لم يكد الحِبر الذي كُتب به خبر زيارة 13 دبلوماسيًّا وسفيرًا غربيًّا من كندا وأوروبا لمقر منظمة حقوقية في القاهرة يجِفُّ، حتى واصل السيسي هوايته في إراقة الدماء، فقتل 8 من الشباب الذين صدر بحقهم قرار بالإعدام في هزلية ملفقة أعدها له القضاء المسيس، كهزلياته التي أعدم بموجبها قبل عام بالضبط، في فبراير 2019، تسعة من الشباب في هزلية النائب العام هشام بركات. ويعتبر القضاء العسكري سكينًا آخر يمسك به السيسي لقتل الأبرياء تحت ستار “الحرب على الإرهاب”، وانغماس الشعب في البحث عن حياة بائسة. 7 شباب من محافظة قنا والثامن من القاهرة، أعدمهم المنقلب في الهزلية رقم 165 لسنة 2017 جنايات عسكرية كلى الإسكندرية، والمعروفة إعلاميًّا باسم “الكنائس”؛ وذلك بعد تأييد المحكمة العليا للطعون العسكرية بالحكم عليهم في شهر مايو 2019. وجاء تنفيذ جريمة الإعدام على الرغم من كشف تحقيقات النيابة عن تعرض المعتقلين في تلك الهزلية لأبشع أنواع التعذيب، لانتزاع اعترافات ملفقة داخل مقرات الأمن الوطني. وكانت النتيجة قتل رامي محمد عبد الحميد عبد الغني من القاهرة، ومن قنا وليد أبو المجد عبد الله عبد العزيز، ومحمد مبارك عبد السلام متولي، وسلامة أحمد سلامة محمد قاسم، وعلي شحات حسين محمد شحاتة، وعلي محمود محمد حسن، وعبد الرحمن كمال الدين علي حسين، ورفاعي علي أحمد محمد. توقعات صائبة وأمام وضع حقوقي مأساوي يمثل كارثة إنسانية في مصر لم تشهده البلاد بزمن الجمهورية ولا عهد الملكية، لم يتوقع النائب بمجلس الشورى السابق، عز الدين الكومي، أن تأتي زيارة الدبلوماسيين الثلاثة عشر بخير!. الكومي تحدث، في تصريحات صحفية، قائلا: إن "معظم هؤلاء السفراء لأوروبا التي جاءت بقضِّها وقضيضها لحضور مؤتمرات دعم هذا النظام، بينما كانت دماء 9 من شبابه الذين أعدمهم لم تجف". وأضاف أن “هؤلاء السفراء وتلك الدول لم يوجهوا حتى اللوم والعتاب لهذا النظام؛ بل جاء رؤساء وممثلو حكومات لدعمه، وغضوا الطرف عن سائر انتهاكاته، مع علمهم أن الشباب الذين أعدموا راحوا ظلمًا بقضايا وأحكام مسيّسة يصدرها قضاء دون استيفاء قواعد العدالة”. محاكمات جائرة منظمة هيومن رايتس ووتش قالت، عن إعدامات سابقة، إن سلطات العسكر تصر على إعدام رافضي الانقلاب العسكري بعد محاكمات جائرة، وأن ذلك لن يحقق للمواطنين المصريين السلامة والعدالة. ودعت المنظمة، في بيان لها، إلى تجميد عقوبة الإعدام فورا وإعطاء الأولوية لاستقلال القضاء وإصلاح القوانين المصرية للوفاء بالمعايير الدولية. وأشارت إلى أن هذه الأحكام ستؤدي إلى تفاقم التوترات في مجتمع منقسم. وندَّدت منظمة العفو الدولية بأحكام الإعدام في دولة العسكر، وقالت إن إعدام أشخاص أدينوا في محاكمات أثيرت بشأنها ادعاءات بالتعذيب لا يمثل عدالة، بل هو شاهد على الحجم الكبير للظلم في البلاد. ووصفت المنظمة هذه الأحكام بأنها تمثل "عارًا" بحق حياة الإنسان، مشيرة إلى أن هذه الإعدامات دليل صارخ على الاستخدام المتنامي لعقوبة الإعدام في دولة العسكر . وقالت نجية بونعيم، مديرة حملة المنظمة في شمال إفريقيا: إن إعدام أشخاص تعرضوا لمحاكمة شوهتها ادعاءات تحت التعذيب ليس عدلا، إنما يعد ذلك انعكاسا لحجم الظلم الذي تشهده دولة العسكر. وطالبت نجية المجتمع الدولي بالتدخل في هذه القضية، مشددة على أنه يجب ألا يقف صامتا أمام هذه الإعدامات، وطالبت دول العالم باتخاذ موقف حازم مما يجري، عبر إدانة ما تقوم به سلطات العسكر من تنفيذ أحكام الإعدام. تعرف على قضاة #كتيبة_الإعدام او دائرة الإرهاب وفضائحهم ومن هم: بالأسماء.. 19 قاضيا بمصر أصدروا 1056 حكم إعدام في 5 سنوات – هذا بخلاف صدور أحكام من القضاء العسكري الاستثنائي الغير معترف به دوليًا بلغت (200 حكمًا) في حق مدنيين#أوقفوا_الاعدامات#إعرفوهم pic.twitter.com/Crv1OuyAuZ — المجلس الثوري المصري (@ERC_egy) February 21, 2020 ويرى أحمد مفرح، المدير التنفيذي لمنظمة "كوميتي فور چستس"، أن نظام العسكر يريد إرسال رسالة سياسية من وراء تنفيذ أحكام الإعدام، بأنه لا يحترم الدستور ولا القانون. وقال مفرح، في تصريحات صحفية: إن نظام العسكر بهذه الطريقة سيكون ارتكب جريمة تضاف إلى جريمة الإعدام ذاتها، إذ إن استخدام المعتقلين السياسيين- وفي المقدمة منهم المحكوم عليهم بأحكام بالإعدام لإيصال رسائل سياسية- أمر لا يتم إلا من الأنظمة الشمولية الهمجية التي لا تنتمي إلى دولة القانون، وإنما إلى دولة الغاب. مزيد من الجرائم وفي تقرير لها عن خطايا القضاء العسكري، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، في أغسطس 2016، إن 3391 مدنيا- بينهم نساء وأطفال- جرت محاكمتهم أمام القضاء العسكري في البلاد، خلال ثلاثة أعوام منذ الانقلاب مشيرة إلى صدور أحكام بإدانة أكثر من 3 آلاف و200 منهم. وأشارت إلى أن مئات من المعارضين المدنيين خضعوا لمحاكمات عسكرية، بينهم صحفيون، على خلفية اتهامهم بقضايا تتعلق “بمعارضة السلطات”، و”النشر عن القوات المسلحة (الجيش)”. وبحسب التقرير، فإن المحاكم العسكرية أصدرت أحكامًا بالإعدام، في 7 قضايا مختلفة، وهي القضايا المعروفة إعلاميًّا باسم “عرب شركس”، و”ملعب الهوكي”، و”كمين الجورة”، و”كمين (الصفا3)”، و”الخلايا العنقودية”.. وغيرها. وتحدث التقرير عن أن تلك القضايا كان المشترك بينها أنها “جاءت دون أي أدلة مادية تثبت قيام المتهمين بالجرائم المنسوبة إليهم”، وأنها “بنيت فقط على تحريات وشهادات الأجهزة الأمنية، واعترافات تم إجبار المعتقلين على الإدلاء بها تحت وطأة التعذيب”. وانتقدت “المنظمة العربية للحقوق والحريات”- في تقريرها- “الصمت الدولي تجاه جرائم الانقلاب، وقالت “إن هذا الصمت هو ما يعطي الضوء الأخضر للسيسى للمضي قدما في ارتكاب المزيد من تلك الجرائم دون تردد أو تخوف من أية مساءلة قانونية دولية، خاصة مع استمرار التعاون الاقتصادي والأمني بين أنظمة الدول الغربية والنظام”. تدريب مباشر وإمعانا في الإمساك بتلابيب القضاء المسيس، أطلق السيسي في 19 نوفمبر 2018، المخابرات العامة على وزارة العدل وهيئة الرقابة الإدارية ليتشاركوا في “إنشاء أكاديمية لتخريج القضاة الجدد”، بسلطات وصلاحيات واسعة تلغي تقريبا صلاحيات المجالس العليا للهيئات القضائية، لينفي عن القضاء العادي- رغم خطاياه- أي ذرة عدالة، ليصبح كالقضاء العسكري، فيختار أعضاءه الجدد من بين خريجي كليات الحقوق والشرطة والشريعة في الجامعات المختلفة، وتخلق حاضنة جديدة لتفريخ جيل جديد من القضاة بمعايير أمنية ورقابية طاغية على معايير الكفاءة العلمية والقانونية. وعليه تكون جميع الهيئات القضائية في مصر رضخت لتعليمات عبد الفتاح السيسي؛ تمهيدا للالتحاق بالعمل بها للدراسة في الأكاديمية الوطنية للتدريب.