مع قدرة قطر على احتواء آثار الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين، يوم 5 يونيو الماضي، وتعاطيها الإيجابي مع حل الأزمات الناتجة عنه بصورة سريعة؛ فقدت هذه الدول معظم أوراق الضغط على الدوحة، بعد أن ألقت أوراقها جملة واحدة دون أن تحقق الهدف المنشود منها. وبعد مرور حوالي 25 يوما على الحصار، ومع مؤشرات قوية على رفض الدوحة للمطالب ال13 التي أعلنتها دول الحصار؛ لأنها تمثل فرض وصاية على دولة ذات سيادة واستقلال، فهل تملك هذه الدول أوارقا أخرى للضغط على الشقيقة قطر؟ أم أنها فعلا استخدمت كل أوارقها وباتت عاجزة عن مواجهة صمود الدوحة، بعدما ما تلقته من دعم من جانب شركاء إقليميين ودوليين، على رأسهم تركيا وألمانيا وفرنسا وروسيا وإيران التي انتهزت الفرصة وأبدت مرونة كبيرة في مساعدة الدوحة؟. الحصار يفقد قيمته وبحسب خبراء، فإن دول الحصار فقدت أهمية وقيمة الإجراءات التي قامت بها؛ لأنها ألقتها جملة واحدة دون أن تحقق أهدافها، ظنا منها أن الدوحة سوف تستسلم خلال أيام قليلة، ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماما. من جانبه، قال رئيس منتدى الشرق والإعلامي البارز وضاح خنفر، رئيس مجلس إدارة الجزيرة سابقا: إن الإجراءات التصعيدية ضد قطر تمت دفعة واحدة، معتبرًا أن أي خطوة تصعيدية غير متوقعة مثل التصعيد العسكري، ستكون تكلفتها باهظة دوليًا وإقليميًا. وفي حوار أجرته الأناضول مع خنفر في إسطنبول، أضاف أن "الإجراءات التصعيدية التي اتخذت ضد قطر، والتي شملت إغلاق الحدود الجوية والبرية، وطرد المواطنين القطريين، ومنع مواطني الدول من الذهاب إلى قطر، تمت دفعة واحدة، فاستنفذت عمليًا ما يمكن أن تقوم بها". وذهب خنفر إلى أن "هذه الدول (التي قاطعت قطر) كان لديها شعور أن الدوحة ستستسلم من اللحظة الأولى، أو ربما تفزع، ولكن هذا لم يحدث، بل الذي حدث أن المنظومة الداخلية في قطر بدت متماسكة، والاقتصاد لم يهتز، والحاجات الإنسانية الأساسية كالمعتاد تلبى فيها". ولفت خنفر إلى أن "النقطة الأهم تمثلت في التحرك السريع لدول الإقليم، مثل الوساطة الكويتية، والموقف التركي الذي كان حاسمًا في تسريع اتفاقية التعاون العسكري بين الدولتين، والموقف الإيراني والألماني كان جيدًا، والموقف الفرنسي والروسي كذلك، وبالتالي المسألة لم تعد مسألة إقليم وحسب، بل مسألة دولية". "4" أوراق لدى دول الحصار والراصد لمحتوى ما تقدمه وسائل الإعلام لدول الحصار، يدرك أن هناك 4 أوراق تم التهديد بها: أولها التصعيد العسكري وإن كانت الإشارة إليه خافتة. ويستبعد معظم الخبراء أي تصعيد عسكري في منطقة الخليج لاعتبارات كثيرة، أهمها التوازن الدولي الذي لن يسمح بمثل هذا الإجراء؛ لما يترتب على ذلك من كوارث على الاقتصاد العالمي كله. ويؤكد وضاح خنفر أن "أي خطوة تصعيدية غير متوقعة مثل التصعيد العسكري، ستكون تكلفتها باهظة دوليًا وإقليميًا، وليست هناك مبررات ممكنة لمن يحسب حسابات استراتيجية حقيقية، إلا إذا كانت مغامرة غير محسوبة، هذا شيء آخر يخرج عن نطاق التحليل والتوازنات الاستراتيجية". أما ورقة الضغط الثانية فهي عزل الدوحة من مجلس التعاون الخليجي، وإن كان لن يؤثر كثيرا، فعلاقات قطر الاقتصادية مع دول الحصار مقطوعة بالفعل ولا تحتاج إلى قرار، وفعليا النتائج المترتبة على هذا القرار تحققت بالفعل، وإقراره لن يزيد شيئا في الحصار القائم بالفعل. وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مقابلة مع "التلفزيون العربي"، بُثت الخميس، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية لديها رؤية بأن يبقى مجلس التعاون الخليجي في إطاره الموحد، وأن يظل متماسكاً، معتبرا أن "تقديم قائمة مطالب على شكل إنذار بالقبول أو الإلغاء هو دليل على أن هذه المطالب ليس لها أساس". وأوضح أن "دولة قطر لم تتنازل يوما ما عن تماسك مجلس التعاون الخليجي، لكن ما حدث يثير تساؤلات بشأن مستقبل المجلس". وتساءل وزير الخارجية القطري: "هل سيوفر المجلس حماية من أي هجوم"، مستدركا بالقول: "وإذا كان مثل هذا الهجوم من قبل دول المجلس نفسها؟". أمّا الورقة الثالثة فهي الضغط على الفيفا لسحب ملف تنظيم قطر لكأس العالم 2022، وهو الملف الذي "تثرثر" حوله وسائل الإعلام الموالية لدول الحصار. وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية قد أشارت إلى أنها حصلت على تقرير غارسيا، الذي يتضمن أكثر من 400 صفحة حول استضافة مونديالي 2018 و2022، والذي رفض الفيفا نشره بالكامل. وحاولت الترويج لمزاعم بوجود شبهات فساد، ملمحة إلى إمكانية سحب تنظيم المونديال من الدوحة، وذلك في إطار حملة ممنهجة تشنّ منذ فترة ضدّ قطر. لذلك، ولإزالة كل الشكوك والتخمينات، سارع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بنشر ال400 صفحة من تقرير غارسيا الخاص بملابسات منح تنظيم مونديالي 2018 و 2022. وخلص التقرير المنشور، الذي تناول كل الدول المتقدمة لاستضافة البطولتين، إلى إبراء ساحة قطر من أي حديث عن الفساد، مؤكدا أنها لم ترتكب أية مخالفات، كما لم يتناول التقرير أية توصية بسحب كأس العالم 2022 عن قطر. أما ورقة الضغط الرابعة فهي الضغط على الشركاء التجاريين وبعض دول أوروبا للانضمام إلى حملة الحصار على قطر. وكشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن أنه بعد فشل ورقة الحصار.. فإن السعودية وحلفاءها يحذّرون الغرب: إما نحن أو قطر؛ فيوم الأربعاء 28 يونيو 2017، قال السفير الإماراتي لدى روسيا، عمر غباش، إن على الدول الغربية الاختيار؛ أما نحن وإما قطر، مشيرا إلى أن الدول المحاصِرة ستسعى إلى الضغط على الحلفاء من أجل الانضمام إلى حملتهم ضد قطر.