إعمار قطاع غزة تحول إلى لغز كبير فى ظل الموقف المعلن للحكام العرب والقمة العربية التى عُقدت في القاهرة في 4 مارس الحالي ووافقت على خطة لإعادة الإعمار لكن الرفض الأمريكي لهذه الخطة أعاد الأمور إلى نقطة الصفر خاصة أن هذا يأتى بالتزامن مع منع الاحتلال الصهيونى دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بل وقطع الكهرباء عن القطاع بالكامل ويخطط لتهجير الفلسطينيين بدعم من الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب . الرفض الأمريكي كان من المفترض أن يواجه بموقف عربى حاسم يصر على إعادة إعمار غزة لكن مثل هذا الموقف لا ينتظره أحد من الحكام الخونة الذين يعملون لمصلحة الاحتلال الصهيو أمريكى أكثر مما يعملون لصالح القضية الفلسطينية والأمن القومى العربى . هكذا يظل أهالى قطاع غزة فى العراء يعانون الجوع والمرض ولا احد يحاول انقاذهم أو مد يد العون إليهم فى الوقت الذى يركز الحكام الخونة فيه جهودهم على القضاء على المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وابعاد حركة حماس عن المشاركة فى تحديد مستقبل القطاع . كثرت التساؤلات حول الخيارات العربية في ظل التصريحات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة التي أعربت عن رفض مخرجات القمة العربية الطارئة التي انعقدت لإيجاد بديل لخطة ترامب بشأن غزة، وخلال قمة عربية استثنائية عُقدت في القاهرة في 4 مارس الحالي، اعتمد القادة العرب خطة مصرية لإعادة إعمار غزة كلفتها 53 مليار دولار تهدف إلى تمكين 2.1 مليون فلسطيني من البقاء في ديارهم، وفقًا لصحيفة واشنطن تايمز. وطرحت القاهرة خطتها في مسعى لتقويض خطة أمريكية تقضي بتهجير سكان القطاع والسيطرة عليه لبناء مشروع استثماري سياحي، سماه ترامب "ريفييرا الشرق الأوسط"، في تراجع واضح عن النهج التقليدي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والذي كان قائمًا على حل الدولتين، ولكن الخطة العربية قوبلت برفض قاطع من إسرائيل، فيما وصفتها واشنطن بغير الواقعية، كما أكد البيت الأبيض تمسك إدارة ترامب برؤيتها لإعادة إعمار غزة خالية من حماس. وفي المقابل، رحبت كل من السلطة الفلسطينية وحماس رحبتا بالخطة العربية التي تدعو إلى حكم غزة مؤقتا من قبل لجنة من الخبراء المستقلين ونشر قوات حفظ سلام دولية هناك، وطرحت هيئة الإذاعية البريطانية، بي بي سي، على عدد من الخبراء هذا السؤال: "هل يمكن أن تصمد هذه الخطة أمام مقترح ترامب؟ وما هي أوراق الضغط التي يمتلكها العرب؟ تداعيات كارثية من جانبه قال المحلل السياسي سميح المعايطة وزير الإعلام الأردني الأسبق ، أن الخطة العربية قابلة للتطبيق رغم ما يحيط بها من عراقيل محذرا من أن المقترح المتداول بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة يحمل تداعيات كارثية على القضية الفلسطينية وأمن المنطقة . وأضاف المعايطة فى تصريحات صحفية أن هذا الخيار يهدد الأمن الوطني لكل من الأردن ومصر، ويشكل إخلالًا بالتوازن الإقليمي مؤكدا أن ترامب يطرح رؤى ومقترحات، لكنه لا يستطيع فرضها . وأشار إلى أن المبادرة العربية أو أي خطة مستقبلية ستخضع لعوامل التفاوض والاشتراطات الأمريكية والإسرائيلية موضحا أن ترامب تحدث عن تقديم مقترحات وأفكار، دون فرض رؤية أحادية، ما يفتح المجال أمام الطرح العربي . وأكد المعايطة أنه إذا نجحت الجهود التفاوضية وتم التوصل إلى تفاهمات حول القضايا الخلافية، فقد نتحرك نحو حل إيجابي. مشددا على أنه حتى في أسوأ السيناريوهات، لن تُطبق خطة ترامب، ولن تُنفَّذ المبادرة العربية. لكن هذا يعني بقاء غزة على وضعها الحالي، مع تفاقم الأوضاع المعيشية، وتعطّل جهود إعادة الإعمار، وخطر اندلاع حرب جديدة . واعتبر أن رؤية ترامب ليست سوى مشروع غير قابل للحياة، مشيرا إلى أن إسرائيل ترفض الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل الجوانب السياسية والأمنية، وهي قضايا عالجتها الخطة العربية من خلال تقديم إجابات واضحة حول من سيحكم غزة، ومن يمول إعادة إعمارها . تهجير الفلسطينيين وطالب الدكتور خالد شنيكات أستاذ العلوم السياسية بتحويل الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة إلى خطة دولية لافتا إلى أن خطة إعادة إعمار غزة أمامها الكثير على المستوى الدولي وأن أهم دولة يجب أن تحصل على دعمها هي الولاياتالمتحدة لأنها ممسكة بملف القضية الفلسطينية بشكل كامل . وقال شنيكات فى تصريحات صحفية: هناك دول أوروبية أعلنت دعم الخطة ولكن لابد من التفاوض مع الولاياتالمتحدة حول الخطة ولابد من تحويل الخطة إلى خطة دولية، مشددا على ضرورة أن ينصب الجهد الدبلوماسي العربي بشكل أساسي على الولاياتالمتحدة ثم روسيا والصين ودول أمريكا اللاتينية لتصبح خطة دولية متفق عليها . واقترح أن تذهب الدول العربية إلى مجلس الأمن لتأخذ عليها قرارا يحمل صفة الإلزام، مشيرا إلى أن جميع القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة كانت مناصرة للقضية الفلسطينية ولكن إسرائيل تمارس ضغطا كبيرا على الولاياتالمتحدة حتى يكون هناك اشتراطات كبيرة من الولاياتالمتحدة على الخطة . وأشار شنيكات إلى أن أن هناك تأثير كبير لإسرائيل على عملية صنع القرار في الولاياتالمتحدة وهناك شبه تطابق في المواقف الأمريكية والإسرائيلية موضحا أن القضية الأساسية التي تواجه خطة إعادة الإعمار هي أن إسرائيل تريد تضمين الخطة بعض البنود من خلال الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بنزع سلاح حماس وألا يكون اليوم التالي لحماس نهائيا . وحذر من أن إسرائيل شرعت على أرض الواقع في عملية تهجير الفلسطينيين من غزة خصوصا بعد أن أنشأت إدارة تابعة لوزارة دفاع الاحتلال الصهيونى تسهل عملية تهجير الفلسطينيين . خط أحمر وقال الباحث والسياسي ، الدكتور عماد جاد، إن المبادرة العربية تحمل جوانب إيجابية، لكنها تفتقر إلى معالجة جوهرية لمعضلة الوجود العسكري لحماس وسلاحها في القطاع. وأشار جاد فى تصريحات صحفية إلى أن الدول العربية تجنبت التطرّق رسميًا لهذا الملف، في حين أعلنت حماس بوضوح أن سلاحها خط أحمر، ولن تتخلى عنه أو تغادر غزة. هذه المسألة تظل نقطة الضعف الأبرز في المبادرة العربية . وأضاف : إذا تمكنت الدول العربية من إقناع حماس بتسليم سلاحها وخروج قيادتها العسكرية العليا إلى مصر أو قطر أو تركيا، فقد يعزز ذلك موقف الوفود العربية خلال المفاوضات مع الرئيس الأمريكي، ويفتح الباب أمام حلّ توافقي وفق تعبيره. تجميد العلاقات وقال بشير عبد الفتاح الأكاديمي والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التباين في المواقف العربية تجاه حماس وسلاحها لن يمنح الولاياتالمتحدة وإسرائيل مكاسب كبيرة، في ظل غياب سلام حقيقي وأفق واضح لإقامة الدولة الفلسطينية. وأكد عبد الفتاح فى تصريحات صحفية أن هذا الواقع يمنح حماس مبررًا للاستمرار في التسلح حتى يتم التوصل إلى تسوية عادلة تتيح التخلي عن السلاح . وشدد على ضرورة التشبث بخطة اعمار غزة ودعمها كحل رئيسي لمواجهة التعنت الأمريكي والإسرائيلي، معتبرًا أن الدول العربية يجب أن تبقى حازمة في موقفها. وطالب عبد الفتاح باللجوء الي خيار الذهاب إلى الشركاء الأوروبيين والمجتمع الدولي، محذرا من أن المضي في خطة ترامب قد يؤدي إلى تصعيد خطير وسيزيد من إحباط الفلسطينيين. وأشار إلى ضرورة أن ترد الدول العربية على التعنت الأمريكي والصهيونى بوقف التطبيع وتجميد العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى تعليق مشاريع التعاون الاقتصادي أو "السلام الاقتصادي" معها.