يبدو أن بوادر الصدام التي طفت على السطح مؤخرا بين حكومة الانقلاب وقيادات الكنيسة حول مشروع "بناء الكنائس" قد انتهى إلى انتصار رؤية تواضروس، بابا الكرازة المرقسية والكنيسة الأرثوذوكسية، وإذعان السيسي وحكومته لشروطه وتحفظاته. إذعان حكومي ووقع رئيس حكومة الانقلاب، شريف إسماعيل، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، النسخة النهائية من القانون، بعد أن تم التوافق على المواد الخلافية فيه، وموافقة المجمع المقدس بالكنيسة عليه. في سياق متصل، أعلن رئيس الطائفة الإنجيلية، أندريه زكي، قبول الحكومة التعديلات المقترحة من الكنائس المصرية الثلاث، بشأن قانون ترميم وبناء الكنائس. وقال زكي، في تصريحات نقلتها "المصري اليوم"، الأربعاء، إن مجلس الوزراء سيعقد اجتماعا الخميس لإقرار القانون؛ تمهيدا لعرضه على مجلس النواب. وأضاف أن هناك جهات مسئولة بالدولة أبلغته رغبتها الحقيقية في إزالة العقبات لإصدار القانون. من جانبهم، سرَّب إعلاميون مقربون من السيسي، مساء الأربعاء، نبأ توصل الحكومة إلى الاتفاق مع الكنيسة، بخصوص مشروع القانون، دون أن يكشفوا عن أن الاتفاق تم بعد سحب الحكومة تعديلاتها بالفعل، وأخذها بالمشروع الذي تقدمت به الكنيسة. بيان كنسي وأعلنت الكنيسة الأرثوذكسية، التوصل إلى صيغة توافقية مع الحكومة بشأن قانون بناء وترميم الكنائس. وقالت الكنيسة -في بيان لها مساء الأربعاء أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط- إن المجمع المقدس عقد أمس الأربعاء جلسة خاصة حضرها 105 من المطارنة والأساقفة من بين أعضائه البالغ عددهم 126 عضوا لمناقشة مشروع قانون بناء وترميم الكنائس والذي شاركت في إعداده الكنائس المصرية منذ عدة أشهر والمزمع تقديمه إلى مجلس النواب خلال أيام. وأضاف البيان، أنه في إطار المناقشات والمقابلات التي تمت مع (قائد الانقلاب) عبدالفتاح السيسي وشريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ومجدي العجاتي وزير الشئون القانونية، وبعد طرح مواد القانون العشرة للمناقشة بين الحضور والتعديلات التي تمت مؤخرا وإجابة التساؤلات والاستفسارات وبعد التشاور والتوافق مع ممثلي الكنائس، يعلن المجمع المقدس وبنية خالصة التوصل إلى صيغة توافقية مع ممثلي الحكومة تمهيدا للعرض على مجلس الوزراء وتقديمه لمجلس النواب. وكان رئيس مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب، استقبل الاثنين الماضي، تواضروس الثانى، بطريرك الكرازة المرقسية، في إطار مناقشة مشروع قانون بناء الكنائس. وأكد شريف إسماعيل حرص الحكومة التام على التنسيق الكامل مع الكنيسة لإصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس. وينتظر مجلس النواب مشروع قانون بناء وترميم الكنائس بعد أن ينهي رحلته بين أروقة مجلسي الوزراء والدولة لمناقشته، وذلك تمهيدا لإقراره بشكل نهائي وفقا لمقتضيات دستور الانقلاب الذي نص على إقراره خلال دور الانعقاد الأول للبرلمان. وتابع البيان قائلا إنه "على الرغم من أن أي قانون هو بمثابة نصوص جامدة فإنها تحتاج إلى فكر منفتح في التطبيق العملي وليس الحرفي وبصورة واعية في المجتمع من أجل سلامته ووحدته وصيانة علاقات المودة بين جميع المصريين في حياة مشتركة نحو غد أفضل فيه العدل والمساواة". وقال البيان "نحن نصلي أن يكون تطبيق القانون بعد إقراره خطوة للأمام في بناء مصرنا الجديدة ونفهم أن السنوات الأولي للقانون ستكشف مدى فاعليته وصلاحيته واحترامه للأخر آملين ألا تظهر مشكلات على أرض الواقع". وتتركز الانتقادات لمشروع القانون الجديد في إبقاء بناء الكنائس في يد السلطة التنفيذية الممثلة في المحافظ، الذي ينص مشروع القانون في مادته الثالثة على سلطته المطلقة في منح تراخيص بناء وترميم الكنائس. جهات سيادية تسترضي الكنيسة ومن جهته، قال مصدر كنسي، بحسب صحيفة "فيتو"، مساء الأربعاء، إن البابا تواضروس تلقى اتصالا هاتفيا من جهة سيادية، عقب انتهاء جلسة المجمع المقدس، لمناقشة التعديلات الأخيرة، التي أثارت الجدل في القانون المقدم من الدولة. وشدد المصدر على أن الجهة السيادية أكدت للبابا الأخذ في الاعتبار بجميع المقترحات المطروحة من الكنائس، حول تعديلات مشروع القانون، متوقعة إصداره قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي للبرلمان؛ كي تتوفر الصفة الدستورية له، وفق المادة 235 من الدستور. (الذي وضعته لجنة "الخمسين"، المعينة من قبل الانقلاب عام 2014). تحفظات أربعة للكنيسة وقال مراقبون إن هذا التطور يأتي بعد أن مارست الكنيسة بزعامة تواضروس ضغوطا على الحكومة؛ إذ ألزمت قادتها "الصمت الغاضب" الأربعاء، وأكدت عليهم عدم الإدلاء بأي بيانات، في انتظار استجابة الحكومة لطلب الكنيسة إقرار مشروعها، وسحب التعديلات التي أدخلتها الحكومة عليه. وذكرت تقارير صحفية أن أهم تحفظات الكنيسة جاء على 4 تعديلات طالبت بها الكنيسة؛ وهي وضع مادة بضرورة تقنين الكنائس غير المرخصة، وعدم تغيير طبيعة المبنى الخاص بالكنيسة في حالة غلقها، وصدور قرار المحافظ دون الرجوع للجهات المعنية، بالإضافة إلى حرية ممارسة الشعائر، ووضع الصلبان والقباب فوق الكنائس. ضغوط البابا والكنيسة وكان السيسي قد التقى وفدا كنسيا يوم الخميس 28 من يوليو الماضي على خلفية تهديدات غير مسبوقة من جانب البابا تواضروس والتي أكد فيها أنه لم يعد بوسعه التحكم في مظاهرات وتحركات أقباط المهجر وشباب الأقباط، كما هاجم الكاهن مرقص عزيز مخائيل الذي يقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية السيسي بصورة غير مسبوقة ووصف السيسي بأنه أسوأ رئيس جاء لحكم البلاد وأنه خان الأقباط الذي جاءوا به إلى الحكم وعايره بالمشاركة الواسعة للأقباط في مشهد 30 يونيو 2013 الانقلابي.