إذا كانت البعرة تدل على البعير والسير يدل على المسير، فإن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، ترك الباب موارباً وراء تكهنات تفترض يقينه في الخزعبلات والأرواح والسحر والأعمال السفلية، ولأن المعلومات المتوفرة في هذا الصدد شحيحة، لأن الجنرال يتعمد إبقاء أسراره طي الكتمان، ويخشي أن يتسرب الحديث عنها كما حدث بشأن رز الخليج. ويفضح تعلق السيسي بالأرواح والأعمال، تسريب مقتبسًا من حواره مع الصحافي ياسر رزق، رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم، قال فيه: "أنا من الناس اللي كان ليهم تاريخ طويل من الرؤى.. بس أنا بطلت أتكلم عن الرؤى من 7 أو 8 سنين"، وتابع: "شفت كثير جدًّا من الأمور التي حصلت بعدها.. شفت في المنام إني رافع سيف مكتوب عليه لا إله إلا الله باللون الأحمر".
وقال: "شفت إني في إيدي شفت ساعة عليها نجمة خضرا ضخمة جدًّا.. أوميجا، والناس بتسألني بتقولي الساعة اشمعنى إنت معاك الساعة دي.. فقلتلهم الساعة دي باسمي، هي أوميجا وأنا Abdelfatah، رحت حاطط الأوميجا مع العالمية مع عبد الفتاح"!.أذرع العفاريت ولأن الصاحب ساحب كما يقول المثل المصري، جاءت تصريحات مرتضى منصور، عقب هزيمة فريقه في إحدى مبارياته أمام الأهلي، بأن فتحي مبروك، المدير الفني للأهلي، استخدم السحر والشعوذة للفوز على فريقه!
ومن مرتضى إلى اللواء "يعقوب إمام" سكرتير محافظة الشرقية، الذي زار قرية "المناصافور" التابعة لمركز ديرب نجم، للوقوف على أزمة نشوب الحرائق تلقائيا في عدد من المنازل دون أسباب واضحة، مشيراً إلى وجود "جن" بالقرية وأنه وراء الحادث، ووعد الأهالي بحل المشكلة مع الجن!
ومن اللواء "إمام" إلى وكيل وزارة الأوقاف بالشرقية، الذي كان على رأس حملة من مشايخ الانقلاب للوقوف على حقيقة الوضع، ولم يستبعد وقوع تلك الكارثة بفعل عشيرة من الجن، مقترحاً ترديد مساجد القرية الأذان باستمرار دون انقطاع لطرد الجن الذي يحرق منازلهم.
الجهل العسكري
وتقوم الطبيعة الكونية على التقدم والتطور من عام إلى آخر، إلا في عهد العسكر الذي أعاد مصر إلى عصور بعيدة وساحقة كان يسودها الظلام والسحر والشعوذة، بعد تصريح الجنرالات بأن الجان يحرق بيوت المواطنين ويحكم بأحكامه بشكل سافر.
خرافات العسكر عن الجن لا تختلف عن خرافاتهم عن العلاج بالكفتة ومليارات فنكوش قناة السويس وغيرها، ولولا أن "داعش" دخلت على الخط وتبنت تفجير الطائرة الروسية فوق رمال سيناء، لربما وجد العسكر في الجن ملاذا لهم ليتحملوا المسئولية عن التفجير.
وغرقت مصر في مشهد أقرب لانسياق القطيع وراء الراعي، شعب عاد للإيمان ب"البيضة والحجر"، ونظام انقلاب خلق له سجونا وزنازين من الدجل يعيش داخلها راضيا، وسمح ببرامج الجان والسحر أن تغزو الفضائيات للتجهيل والإلهاء، حتى أن الرجل يتزوج فيظن أنه "مربوطا" بسحر الجن، وعندما يتشاجر مع زوجته يندب حظه على "عمل" مدسوس له ويلهث وراء "حجاب" لو تفكر قليلا ل"بله وشرب ميته".
وأصبح المصريون في 2016 رهائن واقع يئن بالقمع والتنكيل والاعتقالات والقتل والتصفية الجسدية والاختطاف القسري، بالإضافة إلى واقع فكري ضحل وبائس يعكس علو خزعبلات العسكر فوق شهادات العلم الباهتة على صدور أصحابها.
وهو ما يؤكده الشيخ الدكتور محمد العرينى، مدير إدارة الدعوة بمديرية أوقاف الشرقية، الذي رجح نشوب تلك الحرائق إلى "الجان" المسخر، ناصحا من يقطنون تلك المنازل بتشغيل القرآن باستمرار وقراءة المعوذتين وآية الكرسي!.
جن عسكري!
في شهر يونيو الماضي، سيطرت حالة من الرعب على أهالي 6 منازل بقرية الطيبة التي تشتهر بمصانع المكرونة والحلوى الطحينية غرب مدينة سمالوط شمال المنيا، نتيجة اشتعال النيران المتكرر بتلك المنازل دون سبب معلوم.
وأسفرت تلك الحرائق عن احتراق منزلين كاملين وبعض الأشياء المحدودة بالمنازل الأربعة الأخرى، ورغم ارتفاع المستوى الاقتصادي والعلمي لأهالي القرية والتي يغلب عليها الطابع الصناعي إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى الجن.
وقال عامر محمود أحد أهالي القرية والذي تعرض منزله للحرق، أنه "في الساعة السابعة مساء، تعرض طفلى لحالة إعياء شديد وذهبت به إلى الطبيب بمدينة سمالوط وأثناء ذهابى إلى الطبيب تلقيت إتصالًا من أحد أقاربى يقول لى "أن منزلى يحترق والنار تلتهم الأثاث، وعلى الفور توجهت إلى المنزل لأجد أن النيران التهمت الأثاث والمفروشات والأجهزة الكهربائية وبلغت قيمة الخسائر ما يقرب من 40 ألف جنيه".
وأضاف أحمد توفيق من أبناء القرية أن النيران أكلت جميع محتويات المنزل ولكن لم تقترب من "سجادة الصلاة والمصحف" علما بأن النيران كانت تشتعل بجميع المنزل ورأينا وسط لهيب الدخان "أن السجادة والمصحف" تبتعد عنهما النيران تماما وكلما اقتربت النيران منهما واشتد اللهيب لم يصب المصحف والسجادة بأي ضرر"، واستكمل: "لجأنا للعديد من الشيوخ وجميعهم أكدوا أن "الجن" هو من يقوم بتلك الأعمال".
عجز الانقلاب
وفي الفيوم، فشلت إدارة الطب البيطرى بالفيوم خلال شهر يونيو الماضي، فى تحديد أسباب نفوق مئات الرؤوس من الماشية، بعزبة أسعد بالفيوم، ما أثار حالة من الهلع فى نفوس الأهالي، الذين أكدوا أن هناك "جن فى العزبة يعاقب الأهالي، بعد زيارة أحد الدجالين للقرية مؤخرًا، وإلقاء تعويذة سفلية أضرت بالجن، الذى قرر الانتقام من الأهالى".
سامى قرني، مزارع، قال: "منذ عدة أشهر ونحن نعيش فى حالة من الرعب والفزع، ولا يكاد يمر يوم دون نفوق عدد من الماشية، مضيفا: «توجهنا بأكثر من شكوى لمديرية الطب البيطرى ودون أن تتمكن من معرفة وتحديد الأسباب، ولأن الموضوع خطير قمنا بإحضار أحد المشايخ الذى أخبرنا أن السبب فيما يحدث هو الجن، الذى قرر الانتقام من الأهالى بسبب قيام أحد الأشخاص بأعمال سفلية".
وفي الغربية، أصيب أهالى قرية "البطرخانة" التابعة لمركز قطور في محافظة الغربية، بحالة من الهلع والخوف عقب تفاجئهم باشتعال النيران فى منازلهم وأثاثهم دون وجود سبب مادى واضح، على مدار الأسبوعين الماضيين.
وأكد أحد الأهالى أنه فوجئ باشتعال النيران فى غرف منزله المكون من 5 طوابق، وبعد إخماد الحريق فوجئوا باشتعال النيران مرة أخرى عقب ساعة واحدة.
وحدث نفس الأمر فى الأيام التالية حتى طفح بهم الكيل واستدعوا "شيوخ" للتعرف على ماهية الحرائق ولماذا تحدث، ليفاجئهم الشيخ بإعلان نفوق حيوان نظرا لتعديهم عليه، وهو ما أغضب الجان.
وفي أشمون، فى مارس 2015، شهدت مدينة "أشمون" بالمنوفية واقعة غريبة، بعد نشوب حرائق متكررة بمنزل مكون من 3 طوابق دون أسباب حتى إنه يتم إخماده ثم يعود في الاشتعال، واتهم الأهالى الجن بإشعال النيران، مما اضطر أهل المنزل لتركه، مطالبين المسئولين بالتدخل لكشف أسباب الحريق، وسط حالة من الخوف والرعب سيطرت على سكان المنطقة.
وأكد أحمد الشيهى، صاحب المنزل، أن منزله مكون من 3 طوابق يسكن هو وزوجته فى الدور الأرضى وأولاده متزوجون، ويسكن كل منهم فى طابق منفرد، إلا أنه فوجئ بنشوب حريق فى إحدى الغرف وتم إخماده، ثم فجأة ينتقل الحريق إلى غرف متفرقة فى المنزل دون معرفة أسباب للحريق.
وقال إن "الحريق انتقل إلى حجرة النوم ثم إلى دولاب الملابس بدون أسباب للحريق، حتى لجأنا إلى شراء طفاية حريق من أجل السيطرة عليها، ولكن بدون فائدة، فكل 4 إلى 5 ساعات ينشب الحريق فى مكان مختلف فى المنزل".