وسط حالة من البلادة الحكومية فى التعامل مع نزيف القطاع العام والاكتفاء بمراقبته ينهار دون تدخل حاسم لدعم القطاع الذى أثر بشكل مباشر فى أزمة غلاء الأسعار التى تطحن المواطن المنكوب، اتجهت سلطات الانقلاب لتصفية شركات المنتجات الغذائية قبل أن تباع خردة فى أسواق رجال الأعمال وبيزنس الجنرالات بثمن بخس دراهم معدودة. شركة إدفينا بدمياط باتت نموذجًا واضحًا على فشل العسكر فى إدارة منظومة القطاع العام، وتجسد حالة الانهيار الاقتصادي؛ حيث بدأت شركة إنتاج الأسماك المعلبة بعزبة البرج، التى تم إنشاؤها فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1960، مرحلة التصفية تمهيدًا لخصصتها وبيعها خردة. المصنع الذى مر بعدة مراحل من التوقف والخصخصة حتى تحول فى النهاية إلى مجرد منفذ لبيع المنتجات الغذائية، وتوقف إنتاجه بشكل نهائى؛ حيث تستعد القابضة لعقد مزاد لبيع بعض ماكيناته خردة، والتخلص من عبء المصنع الذى كان الهدف منه الاستفادة من الأسماك التى يتم صيدها من البحر الأبيض المتوسط وتصنيعها وتعبئتها وبيعها، عبر مساحة 11 ألف متر، بعد توقفه عن الإنتاج منذ 7 سنوات. مصنع أدفينا يجسد حالة من فساد يضرب القطاع الغذائي فى مقتل؛ حيث تنضم إليه شركة قها التى كانت عملاقًا ينتج أكثر من 20 منتجًا فى السوق المحلية وللتصدير بعدما أصابها أيضا التراجع، وهو الواقع الذى طال 22 شركة تنتج المنتجات الغذائية المتنوعة، تابعة للحكومة التى عجزت عن سد احتياجات المواطنين، أو المساهمة فى وقف توحش الأسعار وتوفير الاحتياجات الأساسية بأسعار تنافسية بما يقضى على موجة الغلاء. ورغم حالة الفشل التى سيطرت على القطاع، إلا أن أرقام وزارة التموين حول إيراد الشركات جاءت مخادعة؛ حيث أشارت الأرقام المعلنة من قبل وزير التموين خالد حنفى إلى أن إيرادات القابضة بمختلف شركاتها عن العام المالى 2014-2015 حوالى 3.8 مليارات جنيه مقابل 889 مليون جنيه العام السابق، بزيادة قدرها 2985 مليون جنيه بنسبة تطور 333.8%. إلا أن الوزير لم يذكر السبب الحقيقى للزيادة والمتعلق بمضاعفة الأسعار تقريبا، كما لم يذكر قيمة الأرباح الصافية التى لم تصل إلى 500 مليون جنيه من أكثر من 35 شركة تابعة، لتكون المحصلة أن تلك الشركات لم تكن منافسًا قويًّا للقطاع الخاص، أو توفر الغطاء للمواطن الفقير، وتوفر له مستلزمات الحياة بأسعار مناسبة يمكنها من الانفراد بالسوق وحدها نتيجة رخص الأسعار.