يواصل صندوق النقد الدولي ضغوطه على نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، من أجل تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية والرضوخ لإملاءاته التي تهدد بانهيار الاقتصاد المصري وتجويع المصريين، وذلك بزعم إتمام برنامج حزمة المساعدات القديمة والجديدة. وطالب صندوق النقد حكومة الانقلاب بثلاثة إجراءات تتمثل في خروج دولة العسكر من الاقتصاد، ومرونة معدلات الفائدة وسعر الصرف، باعتبارها الأدوات التي في مقدورها امتصاص الصدمات. وقالت كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي: إنه "يجب تعزيز مرونة الاقتصاد المصري من خلال مرونة معدلات الفائدة وسعر الصرف، وزعمت كريستالينا جورجيفا في تصريحات صحفية ، أن صناع السياسة في دولة العسكر يجب أن يركزوا على خفض معدلات التضخم في المقام الأول". وأشارت إلى أن مرونة سعر الصرف أو تعويمه تتوقف على الوضع المحلي وقوة الاحتياطي الأجنبي، مشددة على أنه يجب أن تضع دولة العسكر البنود الأولى للبرنامج قيد التنفيذ إلى جانب دعم جميع الفئات المهشة. 6 أسباب في هذا السياق كشفت مصادر مطلعة أن هناك 6 أسباب تدفع غالبية المصريين إلى التخوف من شروط الصندوق، والتي من المتوقع أن توافق عليها حكومة الانقلاب في ظل حاجتها لتمويل العجز في الموازنة العامة وتجاوز أزمة الدولار، التي تسببت في ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية. وأوضحت المصادر التي رفضت الكشف عن اسمها، أن أول هذه الأسباب هو التخوف من تعويم الجنيه مقابل الدولار، وهو ما ظهرت بوادره خلال الفترة الماضية من حديث محافظ البنك المركزي ، والذي ألمح في أكثر من تصريح صحفي إلى ضرورة حدوث مرونة في سوق الصرف والاتجاه نحو خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار لتضييق الفجوة بين سعره في السوق الرسمي والسوق السوداء. وحذرت من أنه سوف يكون لذلك تداعيات سلبية على الأسعار التي ستشتعل أكثر مما حدث، وتجاوزت في بعض أنواع السلع والخدمات أكثر من 200% بعدما قفز سعر الدولار في السوق السوداء إلى نحو 73 جنيها خلال الأيام الماضية. وأشارت المصادر إلى أن الأزمة الثانية تتمثل في طلب الصندوق إجراء مزيد من خفض الدعم مع العمل على إلغاء دعم الطاقة بشكل كامل، وهو ما سبق أن طالب به الصندوق في أول مفاوضات أجرتها معه حكومة الانقلاب، مؤكدة أن حكومة الانقلاب تعمل على رفع الدعم بشكل تدريجي، وهو ما يزيد أعباء الأسر المصرية بعد ارتفاع قيمة فواتير المياه والكهرباء وجميع المحروقات. وأوضحت أن الأزمة الثالثة تتمثل في طلب الصندوق العمل على خفض عجز الموازنة بشكل تدريجي حتى تصل إلى المعدلات الآمنة، وهو ما سيتطلب العديد من الإجراءات الصعبة التي تؤدي في النهاية إلى خفض الإنفاق العام وتقليص حصة العدالة الاجتماعية في الموازنة العامة لدولة العسكر وخفض إجمالي ما ينفق على الدعم. ولفتت المصادر إلى أن صندوق النقد حذر من ارتفاع حجم الدين المحلى إلى ما يمثل 90% من الناتج الإجمالي، لأن الحدود الآمنة عالميا تدور حول 60% كما حذر من اعتماد حكومة الانقلاب على قروض محلية في تمويل المشروعات الفنكوشية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير للدين العام. وأضافت، الصندوق طلب من حكومة الانقلاب أن تعمل على تعزيز الإيرادات العامة للدولة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما سيدفع إلى أن تتوسع مالية الانقلاب في فرض مزيد من الضرائب، ما يؤدي إلى زيادة أعباء المصريين بشكل عام. وتوقعت المصادر أن يطلب الصندوق طرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، وهو ما يرفضه المصريون تخوفا من عدم قدرة الانقلاب على سداد الأقساط المستحقة للصندوق واتجاهه لبيع هذه الشركات أو السيطرة عليها. وأوضحت أن الشرط السادس يتعلق بخفض قيمة الدعم، وهو ما يخشاه غالبية المصريين من محدودي الدخل، لكن طبقته حكومة الانقلاب بالفعل في الكهرباء ورفع أسعار المحروقات وفواتير المياه، وكل ذلك يمثل أعباء إضافية على كاهل المصريين. السيولة الأجنبية وأكد الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، أن الطلب على العملات الأجنبية لا يزال مرتفعا وهو ما يحول بين حكومة الانقلاب والوصول إلى سعر صرف رسمي تعادلي، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي سواء الرسمي أو الخاص ليس لديه ما يكفي من السيولة الأجنبية لسد الفجوة مع السوق الموازي على خلفية تراكم الطلبات وتداول العملات الأجنبية خارج القنوات الرسمية. واستبعد يوسف في تصريحات صحفية أن يقوم نظام الانقلاب بتعويم كلي للجنيه، لكنه سوف يخفض الجنيه إلى مستويات أكبر وإلا لن تكون للخطوة أي معنى إذا لم يستطع جذب الدولار إلى قنواته الرسمية، مؤكدا أن حكومة الانقلاب يدها مرتعشة من حدوث انهيار كبير للعملة، وبالتالي غلاء فاحش في الأسعار يتبعه فوضى في الأسواق. ودعا حكومة الانقلاب إلى تقليل الطلب على الدولار ووقف المشروعات الفنكوشية التي لا تدر عوائد دولارية، والتشديد المالي من خلال ترشيد الإنفاق على تمويل عجز الموازنة وبناء احتياطي نقدي أقوى قبل أي إجراء حقيقي لتوحيد سعر الصرف، منتقدا ما يعرف بالقبضة الأمنية لأن الدولار ليس معارضا للانقلاب حتى يمكنه حبس مصدره وإخضاعه لعسكرة الدولة كما تم إخضاع كل شيء من قبل، لأن الأمر هنا مختلف. برنامج وطني وطالب الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني حكومة الانقلاب بضرورة اعتماد برنامج وطني لانتشال الاقتصاد من كبوته، محذرا من أن تكبيل البلاد بشروط صندوق النقد الدولي سيجعلها تنغرس في وحل الديون يوما وراء يوم، وهو ما نراه منذ نهاية عام 2016 مع تعويم الجنيه . وأكد الميرغني في تصريحات صحفية أن دولة العسكر لن تستطيع تعويم الجنيه، لأن ذلك يكون نوعا من الانتحار الاقتصادي، لكنها سوف تضطر لإجراء تخفيض على قيمة الجنيه بين فترة وأخرى بما يعرف بسياسة التعويم المدار. وأوضح أنه نتيجة لهذه السياسات التي تعتمد على الاستدانة والاقتراض، من أجل سداد الديون أصبح 33% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر الوطني وأكثر من 60% يعيشون تحت خط الفقر الذي يضعه البنك الدولي . وقال الميرغنى: إن "حكومة الانقلاب باتت مضطرة لرفع أسعار الفائدة طالما أنها أقل من معدل التضخم السنوي، موضحا أنه منذ اتساع فجوة سعر الصرف بين السوقين تآكلت الأجور والمعاشات وقيمة المدخرات والودائع في البنوك على المستوى الشعبي، أما على المستوى الحكومي فهناك ضغوط على الاقتصاد الوطني من مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية والتخفيض المستمر في قدرة مصر على سداد التزاماتها".