محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تقدير كبير ل«قائد المسيرة».. سياسيون يتحدثون عن مدينة السيسي بسيناء    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    الإسكان تُعلن تفاصيل تنفيذ 3068 شقة في مشروع "صواري" في بالإسكندرية    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الدمار في غزة هو الأسوأ منذ عام 1945    الاعتراف بفلسطين.. دعم عربي وفيتو أمريكي    «كيربي»: روسيا تخرق قرارات الأمم المتحدة بشحن النفط إلى كوريا الشمالية    بعد سقوط توتنهام.. ليفربول يعود إلى دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل    صن داونز يهزم كايزر تشيفز بخماسية ويتوج بالدوري الجنوب إفريقي    القبض على نصاب بزعم التوظيف بمقابل مادي    «كان» يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية في افتتاح دورته ال77    الفنان أحمد السقا يكشف عن الشخصية التي يريد تقديمها قبل وفاته    نعيم صبري: نجيب محفوظ هو مؤسس الرواية العربية الحديثة    إجابة غير متوقعة.. زاهي حواس يكشف حقيقة تدمير الفراعنة لآثارهم    توقعات برج الأسد في مايو 2024: «تُفتح له الأبواب أمام مشاريع جديدة مُربحة»    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    «الصحة» تدعم مستشفيات الشرقية بأجهزة أشعة بتكلفة 12 مليون جنيه    في يومها العالمي.. سبب الاحتفال بسمك التونة وفوائد تناولها    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل سائقَين وإصابة 3 موظفين في السودان    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بيان عاجل من الأهلي بشأن أزمة الشحات والشيبي.. «خطوة قبل التصعيد»    أسعار النفط تستقر وسط ارتفاع المخزونات وهدوء التوترات الجيوسياسية    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    أخبار الأهلي: توقيع عقوبة كبيرة على لاعب الأهلي بفرمان من الخطيب    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    مستشار المفتي: تصدّينا لمحاولات هدم المرجعية واستعدنا ثقة المستفتين حول العالم (صور)    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولى العلمى الثانى للطب الطبيعى والتأهيلى وعلاج الروماتيزم    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريطانيا الگشف الطبي بالمجان وكل العمليات الجراحية الدقيقة أيضاً
نشر في الأهالي يوم 30 - 12 - 2010

يتمتع البريطانيون بغطاء شامل لمظلة التأمينات الصحية ، التي ترافق المواطن منذ المهد حتي اللحظات الأخيرة في طريقه إلي المستقر النهائي.
هذا النظام الشامل تم تطبيقه في عام 1948 ، تحت قيادة الزعيم العُمالي كلينت آتلي ، حيث ناضلت الحكومة العُمالية لإقرار النظام كمكافأة للبريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية . وجد المشروع في بداية تطبيقه بعض الإحتجاج من أطباء وهيئات صحية ، غير أن الحكومة استطاعت اقناع الجميع وتطبيق النظام الذي يضمن رعاية صحية كاملة للمواطنين دون اعتبار للأموال التي يملكوها أو حجم الثروات التي يتمتعون بها.
كل البريطانيين يظلل نظام التأمين الصحي كل أفراد المجتمع البريطاني ، وتتعامل معه العائلة المالكة ورئاسة الوزراء والوزراء حيث يدخلون المستشفيات العامة عند الحاجة إليها . ويكون من العار السياسي الذهاب إلي عيادة خاصة ، لأن معني ذلك التشكيك في النظام الحكومي الصحي للبلاد.. وقد وضعت الأميرة الراحلة ديانا طفليها وليم وهاري في مستشفي حكومي ، كذلك تذهب رئيسة الوزراء الأسبق البارونة تاتشر للعلاج تحت غطاء التأمين الصحي ولا تدفع شيئاً لعلاجها مثل أي مواطن عادي.
فلسفة هذا النظام هي مراقبة المواطن صحياً وتوفير الرعاية والكشف الدوري له من خلال شبكة العيادات المنتشرة في جميع الأماكن.. في كل حي يوجد الطبيب الممارس ، الذي يذهب إليه المواطنون للكشف والحصول علي رعاية دائمة ومتواصلة.. وكل مواطن يسجل نفسه في دفاتر هذه العيادة المحلية ، المسؤولة عن كل شئ تقريباً ، وهي الجهة التي تحول المرضي إلي العيادات المتخصصة والمستشفيات إذا اقتضت الحاجة .
العلاج الكامل لدي الطبيب الممارس مجاناً ، فلا يدفع المواطن شيئاً علي الإطلاق ، سواء للفحص ، أو أخذ عينات الدم الذي تتم دورياً ، كما أن الممرضين لا يحصلون علي أتعاب من المواطنين في سبيل إجراء المتابعة ومساعدة الطبيب الممارس .
كل إجراءات الفحص والمتابعة من خلال العيادة المحلية بالمجان ، ويتضمن ذلك استخدام الأربطة واعطاء الحُقن ، ومتابعة أحوال المرضي ، خصوصاً مرضي القلب والسكري وأصحاب الأمراض المزمنة والمسنين.. هناك سيارات تابعة لنظام التأمين الصحي ، تنقل المرضي غير القادرين إلي عيادات الأطباء ، والمستشفيات ، كما أن أصحاب الأمراض المزمنة التي تُقعدهم عن الذهاب إلي الممارس العام «الطبيب» تذهب إليهم أيضاً تلك السيارات . وأحيانا يتم تخصيص ممرضة تقوم بزيارات دورية لإعطاء الحقن والدواء ومتابعة الحالات الخاصة .
الكشف داخل المستشفيات بالمجان تماماً
تتولي المستشفيات استقبال المرضي في العيادات الخارجية ، وكل الكشف والمتابعة بالمجان ، كذلك العمليات الجراحية من البسيطة إلي الأخري المعقدة والدقيقة ، التي تجري لنقل الأعضاء ومتابعة حال المريض لفترة طويلة . وعلاج المرضي في المستشفيات مجاناً بالكامل ، ويشمل ذلك المتابعة اليومية وفحص الأطباء وإجراء العمليات الجراحية ، بالإضافة إلي تقديم وجبات الطعام الثلاث التي تُقدم مجاناً بالإضافة إلي الشاي والقهوة والعصائر ، وتوفير الكتب والمجلات والصحف اليومية أيضاً.
كل الأطباء ينضمون إلي شبكة التأمين الصحي ويتفرغ الطبيب بالكامل لعمله في العيادات المنتشرة في الأحياء ، ومهمته هي المتابعة لحالة مرضاه ، والكتابة إلي المتخصصين وتوجيه المرضي إلي المستشفيات في حالة الحاجة لعلاج متخصص أو لإجراء العمليات الجراحية.
الطبيب الممارس هو حلقة الوصل بين مريضه والمستشفي والأخصائي ، وجهاز المتابعة الذي يهتم بحالة المواطن بعد خروجه من المستشفي ، إذ ينتقل مركز الإهتمام مرة أخري إلي العيادة المحلية.. يدفع المواطن 7 جنيهات وعشرون قرشاً ثمن روشتة الدواء . فهذا سعر محدد مهما كانت طبيعة الأدوية التي يحتاجها المريض خصوصاً تلك الباهظة لمرضي السرطان والقلب .
يعفي المريض الذي يصل إلي سن الستين من دفع ثمن روشتة الدواء ، كما أن أصحاب الأمراض المزمنة لا يدفعون شيئا من ثمن الأدوية ، إذا إنها بالمجان . ويعفي الأطفال حتي سن 18 سنة من دفع ثمن الروشتة العلاجية التي تصرفها الصيدلات .
الضرائب الممول الرئيسي
تمويل هذا النظام يتم بالكامل من قيمة الضرائب التي تُحصلها الحكومة من العاملين والموظفين حسب نسب رواتبهم . الحكومة ملتزمة بإعطاء وزارة الصحة كل عام ما قيمته مائة مليار جنيه إسترليني ، يتم انفاقها علي رواتب الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي ، بالإضافة إلي بناء المستشفيات وصيانة المباني والإنفاق علي شراء الأدوية المجانية التي تُصرف للمرضي داخل المستشفيات .
موازنة القطاع الصحي مستقرة علي مائة مليار جنيه إسترليني ، مع زيادة كل عام لمواجهة معدل التضخم . وهذا الموقف يمثل إستراتيجية ثابتة للنظام البريطاني . وقد حاولت بعض الأحزاب عندما وصلت إلي الحكم إغراء البريطانيين للإعتماد علي العلاج الخاص وشراء شهادات تأمين صحي توفر العلاج السريع وعدم الإنتظار ضمن القوائم ، خصوصاً المرتبطة بأصحاب الأمراض الصعبة وعمليات نقل الاعضاء . وقد دافع البريطانيون عن نظامهم الصحي ضد هجمة مارجريت تاتشر اليمينية المتطرفة والتي خسر حزبها الانتخابات العامة بسبب هذا الموقف .
وعلي الرغم من أن الحكومة الإئتلافية ضغطت مصروفات الإنفاق العام ، لكنها رفضت مس موازنة القطاع الصحي لحساسية الرأي العام وإستعداده للتظاهر والإحتجاج إذا تخلفت هذه الخدمات ، حيث إن فلسفة القطاع الصحي حماية المجتمع والحفاظ علي قوته والإنفاق علي رعاية صحة المواطنين لضمان إستمرار عملهم وإنتاجهم .
قطاع الصحة ينفق مائة مليار جنيه إسترليني ، لكنه أكبر إستثمار لتحقيق نهضة بريطانيا ، فالإنفاق علي رعاية الطفل منذ الحمل به حتي ولادته ، وحتي يصبح في الثامنة عشر أهم أدوات حماية النشأ وتوفير رعاية صحية ونفسية تحميه حتي يدخل سوق العمل والإبداع .
هناك رعاية الأسنان ، حيث تنتشر العيادات الخاصة لكن الحكومة توفر الأخري لإستقبال المرضي ومعالجتهم تحت مظلة التأمين الصحي ، أيضاً الكشف المرتبط بفحص العيون ، هناك نسبة محددة تصل إلي ما قيمته 19 جنيهاً ، لكن هناك أيضاً الفحص المجاني لمن يصل إلي سن ستين عاماً .
اعفاء العاطلين
وُيعفي العاطلون عن العمل من دفع هذه الرسوم ، كذلك من يحصلون علي الضمان الإجتماعي من حقهم الكشف المجاني وفحص العيون أو الأسنان .
يوفر قطاع الصحة نظارات مجانية لكبار السن وكذلك لأصحاب الدخول المنخفضة والأسر ذات العائل الواحد .
نظام التأمين الصحي هو جوهر الحياة البريطانية وتمويله يتم بالكامل من جيب الشعب ، ودور الحكومة تنظيم الإنفاق ، وهي لا تعاير المواطنين بهذه الخدمات الصحية المجانية ، إذ أن كل مواطن عندما يصل إلي قوة العمل يساهم في تمويل هذا النظام عبر الضرائب التي يدفعها ، بالإضافة إلي الضرائب التي تحصل عليها الحكومة من التجارة والأنشطة الإقتصادية ، لكن الجزء الأكبر من تمويل قطاع الخدمات الصحية ، يأتي من كتلتي العُمال والموظفين حيث يتم استقطاع الضرائب من المنبع .
وإذا كان نظام التضامن الإجتماعي هو أعلي مكاسب الحركة العُمالية البريطانية ، فإن مظلة التأمين الصحي انجاز حقيقي للبريطانيين ويدافعون عن هذه المظلة بكل شراسة حيث لا يجوز الإقتراب منها ، إذ هي عُمق التنمية الحقيقي ، فشعب في حالة صحية جيدة ، يستطيع العمل والبناء والتشييد والحوار والدفاع عن مؤسساته .
مواطن سليم يساهم في بناء المجتمع
مهمة جهاز التأمين الصحي ضمان وجود المواطن السليم وحمايته من الأمراض ومنعها من غزو جسمه . ومهمة الدولة هي توفير الرعاية من المهد إلي اللحد للمحافظة علي الإنسان ورعايته وضمان مظلة صحية من أعلي التخصصات ، فالعلم يصب كله في قطاع الصحة والمستشفيات وتصنيع الأدوية.. يتكفل النظام الصحي بإجراء كل العمليات الجراحية مهما كانت معقدة ومكلفة مالياً . وتناضل حكومات متعاقبة لتخفيض فترة الانتظار لإجراء العمليات المعقدة مثل نقل الأعضاء . ونجحت حكومة العمال السابقة في تنفيذ بعض وعودها ، وتعهدت الحكومة الإئتلافية الحالية بالإستمرار نفسه.. نظام الضرائب هو الممول لقطاع الصحة ، لذلك المواطن مقتنع بأن تلك أمواله ومن حقه الدفاع عن حقوقه وإلزام الحكومة برعاية هذا القطاع بالكامل . ويتذكر البريطانيون مشاجرة إمرأة بسيطة مع رئيس الوزراء الأسبق توني بلير عندما كان في الحكم وشكواها بأن المستشفي التي كان يعالج فيها زوجها ، أهمل فحصه لفترة ليست بالقصيرة مما سبب لها الألم والإحباط .وقد اعتذر بلير أمام كاميرات التليفزيون ، لأنه أهمل في أداء مهمته إذ إن دور الدولة هي متابعة أداء النظام الصحي بكفاءة لضمان حماية البريطانيين وسلامتهم وعدم تعرضهم للإهانة ، لأن أموال القطاع الصحي هي أموالهم.. وتتمتع المستشفيات البريطانية بأعلي مستويات التمريض والتخصص الطبي ، وهناك كليات ومعاهد للتمريض بجانب إدارة صحية راقية تلتزم بخطط الدولة والنظام في العمل لتطبيق القواعد الصحية بشكل سليم.. إن التأمين الصحي في بريطانيا هو قاعدة التنمية في البلاد ، ولا يحتاج هذا القطاع لتحويله إلي تجارة ومضاربة ، لأن ذلك يضر بفكرة فلسفة الدولة القائمة علي مواطن سليم تهيئه لدخول سوق العمل والإبداع والتفوق أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.