في زمن الانقلاب انتعاش تجارة لحوم الحمير والكلاب والخيل تأتي واقعة ضبط إحدى المزارع بالفيوم يقوم صاحبها بتربية "الحمير" وبذبحها وتوزيعها على عدد من الجزارين على أنها لحوم صالحة للاستخدام الآدمي، لتكشف مجددًا استشراء ظاهرة الفساد في ظل الانقلاب العسكري؛ حيث ساهم الانشغال الأمني لحكومة الانقلاب في ملاحقة ومطاردة معارضي النظام في تجاهلها التام للرقابة على الأسواق؛ ما جعل المناخ مواتيًا أمام الفاسدين والمتاجرين بصحة المصريين. وبدورهم أكد خبراء بيطريون أن ما تم ضبطه مؤخرًا لا يمثل سوى جزء ضئيل من الحقيقية، مشيرين إلى تفاقم ظاهرة ذبح الحمير والكلاب والخيل في الآونة الأخيرة، فضلاً عن انتشار كميات هائلة من اللحوم الفاسدة في الأسواق، مرجعين ذلك إلى حالة الانفلات الرقابي التي تشهدها البلاد في ظل الانقلاب العسكري, فضلاً عن الارتفاع الجنوني للأسعار اللحوم والتي بلغت في المناطق من 80 إلى 100 جنيه.
تجدر الإشارة إلى أن واقعة مزرعة ذبح الحمير بالفيوم لم تكن الواقعة الأولى التي تم ضبطها في ظل الانقلاب العسكري؛ حيث سبقتها واقعة مماثلة في الإسكندرية في أكتوبر الماضي؛ حيث كشف أحد العاملين بوزارة الصحة بالإسكندرية أنه تم العثور على 15 رأس حمار و10 كلاب مذبوحة بجوار ملعب برج العرب الجديد، قام بعض الأشخاص بذبحها لبيعها لحوماً بلدية للمستهلكين وفي السياق انتشرت في محافظات متفرقة وقائع ذبح الحمير والكلاب والخيول والقطط وبيعها على أنها لحوم أبقار، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار اللحوم وانتشار اللحوم الفاسدة.
وبجانب انتشار مذابح الحمر والكلاب والخيول انتعشت في المقابل ظاهرة انتشار اللحوم الفاسدة؛ حيث تداول في يوليو الماضي نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مستندات تثبت تورط حكومة الانقلاب في شحنات فاسدة من الأبقار الإثيوبية دخلت بمحافظة السويس عن طريق شركة "ميدي تريد" للتجارة، وهي بإدارة الحجر البيطري لذبحها بمجزر تابع للمحجر طبقًا للتعليمات الصادرة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي وأظهرت المستندات أنها مصابة مصر، وتمثلت الدفعة 2000 رأس ماشية؛ بهدف الذبح أغلبها مصابة بالسل والحويصلات الديدانية الشريانية.
في هذا السياق وصف نقيب البيطريين بالفيوم الدكتور سامي طه بأنه مفزع ويسقط حكومات بأكملها"، وأضاف في تصريحات لجريدة "المصريون" أن "ما يعلمه الناس عما يأكلون قليل جدًّا، وما تعلنه الحكومة أقل بكثير عن الحقيقة"، وتابع قائلاً: "الواقع خطير وهناك لحوم حيوانات ميتة يتم أكلها ولحوم خنازير يتم بيعها على أنها لحوم ضأني بمنشية ناصر، وأشار إلى "خطورة أن يكون صناع القرار في واد والشعب في واد آخر"، لافتًا إلى أن المسئولين مطمئنون إلى ما يأكلون وعليهم أن يطمئنوا علي ما يأكله رعاياهم ومضى نقيب البيطريين قائلاً: "في لقائي بوزير الزراعة قلت له "ما هو مفزع"، قلت له إن هناك من يأكل من المصريين لحوم الخنزير على أنها لحوم ضأن في منشية ناصر".
وتابع: "الأطباء البيطريون هم المسئولون عن الرقابة الصحية علي الغذاء في الدول المحترمة والمتقدمة، ولا بد من وجود عدد كاف من الأطباء البيطريين ونحن في حاجه إلى عدد مساو لعدد الأطباء البيطريين الموجودين حاليًا".
من جانبه، أكد الدكتور لطفي شاور، الخبير البيطري، أن مجزر لحوم الحمير، الذي تم ضبطه "شغال من زمان"، موضحًا أن هذا المجزر ليس الوحيد في مصر، وإنما تمتلئ الأسواق بلحوم الحمير والكلاب.
وأضاف في تصريحات صحفية أن "الحمير لعبت دورًا كبيرًا في سد الفجوة الغذائية في مصر"، مشيرًا إلى أن "الذي يقوم بذبح حمير يقوم بذبح كلاب أيضًا".
وانتقد الخبير البيطري موقف الحكومة من عدم تكليف الأطباء البيطرية، معتبرًا في الوقت ذاته أن "إلغاء التكليف هو سبب كثرة هذه البلاوي في المجتمع.