8% فقط من المشتركين يستفيدون من خدمات التأمين المشتركون: لا أطباء متخصصين والعلاج ناقص والرعاية مفقودة مع تدنى الخدمة داخل المستشفيات الحكومية وارتفاع تكلفة العلاج فى المستشفيات الخاصة وتراجع ميزانية العلاج على نفقة الدولة يبقى التأمين الصحى الوسيلة الوحيدة للعلاج أمام المريض، رغم أنه يعانى هو الآخر من الإهمال وعدم الاهتمام ونقص الأدوية والأسرّة، ولأن مآسى التأمين الصحى لا تنتهى، خصوصا مع بسطاء الناس وأغلبهم موظفون لا يستطيعون توفير تكاليف العلاج فى المستشفيات الاستثمارية فتحت "الحرية والعدالة" الملف بكل أبعاده، للتعرف إلى رأى المواطنين والصعوبات التى تواجه العاملين فى التأمين الصحى وتجعلهم عاجزين عن تقديم الخدمة بشكل جيد وكيف ستتعامل الحكومة مع مشكلات هذا القطاع. تشير تقديرات وزارة الصحة إلى أن نسبة المشتركين فى التأمين الصحى تبلغ 58% من المصريين، إلا أن المستفيدين منه لا تتجاوز نسبتهم 8%، رغم سداد الاشتراكات الشهرية التى تخصم عادة من الرواتب. فى جولة داخل بعض مستشفيات التأمين الصحى تركزت الشكاوى حول نقص العلاج وفقدان الاهتمام والرعاية والاعتماد على أدوية "بديلة" مما يثير عدم الثقة، والتخوف من أن المريض إذا دخل المشستفى للعلاج قد لا يخرج أو يصاب بمرض أشد. (أول وآخر مرة!!) "هى أول وآخر مرة" بهذه الكلمات بدأ أحمد على -مهندس كيميائى- قصته مع التأمين الصحى التى كانت سببا "للفراق" مع هذا النظام العلاجى رغم أنه يدفع اشتراكا شهريا يخصم من راتبه بقيمة تعادل 50 جنيها. ويقول أحمد: القصة بدأت سنة 2008 عندما أصبت بمغص شديد وذهبت للتأمين الصحى، وقال الطبيب إنه يعانى من حصوات بعد عمل الإشاعات اللازمة، وأعطاه مسكنات لمدة يومين، لكن لا حياة لمن تنادى، فاضطر للذهاب لعيادة خارجية، وبمجرد الكشف عليه وجد الطبيب أن الزائدة قد انفجرت فى بطنه، وكان بين الحياة والموت، وتساءل: "كيف أضحى بنفسى مرة أخرى فى التأمين الصحى؟". وأضاف: التأمين الصحى ليس به خدمات أو إمكانات كافية، والعلاج غير موجود، والمتوفر منه غير فعال، لذلك غابت ثقة المواطن فى التأمين، معربا عن أسفه لأن البسطاء والفقراء لا يجدون بديلا غيره، وأشار إلى أن الأطباء غير متخصصين، فقط هم ممارسون وليست لديهم خبرة كافية، وهذه أسباب تجعله لا يثق فى هذا المكان، ولا يعرض حياته أو حياة أسرته للخطر. وأكد أحمد أنه لا مانع من زيادة الاشتراك الذى يخصم من الراتب مقابل أن يتلقى العلاج فى مستشفى خاص فيه خدمة جيدة وأطباء متخصصون ونحس بالأمان عند العلاج فيه. (أجهزة ملوثة) وتقول س. ر-موظفة فى إحدى المؤسسات الحكومية-: نحن من أسرة بسيطة لا تملك نفقات العلاج فى مستشفى خاص أو عيادة خارجية، ولأنى مشتركة فى التأمين الصحى ذهبت لعلاج أسنانى وبالفعل تمت معالجتى، وكنت راضية، ولكن الفرحة لم تكتمل، فقد انتقلت إلىّ عدوى بسبب تلوث المعدات وأصبت بفيروس سى، وكانت صدمة كبيرة لى عندما شعرت بآلام فى بطنى، فأجريت تحاليل وأشعة، قالى لى الطبيب بعدها إنها عدوى جاءتنى من عيادة الأسنان بالتأمين الصحى. وأضافت لأننا عائلة بسيطة لا ظهر لها لم أستطع أن أثبت التهمة على المستشفى، وما زلت أتلقى علاجا غالى الثمن حتى يشفى ألمى. وتقول أسماء محمد -طالبة جامعية- سمعت كثيرا عن "بلاوى" التأمين الصحى، وقررت ألا الجأ إليه مهما حدث، لأننى -على حد قولها- "مش مستغنية عن حياتى"، وأكدت أن "الناس بتدخل على رجليها، بتطلع جثث هامدة". ويرى فوزى الشاذلى -طبيب صيدلى- أن مستوى الخدمة فى التأمين الصحى يكون حسب الدرجة التى ينتمى لها الموظف وحسب الشركة التى يتبعها العامل، موضحا أن هناك 3 درجات (A – B – C)، وكل موظف على علم بالخدمة التى ستقدم له، ويختلف نوع الخدمة من موظف يعمل فى شركة خاصة عن موظف يعمل فى قطاع حكومى. ويضيف أنه حريص على الاشتراك فى التأمين الصحى؛ لأنه لا يكلف كثيرا، فقد حدثت له حادثة ولم يكن مشتركا فى التأمين الصحى واضطر لدفع أموال باهظة، لم يكن سيدفعها لو كان مشتركا. ويذكر أنه كان يعمل بإحدى الصيدليات الخاصة المتعاقدة مع التأمين الصحى وتوزع الدواء للعمال فى المصانع والشركات، وهناك نحو 6 شركات متعاقدة معنا، والمريض كان يأتى ب"الروشتة" ويأخذ علاجه دون أن يدفع جنيها واحدا. (رأى آخر) من جانب آخر، يؤكد حسين العسقلانى -موظف فى الأوقاف- أن مستوى الاهتمام فى التأمين الصحى يكون جيدا فقط عند التحويل إلى مستشفيات خارجية، لكن مشكلته فى التأخير فى توصيل الحالة؛ لأن ذلك يكون حسب الدور. ويقول إن والده أجرى أكثر من عملية جراحية "غضروف، شبكية فى العين"، ومستوى الاهتمام كان عاليا جدا، لكن قد يكون هناك إهمال فى الحالات البسيطة والعيادات الخارجية مثل الباطنة والعظام والأنف والأذن. ويشير إلى أن الاهتمام يكون جيدا عند التحويل إلى مستشفيات "تحاسب التأمين" من الخارج، أما التأمين نفسه فنسبة الاهتمام فيه متدنية للغاية، وقال: أنا لم أجرب التعامل معهم، وأفضل الكشف الخاص رغم أن لى تأمينا حكوميا. ويضيف: أعمل فى الأوقاف ولى نوعان من التأمين؛ التأمين الرسمى وهذا لكل الوظائف الحكومية، وتأمين آخر خاص مقابل خصم نسبة من الراتب، ويكون الكشف فى عيادات متخصصة بنصف أو ربع الكشف، ومع هذا أذهب للعلاج خارج التأمين لعدم الاهتمام.