فى ظل العجز الكبير الذى تعانى منه الموازنة العامة لدولة العسكر والذى يصل إلى 1.2 تريليون جنيه، ومن المتوقع أن يزيد في حدود 300 مليار جنيه ليصل إلى 1.5 تريليون خلال الموازنة القادمة بدأت عصابة العسكر البحث عن كارثة جديدة لبيع كل ما تقع عليه يدها وكانت الكارثة هذه المرة من نصيب ممتلكات الأوقاف التى ضيع الانقلابى الأول جمال عبدالناصر أكثر من نصفها وبددها فيما لا طائل من وراءه ويأتى التبديد هذه المرة على يد الانقلابى الثانى فى تاريخ العصابة عبدالفتاح السيسي الذى انقلب على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى الشهيد محمد مرسي فى 30 يونيو 2013 . كان مصطفى مدبولى رئيس مجلس وزراء الانقلاب قد وجه حكومته بإجراء حصر شامل ومميكن لجميع أملاك هيئة الأوقاف، بما يشمل الأراضي والمباني السكنية والتجارية وغيرها . وزعم مدبولى فى تصريحات صحفية أن هذه الخطوة تمثل بداية مهمة نحو تحقيق الاستغلال الأمثل لأصول دولة العسكر وتعظيم عوائدها.
أصولً ضخمة
حول توجه حكومة الانقلاب قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي الإدريسي : وزارة الأوقاف تمتلك أصولًا ضخمة يمكن – إذا تم استغلالها بشكل كفء – أن تغطي احتياجاتها بالكامل، بما في ذلك أجور العاملين وصيانة المساجد، دون اللجوء للدعم المالي من دولة العسكر . وأضاف الإدريسى فى تصريحات صحفية : نحن أمام عجز كبير في الموازنة العامة وبالتالي فإن تعظيم الإيرادات الذاتية للوزارات والهيئات لم يعد خيارًا بل ضرورة، خاصة في ظل زيادة مستمرة في جانب المصروفات . وشدد على الحاجة الملحة لحصر دقيق وشامل لأملاك الأوقاف، مؤكدا أن الكثير من هذه الأملاك لا تزال قائمة على تقديرات تقريبية دون وجود قاعدة بيانات واضحة، وهو ما يجعل المال العام عرضة لسوء الاستخدام أو حتى شبهات الفساد . وأشار الإدريسي إلى حادثة خاسرة شهدتها الهيئة قبل نحو أربع سنوات، تسببت في فقدانها ما بين 3 إلى 4 مليارات جنيه نتيجة بيع أسهمها في شركة لصالح بنك آخر.
تجارب فاشلة
وقال الباحث الاقتصادي مصطفى عادل إن هيئة الأوقاف تمتلك أصولًا تتجاوز قيمتها تريليون جنيه موضحا أن الهيئة تدير أصولًا ضخمة موقوفة من أفراد وجهات لصالح العمل الخيري والصدقات، تشمل أراضي زراعية ومباني سكنية وتجارية وسيولة نقدية، فضلًا عن حصص في شركات وبنوك، مثل مجموعة "المحمودية" وشركات أخرى. وأشار عادل فى تصريحات صحفية إلى أن هذه الأصول لم يتم حصرها حتى الآن بشكل دقيق، وأن معظم مديريات الأوقاف لا تملك بيانات واضحة عن الأراضي التابعة لها، ما يعرقل حسن إدارتها وتحقيق العوائد المرجوة منها. وأكد أن العائد المحقق من هذه الأصول "هزلي"، وأن سوء الإدارة على مدار عقود طويلة، إضافة إلى البيروقراطية والتشابكات مع جهات متعددة، تسببا في ضياع فرص استثمارية ضخمة، موضحًا أن الهيئة لا تتمكن من تحصيل سوى نسبة ضئيلة من الإيجارات المستحقة، خاصة في الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى اضمحلال هذه الأصول بمرور الوقت. وأوضح عادل أنه كان هناك تجارب سابقة لمحاولات تطوير الهيئة، لكن كثيرًا منها فشل بسبب غياب خطة واضحة وتغليب المصالح الشخصية، مطالبًا بوضع إطار حوكمة صارم يخضع له كل من يتعاون مع الهيئة، لضمان الشفافية ومنع الفساد.
الأوقاف منهوبة
في المقابل قال تهامي منتصر، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن عمله الطويل كصحفي ومذيع متخصص في الشؤون الإسلامية، ومنها وزارة الأوقاف، دفعه لطرح قضية الوقف في الصحافة والإعلام، خاصة بعد رصده حالات فساد وتزوير في حجج الوقف خلال الثمانينيات والتسعينيات. وكشف منتصر في منشور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن آخر حوار له حول هذا الشأن كان مع أستاذ الاقتصاد الإسلامي ورئيس مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، الراحل الدكتور محمد عبد الحليم عمر، الذي قال إن الأوقاف منهوبة، وإن العائد من استثمارها ضعيف للغاية ولا يتجاوز خمس ما يمكن تحقيقه في حال إدارتها من قبل خبراء أكفاء وأمناء. وأكد أنه فى لقاء مع وزير الأوقاف الراحل الدكتور محمد الأحمدي أبو النور عام 1985، ذكر أن الوزارة عاجزة عن استثمار أموال وأصول الوقف بشكل علمي، محذرًا من أن قيمة الأوقاف قد تتآكل تدريجيًا، وهو ما اعتبره أمرًا محرمًا، ودعا إلى إنشاء هيئة عليا للاستثمار . وأوضح منتصر أن قيمة الأصول الثابتة والسائلة للأوقاف في مصر وخارجها تبلغ نحو 3 تريليونات جنيه، تدير الوزارة منها ما قيمته تريليون و37 مليار جنيه، لافتا إلى أنه تم تحويل نحو 4 مليارات جنيه من هذه الأموال إلى دولة العسكر خلال فترة وزير اوقاف الانقلاب السابق مختار جمعة.
فيلا زكريا عزمي
ونوه بأن العائد السنوي للوقف لا يتجاوز 800 مليون جنيه، والتعديات على أصول الوقف وصلت إلى 2 مليون متر مربع و4 آلاف فدان من أجود الأراضي الزراعية، التي تحولت في معظمها إلى مبانٍ وعقارات. واشار منتصر إلى أن وزارة الأوقاف تمتلك 15 أثرًا ومنشأة وفندقًا في جزيرتي "تاثيوس" و"كيفالا" باليونان، بالإضافة إلى ثلاث تكايا في مكة والمدينة ومشعر منى، والتي تمت إزالتها عام 1985 مع تعويض بلغ 90 مليون ريال سعودي، لا يجوز نقلها إلى مصر وفقًا لشروط الوقف مؤكدا أن هناك معلومات ترجح أن وزير اوقاف الانقلاب السابق مختار جمعة نقل هذه الأموال إلى مصر قبل ثماني سنوات، رغم النص الوقفي الذي يخصصها للفقراء والحجاج والمعتمرين في مكة والمدينة. وشدد على أن الأوقاف أمانة ينبغى أن تُسند إلى من يتولى إدارتها لضمان سلامتها وتنميتها، وصرف عائدها في مصارفها المحددة شرعًا، والتي لا تشمل دولة العسكر كمستفيد. واستشهد منتصر بموقف الوزير الراحل الدكتور الأحمدي أبو النور، الذي رفض طلبًا من الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان المخلوع حسنى مبارك بمنحه فيلا من أموال الوقف، وقال له: لو كان مالي لأعطيتك، لكنه مال وقف، مما أدى إلى إقالته لاحقًا.