ليس مهما أن يضيق المصريون ذرعا بتفشي البطالة والفقر واكتظاظ السجون وتراكم الديون ما دام الإعلام يرى أن الانقلاب حقق نجاحات باهرة، وينبغي تسليط الضوء عليها حتى يدرك المواطنون أن نعيم الوهم خير لهم من جحيم الواقع، هكذا سخر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من نشر موقع بوابة "الأهرام" تقريرًا عن إنجازات السفيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي. ولا تستحي الأهرام التي تخطى عمرها ال100 عام من الفبركة المستمرة، حدث ذلك أيام المخلوع مبارك بنشر صورة يتقدم فيها المخلوع موكب أوباما وبعض الرؤساء وأمام الفضيحة لم تجد الأهرام مبررًا غير قولها أنها "صورة تعبيرية"، فهل تشترك إنجازات السفيه في الوصف نفسه ويمكن اعتبارها "إنجازات تعبيرية"! اديها كمان حرية! وعلى طريقة التطبيل أيام المخلوع مبارك، نشرت الأهرام في مستهل ملف من 3 صفحات كاملة، عكف عليه شيوخ التضليل في المؤسسة تقول: «هذه الأيام، تحتفل مصر كلها بمرور ثلاث سنوات على تولى عبدالفتاح السيسى. وإذا كان ثمة عنوان يجمع ما تم تحقيقه خلال تلك السنوات فهو الإنجاز والمصارحة»! ومضت في تقديم ملف الزور والفبركة مستغلة الأوضاع العربية الملتهبة، وحصار قريش لدولة قطر، الذي يشارك فيه السفيه السيسي، وقالت :"نظر الشعب فرأى بنية تحتية يعاد تأسيسها من جديد، ومشروعا كالحلم يجرى على قدم وساق فى إقليم قناة السويس، وحربا لا هوادة فيها على الفساد، واستعادة أراضى مصر المنهوبة، وتوازيها حرب على الإرهاب الأثيم يدفع فيها أبطال مصر البواسل من الجيش والشرطة الدم والروح.. نظر الشعب، فرأى مصر الخالدة تضع قدميها على طريق المستقبل بخطى واثقة لإعادة صنع التاريخ من جديد". ولم تنتظر الأهرام انتهاء العام الثالث وأرادت أن تطبل للجنرال القزم لانتخابات 2018، وبادرت لاستعراض ما عدّتها "إنجازات غير مسبوقة" في صورة أشبه بحملة دعائية منظمة منقوعة في الفناكيش الفاشلة. وتصدرت تقرير الأهرام موسعة ما وصفته "بالإنجازات والمصارحة"، ولأن الكلام في وصف إنجازات الفاشل ليس عليه جمرك ولا رقيب، ركبت "الأهرام" حصان الخيال وشطحت في الخيالات على طريقة ألف ليلة وليلة.. تكتب عن إنجازات كبيرة "ونجاح في مواجهة التحديات والخصوم". وبدا واضحا أن تقرير "الأهرام" تجاهل ما تواجهه البلاد من أزمات وكوارث اقتصادية وسياسية وأمنية، وتحاول "الأهرام فيما يبدو تحليل لقمة الصحفيين بها، بتقليد الحملة التي أجراها تلفزيون الانقلاب الرسمي عندما قام بحوار مطول مع السفيه السيسي استغرق نحو ساعتين، وأذاعته في الوقت نفسه قنوات الانقلاب التي يديرها رجال أعمال وصفهم الرئيس المنتخب مرسي ب"الفسدة". "الأهرام" ترقص وفيما يبدو أن الأهرام بحكم تقدم السن وعضمتها الكبيرة جاءت متأخرة، فقد سبقها العدد التذكاري الخاص بمجلة "المصور"، الذي صدر في الأول من يونيو 2016، وضم 430 صفحة بالألوان، تحت عنوان "عامان على حكم مصر"! وفي هذا السياق، يرى رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي أن "النظام يسعى من خلال هذه الحملة الدعائية الفجة إلى إعادة تسويق السيسي سياسيا وإعلاميا، بعد التأكد من تراجع شعبيته لمستويات خطيرة". وذهب في تصريحات صحفية إلى أن أغلب الشعب لم يعد يثق في وعود السيسي التي تبين أنها "مجرد أوهام، وبالتالي يعمد مع شركات العلاقات العامة المكلفة لتسويقه لإعادة بيع الوهم للشعب، في ما يسميه إنجازات تحققت على مدى أعوام من استيلائه على السلطة". وأشار إلى أن الكثير من المشاريع التي يقوم بافتتاحها واعتبارها إنجازات هي مشروعات قديمة من أيام الرئيسين المخلوع حسني مبارك والمنتخب محمد مرسي. ويرى قطب أن وسائل الإعلام التي بدأت حملتها الترويجية لما تسميه إنجازات السيسي تشارك في تضليل الرأي العام، وهي بذلك ترتكب جريمة مخالفة للقانون وميثاق الشرف الصحفي. طبل أجوف أما رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير فيرى أن هذه الحملة بمثابة طبل أجوف يحدث ضجيجا عاليا، وأنها لا تعدو كونها محاولات زائفة للترويج للوهم لن تنطلي على أحد. وتابع في تصريح صحفي "ما يقومون به أقرب للمثل العامي المصري "خذوهم بالصوت أحسن يغلبوكو"، مما يعني أن "ما لم نحققه للناس في حياتهم ومعاشهم يمكننا تحقيقه بالوهم والخداع، وفي النهاية لن يحاسبنا أحد على ما نقول، بل سنحصل على الدعم والحظوة لدى السيسي". ويرى المنير أن ما يقوم به النظام هو "احتفاء بذكرى اغتصاب السيسي للسلطة حين قام بالانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013". ودفاعًا عن حملة "الأهرام" قال "الأمنجي" رئيس حزب الجيل الديمقراطي "ناجي شهابي"، المؤيد للانقلاب، إنه "من الطبيعي أن تقوم وسائل الإعلام باستعراض إنجازات السيسي، وأن تفرد لذلك برامج في التلفزيون وصفحات بالصحف"، لإحساسهم بأن العديد من الإنجازات لم تصل بعد لإدراك الشارع المصري!