بعد توقيعه مذكرة التفاهم مع أثيوبيا في 5 مارس الجاري، يستكمل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رضوخه مجددًا أمام أثيوبيا، من خلال توقيع وثيقة جديدة لتقسيم مياه النيل، يوم يوم الاثنين المقبل، بحسب ما أعلنته رئاسة الانقلاب، وهي الوثيقة التي اعتبرها الخبراء بمثابة اعتراف صريح بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة، وحسم مؤكد للقضية من شأنه أن يغلق الأبواب أمام أي مفاوضات مستقبلية، مهما بلغت الأخطار التي قد تصيب مصر جراء بناء السد. وثيقة المبادئ وثيقة "المبادئ" أو ما تعرف بوثيقة تقاسم مياه نهر النيل، لم تظهر حتى الآن ملامحها أو المبادئ التي اعتمدت عليها، لكن مصادر مقربة من الدكتور حسام مغازي -وزير الري في حكومة الانقلاب- أكدت أن الاتفاقية "تنص على عدم اعتراض مصر على بناء سد النهضة، مقابل توقيع كتابي من إثيوبيا تتعهد فيه بعدم المساس بحصة مصر من المياه، بالإضافة إلى إشراك مصر في عملية إدارة سد النهضة. كشفت المصادر أن "إثيوبيا تتحفظ حتى الآن على طلب مصر بتوقيع الاتفاقية، والحصول علي تصريح كتابي بعدم المساس بحصة مصر من المياه، وترى أنه يكفي مصر إشراكها في عملية إدارة السد، معتبرة أن مصر بذلك حصلت على أكثر من حقها". يقول الدكتور نادر نور الدين -الخبير المائى-: إذا وقع عبد الفتاح السيسي على وثيقة التوافق بشأن سد النهضة يوم الاثنين في الخرطوم فسيصبح سد النهضة الإثيوبي سدًا رسميًا وشرعيًا تم بالتوافق والتراضي بين دول النيل الشرقي الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، مشيرًا في تصريحات صحفية أن هذا الاتفاق سيعطي شارة البدء لعودة التمويلات الأجنبية إلى السد مرة أخرى، ومن ثم يعود التمويل الدولي للسد فورًا، والبالغ 5.5 مليارات دولار من بنك الصين الوطني ومليار دولار من إيطاليا ومثلها من كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى موافقة البنك الدولي على طرح السندات الإثيوبية للتمويل بضمان السد. وأشار الخبير المائي إلى أن الأيام القادمة ستشهد تسارع الخطى في بناء السد والانتهاء منه تمامًا قبل صدور التقرير النهائي غير الملزم للمكتب الاستشاري والخبير الدولي بعد 15 شهرًا من توقيع التوافق، مشددا على أنه لا ضمان لحصة مصر من مياه النهر؛ لأن إثيوبيا في نيتها الغدر بمصر والاستحواذ على كامل مياه النهر، وأن موافقة مصر على سد النهضة هو موافقة على سلسلة مكونة من خمسة سدود. جريمة بحق الأجيال يؤكد د.محمد محسوب -نائب رئيس حزب الوسط- أن الانقلاب يرتكب جريمة بحق الأجيال القادمة، بتوقيعه بقرار منفرد على وثيقة سد النهضة. وأضاف -عبر "فيس بوك": التوقيع على وثيقة سد النهضة جريمة لا تلحق فقط هذا الجيل من المصريين إنما لقرون قادمة، موضحا أنه ما يتعلق بمصدر حياتهم يجب أن يُطرح لاستفتاء. وحذر الدكتور أيمن شبانة -الخبير بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة- من خطورة استمرار إثيوبيا في بناء السد وسط صمت الجانب المصري، مؤكدًا أنه سيقلل من مساحة الأراضي المنزرعة، وسيؤدي إلى بوار آلاف الأفدنة، في الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى توسيع مساحة الرقعة الزراعية، لسد العجز الغذائي. وطالب شبانة -فى تصريحات صحفية- الحكومة المصرية بعدم النظر إلى القضية باعتبارها مسألة فنية بحتة، والتعامل معها باعتبارها قضية مصير. فشل العسكر وحمَّل الدكتور مغاوري شحاتة -خبير المياه العالمي- العسكر مسئولية الخطر الذي يهدد مصر الآن جرّاء إصرار إثيوبيا على بناء سد النهضة، مؤكدًا أن انشغال العسكر بالشأن الداخلي، خاصة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وفشلهم فى إدارة المفاوضات مع الجانب الإثيوبي. ومهد الطريق أمام الجانب الإثيوبي لتحقيق ما يربو إليه. وأشار -في تصريحات صحفية- إلى أن إثيوبيا كانت أقصى ما تطمح إليه هو بناء سد بسعة تخزين 14 مليار متر مكعب من الماء وارتفاع 90 مترا، ولكن أسهم ضعف الموقف المصري، خاصة في ظل حكم العسكر، في أن يزيد سقف أمانيها إلى أن تقيم أكبر سد في القارة الإفريقية بسعة 74 مليار متر مكعب، وارتفاع 150 مترًا، معتبرًا أن استمرار هذا الموقف الضعيف من قبل السلطة هو جريمة في حق الشعب المصري تدفع ثمنه الأجيال القادمة كانت وسائل الإعلام الرسمية والخاصة الداعمة للانقلاب العسكري قد قادت حملة شعواء على حكومة الدكتور هشام قنديل؛ بسبب سد النهضة، وروجوا شائعات عطش مصر وانقطاع المياه بمناطق عدة بالجمهورية، بالتزامن مع مفاوضات الحكومة إبان حكم الرئيس مرسي؛ لمنع بناء السد أو عدم إضراره بحصة مصر من المياه، والآن وتحت حكم العسكر أصابها الخرس. وبعد الانقلاب العسكري صمت إعلام الانقلاب عن مفاوضات سلطة الانقلاب التي طرحت فيها خدماتها للمساعدة في بناء السد الذين روجوا، بالأمس، تسببه في عطش مصر، ما يدل على حجم التضليل الذي تحول فيه الإعلام المصري لآلة كذب خاصة بالدولة العميقة والثورة المضادة./p