بعد أيام قلائل، لا نستبعد أن يسمع المصريون عن قانون جديد يقضي ب"بيع الجنسية المصرية مقابل وديعة بنكية"، ولن يكون المستغربون والساخرون- بمن فيهم الأذرع الإعلامية- إلا مؤيديين للقانون الذي بدأ الإعداد له منذ يونيو 2014، وطرحه بعض الإعلاميين من عينة أسامة كمال وعادل حمودة والمحطات الفضائية الخاصة الممولة خليجيا، مدعين أنها "أغرب حلول النواب للخروج من الأزمة الاقتصادية، مضيفين لمقترح "بيع الجنسية" مقترحا آخر يفضح الانقلابيين وهو "التصالح مع رموز مبارك". هوى المخابرات وبالبحث عن مقدم المقترح، تبين أنه "النائب" معتز محمود، رئيس لجنة الإسكان والمرافق ببرلمان العسكر، واقترح "منح الجنسية المصرية للعرب مقابل دفع مبالغ مالية أو ودائع بنكية"، ورغم حقارة المقترح إلا أنه وجد أنصارا داخل "البرلمان"، واحتمل أخذا وردا، باعتبارها أنها تنشط الاقتصاد المصري، وكان المعترضون على الفكرة من القلة التي رأت أن "الوطن ليس للبيع". وتبين أن "النائب" هو نجل القيادي بالحزب الوطني محمد محمود، والنائب عنه في برلمانات فتحي سرور. إلا أن الجديد كان أن النائب لا ينطق عن الهوى، فقد رأى الانقلابي "مجدي العجاتي"، وزير الدولة للشؤون القانونية ومجلس النواب، منحهم إقامة بموجب وديعة نقدية تودع في أحد البنوك المصرية طوال مدة إقامتهم في مصر، وتقديرا من الدولة المصرية بدورهم في المساهمة في تنشيط الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني، وإقامتهم في مصر لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ما يشكل نوعا من الوفاء والانتماء إلى الدولة المصرية، فقد رأى منحهم الجنسية المصرية على أن تتوافر فيهم سلامة العقل، وحسن السمعة، والإلمام باللغة العربية. تلقف حكومي وعلى الفور، أعلنت حكومة الانقلاب، أمس السبت، عن تعديل جديد على قانون ينظم إقامة الأجانب في البلاد، ينص على إمكانية منح الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب مقابل مبالغ مالية تدفع بالعملة الصعبة. وتضمن التعديل أن يتم إضافة نوع جديد من الأجانب المسموح لهم بالإقامة في البلاد، وهم الأجانب ذوو الإقامة بوديعة بنكية، إلى جانب الأجانب ذوي الإقامة الخاصة، والأجانب ذوي الإقامة العادية، والأجانب ذوي الإقامة المؤقتة. وينص القانون على أنه يجوز منح الجنسية المصرية، بقرار من وزير الداخلية، لكل أجنبي أقام في مصر إقامة بوديعة مدة خمس سنوات متتالية على الأقل، قبل تقديم طلب التجنس، متى كان بالغا سن الرشد، وتوافرت فيه الشروط اللازمة وفقا للقانون، مضيفا أنه في حال قبول طلب التجنس، تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة". وكشفت مذكرة "العجاتي" الإيضاحية لمشروع القانون، التي توضح أهدافه ومراميه، أن القانون يأتي انطلاقا من السياسة التي تنتهجها الدولة في تشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، وتيسيرا على الأجانب ذوي الارتباط الطويل والقوي بمصر، والعمل على خلق جو من الثقة والاستقرار؛ ليطمئن المستثمرون على أموالهم ومشروعاتهم، ولتحقيق الاستقرار العائلي لهم. تبرؤ مسبق ولأن الانقلاب وحكومته في الرمق الأخير، فقد تبرأ وزير السياحة الانقلابي الأسبق هشام زعزوع من المشروع ابتداء في 17 أغسطس 2014، وقال: "لست صاحب فكرة « بيع الجنسية» مقابل الاستثمار". وأضاف "زعزوع" أنه "تردد مؤخرا في عدد من وسائل الإعلام موضوع بيع الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب مقابل الاستثمار في مصر". وأشار إلى أن "الدوائر الإعلامية دأبت على نشر صورته مصاحبة للأخبار المتعلقة بهذا الموضوع، ما أعطى انطباعا بأن وزير السياحة هو مقترٍح فكرة هذا المشروع". وتابع وزير السياحة أن علاقته بهذا المشروع تقتصر على أنه قد التقى مقدم المشروع- بناء على طلبه – حيث عرض فكرة المشروع على الوزير، وقد أوضح الوزير لمقدم المشروع أنه يجب أن يتم عرض المشروع على كافة الجهات المختصة (الأمنية- القضائية- الاقتصادية..وغيرها) وإذا تراءى لهذه الجهات أنه لا يوجد محاذير على هذا المشروع يتم عرضه على مجلس الوزراء لإقراره. وأكد أن وزارة السياحة تضع أولا ونصب أعينها مصلحة الوطن وأمنه قبل اتخاذ أى قرار، وأنها تشجع أي مشروع يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمواطن المصرين ولكن دون المساس بالأمن القومي أو المصلحة العليا للبلاد.