التقى رئيس الوزراء الليبي الجديد عبدالحميد الدبيبة، يوم الخميس 18 فبراير 2021م، رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وهي الزيارة التي تأتي بعد أيام قليلة من انتخاب الدبيبة ضمن السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا وهي التشكيلة التي تضم محمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي. تصريحات الدبيبة خلال زيارته للقاهرة انطوت على مضامين تحميل رسائل إيجابية وقدم خطابا متوازنا يفتح الأبواب أمام إقامة علاقات وشراكات بين الجانبين. أولا، كان من أهم ما شدد عليه رئيس الحكومة الليبية الجديد أن يسعى لإقامة نموذج قابل للتعامل والتواصل معه، وإقامة علاقات متوازنة بكافة الأطراف على المستوى الخارجي، وبشكل يمهد لحالة من التوافق بين كافة الأطراف الليبية على المستوى الداخلي، حيث أبدى استعداده التام للقاء كافة الأطراف والوصول لصيغة توافقية تضمن إنهاء معاناة بلاده وتفرق أبنائها". ولهذه الأسباب فقد انطلق الدبيبة إلى طبرق يوم الجمعة في أعقاب انتهاء زيارته للقاهرة وذلك لبحث تشكيل الحكومة الليبية الجديدة مع رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح والجنرال الانقلابي خليفة حفتر. ثانيا، بحسب مصادر ليبية، فإن رئيس الحكومة الليبية الجديد أبدى استعداد بلاده على تعاون يضمن ويؤمن المصالح المصرية، بشكل يحقق معه المصالح الليبية، ويساعد على سرعة إنهاء الأزمة، بما يضمن استقرار تلك المنطقة لكافة دول الجوار. ومن جانبه، هنأ الطاغية عبدالفتاح السيسي، رئيس حكومة الانقلاب، الدبيبة بتولي قيادة الحكومة بعد تصويت ملتقى الحوار السياسي، واعتبر ذلك بداية مبشرة لمرحلة جديدة تعمل فيها كافة مؤسسات الدولة الليبية بانسجام وبشكل موحد". وأكد رئيس الانقلاب استعداد حكومته لتقديم ما وصفها بكافة خبراتها وتجربتها، بما يساهم في وضع ليبيا على المسار الصحيح وتهيئة الدولة للانطلاق نحو آفاق البناء والتنمية والاستقرار، على حد وصفه. وبحسب مراقبين، تشير التحركات الأخيرة لاتجاه نظام الطاغية السسي نحو فتح صفحة جديدة من العلاقات مع القوى في غرب ليبيا، في أعقاب فشل الرهان على الجنرال المعتوه خليفة حفتر الذي شن عدوانا عسكريا في إبريل 2019م للسيطرة على العاصمة طرابلس بدعم مصري إماراتي روسي فرنسي؛ وهي الحملة التي فشلت في أعقاب التدخل التركي لصالح حكومة الوفاق المعترف بها دوليا وهو التدخل الذي أدى إلى إلحاق هزائم مدوية لحفتر ومليشياته وطردها من كافة المناطق التي سيطرت عليها غرب ليبيا، وهو ما فتح الباب أمام العملية السياسية التي جاءت بالدبيبة رئيسا للحكومة. ثالثا، ذكرت هذه المصادر وفقا لتقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" أن الدبيبة حمل أيضا رسائل تقارب لمصر مع تركيا، من دون أن توضح إن كانت تلك الرسائل اجتهادا شخصيا منه، أم أنها رسائل تم تحميله بها من الجانب التركي، بحكم العلاقات القوية بين الجانبين، في ما يخص أزمتي ليبيا وشرق المتوسط. وفي لقاء الدبيبة برئيس جهاز المخابرات العامة بحكومة الانقلاب اللواء عباس كامل، أبدى الأخير اهتماما كبيرا بمدى وحجم علاقة رئيس الحكومة الليبية الجديدة بتركيا، وهي المسألة التي شغلت حيزا كبيرا من اللقاء؛ وجاءت ردود الدبيبة لتؤكد أنه منتخب من الليبيين، وأن ما يعنيه في المقام الأول هو مصلحة بلاده وشعبه، وأنه لن يتوانى في التعاون مع أي طرف يحقق تلك المصالح، من دون الإضرار بمصالح الأشقاء ودول الجوار ممن يريدون التعاون الحقيقي، بعيدا عن الهيمنة أو فرض أجندات خاصة على الليبيين. رابعا، من أهم أبعاد وزوايا اللقاءات التي جرت بين الجانبين، أن الدبيبة أكد على رعاية كافة المصالح المصرية على الأراضي الليبية، سواء العمالة، أو المقرات الدبلوماسية حال تم افتتاح السفارة في طرابلس والقنصلية في بنغازي. كما أكد للمسئولين بحكومة الانقلاب عدم معارضة حكومته مشاركة الشركات المصرية الرسمية في عمليات إعادة الإعمار في ليبيا. لكن هذا التقارب بين القاهرةوطرابلس لا يروق للإماراتيين الذين يتخوفون من أن يفضي هذا التقارب لتفاهمات مصرية تركية على حساب المصالح الإماراتية. في ذات الوقت أبدى رئيس الحكومة الليبية الجديدة عدم اعتراضه على أي اتصالات مع الجانب الإماراتي، لكنه اشترط تغيير أبو ظبي نهجها الذي تتبعه والذي أكد أنه يتعارض مع مصالح الشعب الليبي. في هذه الأثناء، شدد وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني صلاح الدين النمروش، للمبعوث الأممي الجديد يان كوبيتش، ضرورة إخراج المرتزقة الذين استُجلبوا دون دعوة من أي جهة شرعية للقتال ضد أبناء الشعب الليبي. وذكر المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" أن النمروش جدّد لكوبيتش في لقاء جمعهما، الخميس 18 فبراير 2021م، دعم وزارة الدفاع للمسار العسكري والسياسي وأعمال اللجنة العسكرية (5+5)، مؤكدا أهمية دور البعثة في مساعدة المؤسسة العسكرية في بناء جيش يخضع للسلطة المدنية، ودورها في ترسيم السلام ودعم المصالحة الوطنية. وأبدى كوبيتش تجاوبه مع هذه المطالب مؤكدا أن البعثة لن تسمح بالتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية، وستطالب بإخراج المرتزقة والجماعات التي لم تُدعَ من جهة شرعية للدخول في البلاد. وأوضح أن البعثة ستبحث مع وزارة الدفاع ملف حقوق الإنسان والانتهاكات وجرائم الحرب والخروقات التي حصلت، وستحيلها على محكمة الجنايات الدولية.