وتبذل الدولة جهودا حثيثة لحل المشكلة جذريا بتوفير المعدات واختيار المواقع المناسبة لإنشاء مصانع التدوير والدفن الآمن ودعم وبناء قدرات الشركات الوطنية العاملة فى مجال النظافة. وحول صعوبة استشعار المواطن للتحسن النسبى بملف النظافة خاصة بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية كشف أحمد زكى عابدين -وزير التنمية المحلية ل"الحرية والعدالة"- أن أزمة الشركات الخاصة للنظافة هى المعضلة والتحدى الأكبر بهذه المحافظات، موضحا أن تلك الشركات بعقودها الجائرة تعد عائقا فى الإنهاء على أزمة النظافة رغم الجهود التى تبذل فى هذا الشأن. وقال: وفقا لتلك العقود لا تستطيع الدولة فرض غرامة على تلك الشركات أكثر من 10% من قيمة العقد، وحتى إن لم تعمل نهائيا، وتلك العقود ممتدة إلى 2015، ولا تستطيع الدولة إلغاءها للعواقب المالية الجسيمة إذا لجأت تلك الشركات إلى التحكيم الدولى، وأضاف: إن الدولة ستعمل على معالجة القصور فى عمل تلك الشركات من رفع القمامة وتجميعها من المنازل، حتى تنتهى العقود وجار دراسة الطرق المناسبة لتطبيق ذلك. وأوضح عابدين أن المحافظات قامت بجهود ملموسة وواضحة فى تنفيذ برنامج المائة يوم، مشيرا إلى أن محافظات بنى سويف وكفر الشيخ والسويس والوادى الجديد وبورسعيد والفيوم سجلت أعلى نسب تنفيذ فى محاور رفع المخلفات المنزلية والزراعية، بينما كانت محافظات القاهرة والفيوم وأسوان وكفر الشيخ هى الأعلى فى تنفيذ رفع مخلفات البناء. أزمة الخبز محلك سر سعت الحكومة خلال الفترة الماضية لحل أزمة الخبز من خلال محورين؛ أولهما: تشديد الرقابة على المخابز وعلى توزيع الخبز من خلال حملات تموينية مشددة، كحل سريع للقضاء على الطوابير الممتدة وتحسين جودة الرغيف. أما المحور الآخر: فهو تحرير منظومة الخبز، وجعل الدعم على المنتج النهائى وهو الرغيف بدلا من أن يكون على القمح والدقيق، مع فصل التوزيع عن الإنتاج للقضاء على الفساد المستشرى فى تلك المنظومة، ومنع تسريب الدقيق إلى السوق السوداء حتى يصل الدعم إلى مستحقيه. وفى إطار تلك الخطة تسعى الحكومة إلى إنشاء مخابز مليونية لزيادة الكميات المنتجة من الخبز لسد العجز، وبالفعل بدأت محافظة المنوفية فى إنشاء مخبز مليونى كتجربة سيتم تعميمها فى باقى المحافظات فيما بعد.. وكشف وزير التموين أبو زيد محمد عن بدء خطة تطوير مخابز القطاع العام بالجيزة، التى تضم 42خطا للإنتاج، وتم افتتاح مجمع الطالبية لمخابز الشركة المصرية للمخابز، وينتج حوالى 120ألف رغيف يوميا. وفى محاولة لإزالة المعوقات قامت وزارة التموين بصرف المتأخرات المالية التى ترتبط بالحافز والسولار لأصحاب المخابز منذ عام 2008، وتقدر ب250مليون جنيه، وشُكلت لجنة لإعادة النظر فى تكلفة صناعة الخبز وإجراء تحليل مبدئى للأسعار، وستقوم اللجنة بإعداد مذكرة فنية مبدئية لرفعها إلى وزير التموين ومكتب رئاسة الجمهورية، كما اجتمعت اللجنة الرئاسية لملف الخبز بالمعنيين بصناعة الخبز لاستعراض القضية من وجهة نظر حكومية.