أثار تخفيض حكومة الانقلاب سعر لتر البنزين بنحو 25 قرشا، انتقادات حادة بين الأوساط الاقتصادية وسائقي السيارات وكافة المواطنين، وقالوا إن هذا التخفيض هزيل ولا يتواكب مع التراجع الكبير فى أسعار البترول على المستوى العالمي . وأكد خبراء اقتصاد أن نظام العسكر تراجع عما أعلن الالتزام به من آلية تحرير الأسعار ومراجعتها كل 3 أشهر، من جانب لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية . وأكدوا أن هدف حكومة العسكر من هذا التخفيض الهزيل هو تحميل المواطنين فاتورة ال100 مليار جنيه، التى أعلن عنها قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي لمواجهة كورونا . وقال الخبراء، إن دولة العسكر تعمل على استنزاف الشعب المصري ونهب كل ما يمتلكه من أموال، ولا تعمل لصالحه أو من أجل رفاهيته . كانت وزارة البترول بحكومة الانقلاب قد أعلنت عن خفض سعر البنزين 95 أوكتان إلى 8.50 جنيه للتر من 8.75 جنيه، بنسبة تراجع 2.8 بالمئة، والبنزين 92 إلى 7.50 جنيه من 7.75 جنيه، بنسبة تراجع 3.2 بالمئة. وخفّضت سعر البنزين 80 أوكتان الأقل جودة إلى 6.25 جنيه من 6.5 جنيه بنسبة انخفاض 3.8 بالمئة. فيما خفضت أسعار المازوت للصناعة إلى 3900 جنيه للطن من 4250 جنيها. وبررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية قرارها بأنها تستهدف تجنيب جزء من الوفر المحقق من خفض التكلفة لمواجهة الارتفاع المتوقع في التكلفة خلال الفترة القادمة، وكذلك مواجهة زيادة أعباء مواجهة تبعات أزمة كورونا. وقالت إن ذلك يأتي في ضوء الظروف الاستثنائية غير المسبوقة التى تمر بها أسواق النفط العالمية، وكذلك الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية نتيجة أزمة فيروس كورونا المستجد، ومع توقع عدم استمرار الانخفاض الحاد فى الأسعار العالمية للنفط . كانت التوقعات تشير إلى خفض الأسعار بنسبة 10% أو أكثر في ظل تهاوي أسعار النفط العالمية، وسط انحدار حاد للطلب؛ بسبب أزمة فيروس كورونا وحرب الأسعار بين روسيا والسعودية. فى سياق متصل، أعلنت وزارة المالية بحكومة الانقلاب عن تحديد سعر برميل البترول في مشروع الموازنة العامة للدولة، للعام المالي الجديد المقرر أن يبدأ في أول يوليو المقبل، بنحو 3 أضعاف سعره الحالي. وقالت مالية الانقلاب، إنها حددت سعر برميل البترول في مشروع موازنة 2020-2021 عند 61 دولارا للبرميل . وفيما يتعلق بسعر الدولار، أشارت إلى أنه تم استخدام متوسط سعر الصرف السائد في السوق خلال الفترة من أول يناير حتى نهاية مارس 2020. القوة الشرائية من جانبه قال الدكتور مصطفى شاهين، مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأمريكية، إن حكومة الانقلاب ينبغي لها أن تخفّض أسعار الوقود بنسبة لا تقل عن نصف الأسعار الحالية، مشيرا إلى انخفاض الأسعار العالمية لما يقارب ثلثي ما كانت عليه. واعتبر شاهين، في تصريحات صحفية، أن ما ساقته وزارة البترول بحكومة الانقلاب من مبررات لتحديد سعر البترول بنحو 3 أضعاف سعره العالمي، في الموازنة الجديدة غير منطقي؛ كونه من الممكن شراء احتياجات العام المقبل بالسعر بعد تخفيضه، وإن استدعى الأمر الاعتماد على الاحتياطي النقدي، لما في ذلك من تحقيق مصلحة عامة. وأوضح أن الآثار الإيجابية لهذا الخفض المطلوب لن تتوقف عند الفائدة المتحققة للمواطن، وإنما ستستفيد منها دولة وحكومة العسكر؛ كون تخفيض الأسعار المتوقع لمختلف السلع سيزيد من القوة الشرائية للمواطنين، وهو ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد في البلاد. فاتورة كورونا وقال محمد فرج، عضو لجنة النقل والمواصلات في البرلمان سابقا، إن التخفيض المعلن عنه غير قانوني وفق آلية التسعير الجديدة التى أعلن نظام الانقلاب الالتزام بها، مشيرًا إلى أن دولة العسكر تحقق وفرا الآن بنحو 8 مليارات جنيه شهريًا. وكشف فرج، فى تصريحات صحفية، عن أن واردات البترول كانت تكلف دولة العسكر 9.5 مليار دولار سنويا، وكان يجب أن ينعكس الوفر بالإيجاب على المواطن بخفض أسعار الوقود 60%. واعتبر أن تصريحات وزير بترول الانقلاب بعدم الخفض تحسبًا لزيادة الأسعار هي أمر غير مقبول؛ لأنه لو ارتفع سعر برميل النفط لكان رفع أسعار الوقود، موضحا أنه كان من المفترض أن تخفف دولة العسكر الأعباء على المواطنين تماشيًا مع الأسعار العالمية وخفض السعر . وأكد فرج أن حكومة الانقلاب بهذه الطريقة تحمل المواطن فاتورة مواجهة فيروس كورونا، من خلال حبس كل الوفر لمواجهة أعباء الفيروس، لافتا إلى أنه كان من الممكن أن تقسم الأمور بين المواطن وموازنة دولة العسكر، لا أن تحتجز كل الوفر للموازنة . سمسار وتاجر وقال مصطفى عبد السلام، الخبير الاقتصادي: إنه كان من المنتظر أن تخفض حكومة الانقلاب أسعار البنزين والسولار بنفس نسبة تراجع الأسعار العالمية لبرميل البترول، مشيرا إلى تهاوي أسعار البترول في الأسواق العالمية بنسب تصل إلى 60%، وكذلك تراجع أسعار المشتقات البترولية بسبب توقف حركة السيارات في الشوارع، وإغلاق آلاف محطات الوقود في أوروبا والولايات المتحدة بسبب تفشي كورونا. وكشف عبد السلام، فى تصريحات صحفية، عن أن العديد من الدول العربية خفضت بالفعل أسعار الوقود، منها قطر والإمارات والأردن وعُمان، بنسب وصلت إلى 23%. واعتبر أن قرار حكومة الانقلاب بتحديد سعر البترول الخام بالميزانية الجديدة، بنحو 3 أضعاف سعره الحالي "غير مفهوم"، مشيرا إلى أنه يتناقض مع توقعات بنوك الاستثمار العالمية باستمرار تراجع أسعار البترول خلال العام الجاري بسبب استمرار أزمة كورونا، وتراجع الطلب، ووجود فائض ضخم في الأسواق الدولية، وتباطؤ معدل نمو الاقتصاد الصيني. وأكد عبد السلام أن تطبيق حكومة العسكر سياسة رفع سعر الوقود في حال زيادة أسعار البترول والامتناع عن الخفض حال تراجع أسعار النفط، يجعل منها حكومة تعمل بمنطق "السمسار والتاجر"، وليس بمنطق الداعم للمواطن والمنظم للحركة الاقتصادية . جباية وقال محمد السيد، المحلل السياسي والاقتصادي: إن عدم خفض أسعار مشتقات البترول بنفس نسبة التراجع العالمي فى الأسعار يكشف أن النظام يتعامل بأسلوب الجباية مع الشعب، وتسعير مشتقات النفط كل ثلاثة أشهر ليس عمليا، خاصة أن الحالة التي تمر بها البلاد من ركود نتيجة وباء كورونا، موضحًا أنه كان على النظام تخفيض الأسعار بما يتناسب مع الأسعار العالمية لكي يشعر المواطن بتحسن ملموس . وطالب السيد، فى تصريحات صحفية، حكومة العسكر بأن تعالج آثار أزمة كورونا بعيدا عن جيب المواطن كما يحدث في كل دول العالم. وحذر من أن هذا الأسلوب في التعامل مع الأزمات سيكون له تبعات سلبية على المجتمع الذي يعاني معظمه من آثار الأزمة. وتساءل السيد: أين برلمان العسكر؟ أليس دوره التشريعي مراقبة ومحاسبة حكومة الانقلاب وتنفيذ بنود الموازنة؟ معربا عن أسفه من أن السلطة التشريعية تبصم على قرارات حكومة الانقلاب وأصبحت بمثابة سكرتارية لدى السلطة التنفيذية .