في الوقت الذي تتبجَّح فيه وزار الصحة في حكومة الانقلاب بالإعلان عن إمداد الصين ب10 أطنان من المستلزمات الطبية لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا القاتل، يظل المواطن المصري عامة والفقير خاصة متعجبًا؛ حيث تشكل أزمة العلاج لديه أهم القضايا بعد الانقلاب. وكشفت هالة زايد وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب عن إمداد عصابة العسكر في مصر الصين بشحنة تبلغ 10 أطنان من المستلزمات الطبية الوقائية، لمواجهة فيروس كورونا. أسوة بالمصريين! وزعمت وزيرة الانقلاب أن عصابة العسكر ستقدم كل سبل الدعم للصينيين الموجودين في مصر لاستفادتهم من الخدمات الطبية المقدمة بالمستشفيات الحكومية، أسوةً بالمصريين، خاصة خلال تلك الفترة، مشيرة إلى عمق وترابط العلاقات بين البلدين. وأعلنت وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب عن انعقاد غرفة إدراة أزمات على مدار الساعة، لمتابعة خطة استقبال المواطنين المصريين القادمين من مدينة ووهان الصينية. وتقول الناشطة سناء السيد: "في مصر الإهمال ونقص الإمكانات بالمستشفيات الحكومية هو الجحيم للفقراء، والمستشفيات الخاصة جهنم تشوي المريض دون رحمة، تتاجر بالمرض لمن يستطيع أن يسدد الفاتورة، مستشفيات العسكر رفاهية لا يعرفها الرعاع من الفقراء، فقط أسياد البلد هم من لهم كل الحقوق المسلوبة من المصريين". وتعد مستشفيات القوات المسلحة المنتشرة في أنحاء مصر حكرًا على السادة ضباط الجيش، تلك الفئة التي بات يطلق عليها الأسياد والباشوات، ويمنع بشكل قطعي معالجة المدنيين فيها إلا في أقسام استثمارية خاصة لا يستطيع دفع نفقتها إلا المليونيرات الذين يعيشون على دماء الغلابة والفقراء فقط. ويواجه الفقراء في جمهورية العسكر التي تديرها عصابة السفيه السيسي دولة لا تهتم بهم، ويعتبر مراقبون أن مستشفيات وزارة الصحة أصبحت "خرابات" لا يمكن العمل بها في ظل منظومة متهالكة، وقال عدد من المتخصصين والخبراء: إن مصر أصبحت أم الدنيا في المرض، فنحن نحتل المركز الأول عالميًا في الإصابة بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي سي، كما تحتل أم الدنيا المركز ال12 في نسبة الإصابة بالفشل الكلوي، ونستحوذ على مراكز متقدمة أخرى في العديد من الأمراض المزمنة. مستشفيات الفقراء وطالب خبراء وحقوقيون السفيه السيسي بفتح مستشفيات القوات المسلحة للعلاج المجاني لكل أبناء الشعب، ومساعدة الأطباء في إصدار قانون يمنع علاج أي من المسئولين سوى في المستشفيات الحكومية، سواء عامة أو تعليمية أو مركزية، ومنع سفر المسئولين للعلاج بالخارج. وتتستَّر حكومة الانقلاب على رواتب وبدلات كبار مسئولي وزارة الصحة والتأمين الصحي، والتي تقدّر بمئات الآلاف، وتحتل صحة المصريين آخر أولويات عصابة العسكر، وتعاني مستشفيات الفقراء من عدم توفير الأجهزة الطبية وأسرّة الرعاية وغيرها من المستلزمات الطبية، ولا تسعى سلطات الانقلاب في أي موازنة مالية جديدة إلى تحسين أحوال هذه المنظومة الصحية المتهالكة. ورغم التقارير المتوالية التي تشير إلى تدهور القطاع الطبي وانهيار منظومة الصحة في مصر؛ بسبب ارتفاع أسعار الأدوية ونقص التجهيزات الطبية والمستلزمات التي تحتاجها المستشفيات، بعد انهيار العملة المصرية أمام الدولار، يفتح السفيه السيسي الباب أمام خصخصة المستشفيات التي تعالج الفقراء، حيث تم إعداد قائمة من 75 مستشفى لطرحها للشراكة مع المستثمرين العام الماضي. بينما قال عضو مجلس نقابة الأطباء أحمد شوشة: "إن بيْع هذه المستشفيات، هو عمل ضد مصلحة المريض المصري، بل يعد قتلاً للمريض الفقير، فهو شروع في قتل المرضى الفقراء في مصر وهم الأغلبية العظمى". وتُلزم المادة 18 من دستور الانقلاب، الشهير ب"دستور النوايا الحسنة"، بتخصيص نسبة من إنفاق حكومة الانقلاب للصحة، لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، إلا أن ذلك لم يظهر في الموازنة العامة للبلاد. حالة من القلق وبعد تسجيل الإمارات أول إصابة بفيروس كورونا ووصول عدد حالات الوفيات به إلى 132 حتى كتابة هذه السطور، أغلبهم من مدينة ووهان الصينية، سادت حالة من القلق حول انتشار المرض ووصوله مصر، وبالرغم من عدم الإعلان عن أي حالات إصابة لكن ماذا سيحدث إذا وصل فيروس كورونا مصر. ويعد فيروس كورونا المستحدث فصيلة أكثر تطورًا ظهرت في الصين، وهو فيروس حيواني المنشأ إذ ينتقل عن طريق الخفافيش المصابة بذلك الفيروس، وينتقل من شخص لآخر عن طريق التنفس أو الرذاذ المتطاير من الشخص المريض؛ ما يجعل دائرة انتشاره تتوسع بسهولة، وفقًا لما أعلنته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ويقول الدكتور شريف حتة، استشاري الصحة العامة والطب الوقائي: إن الفيروس يمكن أن ينتقل إلى مصر عن طريق القادمين من أي بلد توجد بها تلك سلالة الفيروس، ولكن ليس بالضرورة أن يكون تأثيره مماثلاً لما يحدث بالصين.