انتقدت الوكالات والمؤسسات الأجنبية السياسات التي يتبعها نظام الانقلاب مع المصريين، خاصة فيما يتعلق بالملف القضائي، مشيرين إلى أن الأحكام المشددة والإعدامات مصير المعارضين، بينما الأحكام المخففة والبراءات للراقصات ومغنيات الإيحاءات الجنسية. فخلال الأسبوع الماضي نفذت سلطات الانقلاب إعدام 15 معتقلا يوم الثلاثاء الماضي، بعد شهر تقريبا "فقط" من محكمة عسكرية هزلية مشكوك في عدالتها، أدانتهم بالتورط في هجوم على نقطة تفتيش عسكرية بسيناء، حيث قضت المحكمة العسكرية العليا برفض طعون المحكوم عليهم، وأيدت حكم الإعدام نهائيا، وتم تنفيذه. وبهذا العدد يرتفع عدد الذين نفذت ضدهم عقوبة الإعدام منذ انقلاب يوليو 2013 إلى 23 حالة، في حين تضاعفت أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم المصرية هذا العام بأكثر من ثلاثة أضعاف، حيث أصدرت 186 حكما بالإعدام مقابل 60 عام 2016. ووسط كل تلك الإعدامات خففت محكمة استئناف في القاهرة الاثنين الحكم على مغنية شابة من الحبس سنتين إلى سنة مع تغريمها 10 آلاف جنيه، بعد إدانتها بالتحريض على الفسق والفجور عبر أغنية مصورة تتضمن إيحاءات جنسية. وكانت محكمة أول درجة أصدرت في الثاني عشر من ديسمبر الماضي حكما بحبس المغنية "شيما" سنتين في هذه القضية، إلا أن القضاء الشامخ وبعد 18 يوما فقط من الحكم تم تخفيفه، وفي المقابل لم يُمنح المحامون الوقت لتقديم استئناف على حكم إعدام المعتقلين ال15 بعد توقيع صدقي صبحي على قرار إعدامهم الأسبوع الماضي، حيث أعدموهم بعد 6 أيام فحسب من التصديق ولم يمنحوا فرصة 15 يوما بعد التوقيع، كما لم تمنح العائلات فرصة لتوديع ذويهم قبل الإعدام حسبما ينص القانون المصري. ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الأربعاء الماضي، تقريرا قالت فيه إن الإعدامات التي يقوم بها نظام الانقلاب للمعتقلين و"المعارضين" له تثير المخاوف في مصر، حيث إنها من جانب ستزيد من الغضب في الشارع ضد نظام السيسي، كما أنها ستتسبب في دفع المزيد من الشباب المصري إلى الالتحاق بتنظيم داعش. وفي سياق متصل قالت وكالة الأنباء الفرنسية «فرانس برس» إن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها نظام الانقلاب بمحاكمة مغنيات بالتهمة نفسها ثم تخفيف الحكم، مشيرة إلى أنه في العام 2015، قضت محكمة مصرية بالحبس سنة بحق مغنية وراقصة قامت بتصوير فيديو كليب بعنوان "سيب إيدي" ارتدت فيه فستانا قصيرا جدا، وتم خفض الحكم لاحقا إلى ستة أشهر. وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المحاكمات العسكرية للمدنيين، مضيفة، في تقريرها السنوي حول أوضاع الحقوق والحريات في مصر، أن تلك المحاكمات بلغت 7400 محاكمة منذ أن أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2014 قرارا بتوسيع اختصاصات القضاء العسكري. ودعت المنظمة إلى إلغاء أحكام المحكمة العسكرية بالإعدام، معربة عن اعتقادها أن "دور هذه المحاكم أصبح التمرير الشكلي لعقوبة الإعدام". وفي تعليقها على أحكام الإعدام التي يصدرها نظام الانقلاب قالت وكالة "رويترز" بعد مقابلات أجرتها مع أسر معتقلين محكوم عليهم بالإعدام إن هناك عدة انتهاكات واجهها المعتقلون منها أن المتهمين اختفوا قسرا ولم يتم اعتقالهم بشكل قانوني وإنهم تعرضوا للتعذيب للإدلاء باعترافاتهم، مضيفة أن شرطة الانقلاب سجلت اعترافاتهم وأذاعتها قبل أن تستجوبهم النيابة في انتهاك لقانون العقوبات المصري. وفي وقت سابق قالت منظمة «ريبريف» الحقوقية التي تركز على مناهضة عقوبة الإعدام، ومقرها لندن، إن إعدام 15 شخصا في مصر الثلاثاء الماضي، يمثل أكبر عدد يتم تنفيذ تلك العقوبة عليه منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة. وقالت مديرة المنظمة «مايا فوا» إن هذه الإعدامات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، مؤكدة أن المحاكمات في مصر لا تلبي المعايير الأساسية للعدالة، خاصة المحاكمات الجماعية والعسكرية.