بعد احتجاز دام لتسعة وعشرين يوما خرج الصيادون المصريون المحتجزون في السودان وعددهم 15 بحارًا بعد أن دخل مركبهم "أبو العلا" المياه الإقليمية السودانية في الثالث والعشرين من شهر أغسطس الماضي خلال فترة احتجازهم أصبحت قضيتهم تشغل الرأي العام المصري وأهالي محافظة دمياط بشكل خاص، وذلك بعد قيام أسر الصيادين بالتظاهر أمام قصر الاتحادية، مطالبين الرئيس محمد مرسي بالتدخل للإفراج عنهم، وبعد الجهود المكثفة التي بذلتها وزارة الخارجية والسفير المصري بالسودان وبعض نواب مجلس الشورى عن محافظة دمياط تم الإفراج عنهم ليعودوا إلى أرض الوطن، جريدة "الحرية والعدالة" كانت في انتظارهم لتنفرد بأول حوار مع الصيادين وأسرهم؛ ليرووا تفاصيل تلك المأساة التي عاشوها طوال تلك المدة. * ريس المركب: نفد الجاز أمام السودان فاستغثنا بسفينة صيد مصرية فتجاهلتنا: في البداية سألنا هاني نوفل ريس مركب "أبو العلا" كيف بدأت قصة احتجازهم بالأراضي السودانية؟، فأجابنا بأن المركب كانت في رحلة صيد إلى اليمن بتصريح رسمي من وزارة الخارجية المصرية صادر من ميناء السويس، وقمنا بصيد "الجمبري" والأسماك من منطقة خليج عدن والبحر الأحمر ثم اتجهنا للعودة إلى مصر حاملين أسماكا تتجاوز قيمتها ال 700 ألف جنيه مصري في طريق العودة، وقبالة سواحل السودان نفد "الجاز" من المركب، فتوقفنا في عرض البحر حتى مرت علينا مركب صيد مصرية كانت قد خرجت معنا من ميناء السويس، فطلبا منهم تزويدنا بالجاز فلم يستجيبوا لنا فأنزلنا الهلب وانتظرنا أي مساعدة تأتي. * رحلة العذاب بسجون السودان: يضيف نوفل جاءنا بعد قليل خفر السواحل السوداني وأخبرنا عن تجاوزنا المياه الإقليمية السودانية، فقلنا له إن السولار نفد من المركب فتفحص خزانات الوقود وتأكد من نفاد الوقود، فقام باقتياد المركب إلى أحد الموانئ السودانية؛ حيث بدأت رحلة العذاب بالسجون السودانية، فقاموا باحتجاز 12 من أفراد المركب داخل حجرة مترين في مترين، وقاموا بتعذيبي أنا والميكانيكي ونائب الريس باستخدام الكهرباء والوقوف في أوضاع صعبة، والضرب المبرح لكي يحصلوا على اعترافات بقيامنا بتهريب البشر أو المخدرات. * نوفل: صاحب المركب أرسل مندوبًا لإخراجنا لكنه "جه يكحلها عماها": وأضاف قائلاً أنه بعد يومين جاءنا مندوب صاحب المركب ويدعى "عثمان حرز" لدفع الكفالة البالغ قدرها 20 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى 4000 دولار أخرى للتزود بالوقود، ودفع الغرامة بالفعل، وحصلنا على البراءة في اليوم الثاني من احتجازنا، لكن حرز وجد أن السلطات السودانية قد أخذت كمية كبيرة من "الجمبري" التي تم اصطيادها، فقام بتهديد السلطات السودانية برفع دعوى قضائية ضدهم، وهنا حدثت المأساة، فقررت السلطات إعادة احتجازنا وتوجيه تهم جديدة لنا، واستمر احتجازنا بسجن بورسودان لمدة 18 يوما ذقنا خلالها أسوأ معاملة من الأمن السوداني، وكانوا يعايروننا بأن الأمن المصري يفعل مع المصريين أكثر من ذلك، وخلال تلك الفترة لم تكن السفارة على علم بوجودنا بسبب تعمد عثمان حرز إخفاء قضيتنا عن السفارة لأسباب مجهولة. * السفير زارنا ومن حينها اختلفت معاملة السلطات السودانية لنا: ويستطرد نوفل فيقول: "بعد ذلك جاءنا شخص يدعى أحمد علي أحد المصريين المقيمين بالسودان وسألنا عن قصتنا، وأخبرنا بأنه سيخبر السفارة بوجودنا، وبالفعل بمجرد علم السفير زارنا على الفور، وأوفد معنا نائب القنصل المصري ويدعى الأستاذ عبد الجليل؛ حيث رافقنا خلال إجراءات المحاكمة، وتم تعجيل الإجراءات بشكل كبير حتى أصبحت يوميا تعقد جلسة لقضيتنا، وتمكنا من الاتصال بأسرنا بمحافظة دمياط، وتم الإفراج عنا بالفعل إلا أن شرطة الميناء رفضت إطلاق سراحنا، وعاملتنا بشكل مهين، وبتنا ليلة في العراء، وقد لاقى عبد الجليل معاملة سيئة من قبل الأمن السوداني رغم تمتعه بحصانة دبلوماسية!". * بعد عودتنا للوطن فوجئنا بالمعاملة الحسنة وتعجيل في إجراءات دخولنا: وختم نوفل حديثه بقوله: "ثم تم الإفراج عنا وعن المركب، وتوجهنا إلى ميناء السويس؛ حيث تم استقبالنا بحفاوة بالغة، كما تم تعجيل إجراءات خروجنا من الميناء حتى وصلنا بفضل الله سالمين إلى أهلنا، ونشكر كل من ساهم في إخراجنا ونخص منهم الرئيس محمد مرسي الذي عين هذه البعثة الدبلوماسية المحترمة بالسودان، و د. حسن المرسي عضو مجلس الشورى، ود. محمد نصر القيادي بحزب الحرية والعدالة، والذي تبنى قضينا طوال تلك الفترة". أما أحمد نوفل شقيق هاني والذي تولى مهمة زيارة الجهات المختلفة بالدولة من أجل إطلاق سراح شقيقه فيقول إنه توجه هو ومجموعة من أسر الصيادين إلى قصر الاتحادية لإرسال شكوى للرئيس محمد مرسي؛ حيث خرج إلينا مندوب من ديوان المظالم واستقبلنا واستلم شكوتنا وتعامل معها بشكل جدي، وعاملنا بكل احترام حتى أننا أحسسنا بالفرق بين العهد السابق وهذا العهد الذي يعامل فيه المواطن باحترام، ويجد مسئول يسمع شكواه، كما بعث أحمد بالشكر للرئيس محمد مرسي ووزارة الخارجية، وكذلك اللواء محمد علي فليفل محافظ دمياط، كما وجه الشكر لنواب حزب الحرية والعدالة بدمياط الذين استقبلوا أسر الصيادين مرتين، وقاموا بتقديم بيان عاجل بالمجلس لحل أزمتهم. أما الحاجة أمال الخنيني والدة حسن محمد عوض ميكانيكي المركب، فعبرت عن فرحتها الغامرة بعودة ابنها، مؤكدة أنها عاشت أياما عصيبة خلال غيابه في تلك الأزمة، مستنكرة معاملة دولة السودان للصيادين المصريين بهذا الشكل قائلة: "حسبي الله ونعم الوكيل في المركب اللي مساعدتهمش، وحسبي الله ونعم الوكيل في كل اللي أهانهم" كما قالت: "لما روحنا للمسئولين في قصر الرئاسة والمحافظة قابلونا أحسن استقبال، وطمنونا وماسبوناش إلا لما أولادنا رجعوا.. ربنا يحميهم يا رب".