بعد امتناع إثيوبيا عن حضور اجتماع اتفاقية عنتيبي الأسبوع الماضي، وحالة الصمت الإستراتيجي التي تتبعها أديس أبابا إزاء ملف سد النهضة، وسط انشغال السيسي بعقد الصفقات مع الجانب الإسرائيلي وإرضاء السيد ترامب الأمريكي وموازنة أموره مع الدب الروسي بفتخ القواعد العسكرية غربي مصر لتمكين روسيا من دورها في ليبيا، أطلقت السلطات الإثيوبية حملة للتعبئة العامة لاستكمال بناء سد "النهضة"، حسب وكالة الأنباء الإثيوبية، أمس، فيما يسود الصمت المحادثات الخاصة بالسد، التي تجريها مكاتب استشارية. ونقلت الوكالة الإثيوبية، الخميس، عن رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلى ماريام ديسالين، قوله إن شعلة النهضة تهدف إلى تنشيط دعم الجمهور بروح جديدة. وتابعت: أُضيئت شعلة النهضة، الثلاثاء، في أديس أبابا، وستبقى في المدينة لمدة شهر، بعدها ستطوف جميع أرجاء إثيوبيا لمدة 11 شهرا. من جهته، كشف الأستاذ المصري المشارك لهندسة السدود وهندسة الجيوتكنيك بجامعة Uniten-Malaysia، الدكتور محمد حافظ، أن إثيوبيا أغلقت النيل "بالضبة والمفتاح"، محذرا من اكتمال بناء أجزاء مهمة من النيل، مع إغلاق كامل لمجرى النيل، وهو ما أثبتته عدد من الصور قال إنها التُقطت حديثا لسد النهضة. وفي تدوينة له عبر صفحته بموقع "فيس بوك"، قال حافظ إنه التقط تلك الصور من مقطع فيديو أذاعه التلفزيون الإثيوبي في 29 مارس الجاري، مشيرا إلى أن المقطع يظهر الجزء الشرقي من سد النهضة، الذي وصل لأقصى ارتفاع له، بينما الجزء الأوسط بدأ العمل في المقطع الناقص منه حتى يوم 18 فبراير 2017، الذي ظهر في فيديو قناة الجزيرة، والماء يمر من عليه. وأضاف أن أحدث صورة تم أخذها في منتصف الليل (حتى لا يظهر منها أي تفاصيل) تظهر البدء في صب خرسانة الجزء الناقص من المقطع الأوسط. وشدد حافظ على أن معنى هذا الكلام هو أن النيل أغلق "بالضبة والمفتاح"، وأنهم لو عملوا ليل نهار دون أي توقف حتى منتصف شهر يوليو المقبل، فمن المنتظر أن يتمكنوا من استكمال الجزء الأوسط والارتفاع به لمئة متر، وهذا يعني قدرتهم على التخزين وتوليد الكهرباء بحلول شهر سبتمبر 2017. إلى ذلك، كشف تقرير عرضه موقع "UPI" عن دراسة حديثة استغرقت سنوات عدة لنهر النيل، وتأثير النشاط البشري فيه، ذكر فيها أن زيادة النشاط البشري خلال العقود القليلة الماضية أدت إلى صنع أزمة في المياه العذبة، مهددة حياة ما يقرب من 90 مليون نسمة في مصر. وأشار التقرير إلى أن هذه الكارثة قد تؤدي إلى جعل المنطقة بأكملها غير قابلة للسكن بحلول نهاية هذا القرن، مشيرا إلى أن معظم سكان مصر، البالغ عددهم أكثر من 90 مليونا حاليا، يعيشون بالقرب من وادي النيل والدلتا؛ بسبب تربتها الغنية التي وفرت معظم الوسائل الزراعية المحدودة لإنتاج الغذاء وإمدادات المياه العذبة. السيسي سبب الأزمة وعلى الرغم من خطورة الموقف، ما زال الانقلاب العسكري مشغولا بقضايا العمولات من صفقات السلاح الألمانية والفرنسية وعقود استيراد الغاز من الصهاينة، رغم الكشف مؤخرا عن حقول جديدة تحوي احتياطات كبيرة من الغاز تقدر ب200 مليار متر مكعب.. وهو ما يمثل أكبر خط على التاريخ المصري. وكان السيسي اعترف بموجب وثيقة مبادئ في 23 مارس 2015، التي وقعها في الخرطوم بحق إثيوبيا في بناء السد، مقابل تعهداتها بمشاركة القاهرة في إدارته.. لكن خبراء مصريون حذروا من عدم إقرار إثيوبيا في الوثيقة نفسها بحصة مصر من مياه النيل، التي تقدر ب55 مليار ونصف المليار متر مكعب سنويا، وفقا لاتفاقية عام 1959.