تقوم الطبيعة الكونية على التقدم والتطور من عام إلى آخر إلا في مصر التي عاد أهلها إلى عصور بعيدة وساحقة كان يسودها الظلام والسحر والشعوذة.. ففي عدة محافظات برزت خلال العام الماضي وأوائل العام الحالي ظاهرة أقرب إلى الخرافات والوهم المشين بأن الجان يحرق بيوت المواطنين ويحكم بأحكامه بشكل سافر.. خرافات وراء خرافات يرددها أهالي القرى والمدن في محافظاتهم في مشهد أقرب لانسياق القطيع وراء الراعي.. شعب آمن بالبيضة والحجر وخلق لنفسه سجونا وزنازين من الدجل يعيش داخلها راضيا.. يتزوج الرجل فيظن أنه "مربوطا" بسحر الجن، وعندما يتشاجر مع زوجته يندب حظه على "عمل" مدسوس له ويلهث وراء "شيخ عيرة" ينفحه ب"حجاب" لو تفكر قليلا ل"بله وشرب ميته".. المصريون في 2016.. واقع فكري ضحل وبائس يعكس علو العالم السفلي فوق شهادات العلم الباهتة على صدور أصحابها.. الشرقية انتابت قريتا "ميناصافور" بمركز ديرب نجم وقرية "الشرقاوية" مركز كفر صقر بمحافظة الشرقية، حالة من الذعر والهلع بعد نشوب عدة حرائق فى منازل القريتين دون وجود أسباب واضحة لاندلاعها. والغريب فى الأمر أن النيران تلتهم جميع محتويات المنازل دون المساس بالقرآن الكريم والمصاحف. وقد رجح الشيخ الدكتور محمد العرينى، مدير إدارة الدعوة بمديرية أوقاف الشرقية، نشوب تلك الحرائق إلى "الجان" المسخر، ناصحا من يقطنون تلك المنازل بتشغيل القرآن باستمرار وقراءة المعوذتين وآية الكرسى. سمالوط في شهر يونيو الماضي، سيطرت حالة من الرعب على أهالى 6 منازل بقرية الطيبة التى تشتهر بمصانع المكرونة والحلوى الطحينية غرب مدينة سمالوط شمال المنيا، نتيجة اشتعال النيران المتكرر بتلك المنازل دون سبب معلوم. وأسفرت تلك الحرائق عن احتراق منزلين كاملين وبعض الأشياء المحدودة بالمنازل الأربعة الأخرى، ورغم ارتفاع المستوى الاقتصادى والعلمى لأهالى القرية والتى يغلب عليها الطابع الصناعى الا ان اصابع الاتهام تشير الى الجن. وقال عامر محمود أحد أهالي القرية والذي تعرض منزله للحرق، أنه "في الساعة السابعة مساء، تعرض طفلى لحالة إعياء شديد وذهبت به إلى الطبيب بمدينة سمالوط وأثناء ذهابى إلى الطبيب تلقيت إتصالًا من أحد أقاربى يقول لى "أن منزلى يحترق والنار تلتهم الأثاث، وعلى الفور توجهت إلى المنزل لأجد أن النيران التهمت الأثاث والمفروشات والأجهزة الكهربائية وبلغت قيمة الخسائر ما يقرب من 40 ألف جنيه". وأضاف أحمد توفيق من أبناء القرية أن النيران أكلت جميع محتويات المنزل ولكن لم تقترب من "سجادة الصلاة والمصحف" علما بأن النيران كانت تشتعل بجميع المنزل ورأينا وسط لهيب الدخان "أن السجادة والمصحف" تبتعد عنهما النيران تماما وكلما اقتربت النيران منهما واشتد اللهيب لم يصب المصحف والسجادة بأي ضرر"، واستكمل: "لجأنا للعديد من الشيوخ وجميعهم أكدوا أن "الجن" هو من يقوم بتلك الأعمال". الفيوم فشلت إدارة الطب البيطرى بالفيوم خلال شهر يونيو الماضي، فى تحديد أسباب نفوق مئات الرؤوس من الماشية، بعزبة أسعد بالفيوم، ما أثار حالة من الهلع فى نفوس الأهالي، الذين أكدوا أن هناك "جن فى العزبة يعاقب الأهالي، بعد زيارة أحد الدجالين للقرية مؤخرًا، وإلقاء تعويذة سفلية أضرت بالجن، الذى قرر الانتقام من الأهالى". سامى قرني، مزارع، قال: "منذ عدة أشهر ونحن نعيش فى حالة من الرعب والفزع، ولا يكاد يمر يوم دون نفوق عدد من الماشية، مضيفا: «توجهنا بأكثر من شكوى لمديرية الطب البيطرى ودون أن تتمكن من معرفة وتحديد الأسباب، ولأن الموضوع خطير قمنا بإحضار أحد المشايخ الذى أخبرنا أن السبب فيما يحدث هو الجن، الذى قرر الانتقام من الأهالى بسبب قيام أحد الأشخاص بأعمال سفلية". الغربية أصيب أهالى قرية "البطرخانة" التابعة لمركز قطور في محافظة الغربية، بحالة من الهلع والخوف عقب تفاجئهم باشتعال النيران فى منازلهم وأثاثهم دون وجود سبب مادى واضح، على مدار الأسبوعين الماضيين. وأكد أحد الأهالى أنه فوجئ باشتعال النيران فى غرف منزله المكون من 5 طوابق، وبعد إخماد الحريق فوجئوا باشتعال النيران مرة أخرى عقب ساعة واحدة. وحدث نفس الأمر فى الأيام التالية حتى طفح بهم الكيل واستدعوا "شيوخ" للتعرف على ماهية الحرائق ولماذا تحدث، ليفاجئهم الشيخ بإعلان نفوق حيوان نظرا لتعديهم عليه، وهو ما أغضب الجان. أشمون فى مارس 2015، شهدت مدينة "أشمون" بالمنوفية واقعة غريبة، بعد نشوب حرائق متكررة بمنزل مكون من 3 طوابق دون أسباب حتى إنه يتم إخماده ثم يعود في الاشتعال، واتهم الأهالى الجن بإشعال النيران، مما اضطر أهل المنزل لتركه، مطالبين المسئولين بالتدخل لكشف أسباب الحريق، وسط حالة من الخوف والرعب سيطرت على سكان المنطقة. وأكد أحمد الشيهى، صاحب المنزل، أن منزله مكون من 3 طوابق يسكن هو وزوجته فى الدور الأرضى وأولاده متزوجون، ويسكن كل منهم فى طابق منفرد، إلا أنه فوجئ بنشوب حريق فى إحدى الغرف وتم إخماده، ثم فجأة ينتقل الحريق إلى غرف متفرقة فى المنزل دون معرفة أسباب للحريق. وقال إن "الحريق انتقل إلى حجرة النوم ثم إلى دولاب الملابس بدون أسباب للحريق، حتى لجأنا إلى شراء طفاية حريق من أجل السيطرة عليها، ولكن بدون فائدة، فكل 4 إلى 5 ساعات ينشب الحريق فى مكان مختلف فى المنزل". صوت العقل في تعليقه على حرق المنازل في الشرقية هاجم أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، تصريحات مدير إدارة الدعوة بمديرية أوقاف الشرقية الشيخ محمد العريني، لإرجاعه سبب حريق قرية منا صافور لتسخير جان لفعل ذلك. وأكد كريمة أن أهالي القرية الريفية يخزنون روث الحيوانات والحطب الجاف والأخشاب، ما يؤدي إلى إشعال الحرائق، مشيرا إلى أن إرجاع تلك الأمور إلى الدجل والشعوذة دليل على الجهل، مؤكدا أن "الجن" له حدود وليس له الحق في ايذاء البشر، مستشهداً بقول الله سبحانه وتعالى" وإن عليكم لحافظين".